لم يكن الرسول عليه السلام ساعي بريد

رضا عبد الرحمن على في الخميس ٢٤ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


لم يكن الرسول عليه السلام ساعي بريد

أولا: يجب ذكر السبب الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال:

1ـ قرأت مقالا للأستاذ/ محمد حسين ـ بعنوان (أصل وثلاثة صور) على موقع أهل القرآن وهو مقال معقول ، ولكن اللامعقول فيه كتب في إحدى فقرات المقال يشبه الرسول عليه الصلاة والسلام بساعي البريد.

وأنا ككاتب في موقع أهل القرآن تعلمت في هذا الموقع كيف أدافع عن كتاب الله جل وعلا ، وكيف أقدر رسول الله عليه الصلاة والسلام وأعطيه حقه الذي يستحقه ، لأن الرسول له دور عظيم في تبليغ وتعليم الرسالة للمسلمين ، لا يمكن تجاهل هذا الدور وهذا الجهد لدرجة تصل لتشبيهه عليه السلام بساعي البريد.

2ـ السبب الثاني ما قرأته للدكتور / حسن أحمد عمر ـ في تعليقه على هذه الجزئية التي قام فيها الكاتب بتشبيه الرسول بساعي البريد.

وهذا المقال ليس حجرا على فكر ورأي الكاتب ، ولكن وضعا للأمور في نصابها وإعطاء كل ذي حق حقه ، وخاصة إذا كان صاحب الحق هنا هو رسول الله وصاحب الرسالة الخاتمة.

ــ ونأتي للجزئية التي قام فيها الكاتب / محمد حسين / بتشبيه الرسول بساعي البريد حيث قال((امام عينى صورة لساعى بريد ارسله رجل ما بخطاب لمرسول اليه. ويبدو ان المرسول اليه كان ينتظر الخطاب بشغف حتى ولو لم يكن يعلم انه بالرسالة المنتظرة شغوف. ومن شدة الولع بالراسل والرسالة اعتقد المرسول اليه ان الساعى هو صاحب الفضل. وبلا ارادة ، حمل المرسول اليه الخطاب دون ان يفتحه ويقرأ محتواه ، وبات يحملق ويتأمل فى الساعى فأحبه حبا شديدا حتى بات يسأل عنه كل من يقابله ، اين يقيم؟ ما اسم ابويه؟ هل له ابناء؟ كم هم؟ من هى زوجته؟ ان شكله جميلا. وبات يسمع المرـ وللإنصاف يجب أن نذكر أن الكاتب تعرض لهذا التشبيه دون قصد ، و دون أية نية مسبقة لتشويه صورة الرسول عليه والسلام ، ولكنه كتب هذا دون قصد ، ودليل ذلك ما كتبه في تعليقه الأخير ردا على ما كتبناه أنا والدكتور حسن عمر على هذا التشبيه حيث قال يوضح نيته ووجه نظره ((اعتذر عن اى سوء تفاهم او سهو بدر بطريقة ما فى المقال ، وما قصدته بالصورة هي افعال وردود افعال وليست شخصيات رسل بعينها. فكل الرسل والانبياء لهم الاحترام والايمان بهم كما امرنا الله عز وجل. ، وفى النهاية ادعو المولى عز وجل بالمغفرة لى ولكل من ينسى او يخطئ دون علم "ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا")) انتهى.



الرد على ما قاله الكاتب:

أولا : سوف أذكر ما قاله أخي الدكتور / حسن أحمد عمر / في تعليقه على هذه الجزئية ، مع ذكر آيات من القرآن الكريم تتناسب مع كل جزئية في رد الدكتور حسن.

1ـ (ساعي البريد يحضر رسالة من إنسان لإنسان ولكن الرسول ص أحضر رسالة من الله العلى العظيم إلى كل البشرية في مشارق الأرض ومغاربها وحتى يوم القيامة).

ولكي نثبت هذا من خلال القرآن الكريم يقول جل وعلا(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ( سبأ:28، وهذه الآية توضح أن الرسول مرسل بأمر من الله جل في قوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ) للناس كافة إلى يوم القيامة ، وهنا لا يمكن أن نشبه الرسول بساعي البريد.

2 ـ ساعي البريد ليس مطلوباً منه قراءة الرسالة التي يحضرها ولا تفسير ما جاء بها لأصحابها وليس مطلوباً منه أن يتأسى بالتعليمات والتشريعات التي وردت في الرسالة التي يحملها ، أما رسول الله ص فمطلوب منه قراءة هذه الرسالة لتصبح طريقته في القراءة خبراً متواتراً تتناقله الأجيال عبر الزمان جيلاً بعد جيل وإلى يوم القيامة ، ومطلوب من رسول الله ص كتابة هذه الرسالة على ورق بنفس الطريقة التي علمها له جبريل عليه السلام لتصبح طريقة كتابة الرسول ص للقرآن خبراً متواتراً تتناقله الأجيال فصاً ونصاً إلى يوم القيامة .

والقرآن الكريم يوضح هذه الفقرة في العديد من الآيات يقول جل وعلا يوضح طريقة قراءة الرسول ص للقرآن (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا(المزمل:4 ، وقوله جل و علا عن اتباع الرسول للرسالة (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ(الأنعام:106 ، وفي قوله جل وعلا يوضح اتباع الرسول للقرآن أيضا ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)القيامة:18 ، وهنا توضيح أن الرسول تعلم الكتابة والتلاوة بعد نزول الوحي عليه بواسطة جبريل الذي علمه بأمر من الله جل وعلا (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(العنكبوت:48

3ـ ساعي البريد لم ينزل عليه ملك عظيم من السماء ليعلمه كيف يقرأ هذه الرسالة الربانية العظيمة على الناس وكيف يكتبها لهم ، وكيف يعلمهم صلاتهم وصيامهم وعباداتهم ومناسكهم ، ولكن ساعي البريد يعطى أصحاب الرسالة رسالتهم ثم يولى مدبراً ولا يعقب ، فالأمر جد عظيم وإن عقد تلك المقارنة تعتبر من وجهة نظري ذنباً خطيراً وجناية كبرى في حق الله ورسوله وكتابه العظيم .يقول تعالى عن نزول القرآن بواسطة جبريل عليه السلام (نَـزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ )الشعراء:193 ، (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُـزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(النحل:44 ، ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ )البقرة:151



4 ـ ساعي البريد وظيفة يمكن لكل من هب ودب القيام بها ، ولكن الرسالة الربانية تنزل على رسل مصطفين أخيار يختارهم الله تعالى بعناية ربانية لا تعيها عقولنا القاصرة يتمتعون بصفات لا قبل لنا بفهمها من الصبر والجلد وقوة الشخصية وكمالها وقوة الرجولة والشهامة والكرم والحلم والحكمة والشجاعة ....الخ ، فهل يتمتع ساعي البريد بشيء من هذا ؟؟ يقول تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)الفتح:29 ، (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(هو:115 ، )وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم:4

5ـ ساعى البريد لن يكون قدوة يحتذى بها لمن يوصل لهم رسالته ، ولكن الرسول ص هو القدوة الحسنة لكل من يدخل هذا الدين ويتبع تلك الرسالة الربانية الخالدة ، فنحن نصلى ونصوم ونحج ونعبد ربنا بنفس الطرق والوسائل التي قام بها رسول الله عليه الصلاة والسلام لأن الله تعالى اصطفاه وجعله قدوة حسنة لكل المؤمنين إلى يوم القيامة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)الأحزاب:21

6ـ ساعي البريد لا يخوض عشرات المعارك ضد الكافرين والظالمين بأمر ربه لنصرة الرسالة التي جاء بها ، ولكن الرسول ص خاض عشرات المعارك ليس بادئاً بعدوان ، ولكن مدافعاً عن رسالة الله إليه ضد كل معتد أثيم وضد كل مجرم يقهر الآخرين على اتباع دين الآباء والأجداد ويعذبهم من أجل ذلك ويعتدى عليهم وينهب بيوتهم وأموالهم ، فحارب الرسول ص نصرة لرسالة ربه ودفاعاً عنها وعن المظلومين والمقهورين فهل يفعل ذلك ساعي البريد ؟ عن الجهاد بالقرآن أولا يقول تعالى (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)الفرقان:52 ، يقول تعالى عن جهاد الكفار والمنافقين ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )التوبة:73 ،



7ـ رسول الله ص ظل 23 سنة يقرأ رسالة الله على الناس بنفس الطريقة التي يريدها الله تعالى ويكتبها للناس بنفس الطريقة والترتيب الرباني ، ومن يعظم عليه معنى يقوم لرسول ص بتوضيحه وتفهيمه له حتى ترك أمة المسلين على خير عظيم ، فهل يفعل ذلك ساعي البريد ؟ وهل يمكث ساعي البريد أمام منزل المنتفع 23 سنة يكرر عليه قراءة الرسالة ويشرح له ما يعجز عن فهمه ؟ .

يقول تعالى(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )البقرة:189 ، يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ )البقرة:217 ،( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ(البقرة:219 ، والآيات كثيرة توضح إجابات الرسول من خلال الرسالة على أسئلة واستفسارات المسلمين.

8ـ هل تحتوى الرسالة التي يحملها ساعي البريد على سورة كاملة باسم هذا الساعي تشرح عن أخلاقه العظيمة وأنه رحمة للعالمين وقدوة للمسلمين إلى يوم القيامة ، هل يمكن لرسالة يحملها ساعي بريد أن تحتوى هذا الكم الهائل من الوصف الجميل لصفاته الحميدة وخصاله الكريمة ؟.

و بالطبع سورة محمد ضمن سور القرآن الكريم وبها العديد من الآيات التي تتحدث عنه عليه السلام وتفرق وتوضح جزاء من اتبع وآمن بالرسالة التي نزلت على محمد (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُـزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ 9ـ هل يحمل ساعي البريد رسالة تعتبر مهيمنة على كل الرسائل السابقة لها أي أنه لا رسائل سترسل بعدها أبداً ؟ أم أن ساعي البريد سيظل يوصل رسائل إلى أن يخرج على المعاش ثم يأتي بعده ساع آخر يواصل توصيل الرسائل ، فهل عقد مقارنة بين رسول الله ص وبين موظف بمصلحة البريد فيه إنصاف ؟ وهل عقد رسالة بين القرآن العظيم كرسالة ربانية معجزة وخاتمة لكل الرسالات السماوية وبين خطاب يحمله ساعي البريد من شخص لشخص آخر هي مقارنة منصفة ؟؟يقول تعالى(وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة:48

، وقوله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَـزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا(النساء:47 ) وانتهى تعليق الأخ الدكتور / حسن أحمد عمر.



ــ ونأتي للجزء الأخير الذي كتبته كتكملة أيضا لما سبق على هذه المقارنة أو التشبيه الذي أراهما غير منصفين لله جل وعلا وللرسول عليه السلام.

ـ ساعي البريد يتقاضى أجرا من البشر أو من الوزارة التي يعمل بها في مقابل عمل يقوم به ، ومن الممكن أن يطلب إكراميات ممن يوصل إليهم رسالات كسيجارة أو كوب من الشاي أو غدوة حلوة أو حتة بخمسة مثلا ، لكن الرسول كان عليه الصلاة والسلام يبلغ ما أنزل إليه من ربه ولا يطلب أجرا من أحد ، ولكن أجره عند الله جل وعلا لأنه وحده يعلم ما تحـمَّـله عليه الصلاة والسلام من مشاق ومصاعب في تبليغ هذه الرسالة ، يقول جل وعلا (يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ )هود:51 ، وقوله تعالى(قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )سبأ:47

ـ ساعي البريد يتم تعيينه بواسطة مسوغات تعيين تقبل التزوير والواسطة والكذب ، لكن رسول الله جل وعلا يتم اختياره من المولى عز وجل ،و الأكثر من هذا أن خاتم النبيين عليهم جميعا السلام تم الإخبار عن إرساله في رسالة عيسى عليه السلام ، وهي الرسالة قبل الأخيرة لرسالات الله للبشر، وهناك فارق رهيب بين هذا وذاك يقول تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ )الصف:6 ، ويقول جل شأنه (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا ) المزمل :5

ـ الرسول يكون شاهدا على قومه يقول تعالى(إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا)المزمل:15

ـ ساعي البريد من الممكن أن يتتكرر في نفس البلدة ويحمل رسائل مختلفة المضمون بمعنى أن مصر مثلا فيها لا يقل عن عشرة آلاف ساعي بريد ، ولكن كل واحد منهم يحمل رسالة تختلف في مضمونها عن الأخرى ويختلف الشخص الذي أرسل كل رسالة عن الأخر ، لكن الرسل والأنبياء جميعا حتى لو اجتمع أكثر من رسول في وقت وعصر وبلد واحد فرسالاتهم واحده في مضمونها ومعناها ومرسل الرسالات كلها واحد هو الله جل وعلا ، يقول جل وعلا(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا )الإسراء:77 ، يقول تعالى(مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ )فصلت:43

ـ ساعي البريد من الممكن أن يطلب تغيير الحي الذي يقم بتوزيع الرسالات فيه ، وبالتالي يكون قد غير الرسالات التي سيقوم بتوزيعها ، ولكن الرسول يقوم بتنفيذ أوامر الله جل وعلا ، وكذلك يقوم بتبليغ ما أمره الله وما أوحي إليه ربه عن طريق ملك الوحي جبريل عليه السلام.

)وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )يونس:15

ـ ساعي البريد يحمل عدة رسالات في آن واحد تختلف في مضمونها ومعناها ، ولكن الرسول عليه السلام يحمل رسالة واحدة في معناها ومضمونها كما أرسل الذين من قبله.

ــ زوجات ساعي البريد من الممكن أن يراهم الناس بدون أي مشكلة ، بعد وفاته من حق زوجاته أن تتزوجن من عامة الناس، لكن زوجات الرسول عليه السلام لا يجوز لأحد أن يراهن إلا من وراء حجاب ، وبعد وفاته عليه السلام لا يجوز لهن أن يتزوجن من عامة المسلمين ، يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا )الأحزاب:53

ـ ساعي البريد يمكن أن يرفع أي إنسان صوته فوق صوته ، ومن الممكن أن يناديه أي شخص باسمه بدون أي ألقاب وبلا أدنى مشكلة ، لكن عندما حدث ذلك مع رسول الله عليه السلام نزلت آيات قرآنية تعلم المسلمين كيفية التحدث مع الرسول ، وكيفية نداءه أو دعاءه عليه السلام يقول تعالى يعلم المسلمين كيف يتحدثون مع الرسول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ(الحجرات:2 ، وهذا فيما يخص خفض الصوت عند الحديث مع رسول الله ، أما عن آداب نداء الرسول يقول تعالى( لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(النور:63 ، وهنا يتضح أن هناك فروق كثيرة جدا لا يمكن إغفالها حتى في أبسط الأشياء ، ولولا أهمية هذه الأمور رغم بساطتها ما نزلت فيها آيات قرآنية مما يجعل هذه المقارنة ظلم بين لله جل وعلا وللرسول عليه السلام.

وفي النهاية أقول:

إن هذا التشبيه خطأ كبير كما قال أخي الدكتور حسن أحمد عمر ، وما كتبه وكتبته أقل رد يثبت حبنا لله جل وعلا ولرسوله الذي اصطفاه واختاره بقدرته جل وعلا لتحمل الرسالة الخاتمة للناس كافة إلى يوم يبعثون ، وكما قلت من قبل كان من واجبي كتابة هذا المقال ، وهو ليس إدانة للكاتب محمد حسين ، ولكن لإيضاح منزلة الرسول عندنا وحبنا له وتقديرنا له على عكس ما يفترى علينا حماة التراث ، وحتى لا يؤخذ على موقع أهل القرآن أنه يسمح لأي إنسان مهما كان أن يسيء لله جل وعلا أو للقرآن أو الرسول ، حتى لو كانت هذه الإساءة على سبيل السهو ، فيجب على من وقعت منه تلك الإساءة أن يبادر بالاعتذار وتوضيح نواياه ، وليكن واضحا أمام الجميع أن هناك عيون ساهرة على هذا الموقع شغلها الشاغل الحفاظ على القرآن الكريم ، وهذا أكبر دليل يثبت حبنا للرسول عليه السلام أننا نتبع رسالته ونتخذه قدوة حسنة لنا في كل شيء ، وهذا ما كان يتمناه في حياته عليه السلام.

والله جل وعلا هو المستعان

رضا عبد الرحمن على

 

اجمالي القراءات 18242