في الجنة أم في النار

شريف هادي في الإثنين ١٩ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

استغفر الله العظيم أن يكون هذا سؤالي ، فأنا أعلم علم اليقين أن الجنة والنار بيد الله سبحانه وتعالى ، ولكن قصدي من سؤالي هو تعرية أفكار الأديان الأرضية ، الذين وقفوا يوزعون صكوك الغفران على من يؤيدهم وصكوك الجحيم والعذاب المقيم على من يخالفهم ، نقد أولئك الذين يوزعون أحكام القتل على الناس كما توزع الحلوى على الأطفال في العيد.
من رأي هؤلاء أن غير المسلم في النار دون أي اعتبار لقوله تعالى"من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى وlig;ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء15 ، ويظنون أن كل من سمع ببعثة الرسول قد بلغته الحجة ، ولا عذر للجهل باللغة أو لعدم معرفة قواعد الديانة التي جاء بها الرسول ، كما انه لا يوجد الآن بين المسلمين من يصلح لإقامة الحجة على غير المسلم ، وحال المسلمين جميعا في إنهيار شديد.
الموضوع يتعلق بزلزال الصين ، وسأحكي لكم عدة مواقف كلها ابكتني ، وجعلتني أوجه سؤالي لأصحاب الأديان الأرضية ، هؤلاء العظماء الذين أصابهم أمر الله في الجنة أم في النار؟
الموقف الأول:
بعد عدة ساعات من حدوث الزلزال إستطاع رجال الإنقاذ من إنقاذ طفلة صغيرة عمرها إحدى عشر شهرا وجدوها على قارعة طريق وملفوفة بأقمشة كثيرة وملابس لا تكاد تظهر من بين كل هذه الإقمشة ، وكانت الطفلة حية وفي صحة جيدة ، ولكنها كانت وحيدة في هذا الشارع ولم يكن معها أحد ، وكان ذلك مثار إستغرابهم ، وفي اليوم التالي من عمليات الإنقاذ وتحت أنقاض منزل منهار قريب من هذا الشارع تم العثور الأب والأم أحياء ، فلما تم سؤالهم لماذا البنت كانت وحيدة في الشارع؟ ، قالوا جدتها لإمها عند بدأ الزلزال وشعرت بقسوته ، قامت بوضعها في لفائف قماش وإلقائها من النافذة من الدور الثاني لتهب لها الحياة ، كل ذلك وسط صراخ الأب والأم للجدة بالاحتماء خوفا من انهيار الحوائط عليها والتي انهارت عليها وقتلتها عقب إلقاءها للطفلة مباشرة ، والسؤال لأصحاب الأديان الأرضية: هل هذه الجدة في الجنة أم في النار؟
الموقف الثاني:
مدرس عائد من شهر العسل وفي أول يوم دراسة ولحظة وقوع الزلزال كان معه سبعة أطفال في الفصل الدراسي ، فقام المدرس بسرعة بوضع تختتين ليحتمي تحتهما الأصفال السبعة ولما وجد أن التختتين غير كافيتيين وليس لديه وقت لإحضار المزيد ، إستخدم جسده درعا واقيا للأطفال ، وأحاطهما والتختتين بذراعيه ومات المدرس وتم إنقاذ الأطفال أحياء بعد قطع يد المدرس الشهم ليخرجوا الأطفال من تحت يديه ، هل هذا المدرس في الجنة أم في النار؟
الموقف الثالث:
طفله عمرها خمس سنوات تم تحديد مكانها تحت الانقاض ، وتم حفر ثقب لإخراجها وتم إنزال واحدة من أعضاء فريق الإنقاذ لحمل الطفلة للخارج ، فماذا قالت لها الطفلة عندما شاهدتها؟ قالت لها: أخرجي سريعا يا عمتي فالمكان هنا خطر وأخاف عليكي من الموت مثل والدتي وكان جسد والدتها بجانبها.
وسؤالي لأصحاب العقول المريضة عن والد ووالدة هذه الطفلة ذان السنوات الخمس الذين علموها معنى الإيثار والشهامة والصدق والذي خرج عفويا من فمها لفتاة الإنقاذ تطالبها بالابتعاد ، هل هما في الجنة أم في النار؟
الموقف الرابع:
عثرت فرق الإنقاذ على مجموعة من 36 ستة وثلاثين شخصا تحت الإنقاض في منطقة غير آمنة بالمرة ومازالت توابع الزلزال ، وتم نزول خمسة أشخاص من أفراد فريق الإنقاذ للمجموعة المحتجزة وتم إخراجهم جميعا أحياء وبعد ذلك طلب قائد المجموعة من أفراد المجموعة الخروج الأحدث ثم الأقدم ليكون هو آخر الخارجين ، وبعد خروج أول ثلاثة من أفراد الفريق حدث إنهيار أرضي ، فقام قائد المجموعة بدفع زميله للخروج مما أدى لسقوطه وموته في الحال ، هل في الجنة أم في النار؟
الموقف الخامس:
قام فريق الإنقاذ بإخراج جثة وتعرف عليها أحدهم فالمبت والده ، فإذن له قائد الفريق بساعة واحده لدفن والده والعوده للفريق ، فرفض وقال لقائد الفريق هذه الساعة ليست من حقي أو حق والدي الميت ولكنها من حق أحياء لم نعثر عليهم بعد ، فهل هذا الشهم ووالده في الجنة أم في النار؟
الموقف السادس:
إستخراج جثة فتاة من تحت الأنقاض ، وجدوا بحقيبتها مبلغ 27 ألف يوان صيني ، وورقة مكتوب عليها بخط يد الفناة الميته أنها تشعر أنها لن تخرج حية لذلك قررت التبرع بالمبلغ الذي في حقيبتها للضحاي الأحياء الذين كانوا أسعد حظ منها ، وانها ستكون في غاية الرضا أنها استطاعت أن تساعد بنقودها القليلة محتاج أو مريض أو جائع ، فهل هذه الفتاة في الجنة أم في النار؟
المواقف كثيرة والحكايات بالمئات ، كلها تنم عن عظمة شعب ، يتكون من 56 قومية ولكنهم في الحقيقة على قلب رجل واحد ، ويظهر ذلك في الأزمات ، ومن أطرفها الفتاة التي خرجت حية وقالت لهم عطشانه ، فأخرج أحد رجال الإنقاذ زجاجة مياة معدنية وسقاها كمية تساوي حجم غطاء الزجاجة فقط ، فتصرفت بعفوية شديدة وأخرجت من جيبها يوان وقالت له ممكن أشتري الزجاجة؟
منذ اليوم الثالث بعد الزلزال وبنوك الدم في كل أنحاء الصين نسبة وجود الدم بها 100% فلا يوجد أي أكياس فارغة ، فجميع الأكياس تم تعبأتها بالدم من جميع الفصائل ، ومازال طابور المتبرعين بالملايين في إنتظار الفرصة للتبرع.
ما أردت أن أقوله أن الجنة والنار بيد الرحمن خالق الجنة والنار ، ولكن كان قصدي أن أناقش الإحساس بالتميز لدى البعض يقابله أحساس غريب بدونية بعض الشعوب ، فأردت أن أقول إن الشعب الصيني في أزمته ظهر معدنه من فولاذ لا يلين وذهب لا يصدأ ، وأدعوا الجميع للتعلم منه والتفاعل معاه ، فالمسلم الحق من يتجاوب ويتفاعل مع الانسانية يتعلم الجيد ويرفض الفاسد ، ولكن لا يضع نفسه محل الله تعالى الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، فيحكم على الناس بالكفر أو بالإيمان
وأخيرا أحب أن أعتذر للإستاذ شريف أحمد على تأخري في كتابة مقالتي (أعياد غير المسلمين) نظرا لإنشغالي بهذا الزلزال ، فأنا في هذه الإيام أجمع التبرعات وأشترى ما تعلن عنه الحكومة أنها تحتاجه وأقوم بعمل قوافل مساعدات وإرسالها للمناطق المنكوبة ، لا أترك شيئا يمكنني المساعدة به وأقصر في عمله ، الكل يعرف أنني مصري ومسلم وبعضهم يبدي إندهاشه ولكن والحمد لله جميعا
يبدون إعجابهم ، ويتكلمون عن عظمة مصر التاريخ ، وأرد عليهم في إبتهاج شديد مبينا لهم أخلاق الإسلام الحق
وشكرا للجميع
شريف هادي

اجمالي القراءات 48964