خلاصة الكلام !!!

فوزى فراج في الإثنين ٠٨ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 عنوان المقال يأتى من معنى ما يقوله "متحدث"  عندما يريد ان يلخص كل ما قال, فيقول فى نهاية حديثة – خلاصة الكلام – ثم يلخص ما قاله لمن يسمعه, او يأتى من "سامع" عندما يمل تماما مما يسمعه او عندما يريد ان ينتهى المتحدث من ثرثرته فيسأله بهاتين الكلمتين, خلاصة الكلام !!, بمعنى , برجاء ان تنتهى وأن تفهمنا خلاصة كلامك (يعنى بالعامى المصرى, عاوز تقول إيه بالظبط !!).

فوق سطح هذا الكوكب الذى نعيش عليه, -يقال - ان هناك حوالى 1.3 بليون مسلم, او كما يقال فى عالمنا العربى, 1.3  مليار مسلم, ولا اعرف اى الكلمتين اصح من الأخرى من الناحية الحسابية, فالأرقام وإن كان هناك إتفاق عالمى على قيمتها, إلا ان أسماءها تختلف فى اللغة العربية عنها فى اللغات اللاتينية, بدأ من واحد حتى رقم تسعمئة وتسع وتسعون ألفا وتسعمئة وتسعة وتسعون, ثم  نجد ان الرقم التالى وهو المليون هو نفس الإسم متفقا عليه بين العرب وغيرهم, ثم تختلف التسمية بعد ذلك مرة أخرى, الى ان تصل الى البليون والتى أطلق العرب عليها مليار, وهى ألف مليون, وكلا الإسمين مليار وبليون هى أسماء غربية مما قد يدعو الى التساؤل, هل لم يعرف العرب او اللغة العربية هذا العدد, او لم يصل العرب فى عملية العد التصاعدى الى مثل ذلك, نعرف ان القرآن ذكر العديد من الأرقام, واكبر رقم ذكره القرآن هو خمسون ألفا, ولم يتعدى ذلك, على اى حال, وقبل ان يقول احدهم لى ,خلاصة الكلام !! فمعذرة ,لقد خرجت تماما عن الموضوع .

نعود الى ان تعداد هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مسلمون هو تقريبا 1.3 بليون او مليار مسلم, والإسلام كما نعرف جميعا نزل فى الجزيرة العربية وكتابة المقدس هو القرآن , وهو كتاب عربى  مبين ,كما يعرف الجميع, وليس سرا ان تعداد المسلمين الذين ينطقون باللغة العربية او ان لسان أمهاتهم (كما يقول ذلك المصطلح ) عربى, لا يتجاوز عددهم 300 مليون, اما الألف مليون الباقون فلا ينطقون فى حياتهم اليوميه او يتعاملون باللغة العربية, وقد يعرف بعضهم او نسبة قليلة منهم بعضا من كلمات اللغة العربية,او حتى كثيرا من اللغة العربية , ولكن ذلك لا ينفى ان الغالبية العظمى من ألف مليون مسلم لا يتحدثون العربية ولا يستطيع اى منهم ان يحاور اخرا ولو حتى حوارا بسيطا او بدائيا باللغة العربية.  لاجدال ان هناك منهم الكثيرون الذين يمارسون طقوس الإسلام الإساسية ومنها الصلاة وهى لا تمارس مرة كل شهر او كل أسبوع, ولكن يوميا خمس مرات, ولا جدال – فيما أعتقد -  انهم يمارسونها باللغة العربية, أما ان كان منهم من يمارسها بلغة أخرى, فلست على علم بذلك, فإن كانوا, فهو امر يدعو الى المناقشة, اما الذين يفترض انهم يمارسون الصلاة بالعربية , فليس لدى اى شك مطلقا انهم يقرأون القرآن فى صلاتهم ويقرأون كل كلمات الصلاة الأخرى دون ان يفهموا معناها فهما كاملا او متكاملا او ربما دون فهم على الإطلاق. بل ربما ينطقون الكلمات بطريقة اقل ما يمكن ان يقال انها غير صحيحة, وهذا ما رأيت شخصيا فى امريكا من بعض المسلمين الأمريكان وإغلبهم من السود, فهم يحفظون عن ظهر قلب أيتين او ثلاثة من الآيات القصيرة, وينطقونها بطريقة قد يصعب فهمها على اى ناطق بالعربية, وإن كنت أشهد لهم او للكثير منهم بالإخلاص التام فى محاولاتهم للنطق بالطريقة السليمة, غير ان اللغة الأم التى نشأوا عليها لا تساعدهم على ذلك, فهناك من الحروف العربية ما لم يتعودا عليه طوال حياتهم, كحروف العين والغين والقاف والصاد والضاد.....الخ. وأخال ان الأمر لا يختلف مع المسلمين فى الهند وفى اندونيسيا وفى الصين وروسيا....الخ.

هل يفهم هؤلاء معانى كلمات القرآن القليلة التى حفظوها ؟

هل يفهم حتى الكثير من المسلمين من العرب الناطقين بالعربية معانى كلمات القرآن كثرت ام قلت من الآيات التى يحفظونها ويرددونها فى صلواتهم, كم من هؤلاء الذين لا شك يحفظون ويقرآون سورة الفلق فى صلواتهم يعرفون معنى ( من شر غاسق إذا وقب, ومن شر النفاثات فى العقد...) وهم يقرأونها ربما يوميا, إن حاولت ان تقف على باب المسجد يوم الجمعة بعد الصلاة, وسألت عددا من المصلين الخارجين من صلاة الجمعة عن معنى تلك الكلمات, فكم منهم تعتقد سيكون لدية الإجابة الصحيحة, بل كم منهم سوف يعطيك إجابة على الإطلاق , اى إجابة؟

المسلمون مثلهم فى ذلك مثل اى إنسان من ذوى العقائد الأخرى, سواء كان مسيحيا او يهوديا او بوذيا او هندوسيا او اى من الأديان الأخرى, يعتقد تماما ان عقيدته هى العقيدة الصحيحة وان الأخرين على خطأ بين, وأن عقيدته التى غالبا ما ورثها عن أبويه ولم يختارها بنفسه, هى ما سوف يكون فيه الخلاص.  فالإنسان منذ عرف نفسه وقبل ان تنزل الأديان,وقبل ان يرسل الله سبحانه وتعالى رسالاته,ومنذ لاحظ ان هناك ظاهرة الموت, ولاحظ ان من يموت ينتهى وتنتهى صلته بمن حوله كما تنتهى صلة من حوله به, ومنذ عرف انه لا يستطيع ان يتغلب او ان يتلافى ذلك الشيئ المسمى "الموت", يحاول ان يتغلب عليه, ولأنه لم يستطيع ولا يستطيع ولن يستطيع, فهو قد حول ذلك ( الصراع) الى شيئ أخر فى محاولة لإقناع نفسه بأنه لم يهزم بعد, وهو ان الموت ليس النهاية, ولكنه بداية لمرحلة أخرى ( نرى ذلك بوضوح فى قدماء المصريين قبل الأديان السماوية وكيف كانوا يعدون موتاهم للمرحلة التالية), وكان لا بد له ان يؤمن بتلك المرحلة, وكان لابد ان يؤمن انه بذلك قد إنتصر على الموت بطريقة ما, من حيث ان الموت ليس سوى بداية لمرحلة أخرى, غير ان ذلك لم يكن كافيا, فلابد ان تكون المرحلة الأخرى خير من هذه المرحلة, ولا بد ان ينال فيها النصيب الأعظم. ومن الطبيعى أيضا ان لكل قاعدة شواذ, ومن الطبيعى ان هناك البعض, وهم لاشك أقلية قليلة, لم يؤمنوا بذلك وأمنوا ان الموت هو نهاية كل شيئ.

عندما أرسل الله سبحانه وتعالى رسالاته, كان من السهل ان يصدقها الإنسان, فقد جاءت لتؤكد ما كان فى عقلة الباطن من ان الموت ليس نهاية كل شيئ, وأن هناك مرحلة أخرى اكثر أهمية بعد الموت, ولذلك فقد صدق رسالات الله عز وجل ( من الطبيعى أيضا ان يكون كما ذكرت من قبل ان هناك من لم يصدق ذلك أصلا, ولم يصدقه عندما وصلته رسالات الله عز وجل), ولكن الإنسان ضعيف, ويسهل إغراؤه, فحتى بعد ان صدق برسالات الله , فقد حاد عن الكثير من التعاليم السماوية لأسباب دنيوية كثيرة لايمكن حصرها, ولكنه فى نفس الوقت لا زال يعتقد انه بطريقة ما, أو بشكل ما سوف يكون له نصيب من المرحلة القادمة, اى مرحلة ما بعد الموت.

نرجع الى المسلمين , القرآن هو كتابهم الذى جاء به الرسول والذى به كل التعليمات وكل التوجيهات والأوامر الإلهية التى لايمكن لأى مسلم ان ينكرها او ان ينكر صدقها, حتى الذين لا يتبعونها حرفيا وأيضا الذين يخالفونها ويعلمون تماما ان ما يفعلونه يخالف ما أمر الله به, ولكنهم يطمعون ويأملون فى رحمته وعفوه وغفرانه, وليس منهم واحدا يقول, لا يهمنى الأمر, وليس لى رغبة فى ان يكون مصيرى هو الجنه, لم التقى بواحد طوال حياتى ممن يعتنق ذلك المبدأ. إذن فالجميع لا يختلف على ان القرآن هو المصدر الأول , وحتى السواد الأعظم منهم ممن يؤمنون بالأحاديث, ورغم ما بها مما يخالف القرآن خلافا صريحا مباشرا, فهم حتى بالإحاديث يعلمون انه بطريقة او بأخرى, سوف يغفر الله لهم بصرف النظر عن مصادر معلوماتهم سواء القرأن او الحديث . لكن ليس هناك إختلافا ان العفو سيأتى من الله, وان الغفران سيأتى من الله, وان الرحمة ستأتى من الله عز وجل, ولا أعرف ولم أعرف من يؤمن بأن الرحمة والعفو والغفران سيكون مصدرهم اى كينونة أخرى غير الله سبحانه وتعالى.

نرجع الى المسلمين الأكثر من بليون او من مليار, وكما قلنا ان الغالبية العظمى منهم , اى اكثر من بليون لا يتحدثون العربية, ولكنهم يعرفون المبادئ الأساسية للإسلام من صلاة وزكاة وحج البيت من أستطاع اليه سبيلا, وبالطبع الشهادة والتى كانت مثارا لنقاش وعدد من المقالات على هذا الموقع. هؤلاء المسلمين, كيف يكون إسلامهم قياسا بالمسلمين الذين يقرأون القرآن بلغته ولسانه العربى المبين. وكيف يمكن ان نقيم ( بفتح القاف وسكون الياء)  مدى معرفتهم بالإسلام طبقا لمفهومنا نحن ولنقل هنا على هذا الموقع, موقع اهل القرآن ؟؟؟       

عندما اقرأ ما يكتب على هذا الموقع, وعندما أقرأ عن الإختلاف فى تفسير كلمة واحدة من كلمات القرآن  على هذا الموقع, ونحن جميعا من المفروض اننا نتحدث بلسان عربى نشأنا عليه, ولكننا نختلف فى تفسير كلمة مما يؤدى الى الإختلاف فى تفسير الجملة التى أتت بها تلك الكلمة, مما يؤدى الى الإختلاف فى تفسير الأية التى أتتت بها تلك الكلمة , مما يؤدى الى الإختلاف فى فهم الغرض او الغاية التى جاءت من أجلها تلك الأية , عندما اجد ان هناك مقالات تكتب عن – كلمة  - واحدة , سواء كانت لكلمة مثل الإيمان او الكفر او الشرك او الصلاة او الزكاة او اى من الكلمات التى تصف فعلا او طقسا من طقوس الإسلام, فإننى أتساءل , ماذا بشأن البليون الذين لا يتحدثون حرفا من العربية, ومن البديهى انهم من المستحيل ان يفهموا او يتصورا ان هناك صفحات كتبت لتفسير كلمة الشرك بالله, او حتى الأغلبية العظمى من الثلاثة مئة مليون الأخرون الذين يتحدثون العربية لكنهم ليست لديهم فكرة مطلقا ان كلمة شرك يمكن ان تفسر فى أكثر من جملة واحدة, بل فى صفحات وربما اكثر من ذلك, أين يقع كل هؤلاء المسلمون فى خريطة المسلم الحق طبقا لمفهوم أهل القرآن مثلا, أننى أتساءل ما أهمية ان يعرفوا انه من الممكن ان يكتب كتابا فى تفسير معنى كلمة واحدة, فإن كان ذلك ذا أهمية كبيرة بالغة فى قياس إيمانهم او فى تقدير كيفية ما هو مطلوب منهم من الله عز وجل, فهل يعنى ذلك انهم قد رسبوا فى الإمتحان, انهم لم يتبعوا ما أمر الله به, انهم من الممكن ان لا يعدوا فى حساب المسلمين الأتقياء الذين كتب الله لهم الجنه؟؟ وإن كانت الإجابة بأنهم فى معلومهم البسيط ان الشرك هو ببساطة ان تعتقد فى وجود الهه أخرى مع الله, وهذا يكفى أمام الله, فأتساءل لماذا إذن نضيع الوقت فى كتابة عشرات الصفحات وألاف الكلمات لشرح كلمة من الممكن شرحها فى ستة كلمات او عشرة كلمات, قد يعتبر البعض ان تساؤلى هنا ساذجا او حتى غبيا, ولكنى اعتقد ان ليس هناك سؤالا غبيا, ولكن الغباء بعينه هو ان لا تسأل السؤال الذى لديك.

 لنفترض من أجل التجربة لإثبات الشيئ, اننا اخذنا عددا من الأطفال من خلفيات إجتماعية مختلفة تماما, فعزلناهم عن أهلهم تماما, وأننا علمناهم اللغة العربية كما تعلمناها نحن أهل القرآن ( ممن هم مثلى من المتوسطين فى العلم, وليس من أولئك من ذوى العلم الوفير الغزير اومن ذوى الإطلاع الواسع والمعرفة الذاخرة باللغة العربية وقواعدها وأصلها وتاريخها ......الخ), تصور اننا منعنا عن هؤلاء الأطفال اى إتصال خارجى له اى علاقة بالدين او بالطقوس الدينية الإسلاميه تماما فلم يرى اى منهم احدا مسلما او غير مسلم يصلى او يقضى اى من مناسك ديانته, وعندما بلغوا من العلم على الأقل باللغة العربية ما بلغ اوسطنا كما قلت ممن هم مثلى, أعطيناهم قرآنا, وأفهمناهم انهم مسلمين وأن  هذا هو كتابهم الذى يجب ان يتبعوه, وأن عليهم ان يمارسوا طقوس الإسلام وعليهم ان يستخدموا القرآن فى معرفة الطريقة المثلى لممارسة الإسلام. هل سيستطيع اى منهم ان يصلى, او يصوم أو يعرف معنى الزكاة او الشهادة او الحج, او ان يؤدى اى من المناسك الذى امر الله بها فى كتابه, او التى نؤديها نحن او نعتقد اننا نؤديها ؟

سوف يقرأون عن الصلاة, وسوف يفهم كل منهم ان الصلاة بها ركوع وسجود, ولكن هل سوف يصل اى منهم من القرآن فقط الى كيفية الصلاة كما نؤديها نحن. سوف يقرأ مثلا ان من المعلومات التاريخية ""بإفتراض صحتها "", ان سورة العلق هى اول ما أنزل من القرآن, وسوف يجد بها ( أرأيت الذى ينهى , عبدا إذا صلى ) سيفهم من تلك الآيه ان الصلاة كانت تؤدى فى ذلك الوقت لأن هناك من ينهى عبدا إذا صلى, وسوف يتساءل إن كانت هذه اول سورة فى القرآن , فكيف كانت تأدية الصلاة فى ذلك الوقت, هل كانت الصلاة معروفة من قبل بحيث ان هناك من كان يصلى حتى قبل ان تكتمل آيات السورة, سيرى طبعا من القرآن ان الصلاة كانت تؤدى من قبل ان يبعث الرسول, فقد ذكرت بالنسبة لكافة الأديان السماوية الأخرى من قبل الإسلام التى تحدث عنها القرآن, ولكنه سيتساءل ان كانت الصلاة المعروفة من قبل هى نفسها ما يدعو اليه القرآن, فهل أضاف القرآن اليها شيئا؟ هل غير منها شيئا عما كانت عليه. ولكن فى النهاية سواء اقتنع بأن الصلاة كانت معروفة قبل القرآن وان القرآن قد غيرها أو لم يغيرها , ففى كلا الحالتين  لن يستطيع ان يصلى بأى شكل من الأشكال التى نصلى بها, ولا استطيع ان أتخيل انه سوف يقنع نفسه بأنه قد توصل الى نموذج معين للصلاة. فى الواقع, ان كلمة ( الله أكبر), والتى ينطق بها المسلم يوميا عشرات المرات فى صلاته, والتى يعرفها العالم أجمع بجميع لغاته ويعرف انها صيحة يرددها المسلمون فى صلواتهم وفى حروبهم وفى إنتصاراتهم وفى هزائمهم وفى كل ما يحيط بهم ,هذه الكلمة معناها كما هو واضح ان الله اكبر من اى شيئ أخر خاصة مع عدم ذكر ذلك الشيئ الأخر, لن وبل من المستحيل على مؤمن ان يجادل فى ذلك, غير ان تلك الكلمتين بهذا المعنى لم تأتى فى القرآن بذلك الشكل او بذلك المعنى مطلقا, لقد جاءت الكلمتين بنفس التركيب فى ثلاث مواضع من القرآن (  التوبة/ 72,  العنكبوت /45 , غافر/10 ) ولكن لم يكن أيهم بالمعنى الذى تعبر عنه الكلمتين عندما يستعملهما اى مسلم فى صلواته او فى تكبيرة او فى مناقشاته او فى اى مناسبة أخرى من المناسبات.

 قس على ذلك أيضا بالنسبة للزكاة التى لن يجد بها اى منهم شرحا وافيا فى القرآن , أما الصيام فمن الممكن ان يرى فى القرآن شرحا وافيا لمعنى الصيام, وشرحا وافيا للوضوء, وقد يجد شرحا وافيا لتقسيم الميراث وإن كان هناك عددا من الأسئلة التى لم اجد عليها إجابة حتى الأن فيما يتعلق بما جاء فى القرآن بالنسبة الى تقسيم الميراث ولا يعنى ذلك ان ليست هناك إجابة عنها بل من المؤكد ان هناك من يستطيع ان يدلى بالإجابة ولكن السؤال سيكون هل ستقنع تلك الإجابة كل من كان لديه نفس السؤال, اما الزواج , فليس هناك فى القرآن تعريفا يمكن الرجوع اليه من القرآن لإتمام مراسيم الزواج, بمعنى أصح, لو اراد احد هؤلاء الأولاد الذين تحدثنا عنهم ان يتزوج طبقا للقرآن, فلن يجد ( كيفية ) الزواج طبقا للقرآن .  

 قبل ان تقول لى – خلاصة الكلام – أقول لك صبرا , إذا تحدثنا عن الإسلام الذى يعرفة الجميع بأنه الرسالة الأخيرة التى جاء بها محمد ( ص), وأن القرآن هو نص تلك الرسالة, ففى القرآن ما يفيد بأن الرسول ورسالته كانت مرسلة الى العالمين  طبقا لقوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وليس لعالم واحد بل كل العالمين ما نعرفة منها وما لانعرفه, وفى قولة تعالى ( قل يا أيها الناس انى رسول الله اليكم جميعا ), فندرك من ذلك ان الرسالة التى جاءت خاتمة لما قبلها من رسالات قد حددت الى من أرسلت, الى الناس جميعا , والى العالمين, غير ان القرآن يقول أيضا ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ...الآيه ) ثم يقول ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون), كما يقول جل وعلا ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ), وهناك عدد أخر من الآيات بنفس المعنى, فكيف يمكن ان نوفق بين الرسالة والقرآن وعالميتهم , وبين اختيار اللسان العربى ولسان قوم الرسول......الخ, هل من المتوقع ان يتحول الناس فى هذا العالم الى اللغة العربية لكى يعقلوا هذا القرآن, بالطبع الإجابة على هذا السؤال هو بالنفى, فقد قال عز وجل (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) ويجب ان يتوقف كل من يهمه الأمرعند هذه الآيه, لقد اقر الله سبحانه وتعالى انه خلق الإنسان وجعله شعوبا وقبائل, والقبائل هى وحدة صغرى من الشعوب, اى ان القبائل لها تمييز فى حد ذاتها, فكل قبيلة تختلف عن الأخرى وإالا لما أعطيت إسما خاصا بها, إذا الإختلاف ليس بين الشعوب والشعوب الأخرى, ولكن حتى فيما بين الشعوب نفسها, والإختلاف عكس التشابه, بمعنى أصح, ان الإختلاف قد يكون فى واحدة او أكثر من الشكل والحجم اللون واللغه والعادات والتقاليد......الخ . هذا ما قررة رب العزة , ثم قرر أيضا انه بسبب ذلك الإختلاف  يجب ان نتعارف,ويجب على كل مسلم ان يفكر وأن يتمهل فى تلك الآية, وأن يدرك ان السبب فى تباين وإختلاف الخلق هو ان يتعارف كل على الأخر, هذا ما تنص عليه الآية, فهل من الممكن ان يتعارف إثنين رغم  إختلاف لغتهما, بالطبع, ممكن , ان يتعلم احدهما لغة الأخر , ثم يترجم لقومه ما يقول الأخر ويترجم للأخر ما يقول قومه فيحدث التعارف وهذا ما يحدث فعلا بهذا الشكل فى عالمنا اليوم, ثم تقول الآية بعد ذلك, أن أكرمكم عند الله أتقاكم, ولم تقل ان أكرمكم عند الله من يعرف القرآن خيرا من الأخر, التقوى هى الشرط لكى يكون الإنسان مكرما لدى الله سبحانه وتعالى, وليس ما يفقه او ما يعرفه عن معنى لكلمة او جملة او آية خيرا من إنسان أخر, ثم ينهى سبحانه وتعالى الآية بقوله إن الله عليم خبير, مؤكدا بذلك عدة أشياء, اختلاف الخلق بكل ما تعنية كلمة إختلاف, الإختلاف هو من اجل التعارف, التعارف سوف ينتج عنه خيرا كثيرا او شرا كثيرا, ولكن التقوى هى ما يشترطه الله فى عملية التكريم, وعملية التكريم درجات تعتمد على درجة تقوى كل منا , وأن الله لدية العلم والخبرة كى يميز وكى يحكم على كل منا, هل هناك وضوحا أكثر من ذلك!!!

من الواضح ان الإسلام قد أنتشر فى أرجاء العالم وهذا ليس تنبؤا منى ولكنه حقيقة جلية لا تحتاج الى إثبات, انتشر الإسلام بل أصبح عدد من يسمى نفسة مسلما من غير العرب أضعافا مضاعفة لعدد العرب الناطقون بالعربية , وقد حدث ذلك دون ان تتحول لغات مجتمعاتهم الى اللغة العربية, وخير مثال على ذلك هو دخول اندونيسيا فى الإسلام, وهى اكبر دولة إسلامية فى العالم, ورغم ان عملية أسلمة اندونيسيا تعتبر من الأشياء المعقدة تارخيا والتى لم يتفق عليها الكثيرون, إلا انه لم يكن هناك حديثا واحدا على ان الإسلام دخلها بالسيف كما قيل عن اماكن أخرى, فقد دخلت الإسلام دون ان تتحول الى اللغة العربية,بل ترجمت قيم ومعانى القرآن والإسلام لهؤلاء الناس, فدخلوا الإسلام . فهل لنا الحق ان نتساءل عن مدى علمهم ومعرفتهم بالإسلام لأنهم لا يفقهون العربية, هل من حقنا ان نقلل من صدق وقوة عقيدتهم وإيمانهم لأنهم لا يتحدثون العربية, هل من الممكن ان نستخلص بناء على مقدرتنا ان نكتب عشر صفحات فى معنى كلمة أيمان او شرك او كفر او ....الخ وعدم قدرتهم بل وعدم معرفتهم بكل تأكيد بأن تلك الكلمات تعنى فى مصطلح البعض اكثر بكثير من ما تعنيه بالنسبة لهم, هل نستخلص انهم أقل إسلاما او ان إسلامهم غير كامل لعدم إستيفاء الشرط  او الشروط. اما الترجمة للقرآن فتختلف من مترجم الى الأخر, بل إن هناك الكثير من الكلمات القرآنية التى لا يمكن ترجمتها, ورغم كل الإختلافات فى الترجمة ورغم ان الترجمة من المستحيل ان توفى النص الأصلى حقه, فقد كانت الترجمة  كافية لهؤلاء للتحول من دياناتهم الأصلية الى الإسلام.

أراك تود ان تسأل خلاصة الكلام!!! صبرا فلم انتهى بعد!

لقد قال الله عز وجل ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ), ورغم ان هذه الجملة واضحة كل الوضوح, غير ان كلمة ليعبدون فى حد ذاتها لم أقرأ لها حتى الآن تفسيرا يتفق عليه الجميع , وليس من المتوقع ان اجد تفسيرا يتفق عليه الجميع رغم اهمية هذه الكلمة, فإن هذه الجملة من الآية فى حد ذاتها قد تعادل سورا اخرى من القرآن, فهى تشرح وتفسر وتدل وتشير وتنبه الى السبب الأول والأخير لخلق الإنسان, والجن أيضا, وتقول فى كلمة واحدة ان الله خلق الجن وخلق الإنس, لسبب واحد وهو عبادته, ولكن هل فسر القرآن لنا فى كلمات واضحة ومباشرة أيضا كيفية العبادة الذى من أجلها خلق الإنسان, لم أجد من القرآن تفسيرا لكلمة العبادة بكلمات واضحة وضوح تلك الآيه, سوف يقول الكثيرون اننا يجب ان ( نستنتج) ما هو المقصود بالعبادة, وهناك من كتب مقالات فى معنى العبادة, ولكن كل ذلك مجرد اجتهادات من البعض لا تغنى عن وجود تفسير لتلك الآية الواضحة تمام الوضوح,  وهناك من سيقول لو تحدث الله عن الأكل والشرب فهل يجب ان يفسر ذلك, انه شيئ يفهم بدون شرح, وبالطبع لن اتفق مع هذا مطلقا لأننا نجد عبادة الله تتم بطرق مختلفة فى جميع أنحاء العالم وبطرق مختلفة فى كل العقائد السماوية التى نزلت فى منطقتنا العربية, كما تختلف فى العقائد الأخرى, هل من الممكن ان يكون الله سبحانه وتعالى قد ترك شرح هذه الكلمة متعمدا, ولأسباب لا يعلمها إلا هو!!, هل من الممكن ان الله قد ترك لنا ان نستخلص كل منا بطريقته التى يقتنع بها والتى سيكون مسؤلا عنها امام الله كيفية العبادة , وفى النهاية سوف يحكم جل جلاله على كل منا طبقا لما توصلنا اليه, أخذا فى الإعتبار ما وضعه فى كل منا من ملكة الفكر والإستنتاج والحكم والعلم والمعرفة......الخ الخ الخ. 

لقد قال عز وجل ( والذين أمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ), وهنا نجد ان الشرط الذى وضعه جل جلاله, ينقسم الى جزئين, الإيمان وعمل الصالحات,  ونجد ان هذه الآيه هى من الآيات التى لا تحتمل الخلاف فى فهم معناها, الإيمان بالله هو شيئ لا يمشى المؤمن معلقا لوحة فوق رأسه أو مكتوبة على صدره بأنه مؤمن,والإيمان ليس ان يقول الأنسان لكل من يقابله انه مؤمن, الإيمان هو شيئ شخصى بحت بين الإنسان والله سبحانه وتعالى ولا يعلمة إلا هو الله سبحانه وتعالى, يبقى الجزء الثانى وهو عمل الصالحات, لم يعطينا الله قائمة بالأعمال التى يعدها ويعتبرها من الصالحات , لم يقل بطريقة مباشرة فى القرآن ان الأعمال الصالحات هى كذا وكذ وكذا, اوحتى هى ما يشبة كذا او كذا,  لقد ترك سبحانه وتعالى ذلك لكل واحد منا لكى يفهمه بطريقته ويفسرة بطريقته ويعمل ما يراه انه من الأعمال الصالحات بطريقته, وبالطبع من الممكن ان نستنتج انه سوف يقيمه فى يوم الحساب بطريقته, وكنت فى مقالة اخرى قد أعطيت مثالا لرجل قد يعطى تبرعا لهدف نبيل بجنيه واحد بينما قد يعطى اخر مئة ألف جنيه, ورغم ذلك فقد يكافئ الله عز وجل من أعطى جنيها خيرا ممن أعطى مئة ألف لأنه لم يكن يملك سوى هذا الجنيه, بينما الأخر يملك البلايين او الميارات كما يقال.  هل يتساوى من يقضى جل وقته فى المسجد فى عبادة مستمرة لا يعمل ولا يفيد المجتمع شيئا , مع من يقضى جل وقته فى معملة لكى يكتشف دواء يشفى به من الأمراض و يستفيد منه مئات الملايين سواء كانوا على عقيدته ام على عقيدة أخرى, وهل لا يكون هذا العمل من الصالحات التى أشارت اليها الآية, هل يتساويان أمام الله؟؟؟ لكن هناك من سيقول ان ذلك الذى اكتشف الدواء كافر, مشرك, لا يصلى ولا يصوم, ولا يعبد الله ..............الخ.

قرأت ما معناه,أن قال احد المتحدثين بالعربية بطلاقة لأخر ممن يتحدثون الإنجليزية انه يستطيع ان يذكر له مئة إسم للأسد باللغة العربية, فسأله الأخرجميل جدا , ولكن كم أسد لديك ؟, فقال ليس لدينا اسود, فقال له انه يعرف للأسد إسما واحدا بالإنجليزية, ولكنه لديه مئة أسد !!!.  من الممكن ان نتبحر وأن نجتهد فى تفسير كلمة واحدة من القرآن ونكتب عنها صفحات وصفحات, ولكن لا يجب ان نجحد او ننظر من أعلى الى أسفل الى هؤلاء الذين لا يعرفون لتلك الكلمة سوى معنى واحد يكتب فى خمسة كلمات طالما كان ذلك المعنى يفى بالغرض. وللأسف يبدو لى وقد أكون مخطئا تماما, أن العرب المسلمين ينظرون نظرة تحتية الى غير العرب المسلمين, بل يتهكمون عليهم أحيانا فى عدم معرفتهم للغة العربية, ويعتقدون انهم هم ( شعب الله المختار مع الإعتذار لأبناء العم ) , بل نرى ان هناك إنقساما حادا بين العرب أنفسهم فيما يتعلق بالإسلام وما يتعلق بمفاهيمه, ولن أذهب بعيدا, حتى هنا على موقعنا البسيط , ورغم ان عددنا لا يتعدى العشرات , فهناك إنقساما فى فهم العقيدة, وفى تفسير كلمات القرآن التى من المفروض انها لغتنا الأصلية, فما باللك بالأخرين الذين لا يعرفون عن العربية شيئا. المسلمون يؤمنون انهم الوحيدون على حق وأن مثواهم الجنه, ومثوى الأخرين هو الجحيم, والمسيحيون يؤمنون انهم هم الوحيدون الذين سوف يخلصهم المسيح ولن يدخل الجنه احد إلا عن طريقه, اليهود يؤمنون انهم شعب الله المختار, ولا شك ان البوذيون والهندوس وغيرهم يؤمنون ينفس الطريقة, فهل هذا هو التعارف الذى خلق الله الإنسان من أجله وقسمه الى شعوب وقبائل, يبدو ان لم يحدث اى تعارف بينهم على الإطلاق.

 

هل فرض الله على المسلمين (حفظ) القرآن, جزءا منه هل هناك اى إشارة فى القرآن على إلزامهم بذلك اى الحفظ عن ظهر قلب, او الحفظ دون ان يفقهوه, لأن الكثير او الغالبية العظمى من المسلمين يرفعون من يدعى حفظ القرآن الى مرتبة عالية , ويعتقدون ان كل ما يقوله صحيح وحق لا جدال فيه مهما كان ما يقوله هراء, ولكن لأنه معروف بأنه من حفظة القرآن, فلا يمكن ان يأتيه الباطل ولا أن ينطق به, فهل هذا من فرائض الإسلام؟

خلاصة الكلام, ان القرآن وحدة دون المجتمع المحيط والوالدين االلذان يعلمان أبناءهم خلال نشأتهم الكثير من الأشياء التى ينص عليها الإسلام والتى لم تأتى مفصلة فى القرآن , لا يفى بالغرض, ولما كان القرآن فى هذه المعادلة ( ثابت) , بينما يتغير المجتمع المحيط بالفرد والأسرة التى ينشأ بينها الفرد, فتكون محصلة النتيجة النهائية , ان يكون هناك فارقا وتباين قد يكون صغيرا او كبيرا بين المسلمين تبعا للمجتمع الذى يعيشون فيه والأسرة التى تربوا ونشأوا بها, فمما لا شك فيه ان المجتمع المصرى يختلف عن المجتمع الهندى والمجتمع الصينى والمجتمع الإيرانى والمجتمع الأندونيسى......الخ, بل ان الأسر فى كل من هذا المجتمعات تختلف عن بعضها,  ولكى نكون اكثر صراحة, فإنى قلت ان القرآن فى تلك المعادلة ثابت, ولكن الحقيقة التى لا يمكن إغفالها هى ان إختلاف مفاهيم الناس للكثير مما جاء فى القرآن , يغير تلك المعادلة تغييرا تاما كما يغير النتائج هى الأخرى.

خلاصة الكلام !!!!, هذا متروك لسيادتك!!!  ولم يكن ذلك من تخاريف رمضان , فأنا  لا أكتب أثناء الصيام.

مع تحياتى, ورمضان كريم

اجمالي القراءات 22329