تيتانك

ابراهيم عيسى في الثلاثاء ٠٥ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الحكومة المصرية تتحدث عن نفسها علي طريقة هذا المراكبي الذي قابلناه في مرسي مطروح حيث اندفع نحونا عدد من المراكبية يدعونا كل واحد منهم إلي الركوب في فلوكته، مراكبي شاب كان فخورًا جدًا وهو يصر علي جرنا جرًا إلي فلوكته وأخذ يشير لها ليقنعنا بالركوب، كانت الفلوكة أتفه من أن تعيرها اهتمامًا وأكبر ما فيها هو الخط العريض المكتوب به اسم الفلوكة، تيتانك، نعم هذا هو اسمها، وتتعجب كيف امتلك هذا المراكبي جرأة أن يتلزق في تيتانك ويقارن مركبته الغلبانة بهذه السفينة الهائلة ولكنه أيضًا مراكبي طيب غير مدرك أن تيتانك علي فخامتها وروعتها وقوتها غرقت في أول رحلة بحرية لها، لكن الحكم والحكومة ومسئولي مصر المباركيين يفكرون بنفس الطريقة، ليس مهما الحقيقة علي الإطلاق، ليس مهما ما نراه، ليس مهما ما نعرفه، المهم ما نقوله عن أنفسنا أو ما نوهم أنفسنا به، الشعب مغموس في تزوير الانتخابات وتزييف إرادة الناس ومع ذلك الدولة تحلف بالطلاق أنها انتخابات نزيهة، ليس مهمًا أبدًا الحقيقة فهي تكذب وتكرر الكذبة ولا يشغلها أن الواقع عكس ما تقوله كلية، مصر الرسمية بلا دور ولا فاعلية ومرمية تحت سلم الدول المتقدمة وهي تقول كل يوم إنها رائدة وزعيمة وحكيمة، يثرثر منافقو النظام عن ديمقراطية الرئيس وأزهي عصور الديمقراطية بينما لا يوجد أي باحث أو مراقب أو خبير أو سياسي محترم هنا أو في أوروبا أو أمريكا يقول أو يري أو يتصور أن مصر دولة ديمقراطية أو أن فيها نظامًا أو حكومة ديمقراطية، بل إن المنظمات الدولية تنتع كل سنة والتانية تقارير تفضح وتكشف عوار الديمقراطية في مصر وقد اختارت إحدي منظمات حقوق الإنسان النظام المصري واحدًا من أسوأ عشرة أنظمة تحارب حرية الصحافة والتعبير في العالم وذلك علي مدي أعوام متتالية والأمثلة كالهم علي القلب لا يوجد أكثر (وأدق منها)، بل حتي الإدارة الأمريكية التي يتمسح بها مسئولونا ويتلمسون طراطيف رجليها ورضاها تعاير مصر في الرايحة والجاية بطغيان نظامها وتزوير انتخاباتها وقوانين طوارئها ومحاكمها العسكرية وخنقها لحرية الإعلام والصحافة، ورغم أن حضرات المسئولين المصريين يهجصوا ويقولوا إن هذه الاتهامات مؤامرة كبري ضد مصر، فالرد الوحيد عليهم هو والنبي تتلهوا، فليس هناك من يخدم مصالح الغرب وأمريكا تحديدا أكثر من فعالكم ورجالكم، فلماذا يخترعون ضدكم تهما ويصنعون لكم مؤامرات إذا كنتم أمناء شرطة أمريكا وإسرائيل في المنطقة!!

طبعًا سيقولون إنك تنظر للنصف الفارغ في الكوب وكن مثل زملائك الموضوعيين وانظر للنصف الملآن من الكوب، أولا ليس هناك نصف مملوء، قد يكون ربعًا أو ثلثًا أو فتافيتًا، لكن أن يكون سوء ما في مصر وسلبية ما بها نصفا فقط، فهذا مستحيل وكأنكم لا تعيشون معنا وتتعايشون مع هذه الأوضاع الاقتصادية والسياسية البائسة والمخجلة (كون أنه لا أحد يخجل فهذه ليست مشكلة يعني اللي خجلوا عملوا إيه!!)، إذن لا نصف ملآن ثم إن ما في الكوب ماء ملوث يكشفه أي فلتر. إن بعضنا المهموم ببلده يبدو هذه الأيام أشبه بسيدنا نوح عليه السلام حين كان يعلم أن الطوفان قادم فظل يبني السفينة، بينما الناس كلها تسخر منه وتتريق عليه فهو يبني سفينة في صحراء حيث لا ماء ولا نهر ولا خطر ولا عوم ولا غرق لكن نوح كان يعلم أن الطوفان قادم لا محالة وكان يشفق علي شعبه وناسه، سفينة نوح هي الديمقراطية الحقيقية التي ستنقذنا لكن ماذا تفعل فيمن يرفض سفينة نوح ويفضل تيتانيك مرسي مطروح؟

اجمالي القراءات 10724