دعاء المظلومين «1»

ابراهيم عيسى في الجمعة ١٢ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

اللّهم إنّي من عبيدك من مواطني مصر التي يريد حاكمها وحزبها الحاكم أن يجعلنا عبيدا لهم لا عبيدا لك وحدك أنت مولانا، نواصينا بيدك، تعلم مستقرّنا ومستودعنا، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا، وتطلع علي نياتنا، وتحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، وأنت العارف بأمر المزورين والمزيفين والمستبدين والمستكبرين والجبارين الحاكمين المتحكمين الغاصبين المغتصبين لحقوق الأمة وحقوق الله، أربع وأربعون في المائة من هذا الشعب تحت خط الفقر، منهم من يبحث عن اللقمة في أكوام الزبالة ومنهم من يشتري كيلو عظم الفراخ بستة جنيهات كي يؤكل عياله، يا مولانا الذي لا ينطوي عليك شيء من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، ألقوا باثنين وعشرين ألفا من أولاد وشباب ورجال هذه الأمة في المعتقلات وحوالي مليون طفل في الشوارع بلا مأوي ولا مسكن ولا مأمن فلا يمنع الظالم من قدرتك وعزتك يا الله سلطانه وعزوته، أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم منّا بك، وتوكّل المقهور منّا عليك، ورجوعه إليك، ويستغيث بك إذا خذله المغيث، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير، ويلوذ بك 22%من عائلات هذا البلد التي تعيلها نساء من أرامل ومطلقات ومهجورات وزوجات عاطلين متعطلين، نساء يشتغلن في شظف العيش وفقر الحاجة ومذلة السؤال سعيا علي الرزق الذي لا يوفره لهن حكم ولا حكومة ولا ينظر صاحب السلطان والصولجان لتلك النساء المعيلات لأسرهن أبدا، اللّهم إنّه قد كان في سابق علمك، ومحكم قضائك، وجار قدرك، وماض حكمك، ونافذة مشيئتك في خلقك أجمعين، سعيدهم وشقيهم وبرّهم وفاجرهم أن جعلت هؤلاء الذين يحكمون مصر علي قدرة فظلمونا بها، وبغوا علينا بوزارة داخليتهم ومباحثهم وقوات الأمن المركزي وقوانينهم وبرلمانهم وحزبهم وصحفهم المنافقة وأبواقهم الجوفاء، وتعزّزوا علينا بسلطانهم الذي خوّلتهم إياه، وتجبّر جبارهم ومتكبرهم علينا بعلوّ مقعده الذي جعلته له، وغرّه إملاؤك له، وأطغاه حلمك عليه. فقصدنا بمكروه عجزنا عن الصبر عليه، وتعمّد رجالات هذا الحكم وأعوان هذا السلطان بشرّ ضعفنا عن احتماله، ولم نقدر علي الانتصار منهم لضعفنا فقد جعلوا مصر تعاني من بطالة شبابها حتي صار 18% من أبنائها يعانون من بطالة فلا مورد ولا رزق ولا وظيفة ولا زوجة ولا زوج، ومنهم من مات مبتورة أعضاؤه بعدما تجمد في ثليج غربة موحشة علي حدود بلاد غريبة سعي لها فرارا من فاقة وفزعا من فقر أحياه فيه حكام وطنه، توكلك يا الله عائلات ماتت تحت أنقاض صخور المقطم وفي قطارات محترقة وعائلات ألف ومائة غريق ماتوا في عبارة بحر غرباء عن وطنهم وحضن عائلاتهم، توكّلنا عليك وحدك في أمر حكامنا، فلم تهتز من هؤلاء الحكام الظلمة شعرة ولم تتحرك فيهم نبضة ولم يرتعش لهم جفن حين نتوعدهم بعقوبتك، ونحذرهم من سطوتك، ونخوّفهم من نقمتك، فظنّ كبراؤهم وكبيرهم وجباروهم أن حلمك يا الله عنهم ضعف، وحسبوا أنّ إملاءك وإمهالك لهم عجز، ولم تنههم واحدة عن أخري، ولا انزجروا عن ثانية بأولي. فها نحن يا ربي شعب مستضعف في يديه وإرادته وشجاعته، أفقرونا وأذلونا ودفعوا كثيرا منا لمد أياديهم يقبلون الرشوة كي يصرفوا علي عيالهم وقبلوا المال الحرام ليشتروا الحلال شقة أو شهادة ثانوية أو كلية لأولادهم وكيلو لحمة لغذائهم وملابس تستر، لقد أحوجوا الناس للحرام حتي يقدر البسطاء والفقراء ومحدودو الدخل علي العيش ومنعوا عنهم التوبة لما أمعنوا في إفقارهم وغلاء الحياة عليهم، نحن يا ربي شعب مستضام تحت سلطانه، مستذلّ بعنائه، مغلوب مبغي علينا مغضوب وجل خائف مروّع مقهور، قد قلّ صبرنا وضاقت حيلتنا، وانغلقت علينا المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت علينا الجهات إلاّ جهتك، والتبست علينا أمورنا في دفع مكروه حكامنا عنا، فقد ألجم الناس الخوف والفزع من أيدٍ تقبض عليهم وعصي تضربهم وقوات أمن تعتقلهم وعسس ومخبرين يتجسسون عليهم ومعتقلات تضم الطيبين والغافلين والسذج والأبرياء وفلذة الأكباد من الشباب وسجون تحوي المظلومين والمظاليم وقوانين فصلت لسجن كل صاحب رأي وقيود علي كل صاحب فكر، فصار الجبن سمة الناس وبات الخوف شيمة الرجال وساد النفاق وتسيد، الذي استنصرناه من عبادك خذلنا، والذي تعلّقنا به من خلقك باعنا، والذي توسمنا فيه خيرًا سجنوه أو اشتروه، فليس أمامنا إلا أنت ولا سند إلاّ عليك.

اجمالي القراءات 16129