أعترف بفضله وعلمه وريادته ،،، وأختلف معه

شريف هادي في الثلاثاء ٢٦ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والسلام على النجوم الساطعات واللألئ المضيئات ، أنبياء الله ورسله ، لايقاس بنورهم أنوار النجوم والمجرات ، ومن اهتدى بهديهم ليوم لا ريب فيه آت
أظنني أعلنت من قبل كيف أن الدكتور أحمد صبحي منصور انتشلني من حيرتي ، وقد عرفته منذ ما يقرب من أربع سنوات ، متابعا كتاباته على بعض المواقع ومن قبل لم أكن لأهتم بفرقة القرآنيين ، لأسباب عدة أهمها تشبعي بالفكر السلفي ، وقلة عددهم وضعف تأثيرهم عبر التاريخ الإسلامي كما أنني كنت قد كونت حك&ig;ما مسبقا فيهم بأنهم فرقة ضالة ، وذلك من أراء مخالفيهم ، وأشهد أني كنت ظالما بهذا الحكم الجائر ولكن لله الحمد والمنه ، فقد طالعت كتابات الدكتور أحمد وبعد بحث وأخذ ورد مع نفسي راسلته ، وقد آمنت بالفكرة العظيمة ، وهي الأخذ بالقرآن مصدرا وحيدا للتشريع ، أو كما قال الدكتور أحمد (القرآن وكفى) أو كما كتبت أنا من قبل (لماذا القرآن وحده) ، وهذا الأصل لا نختلف فيه مع الدكتور أحمد قيد أنمله ونعترف له بالسبق والفضل ، والمدهش في حادثة إتباعي للفكر القرآني – مسلما حنفيا على دين إبراهيم آخذ بالقرآن وحده مصدرا للتشريع- أنني لم أكن جاهلا بالعلم الديني من قبل بل والحمد لله فتح الله علي من قبل بالاطلاع على الكثير من الكتب والمخطوطات الدينية والتي ضاقت بها الحجرات ووسعها بفضل الله ورحمته صدري ، وقد حصلت على دبلومة في الشريعة الإسلامية كدراسة مقارنة بين القانون الوضعي والتشريع الإلاهي في جريمة الزنا ، وكان من رأي أن القرآن لم يفرض عقوبة على الزنا ولكنه فرضها على إقتران جريمة الزنا بالإشهار فتصبح جريمة فاحشة تستوجب العقاب ، قال تعالى"ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون" النور19 ، فالوقوف بالجريمة على باب الستر والإستخفاء لا تتقرر به عقوبة في الدنيا ، أما إشاعة الفاحشة فعقوبته في الدنيا ما قرره القرآن ثم يردون إلي أشد العذاب.
ومن المعروف أن من يتمتعون بعلم سابق هم أسهل الناس للإيمان بالفكر الصحيح ولو كان مخالفا لفكرهم القديم إذا إقترن هذا العلم بالتقوى ، وهم كالصخور الجامدة بل أشد في عدائهم لأي فكر جديد إذا وقف علمهم عند باب الغرور والاستحسان دون تقوى لله والاكتفاء بالتراث وما كان عليه الأباء والسلف وترديده كالببغاوات ، وهذه إحدى طرق تفسير قوله سبحانه وتعالى "...واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم" البقرة 282 ، فمن اتقى الله سبحانه وتعالى ولم يأخذه الغرور فتح قلبه لتلقي العلوم معترفا بجهله مهما قرأ وتعلم ، ومن إغتر بعلمه وتمسك بما وجد عليه الأسبقين أغلق قلبه ودخل على جميع العلوم التي يتلقاها في باب تخصصه بفكر مسبق فرفضها ، فالأول تعلم بتقوى الله من علم الله بإرادة الله ، والآخر جهل ولم يأخذ من علم الله ضد إرادة الله ، والله بكل شيئ عليم يعلم من يستحق العلم فيفتح قلبه وعقله ويعلم من لا يستحق فيظلم قلبه كالكوز مكفيا لا يدخل ضوء ولا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا.
إلا أن الله سبحانه وتعالى ولحكمة الإعمار والتنافس في الخيرات جعل الناس مختلفي الأذواق والمشارب ، ومختلفي التفكير وفقا لمعطياتهم البيئية والاجتماعية والثقافية والعلمية ، حت تتفجر طاقاتهم بالعمل والبحث فتتفح لهم كنوز المعرفة ، شرط أن ينصاع كل منا للحق إذا عرفه ، وقد قال تعالى"الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز" الحج 40 ، وقال عز من قائل"...ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون" المائدة 48
وقد وجدتني أختلف مع أخي ومعلمي الدكتور أحمد في بعض المسائل والفروع ، وجدت أنه من الأوفق ذكرها هنا ، وسبب قراري بذكر ما بيننا من إختلاف أننا وقد بدأنا باب التأصيل القرآني ، فسيكون له بحوثه التي نتعلم منها وسيكون لي محاولاتي ، وقد تختلف نتائجنا ، فيتسائل الناس أي الأراء رأي القرآنيين ، وأقول أن الفكر القرآني هو منهج إتباع وطريقة بحث ووسيلة معرفة ، طالما إتخذ الباحث هذا المنهج فإن الفكر القرآني يتسع ليشمل كل النتائج شرط الالتزام بالمنهج والوسيلة ، وهذا ما أكد عليه أستاذنا الدكتور أحمد من قبل أننا لسنا جماعة أو تنظيم بل نحن مجموعة باحثين عن الحق ، والحق المطلق لدينا في كتاب الله ولكن فهمنا له هو حق نسبي ، وكل من أختار القرآن مصدرا وحيدا للتشريع عليه أن يقرأ الأفكار والنتائج ويبحث بنفسه على قاعدة قرآنية متمسكا بتخلية قلبه من أي أفكار مسبقة ، ثم يختار ما سيقبل أن يحاسبه الله عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
ولددي سبب آخر هو أنني لاحظت أن الكثير من الإخوة الأحباب والذين نعقد عليهم الأمل في غد أفضل لأمتنا وجنسنا يتخذون من الاختلاف في الرأي زريعة للخلاف والمخاصمة ، فأردت أن أضرب لهم المثل بعلاقتي بإستاذي ومعلمي والدكتور أحمد والذي وإن إختلفت معه أكن له كل إحترام وتقدير واعتراف بفضله وسبقه وريادته وعلمه ، وأظنه يبادلني شعور بالاحترام من إستاذ لتلميذه.
أوجه الاختلاف:
أولا: الشهادة:
رأي الدكتور أحمد:

يرى الدكتور أحمد أن الشهادة في الإسلام هي أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، غير مقترنة بإسم نبي أو رسول ويعتبر الإقران في الشهادة كفر لقوله (فشهادة الاسلام واحدة وليست إثنتين ، فهى شهادة أنه لا اله الا الله فقط. ومن شهد بهذا فقد آمن بكل الأنبياء دون أن يفرق بينهم ، أو أن يرفع واحدا من بينهم فوق الآخرين. حين يضاف الشهادة بمحمد رسولا فهنا تفضيل له على غيره من الأنبياء وتمييز له عنهم ، وهذا كفر بالاسلام وفقا لما أكده الله تعالى فى القرآن ( البقرة 136 ، 285 ) ( آل عمران 84 ) ( النساء 150 : 152 ) ( الأحقاف 9 ).) ، وأظن أن الدكتور أحمد جاء رأيه هذا متأثرا بأداء الجهلة من الصوفية الذين حاورهم كثيرا وكانت له معهم صولات وجولات ، وقد تأكد من محاورتهم أنهم يعبدون النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، وأنهم يصلون له لا عليه ، فقد أعتبروه مقصود الوجود ونفحة من نور الله ، وأول خلق الله بل وإسمه مكتوب على العرش بجوار إسم الله وأنه هو الكلمات التي علمها لآدم ليتوب فتاب عليه ، وهو في قبره مستيقظا تعرض عليه أعمال العباد وله حوضا في الجنة من شرب منه لا يظمأ بعدها أبدا وهو شفيع مشفع ، فهاله رأي هؤلاء الصوفية الذين غالوا فيه حتى أن البوصيري يقول في بوردته لا نقول فيه ماقالت النصارى في ابن مريم ونقول ما دون ذلك فمن علمه اللوح والقلم – تعالى الله سبحانه عن هذا اللغو علوا كبيرا – لذلك جاء رأي الدكتور أحمد على النقيض مسترشدا بقوله تعالى (لا نفرق بين أحد من رسله) على أن النهي هنا عام يمتد إلي الإيمان والأعتقاد كما يمتد إلي القول والعمل ، بمعنى لا يجوز لنا أن نقول (محمد رسول الله) متلازمة مع قولنا (لا إله إلا الله) لأن في ذلك تفضيل يأباه نص آيات القرآن الكريم .
رأيي في هذه المسألة:
وكان لي رأي آخر هو أنني أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأهم أسبابي في نقض رأي الدكتور أحمد أنه كقاعدة (سوء فهم الجهال لعقيدة لا يبرر إنكار هذه العقيدة) ، ثم أنه يمكن تقييد المطلق بمقيد ، ومطلق نص الآية (لا نفرق بين إحد من رسله) قيده رب العالمين مختصا بالإيمان دون العمل في قوله (تلك الرسل فضلا بعضهم على بعض) ، فيبقى عدم التفريق في الإيمان يؤكد ذلك أدلتنا التي سقناها من قبل ولا ضير في إعادة سردها على النحو التالي:
1- قوله تعالى (لا نفرق بين أحد من رسله) ليست في القول أو العمل ، ولكن في الإيمان والكفر ، فلا يجوز أن نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض ، ولي عدة أدله أولها قوله تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) فالأية تتكلم عن الإيمان ، والإيمان من عمل القلوب ولا دخل له بالتشهد بقول (محمد سول الله)
2- ومن أدلتي لدحض أدلة أستاذي ومعلمي الدكتور أحمد هي قوله تعالى"إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا(150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا(151)وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(152)النساء ، فبمنطق الدكتور أحمد في فهم (لا نفرق) أو (لم يفرقوا) ، وجب علينا أن نقرن شهادتنا بالله (كل الرسل) من قصهم الله علينا ومن لم يقصص ، وإلا نكون قد فرقنا بين الله ورسله.
3- بهذا التفسير للآية 152 من سورة النساء ، نفهم قوله تعالى (لا نفرق بين أحد من رسله) في سورة البقرة أننا لا نفرق في باب الإيمان والكفر أي لا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم ، وعليه لا يصح الاستدلال بهذه الآيات في سورة البقرة على رفض (شهادة أن محمد رسول الله) ، لأنها لا تعني بأي حال من الأحوال التفريق بين رسل الله ، فشهادة أن محمد رسول الله لا تعني الكفر بباقي الرسل (حاشا لله) ، ويظل الإيمان بباقي الرسل قائم ، فتظل المساواة في الإيمان بكل الرسل قائمة
4- فهمي لقولنا (أشهد أن محمدا رسول الله) أنه إقرار بأنني أعبد الله على الشرعة التي بلغها محمد عليه السلام وهي القرآن ، وعلى المنهاج الذي أداه وهي كيفية تنفيذ أمر الله بالعبادة ، فلا يكون في الشهادة بأس بل هي إقرار وتأكيد ، غاية ما هناك على أفضل الأحوال لا نجعل الشهادتين متلازمتين تقديسا وتنزيها لرب العزة سبحانه عما عداه
5- لنتدبر قوله تعالى"واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ااقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين" آل عمران 81 ، وفي هذه الآية أمر من الله للنبين أن يشهدوا بأن الرسول مصدقا لما معهم ، بل والله سبحانه معهم من الشاهدين بصدق نبوة الرسول عليه السلام
6- ثم لنتدبر قوله تعالى "كيف يهدي الله قوما كفروا بعد ايمانهم وشهدوا ان الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين" آل عمران86 ، وهذه الآية في غاية الوضوح ، فإن الله سبحانه وتعالى لا يهدي قوما كفروا بعد إيمانهم ، بماذا؟ بأن لا إله إلا الله ، ثم تكمل الآية وشهدوا أن الرسول حق ، فهل تريد دليلا أوضح من ذلك؟
7- ولنتدبر قوله تعالى"لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا" النساء166 ، فهل بعد ذلك دليل؟ ، شهادة الله وعلم الله ثم شهادة الملائكة ، وكفى بالله شهيدا
8- ثم نحن نشهد بأن لا إله إلا الله ونشهد بأن محمد سول الله ، نقتفي أثر الأمم السابقة في طريقتهم الإيمانية ، ولنتدبر معا قوله تعالى "واذ اوحيت الى الحواريين ان امنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد باننا مسلمون" المائدة 111 ، وطبعا الحوارييون آمنوا بالله بأنه واحد لا شريك له ، وتبعوا إيمانهم بالله أن أمنوا برسول الله (عيسى عليه السلام) ، بل وأشهدوا رب العالمين أنهم مسلمون على ذلك ، فهم بنص الآية قالوا وآمنوا بـ (لا إله إلا الله وعيسى رسول الله) طبقا لنص القرآن ، ونحن آمنا بـ (لا إله إلا الله ومحمد سول الله) ، ولا ضير في ذلك ، طالما لم نكفر بباقي رسل الله عليهم جميعا السلام
9- وعن فهمي للتوفيق بين قوله تعالى (لانفرق بين احد من رسله) وقوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) ، فإنه لا تعارض لإننا لا نفرق بين الرسل في باب الإيمان بهم ، ولكن الله سبحانه وتعالى فضل بعضهم على بعض ، فقلت ونحن نؤمن بذلك ونفضل ما فضله الله ، وأحب أن أنوه على انه لسنا نحن من نفضل ولكن الله يفضل ونحن نؤمن بهذا التفضيل ، فعلى سبيل المثال فقد فضل الله سبحانه وتعالى كل رسول بالكتاب الذي أنزله له وأختصه به دون باقي الرسل ، ثم أن الله سبحانه وتعالى وضع لنا مثال تقريبي عن كيفية تفضيله للرسل بأن قال (كلم موسى تكليما) فكان فضل موسى عليه السلام في الكلام إلي الله دون واسطة ، وفضل محمد عليه السلام أن الله أخذ ميثاق النبيين من قبله له أن يؤمنوا به ويشهدوا بصدقه ، وهكذا ، فالتفضيل ليس عاما ، ولكنه تفضيل جزئي موجه ، فعيسى عليه السلام فضله الله أن جاء بمعجزة من العذراء البتول مريم عليها السلام ، وكلم الناس في المهد وكهلا ، ونوح فضله الله بالصبر في الدعوة لله فدعى قومه ألف سنة إلا خمسين وهكذا
ثانيا: التشهد:
من رأي أستاذنا ومعلمنا الدكتور أحمد:

أن الصلاة وهي خاصة بين العبد وربه لا يجوز أن يذكر فيها أسم مع الله ، والتشهد بصيغته الحالية (التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمد رسول الله ، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) ، فضلا عن إعتبار الشهادة هي (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بالمخالفة لرأي أستاذنا ومعلمنا الدكتور أحمد السابق ذكره ، فإنها تشتمل أيضا على ذكر إسم الرسول محمد عليه السلام بجوار إسم الله سبحانه وتعالى في أسمى عبادة يصرفها العبد لربه وهي الصلاة ، وكذلك بها مخالفة صريحة للقرآن ، أولها تصور وجود حديث بين الله والرسول في سدرة المنتهى في المعراج مع رفضنا لفكرة المعراج نفسها لعدم وجود دليل عليها في القرآن ، وثانيا فإن الصلاة الإبراهيمية تخالف نص القرآن في الصلاة على آل إبراهيم وقد قال تعالى " واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" البقرة124 ، ثم الدعاء بالصلاة والبركة على آل محمد عبر الزمان والمكان مع ما في ذلك من غلو بالدعاء لأناس منهم الصالح ومنهم الطالح ولا يعرف ما بداخلهم إلا الله وحده ، ثم هناك إختلاف كبير في التراث بين الروايات التي جائت في موضوع التشهد بل ونصوصها أيضا.
فنظر في القرآن نظرة الباحث فوجد قوله تعالى"شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم" آل عمران 18 ، فوجده أوفق للشهادة على النحو الذي فيه تنزيه لرب العالمين ، ثم أنها تشتمل على شهادة الله سبحانه وتعالى وهي شهادة إقرار وتوكيد وطلب وأمر ، ثم شهادة الملائكة وهي تسبيح وإمتثال لأمر الله ، وشهادة أولي العلم وهي إستغفار وطلب للرحمة ، ثم أن لفظ أولوا العلم يستغرق كل أنبياء الله ففيها مساواة بينهم وعدم تفريق يتفق مع أمر الله ، فأخذ بها في صلاته وأختارها بدلا من التشهد المختلف في صيغته.
رأيي في هذا الموضوع:
1- نحن نقر كقرآنيين بأننا أخذنا الصلاة عن رسول الله ، أي كما فعلها رسول الله بالتواتر كابرا عن كابر حتى وصلتنا ، ولم نأخذها من روايات البخاري ، كما نقر بأن فهمنا لمبدأ الأخذ بالقرآن وحده لا يؤثر فيه أن نأخذ تفاصيل أهم عباداتنا وهي الصلاة من الرسول ، لأن الله سبحانه في الآية 48 من سورة المائدة فرق بين الشرعة (النص) والمنهاج (الأداء) ، فلو كانت الشرعة هي كتاب الله القرآن لأنه يشتمل على النصوص الواجب إتباعها ، فإن المنهاج يكون من فعل الرسول وأداءه للعبادات وفقا لتعليم الوحي له متفقا مع مقصود رب العزة من طريقة أداء العبادة ، وبمراجعة الآيات السابقة على الآية 48 من سورة البقرة ، نجد أن الله قد قرن بين التوراة وأنبياء بني إسرائيل وبين الإنجيل وعيسى بن مريم وبين القرآن ومحمد عليهم جميعا السلام ، فيكون مفهومنا للمنهاج متسق مع نص القرآن الكريم ، فلو كانت الصلاة جائت بالتواتر ، فإن ما يذكر فيها جاء أيضا بالتواتر ومنه التشهد بصيغته الحالية ، والتفرقة بين كيفية أداء الصلاة وبين ما يقال فيها يقودنا إلي مشكلة خطأ الفكرة نفسها ، نعوذ بالله من ذلك.
2- وجود نصوص كثيرة في التراث لصيغة التشهد ، لا يبر رفضها كلها لأنه حتى الصلاة يوجد في التراث إختلافات كثيرة في كيفية أداءها ولو تتبعنا هذا الإختلاف لرفضنا الصلاة كلها كما رفضنا التشهد كله.
3- سوء فهم العوام للتشهد على أنها حديث بين الله سبحانه وتعالى والرسول عليه السلام في سدرة المنتهى في المعراج المزعوم لا يبرر إنكارها اطلاقا كقاعدة تتفق وحسن النظر للأمور ، لأن إنكارها بسبب فهم الغير لها فيه إجحاف بهذه العقيدة يجب ألا نقع فيه كباحثين.
4- وجود شهادة أن محمد رسول الله في تشهد الصلاة بجوار شهادة لا إله إلا الله ، بالنسبة لي لا ضير فيه على ما بينت في قبول الشهادة بشقيها (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله) ، وأرى أن نسبة محمد لله بأنه رسول وتعريفة بالإضافة للخالق فيها تنزيها للخالق لا مساواة له بالمخلوقات ، وقديما عبد الناس أنبيائهم ، فقالت اليهود العزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله ، فكانت شهادة المسلمين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تذكرة لهم في كل وقت أن نبيكم عبدا لله ورسوله وليس إلاه مع الله تعالى الله علوا كبيرا.
5- لا أرى مخالفة للصلاة الإبراهيمية مع القرآن ، لأننا عندما نقول كما صليت على آل إبراهيم ، وكما باركت على آل إبراهيم ، لا يمكن أن نقصد الظالمين من آل إبراهيم ولكننا نقصد الصالحين منهم لقوله سبحانه وتعالى"ان الله اصطفى ادم ونوحا وال ابراهيم وال عمران على العالمين" آل عمران33 ، وقال سبحانه وتعالى"ام يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله فقد اتينا ال ابراهيم الكتاب والحكمة واتيناهم ملكا عظيما"النساء 54 ، فالصلاة والبركة على آل إبراهيم مقصود بها الصالحين منهم الذين إصطفاهم الله على العالمين ، والذين آتاهم من فضله سبحانه وتعالى الكتاب والحكمة والملك ، أما عن الصلاة على آل محمد والبركة عليهم ، فهم الذين قال الله لهم "...انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا" الأحزاب 33
6- ثم أن ذكر اللفظ العام ومقصود به الخاص موجود في القرآن والأدلة على ذلك كثيرة ، فالله سبحانه وتعالى يقول "وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين" ، ويقول سبحانه وتعالى"اني وجدت امراة تملكهم واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم" النمل 23 ، ومن المعروف أن سليمان وداوود عليهما السلام وكذلك بلقيس ملكة سبأ أوتوا من كل شيء معروف لديهم فمثلا بلقيس لم تتعلم منطق الطير كما تعلم سليمان ومع ذلك قال (كل شيء) ، ثم أنهم جميعا كلهم لم يؤتوا طائرة أو سيارة أو قطار أو ما هو في علم الله وكل هذه أشياء ، وكذلك يقول الحق سبحانه وتعالى"تدمر كل شيء بامر ربها فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين" الأحقاف 25 ، فلم تدمر المساكن وهي شيء ، إذا لما نقول آل محمد ، أو آل إبراهيم ، فالمقصود هم من أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم من آل محمد وآل إبراهيم.
7- ثم أن التحيات بصيغتها الحالية تتفق وطبيعة الصلاة كعبادة يتم تصريفها لله سبحانه وتعالى ، لأنه منذ أن عرفت البشرية الحكم والملك ، فإن بعض ملوك الأرض يطلبون من أتباعهم تحيتهم برفع اليد ، والبعض بالإنحنء والبعض بالركوع والبعض بالسجود ، ولكن لم نعرف ملك أو معبود طلب تصريف ل أنواع التحيات له إلا رب العالمين سبحانه وتعالى فإن صلاة المسلم تحتوي على رفع اليد بالتكبير ، وعلى القيام والإنحناء والقيام والركوع والسجود ، أي تحتوي على جماع التحيات ، فيكون إقرارا للواقع أن نقول التحيات لله والصلوات والطيبات
هذا والله سبحانه وتعالى أعلم.
نزول القرآن:
رأي الدكتور أحمد:

يقول الدكتور أحمد ما نصه (والمستفاد مما سبق أن القرآن نزل كتابا على قلب النبي مرة واحدة ليلة القدر . ثم كان يتنزل على ذاكرة النبي حسب الحوادث , وفى ذلك يقول " وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً : الإسراء : 106 " أي بعد الكتاب المكتوب فى فؤاد النبى اصبح الكتاب ينزل قرآنأ أى مقروءا بلسان النبي، نزلا تنزيلا متفرقا ليقرأ على الناس على مكث , شيئا فشيئاً . إلى أن انتهى نزولا ..
5 ـ وهذا الازدواج في نزول القرآن كتابا مطبوعاً في قلب النبي مرة واحد , ثم في نزوله متفرقا على ذاكرته كان يؤثر على كيفية تلقى النبي لوحي القرآن في آياته المتفرقة .)
ويدلل الدكتور أحمد على هذا الرأي بقوله (وحتى نتخيل هذا الوضع نفترض أنك رأيت مناما قويا استكن في اللاشعور عندك . واستيقظت وأنت تحس به داخلك ولكن لا تستطيع تذكره بالتفصيل ولا تستطيع الإفصاح عما يجيش في داخلك , ثم فوجئت بما رأيته في المنام يحدث أمامك وأنت تسير في الشارع . ساعتها ستقفز الرؤيا المستكنة في عقلك الباطن ويسرع عقلك الواعي بتذكرها , ويسرع لسانها بنطق ما كنت تردده في الرؤيا .. وهذا ـ تقريبا ـ ما كان يحدث للنبي محمد عليه السلام في نزول الآيات , إذا كان عندما تنزل عليه آية سرعان ما يتصاعد إلى لسانه مضمونها المطبوع في مكنون قلبه , فيسرع لسانه بنطق الآية في نفس الوقت الذي يتنزل فيه الوحي بالآية على ذاكرته ..)
والدكتور أحمد أراد أن يوفق بين الآيات التي تؤكد على نزول القرآن في ليلة واحدة (الدخان 3 ، والقدر 1) وبين الآيات التي تقر بنزول القرآن منجما على فترات (الإسراء 106 ، الفرقان 32).
كما قال الدكتور أحمد ما نصه (كما أن القرآن يؤكد في سور مكية أنه نزل مرة واحدة كتابا أي مكتوبا، كقوله تعالي "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ : الكهف 1" وكقوله تعالي " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ : النحل 89" " أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ : العنكبوت 51" وحين نزلت هذه الآيات التي تخبر عن نزول الكتاب كان القرآن في مكة لا يزال يتنزل , واستمر نزوله في المدينة. أي أنها تخبر عن نزول الكتاب دفعه واحدة قبل أن يتنزل على لسانه وذاكرته حسب الحوادث.)
وأراه قد تأثر أيما تأثر بمذهب السلف في ذلك ، فقد قالوا أن القرآن نزل مرة واحدة إلي (السماء الدنيا) في ليلة القدر ، ثم نزل منجما طبقا للإحداث في خلال بعثة الرسول عليه السلام ، وقد قال الدكتور أحمد أن القرآن نزل مرة واحدة إلي (قلب النبي) في ليلة القدر في منطقة اللاشعور عنده ثم نزل بعد ذلك منجما فكان يتذكره النبي عليه السلام ، فهو أستبدل بـ (السماء الدنيا) ( قلب النبي) وقد تشابه الرأي في غير ذلك ، وأظن أن ذلك يتفق ودراسته الأزهرية التي تعظم مذهب الأشاعرة في موضوع الجبر والاختيار.
رأيي في هذا الموضوع:
1- أولا قوله تعالى " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ" الدخان 3 ، وقوله سبحانه وتعالى " إنا أنزلناه في ليلة القدر" القدر 1 ، لا تفيد أبدا نزول القرآن كاملا ولكنها تفيد بداية نزول القرآن ، وهو الأظهر في التوفيق بين هذه الآيات وقوله تعالى "وقرانا فرقناه لتقراه على الناس على مكث ونزلناه تنزيل" الإسراء 106
2- ثم فعل الإنزال في القرآن يفيد التتابع ، ولنتدبر قوله سبحانه وتعالى" وقرانا فرقناه لتقراه على الناس على مكث ونزلناه تنزيل" الإسراء 106 ، فقوله نزلناه تنزيلا ، المفعول المطلق هنا يفيد التتابع حسب الاحتياج
3- ثم أن القول بنزول القرآن دفعة واحدة ، على ما فيه من معالجة أفعال الكفار ، كقوله تعالى (تبت يدا أبي لهب) يفيد الجبر ، مهما حاولنا رد ذلك إلي علم الخالق سبحانه وتعالى ، ولكن تنزيها لرب العالمين ، فإن علمه وقف على باب الإحاطة دون تدخل إرادته للجبر على الفعل (يراجع في ذلك بحثنا عن علم الإرادة وعلم الإحاطة)
4- في كثير من الآيات قرن الله تنزيل الكتاب بأسماء من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، فقال عز من قائل " تنزيل العزيز الرحيم" يس 5 ، وقال " تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم" الزمر 1 ، وقال " تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم" غافر 2 ، وقال " تنزيل من الرحمن الرحيم"فصلت2 ، وقال " لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" فصلت 42 ، والمفهوم من ذلك أن التنزيل جاء متفرقا ، فلما أرتبطت الآيات بصفة العزة لرب العزة ، كان التنزيل من العزيز ولما أرتبطت بصفة الرحمة كان التنزيل من الرحيم ، ولما أرتبطت بالصفتين معا فإن التنزيل من العزيز الرحيم ، وهكذا ، وللتدليل نضرب مثل بسورة يس ، فإن الآيات التالية بعد الآية الخامسة التي تذكر تنزيل العزيز الرحيم ، تتكلم عن إرسال الرسول لينذر قوما ما أنذر أبائهم فهم غافلون وحق القول بعزة رب العالمين على أكثرهم فهم لا يؤمنون ، ثم تأتي الآية (11) تتكلم عمن أتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ، والمغفرة مقترنة بالأجر تأتي من الله الرحيم ، أي أن التنزيل إقترن بإعمال صفات الرحمن سبحانه وتعالى ، فيكون دليلا على التتابع
5- قول الكفار كما ذكر رب العزة سبحانه وتعالى" وقالوا يا ايها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون" الحجر 6 ، لم يكن القرآن قد نزل كاملا على رسول الله ، ومع ذلك فإن الكفار وصفوه بانه الذي نزل عليه الذكر معرفا بأداة التعريف (الـ) وهذا دليل على أن قوله أنزلناه في ليلة مباركة ، يفيد بداية النزول ، ولا يفيد النزول كله ، وقوله سبحانه وتعالى" قل اي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم واوحي الي هذا القران لانذركم به ومن بلغ ائنكم لتشهدون ان مع الله الهة اخرى قل لا اشهد قل انما هو اله واحد وانني بريء مما تشركون" الأنعام 19 ، عندما قال ربي هذا لم يكن قد أوحى كل القرآن للرسول عليه السلام ، ولكنه أشار إلي القرآن باسم الإشارة (هذا) ، وهذا دليل آخر على أن قوله تعالى أنزلناه في ليلة مباركة يفيد بداية النزول ، لأن أي آية في القرآن يمكن أن يطلق عليها لفظ القرآن وهي منه وليست كله
6- وفي رأي أن الفرق بين الوحي والتنزيل ، أن الوحي هو عملية التلقين (تلقين الرسول) ، أما التنزيل فهو عملية التبليغ (تبليغ الرسول لأمته) ، قال تعالى "... واذكروا نعمت الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا ان الله بكل شيء عليم " البقرة 231 ، وقال تعالى" ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين"آل عمران 53 ، وقال تعالى" قل امنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون" آل عمران 84 ، تجد أن الله سبحانه وتعالى نسب التنزيل للأمة جميعا مع الرسول عليه السلام ، أما الوحي فهو خاص بالرسول فقط ولنتدبر قوله تعالى"اتل ما اوحي اليك من الكتاب... الآية العنكبوت 45 ، وقال "والذي اوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه ان الله بعباده لخبير بصير" فاطر31 ، وقال "وكذلك اوحينا اليك قرانا عربيا لتنذر ام القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير" الشورى 7
هذا والله تعالى أعلم
الموقف من الصحابة:
رأي الدكتور أحمد:

يرى الدكتور أحمد أن الصحابة كلهم ليسوا معصومين من الخطأ أو محصنين من النقد ، وأنه يعرض أفعالهم على القرآن الكريم ، ثم له أن يخطأ أفعالهم أو يصوبها كل حالة على حدا ، بل وله أن يستشف من أفعالهم العدوان الذي نهى عنه القرآن ولن يقبل أبا بـ (هس أسكت)
رأيي الشخصي:
أتفق مع الدكتور أحمد في أن الصحابة بشر يصيب ويخطئ ، وأنه لا يوجد شخص واحد عبر التاريخ حجة على الله والله سبحانه وتعالى حجة على البشر وأفعالهم
كما أن الصحابة مثلهم مثل أي تجمع بشري منهم الصالح الذي قال فيهم رب العزة سبحانه وتعالى"هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما"الفتح 4 ، وقال فيهم"لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا" الفتح 18 ، وقال فيهم "محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطاه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما" الفتح 29
ومنهم أيضا الطالح الذي قال فيهم رب العزة سبحانه وتعالى"يا ايها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا امنا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم... الآية المائدة 5، وقال فيهم"وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن اهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم"التوبة 101 .
والرأي فيهم يجب ألا نفتن بالصالحين منهم فنقبلهم جميعا ونقول بعصمتهم جميعا على خلاف الظاهر من القرآن ، كما يجب ألا نفتن بالمنافقين منهم فنرفضهم جميعا على خلاف الظاهر من آيات القرآن أيضا ، ويكفينا فيهم قوله سبحانه وتعالى"تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسالون عما كانوا يعملون" البقرة 134 ، 141
ثم أن التاريخ الإسلامي في مجمله مزور وليس صحيحا ولكي نستخلص منه حدث ونوثقه فإن ذل عملية شاقة جدا تصل في بعض الأحيان إلي معنى المستحيل نفسه ، خاصة وأن من كتبوه في معظمهم مغرضين ، وكما أن الأحاديث كتبت بعد حوالي قرنين من الزمان ، فإن أحداث السيرة وتاريخ الخلفاء كتب أيضا بعد نفس المدة ، فكل هذا الانقطاع بين الحدث وتدوينه يلقي الشك الكبير في صحته ولنفس الأسباب التي رفضنا بها الحديث نرفض أيضا التأريخ لتلك الحقبة
هذا والله تعالى أعلم
وفي النهاية لا أدعي أني أملك الحقيقة وحدي ولكنني أردت أن أذكر أوجه الاختلاف بيني وبين أستاذي ومعلمي ولعله على صواب ولعلي على خطأ ، ولكن هذا نتاج تدبره في كتاب الله وتدبري ، وهذه القائمة ليست نهائية لعلها تقل في بعض الأحيان إذا فتح الله علي من كنوز علمه التي أفاء بها على معلمي الدكتور أحمد فأدرك ما أدركه هو وقصر فهمي عن تقبله ، أو يوفق الله سبحانه وتعالى معلمي الدكتور أحمد لإعادة البحث والتدبر على قاعدة العلم الذي منحه إياه فيقبل رأيي مدللا عليه بأعظم ما أستدليت به أنا عليه ، كما قد تزيد هذه القائمة لجهلي وقصور منطقي على إدراك نتائج بحوث معلمي ، أو لما قد يكون من تدبر للدكتور أحمد أوسع من معطيات إدراكي.
وأخيرا ليسمح لي إستاذي ومعلمي الدكتور أحمد أن أتطرق لتحليل افكاره وفقا لما أدركته خلال مدة معرفتي به ، وأستسمحه أن يغفر لي إذا كان تحليلي خطأ ، فأفكار الدكتور أحمد يجتمع فيها النقيضين ، أفكار العالم الرباني القرآني الدكتور أحمد ، وأفكار الشيخ الأزهري الدكتور أحمد
العالم الرباني الدكتور أحمد صبحي منصور أفكاره على قاعدة من قبول النقد والاعتراف بالخطأ وتصحيح الآراء والتعلم من الغير ، أفكار الشيخ الأزهري أحمد منصور ما زلت بها من متعلقات الأزهر بعض الغرور والكبر ، وكلاهما يتصارعان ولا يتوقفان تنتصر أفكار الشيخ الأزهري حينا ، وتنتصر أفكار العالم الرباني أحيانا كثيرة ، ويمكن وصفه بقوله تعالى (قد أفلح من زكاها) ، ولا نزكيه على رب العالمين
شريف هادي

اجمالي القراءات 16856