الصلاة، هل هى صلاة شكلية أم صلة موضوعية؟

مصطفى فهمى في الأربعاء ٢٩ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الصلاة، هل هى صلاة شكلية أم صلة موضوعية (بحث ملخص)

دعوة للتفكر
إن اللاحق فى هذا البحث لهو دعوة للتفكير و التفكر و العقل و التدبر لما هو وارد إلينا و مشهور لدينا بالنقل سواء كنا من العامة أو من الخاصة، من فقه و تفسير و أثر - وهو بالضرورة ليس كل ما قيل - نأخذه مأخذ المسلمات و نقدسه و نلحقه بالشارع سبحانه و تعالى و نجزم و نروع الناس أن هذا مراده و حكمه.
ونستشهد لهذه الدعوة بالآيات التالية بوجوب إعمال العقل وعدم القصر على النقل غير العاقل و التشبث به
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171) البقرة}
{إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَّلِينَ (71) الصافات}

تم اختيارى لموضوع مشهور فى العقيدة أو الأحكام أو الأثر أو اللغة قد يكون صادما لأغلب الناس و ذلك عن عمد ليكون مثالا لعموم الحال و ليس لخصوص الموضوع.

مقدمة:
إن إعادة الفهم البشرى للنص القرآنى سواء شكلا أو مضمونا فى لحظة آنية مكانية زمنية لهو ضرورة ملحة للعمل بنصوصه و محتواه، أما تقديس و إلحاق هذا الفهم البشرى الخاضع و الأسير للحظته التاريخية و توقيفه على تلك اللحظة و تغليبه على النص الأصلى "القرآن" بفهمه بالمدارك المستجدة المتاحة، لهو إهدار و إفقار و تفريغ للنص الصالح لكل مكان و زمان
إن الشكل و طريقة التنفيذ و إن يكون له دور فى تحقيق الغاية و المراد, فإن هذا الشكل يتغير بتغير الزمان و المكان الذى يتبعه بالضرورة اختلاف التأثير الجغرافى و التراكم المعرفى و التطور العلمى والتقنى و العلم و العرف و العادات و التقاليد وخصوصا إذا كان تحقق الشكل يتأثر تأثيرا مباشرا بتلك المؤثرات أما المضمون و المقصود و الغاية فلا يتغير فى كتاب إلهى كالقرآن.
و المدقق يلاحظ أن أغلب الفروض والأوامر و النواهى فى القرآن لم تدخل فى تفاصيل الشكل وطريقة التنفيذ لأنه متغير تابع لظروف المكان و الزمان الذى يكون فيه الإنسان، وإن ما كان تنفيذ شكله صالحا تحققه لمكانه و زمانه و لإنسانه، فإنه لا يكون مؤكدا تحققه صالحا لإنسان مكان و زمان غيره، إلا بعض منها مما لا يتأثر تنفيذ شكله بالمكان و الزمان نجده قد فصل تفصيلا.
و إن كان ذلك يؤكد على شئ فإنه يؤكد حرص الله جل جلاله على أن نفهم شمول هذا القرآن وصلاحيته لهدى أى من الناس وضبط أفعالهم و صلاح حالهم فى أى مكان و زمان على الكرة الأرضية، من أقصى شمالها لأقصى جنوبها مارا بوسطها برها و بحرها و فى جوها أو تحت أرضها أو على أجرام و كواكب غيرها!!.

تمهيد:
إن الصلاة مظهرا من أهم مظاهر اعتراف الإنسان بعبوديته لله سبحانه و تعالى، يحرصون على أدائها فى أوقاتها المعلومة لديهم و وأشكالها المنقولة لهم أجيال متعاقبة كل حسب طائفته أو مذهبه أو شيخه و يقدسون تفاصيل طرق أدائها، و كل واحد منهم يعتقد أن صلاة فئته الوحيدة المقبولة من الله و لا غيرها
وإن كانت الصلاة أى إن كان شكلها و شدد على إقامتها هى أهم علاقة بين الإنسان و ربه فهى التى تنهى عن الفحشاء و المنكر الذى بالانتهاء عنهما تصلح الدنيا.
و نحاول هنا أن نجيب عن لماذا لم يُفصّل الله شكلها فى القرآن و يكفى المؤمنين شر القتال و الخلاف و تركها للرسول فينقلونها عنه و يختلفون؟ أم أن ألله بين مراده الكلى و سكت عن تفصيله لحِكمَة، و نحن وهم قوم لا يتدبرون و لا يفقهون؟
سنحاول هنا تدبر معنى الصلاة و الكلمات الملحقة بها عموما من خلال ما ذكر منها فى القرآن و الله المستعان و أعتذر لكم مسبقا لأى تكرار فهو منى يكون لتأكيد المعنى وعدم هروب المقصود نظرا لطول البحث 
 

معنى الصلاة
الصلاة - فى قواميس و معاجم اللغة - هى مِن مصدر(صلو): و تعنى الدعاء و الاستغفار و الرحمة وهى عبادة فيها أشكال من ركوع و سجود و الصلوات هى معابد اليهود، وتلك المعانى القاموسية المتأثرة بتفاسير القرآن لم تفرق بين صلاة العباد لله و عبادة فيها ركوع و سجود
ومن مصدر (صَلَى) تكون صلى اللحم أى شواه أو ألقاه فى النار و صَلاهُ إياها أى أدخله فيها و عليها و أصطلى أى استدفأ و صَلَّى أى عصاه على النار و الصّلاية أى الجبهة

و نحن نفهم إن الصلاة فى القرآن هى صيغة تنفيذية لصلة ذات توجهات تربط بين أطراف متعددة و يختلف معناها و شكلها حسب اتجاه مسارها و حسب أطرافها و يفهم المراد منها حسب السياق القرآنى

توجه أول: يكون من المؤمن إلى لله ويتم تنفيذه بدوام حضور الله (أوامره و نواهيه) فى قلب و ضمير المؤمن و تفعيل تلك الصلاة أو الصلة يكون بالعمل على ذكر الله بتذكر و بتنفيذ أوامره و نواهيه، و بدوام تلك الصلاة أو الصلة سواء بالتفرغ لها عن كل أمور الدنيا أو بحضورها في كل أعمال الدنيا و بقوة ربطها يكون صلاح الفرد و بالتالى يكون صلاح الدنيا.
إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) المعارج
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصلاةَ إِنَّ الصّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)} العنكبوت
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة} (البر عكس العقوق ويدل على زيادة الإحسان)

و إجمالا هنا الدلالة واضحة لتلك الآيات السابقة بأن المطلوب ليس حركات الصلاة متمثلة بالتوجه نحو القبلة التى تستقبل عند الصلاة الشكلية بالتوجه لها شرقا أو غربا حسب موقع مؤدى الصلاة الجغرافى، وإنما المطلوب من الإنسان ليكون من الأبرار هو فعل الأفعال المذكورة فى الآية التى من شأنها صلاح الدنيا حسب مراد الله و أساسها أقامة الصلاة بمعنى إدامة الصلة بالله التى بحضورها يزكى الإنسان نفسه عند الله بأعماله و يتقيه 
و يكون نقيضها، انقطاع الصلة، بالالتفات عن ذكر الله بعدم بتنفيذ أوامره و نواهيه (يرجى الرجوع إلى بحثنا فى فهم سورة الماعون لتمام الفائدة)
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)

و توجه ثانى: تكون توجه الصلاة أو الصلة من الله - و بالتبعية ملائكته - على عباده المؤمنين، و يكون تفعيل هذه الصلة هى الجائزة و العائد المتوافق لمدى قوة ربط صلة المؤمن بربه و تكون الصلاة أو الصلة هنا من الله و ملائكته على عباده المؤمنين معناها الرعاية و العناية و الوقاية و المساعدة و الرحمة الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) الأحزاب

و توجه ثالث: مشابهه لصلاة الله على عبادة - مع التسليم بفارق القدرة - و تكون الصلاة أو الصلة هنا بين العباد بعضهم بعضا بالرعاية و العناية و الوقاية و المساعدة و الرحمة- باعتبار أن الرسول(ص) من العباد.
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) التوبة

و حيث أننا هنا بصدد بحث التوجه الأول و هو صلاة المؤمن إلى الله
فإن إقامة الصلاة أو الصلة فى توجهها من العبد المؤمن إلى لله، لها شكلها و لها مضمونها
فهل الصلاة المقصودة فى القرآن من العبد المؤمن إلى لله، تتلخص و تتدنى إقامتها فى التدقيق فى شكلها و حركاتها و مواقيتها و لغتها و طريقة تنفيذها المنقولة من الأثر، فقط هى الغاية و المراد؟ أم أن المقصود إقامتها بمضمونها الشامل أى بدوام المحافظة على أوامره و نواهيه الكلية؟
و لتقريب التساؤل
هل شكل اللباس و طريقة لبسه المستنبط من الأثر و الفقه هو الغاية؟ أم مضمون مراد الله هو الاحتشام و درء الغواية؟
هل كتابة العقود و طريقة و شكل عقدها الظاهر فى المعاملات هو الغاية؟ أم مراعاة القسط و العدل وحفظ الحقوق و عدم التلبيس فيها هو الغاية؟

و حيث أن كلمة "صلاة" فى معظم آيات القرآن مقرونة بكلمة "أقامة" فلزم بحث معناها لتتم الفائدة و نصل للمراد.

معنى الإقامة
الإقامة - فى معاجم و قواميس اللغة - هى من قوم: و تطلق على الجماعة من الرجال و النساء
ومنها المٓقام والمُقام: أى الموضع للقدمين والقيوم: أى الذى لا ند له و قوام: أى ما يعاش به و قامه: أى نصبه فهو قائم
و قام: أى مان أى قام بكفايته وشأنه و منها قوّام: موّان (فعّال) أى دائم الكفاية ورعاية الشأن وكذلك تدل على حسن القامة
و أقام: أقام بالمكان إقامة وأقام الشئ أى أدامه أو أزال عوجه
و من كل ما سبق نستخلص معنى الاستدامة و الكفاية و إزالة العوج والمعاش و نستعين هنا بآيات تبين هذا المعنى و تثبته
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) المائدة
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) المائدة
أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) الرحمن
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد
إن الآيات السابقة تعد من أكثر الآيات توضياحا للمقصود بكلمة "إقامة" و تبين قوة هذه الكلمة الشاملة الجامعة.
إن إقامة كتاب منزّل من الله كالتوراة و الإنجيل أو إقامة حكم مستلهم من القيم المنزّلة أو فكرة سامية لا يكون إلا بالعمل على تنفيذ محتواها وتفعيل مضمونها و أن يظل ذلك التفعيل مستمرا و بذلك يكون "مُقاما".

 أقامة الصلاة
و عليه يفهم أن كلمة الإقامة التى تسبق غالبا كلمة الصلاة فى القرآن {أَقِمِ الصلاةَ}و{أَقِيمُوا الصَّلاةَ}و{يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} تعنى أن الصلاة المفروضة يجب أن تكون صلة قائمة، أى دائمة الكفاية لمقصدها و مضمونها و مستمرة و ليس لها وقت أو أوان، (و يكون ذلك بدوام حضور الله (أوامره و نواهيه) فى قلب و ضمير المؤمن و تفعيلها يكون بالعمل على ذكر الله بتذكر و تنفيذ أوامره و نواهيه) فلا يفعل الفحشاء و لا المنكر فينصلح الأفراد، فبصلاحهم يعم الوئام و السلام فى المجتمع فتصلح الدنيا فيحقق مراد الله
ونورد بعض الآيات فى هذا المضمون
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) طه
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) الأعراف
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) الأنفال
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) الحج
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ (17) لقمان

إيتاء الزكاة
أن المفهوم من الفقهاء و البسطاء على حد السواء للزكاة هى عملية إخراج الأموال عند حلول الحول للفقراء و المحتاجين. أما معناها عندنا فيكون، إيتاء الزكاة هو دوام استجلاب تذكية النفس عند الله بإخراج صدقات مما تملك النفس لمستحقيها من الفقراء و المحتاجين (بمعناها الواسع أى ليس المال وحده) فيعم الوئام و السلام فى المجتمع فتصلح الدنيا
اقتران إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة إن اقترانهما فى أغلب الآيات القرآنية هو أيضا دليل على المقصود لأنه كما يكون فى فعل إيتاء الزكاة (استجلاب تزكية النفس عند الله بإخراج الصدقات) وما يستدعه من استقطاع من ما تملكه النفس الذى يتحرى كل الناس جمعه و المحافظة عليه لأنفسهم و عدم التفريط فيه للغير إلا بصعوبة واضطرار، فإن إقامة الصلاة بمعناها المقصود يكون بالشد على الذات و السيطرة على النفس و بذل الجهد لتنفيذ مضمون كل أوامر الله و نواهيه، التى يرى الناس أنها تستقطع و تحد من حريتهم و حركتهم و شهواتهم التى لا يفرطون فيها أيضا إلا بصعوبة إلا المؤمنون الفطنون منهم يفهمون إن طاعة الله بإدامة إقامة الصلة بالله بما فيها من صعوبة هو فعل إيجابى ضرورى مثل إيتاء الزكاة لصلاح الدنيا و بالتالى صلاح حالهم فيها
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) طه
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ (41) الحج
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) النور
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) لقمان
وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) البينة

معنى وقت
حيث أن كلمة وقت لم تعّرف بالمعنى الصحيح لها بالمعاجم و ما يسمى بالتفاسير فنحاول هنا إظهار المعنى المفهوم لدينا و بالتالى مفهوم ومعنى الصلاة
فكما جاء بالمعاجم
المعجم المحيط: [الوقت] هو المقدار من الدهر و [الميقات] هو الوقت المضروب للفعل و كذلك للموضع (كموضع الإحرام) و [موقوتا] ({كتابا موقوتا} النساء)، أى مفروضا فى الأوقات و قرئ ({إذا الرسل وُقْتَتْ} المرسلات) أى فُوعِلَتْ من المُواقَتة، [وقت] و [موقُوت] و [مُوقّت] أى محدود
مختار الصحاح: الوقت معروف و الميقات هو الوقت المضروب للفعل و كذلك يقال لموضع الإحرام، و [وَقَتَه] بالتخفيف من باب وعد فهو [مَوْقُوت] إذا بين له وقتا و منه قوله تعالى ({كتابا موقوتا} النساء) أى مفروضا فى الأوقات و [التوقيت] تحديد [الأوقات] يقال [وَقّتَهُ] ليوم كذا [توْقيتا] مثل أجّله و قرئ ({إذا الرسل وُقّتَتْ} المرسلات) بالتشديد و أيضا { إذا الرسل وُقْتَتْ} بالتخفيف
المعجم الوسيط: [وَقَتَه] [يَقِتُه] وَقْتاً أى جعل له وقتا يفعل فيه و يقال وقت الصلاة حدد لها وقتا و- بين له مقدار المدة و – الشئ ليوم كذا أجَّله و [وَقَّتَهُ] جعل له وقتا يفعل فيه و يقال وقّت الله الصلاة أى حدد لها وقتا و يقال بين له مقدار المدة و – الشئ ليوم كذا أجّله و [المْوَقَّتُ] من يراعى الأوقات و الأهلة و [المِيقَاتُ] الوقت المضروب للفعل و الموعد المضروب للفعل و الموعد الذى جعل له وقتٌ و الموضع الذى جعل للشىء يفعل عنده و منه مواقيت الحج لموضع إحرامهم، [الوقت] مقدار من الزمان قدر لأمر ما و جمعه [أوقات]
لقد وصف واضعى القواميس و المعاجم الوقت و تصريفاته مرة على أنه زمن لوقوع الحدث و مرة أخرى على أنه مكان لوقوع الحدث (الميقات: هو الوقت المضروب للفعل  "الزمان" و كذلك يقال لموضع  "المكان" الإحرام) و بالتالى أصبح الوقت وصفا مرة للزمن و مرة للمكان وغاب عنهم ضرورة الجمع بين الزمن و المكان معا.
و لفهم معنى الوقت و الميقات و الموقوت حيث نرى أنه لا مواصفات لزمان بدون مكانه لتحديد وقته و لا مواصفات لمكان بدون زمانه لتحديد وقته، أى زمان المكان أو مكان الزمان يوصفا "بالوقت"
مثال عند تحديد موعد بين أثنين للقاء اليوم التالى الساعة السادسة مثلا بدون تحديد مكان اللقاء، فيكون هناك ثلاث احتمالات الأول يحدث الموعد صدفة لأنهم تواجدوا فى مكان واحد الساعة السادسة و الثانى لا يحدث إطلاقا لأن كل واحد منهم كان فى مكان مختلف الساعة السادسة و الثالث يمكن حدوثه و يكون صحيحا عند التقابل فى أى زمان من اليوم التالى فى أى مكان لأن وقت الساعة السادسة (الزمان) كائن دائما فى (مكان) آخر غيره.
إذن يلزم تحديد المكان و الزمان سويا لتمكين حدوث الحدث و هذا يكون فى أضيق الحدود التى نعرفها (الذرة أو أصغر) إلى أوسعها (الكون أو أكبر) و هنا تكون كلمة "وقت" صحيحة تعبر عن مكان فى زمنه أو زمان فى مكانه (فلهما نفس المعنى)
و نحن الآن نعلم معنى ذلك و نمارسه يوميا عند استماعنا الإذاعة الصوتية و المرئية و فى استخدامنا لمرافق النقل عبر البلاد و القارات ونستخدم التوقيت بمعناه الصحيح بإرفاق المكان مع الزمان معا و نقول مثلا الساعة الثانية بتوقيت القاهرة
و لقد وقع واضعى القواميس و المعجم فى هذا اللبس لأنهم أخذوا معنى الوقت من تفاسير السابقون عليهم للقرآن الذين بدورهم واقعين فى ذلك الخطأ لقصور علمهم الكونى بأن أى نقطة فى الكون تتغير إحداثيات مكانها تبعا للحظة قياسها فى الزمن حيث أن الكون المخلوق بمكوناته فى حركة دائمة عبر المكان و الزمان معا
ولهم عذرهم فى ذلك، فقد كانوا يعيشون فى جغرافية معينة و يعتقدون بثبات مكانهم وإطلاقه و انتظام تحرك الشمس و القمر مع اختلاف مواقعهما ومعالمهما قليلا فى السماء حسب فصول السنة دون أن يخل ذلك بقدرتهم على استخدامهم مظاهر الشمس و القمر لتحديد الزمن نسبيا بمقاييسهم البسيطة فى مقابل المكان الثابت المطلق بمفهومهم أى كان الزمن عندهم متحرك و المكان ثابت
وحيث أن أوقات الصلاة أخذت عن الرسول بمواقيتها المعروفة نقلا عنه و التى وضعها و مارسها حسب ظروف مكانه الجغرافي و حيث يمكن تحقيقها بمشاهدة حركة الشمس على المساحة الأكبر من كوكب الأرض فلم يفكروا إمكانية عدم تحققها فى أماكن أخرى فاعتبروها هى من ضمن الشكل المفروض من الله و شرعه لعباده وأن من لا يمارسها حسب وضعهم لها و تفصيلهم شروط أوقاتها يكون آثما بل وقد يكفرونه و لم يبالوا أو يتفكروا لماذا سكت الله عن تفصيلها؟ وأن بالتفاتهم هذا عن كل ما ذكرناه سابقا يضعون كل من أمن بالله و بقرآنه و دوام صلاحيته، أمام مأزق حينما يتواجدوا فى المستقبل فى الأماكن القريبة من القطبين أو على القمر بجانبيه المضىء و المظلم و الكواكب المختلفة أقطارها و بالتالى ساعات يومها عطارد: قطر الكوكب: 4.878 كم. زمن الدورة حول المحور (اليوم): 176 يوم أرضي!!. الزهرة: قطر الكوكب: 301,12 كم. زمن الدورة حول المحور (اليوم): 0,243 يوم أرضي!!.
تم قياس المواقيت على مقياس الشمس وهو ليس ثابت فهل ممكن قياس نسبى على نسبى و النسبى المقاس عليه يكون ظاهرا و يمكن قياسه فى مكان و لا يكون ظاهرا أو لا يمكن قياسه فى مكان آخر
إن التدقيق من الفقهاء و أصحاب نقل الأثر على المؤمنين بضرورة و أهمية المحافظة على مواقيت الصلاة وشكلها و حركاتها بل و لغتها كما جاء فى الأثر لهو شئ محمود منهم بحسن نية (فى أوانه) لتوحيد الصف و إظهارا للاختلاف عن الآخرين أما الإدعاء على ذلك الشكل بشروطه و ضوابطه التى استنبطوها هو الفرض الإلهى فقط، فهنا يكون التقصير فى حق القدرة و العلم الإلهى، و إدعائهم هذا أضطرهم إلى اللجوء إلى قاعدة الضرورات تبيح المحظورات حينما لا تتحقق الشروط التى استنبطوها - خصوصا مواقيتها - وجعلوها من الفروض وجعلوا للصلاة فقها فى كيفية أدائها و مبطلاتها و أحكام فوات وقتها و كيفية قضاء الفائت منها، بل و وضعوا معايير قبول الله لها! و ما إلى ذلك من تفاصيل ألحقوها بالدين وهم واضعين شروطها و هم وأجدوا لها الحلول و الاستثناءات، وحتى بعد كل ذلك لم يتفقوا فيه.

كتابا موقوتا
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)
أن "موقوت" على وزن "مفعول" و عليه "موقوتا" تكون على وزن" مفعولا" أى تم و يتم و سيتم وحيث أن الوقت يدل على الزمان و المكان معا أى يفيد عن ظرفى المكان و الزمان معا و يفيد دوام الاستمرارية فيكون المعنى "إن كتاب الصلاة الذى يحوى كل ما يتعلق بها من شكل و مضمون" فرضا و واجبا على المؤمنين فعله و تفعيله فى كل مكان و أى زمان

المقصود بالصلاة
فليس المقصود بالصلاة المحافظة على شكل، وتعميم كيفية أداء، من لغة و أوقات مأخوذة عن أثر له ظروفه المعرفية و الجغرافية و اللغوية المحددة، و إلا يكون القرآن غير صالحا لكل مكان و زمان، فإن ربط شكل و مواقيت و لغة الصلاة بما عند أهل الجزيرة بخصوصية جغرافية مكانهم و لغتهم و ظروف زمنهم يكون استثنائيا أو محالا عند غيرهم من الناس من أهل القطبين و البلاد المتاخمة لهما حيث النهار يكون ستة شهور و كذلك الليل، بل وأترك لمخيلة القارئ تصور الحال لقرون قادمة قد يكون الإنسان صال و جال بين الكواكب، فماذا نفعل عليها و لها من أقطار متفاوتة تجعل عدد ساعات أيامها مختلفة؟، و أين نحن من وجودنا على القمر وله وجه مظلم و وجه منير ؟ ناهيك عن تعدد لغات البشر على الأرض عند قيامهم بالصلاة بشكلها و تلاوة القرآن كالببغاوات وكل ذلك من تفاوت و اختلاف.
أليس القرآن لنا جميعا و الصلاة علينا أينما وجدنا؟ أليست الصلاة لله لقوم يفقهون و يعقلون و يتدبرون ما يقولون؟
أليس لهذا سكت الله سبحانه عن تفصيل و تفاصيل الصلاة الشكلية لعلمه بكل هذا الاختلاف و التفاوت
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} النساء
{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى}

وبعد ما تداولنا معنى الصلاة و الإقامة والوقت جئنا بأمثلة لتوضيح المراد، تجعلنا نفكر و نعقل معا المعنى الجديد عندما نقرن الصلاة و الإقامة و التوقيت غير المعنى المتداول الذى يروج أن الصلاة لوقتها أى لها أوقات محددة و يستشهدوا بآيات ما كان لهم الاستشهاد بها

إن ما ذكره الله فى القرآن عن شكل الصلاة هى آيات عمومية الملامح و وضع لها مقومات واضحة و قليلة و لو كانت هناك تفصيلات يرى الله تفصيلها لما توانى سبحانه عن ذكرها تيسيرا على المؤمنين، ولكنه سبحانه هو مالك الكون و ما فيه و لا نعلم من علمه إلا بما شاء،و إن ما وصل إليه المفسرين و الفقهاء عن شكل الصلاة و وقتها و شروطها و أن ذلك هو الفرض و لا غيره، وصلوا إليه بتوقيف العقل على حدود ما نُقل إليهم و الالتفات عن المعلوم اليوم و عن توقع و تخيل علوم المستقبل و أثارها على وجود الإنسان فى المكان و الزمان باعتبار حتمية صلاحية الرسالة الإلهية لكل مكان و زمان

ملحوظة:
نعتذر مقدما عن أى خلل فى الترتيب حيث حاولنا الاختصار من موضوع لنا أشمل
يقرأ مع هذا البحث، بحث سورة الماعون لتمام الفائدة

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون (25) قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم (26) سباء}

هذا قولنا و فهمنا فى زماننا و مكاننا و حسب علمنا و يجب أن يأتى من بعدنا من يفعل مثلنا.
والله أعلم
مصطفى فهمى

المراجع:
(1) العقل للفهم. (2) القرآن بفهمه بالعقل. (3) المعاجم لفهم لسان العرب 

 

اجمالي القراءات 30911