الحاكم والرعيه
نبي الله داود في خلافة بني اسرائيل

طلعت خيري المنياوي في الخميس ٢٦ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


نبي الله داود في خلافة بني اسرائيل

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ{17} إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ{18} وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ{19} وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ{20} وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ{21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ{22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25} يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ{26 وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ{27} أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ{28

اراد الله سبحانه ان يضرب مثلا للنبي محمد اولا ولنا ثانيا ليضع النبي نفسه على اوجه المقارنه مع ماحصل للانبياء من قبله وخاصة بعد ما تعرضة الدعوه للجهاض من قبل قريش ولقد وصفت قريش النبي بالكذاب وبالساحر والكاهن وان قولهم في القران هو من اساطير التاريخ طلب الله سبحانه من النبي ان يصبر على قريش
وما تقوله ازاء دعوة الحق بهذا الوصف المدحض ومن الرئيه الضيقه للكفار وعدم ايمانهم بالله وظنهم بان دعوة الانبياء لن تنتصر اصبر يا محمد كما صبر داود على عمله الشاق بيديه الذي يحتاج جهدا عضليا وعملا شاقا من اجل العيش وكان داود نبي وداعيا في بني اسرائيل يعمل في مطاوعة الحديد للغراض المنزليه والعسكريه رغم هذا العمل الشاق على نفسه كان اوبا الى الله ولن تثنيه مشقة العمل من ترك دعوة الحق او التشائم منها قال الله
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ{10} أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{11} وبعد ان صبر داود ابتغاء وجه الله ظهرت بوادر النبوة على داود حيث ظهرت له الايات التي استدل بها على نبوته حيث قال الله
إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ{18} وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ{19} وهذه الايات لها خصوصيه للانبياء فقط ولا علاقه لبني البشر فيها لأن هذه الايات هي تثبت الانبياء على الدعوه واثبات على نبوتهم اراد الله ان يجزي داود على ماصبر في نفسه ابتغاء وجه لله وبعد ان سخر الجبال والطير اراد الله ان يشد ملكه بكل ماخلق الله على الارض اما مع بني البشر فلقد اتاه الله الحكمة هي القول السديد الذي يشد العقل الى العقلانيه والواقعيه والمنطقيه
وبسب هذه الحكمه اصبح داود ذو راي سديد وقول دامغ وبسبب هذه الحكمه البالغه اصبح حاكما في بني اسرائيل وان حكمته ترغم المتخاصمين الى القبول بالحكم الذي يحكم به داود
وبسبب هذا الفصل والحكمته اتبعه كل من عاش على الارض في تلك الفتره الزمنيه وفرض ملكه على كل الخلائق وهذا ما قاله اللهوَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ{20}
بعد ان جعل الله لداود كل هذا الملك الكبير بفضل من الله اراد ان يضم شيا تافها الى ملكه الكبير لاكن بطريقه غير معقولة اي اراد ان يستغل حكمته في ضم ذالك الشي الذي اراده وجعل حكمته تعمل بازدواجيه عندما فصل بازدواجيه في قضيه المفروض ان يعطها داود الوجه الحقي لها بدون النظر اليها من جانبه فقط وجعل لها حقا في ملكه واخذها امرا شرعيا ولقد استخدم حكمته هذه المره ليس في مكانها الشرعي عندما اراد ان يخذ حق انسان ماله به من حق

هل اتاك يامحمد خبر الذين تسللوا الى محراب داود بطريقة غير نظاميه عندما دخلو عليه بصفة خصمين هم من الملائكه والذي يؤك ذلك هو حالة الخوف الذي تعرض له داود اثناء رئية الخصمان وطمئن الخصمان داود بانهما جاؤا ليحتكموا لاكن هيئة الخصمان لاتؤكد انهما خصيمين انما جاؤو لتبيه داود على تصرف غير مقبول عندما اخذ حق شخص ما باسم الدين وبحكم ملكه في بني اسرائيل وبحكم خلافته على الارض تحدث الخصمان وطلبوا من داود ان لاينحرف عن قول الحق لان داود شك من دخول الخصمان والمثل الذي ضرب عن النعاج انه هو المقصود ولا تشطط اي لاتنحرف بالقول او بالحكم
وهدنا الى طريق الحق اصبح الان لامجال الا بقول الحق قال اللهوَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ{21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ{22} بدات القصه وبدا احد الخصوم وهو الخصم الذي وقع عليه الظلم بطرح مشكلته امام داود حيث قال ان اخي له تسعه وتسعين نعجه ويدل هذا على الملك الكبير ولي نعجة واحده تدل على الملك القليل فقال صاحب الملك الكبير اكفلنيها اي بمعنى اعطينها والدليل على ذالك قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ بسؤل نعجتك اي بطلب نعجتك وضمها الى نعاجه
وعزني في الخطاب اي غلبني بالقول لشدة حكمته وبلاغته وبحكم رئاسته والخلافه قال الله
إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23}

قال داود لقد وقع عليك الظلم عندما ظم نعجتك الى نعاجه وان كثير من الخلطاء اي خلاطاء البشر الذين اختلطوا مع بعضهم وخلطتهم القرابة او الصداقة او الدين والجيرة واصبحوا خليطا من الناس يجمعهم الهدف الذي خلطهم ليبغي ليعتدي بعضهم على بعض لياكل بعضهم حق بعض
باسم القرابه او الدين او الصداقه وغيرهم من المتخالطين الذين عرف بعضهم بعض عن طريق الاختلاط الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم اي بمعنى وجودهم قليل جدا حتى في الذين امنوا وعملوا الصالحات ان كلمة ماهم موجود في لغة العرب عند اهل العراق وخاصه اهل الجنوب عندما تريد ان تسئل عن شخص ما وهو غير موجود يقال للسائل
ما هو اي غير موجود وماهم اي قليل وجودهم مجرد ان ظن داود انه هو المقصود من هذه القصه من فوره استغفر ربه وخر راكعا واناب
اي انه لم يكابر على خطائه ولم يجادل على تصرفه مجرد ظن انه هو المقصود خر راكعا واناب قال الله
إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25
بمعنى يادواد انا انعمناا عليك بملك كبير وكثيروجعلناك خليفتا في الارض فحكم بين الناس في هذا الملك بالحق ولا تتبع ماتشتهي نفسك وتطمع بحق غيرك القليل ولتضمه الى ملك الكبير ان اتباعك للهوى وما تشتهي نفسك سوف يضلك عن الحق لانك سوف تستخدم فتوى واكاذيب تنسبها الى الدين لاتاكل حق غيرك فتضل عن طريق الحق ان الذين يضلون عن طريق هم اناس لايرجون لقاء الله وانهم اناس نسوا يوالحساب قال الله يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ{26
ماذا نستفاد من هذه القصه

المستفاد من هذه القصه يامحمد عليك بالصبر وان داود لم يصل الى الخلافة الا بالصبر والطاعه ولا تجعل يامحمد طموحك كبير بينما انت في ضرف لاتتجاوز تبليغ الرساله وان الله الذي اوصل داود الى هذه المكانه العليا قادر ان يوصلك اليها وسف تصل وهذا مثل لك وان مشقة النفس على الدين هو ابتلاء وطيب العيش هو ابتلاء المراد هنا مهما طرأة تغيرات على الانسان في حياته المهم ان تبقى التقوى وطاعة الله فوق كل شي
تحرم هذه الايات كل اموال الناس حيائا باسم الدين واسم الصداقه والقرابة وما اختلط الناس بينهم بالعمل او الوضيفه
وكذلك تحرم هذه الايات اكل اموال الناس بالقوه مثل فرض الضرائب والتسلط الحكومي والقانوني
تؤكد هذه الايات على دور الدين في وضع قيم التوازن الانساني بين الحاكم والرعيه
كذلك تحرم هذه الايات اكا اموال الناس بلتضليل الدين عن طريق الفتوى الفاسده او التشريع المزيف القائم على التضليل
توكد هذه الايات على النفس الزكيه لدواد مجرد شك قبل ثبوت الحقيقه
في قصة الخصم خرلله اجلالا وتعظيما وطاعتا لله

ولقد فبركه هذا الخطاء البسيط الى قصص ورويات الفها المجرمون على داود بطريقه بشعه لتكون قاعدة للعتداء على المحرمات بالقول الفاحش والبذئ ولقد تجاوز الله عن هذا الخط البسيط الذي هو عبرة لنا بعد ان تجاهله هذا المثل العظيم كثير الناس ضلما وعدونا
قال الله عن داود فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25}

اجمالي القراءات 15329