هل نحن جاهزون للقاء الله عز وجل ..؟؟

رمضان عبد الرحمن في الإثنين ١٢ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هل نحن جاهزون للقاء الله عز وجل ..؟؟

 

 

 

أبدأ هذا المقال بهذه الآية القرآنية يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) النحل ، وهنا الخطاب موجه لكل البشر أي بدون استثناء لأحد ، وحيث خلق الناس جميعا لا يعلمون شيئا فيبحث كل إنسان ويحاول أن يتعلم ، فيصبح منهم العالم والجاهل والقارئ ، والذي لا يقرأ بعد أن يمروا بمراحل الطفولة فغالبا ما يسعى البعض ليثبت وجوده وليكون له مكانه بين الناس وأن ينال رضا الجميع حتى لو كان الثمن أن يرى الظلم ولا ينقد الظلم والظالمين أو يكتم الحق وهو يعلم الحق لكي يرضي الناس أو لترضي عنه الناس ، وقد جاء لنا بيان من الله عن هذا الأمر حتى لا نصبح مثل من تحدث عنهم المولى عز وجل في قوله تعالى (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) التوبة  وقوله تعالى في نفس السورة (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) ، فبدلا من أن يسعى الناس لينالوا رضا الله ويشهد لهم كما شهد للذين آمنوا من قبل بأنهم لم يبدلوا الحق ولم ينافقوا من أجل أمور دنيوية زائلة ..

 

 فشهادة الله  خير أم شهادة الناس التي لا تغني ولن تقدم ولن تؤخر في مصير أحد (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)الأحزاب  ، فهؤلاء الذين ذكرهم الله في القرآن الكريم في تلك الآية استحقوا أن يشهد لهم الله بصدقهم وبالرغم من ذلك الأغلبية من الناس تهتم بشهادة فلان أو علان فى الأمور الدينية ، والكثير من الناس تغمره السعادة  والفرح إذا حصل أونجح في موضوع ما دنيوي كمركز أو وظيفة ، وفى النهاية سواء شهدت الناس أن فلان صالح أو طالح هذا يقع تحت تقديرات البشر ولا يؤثر على أي شخص إذا كان ملتزما بأوامر الله عز وجل  ، والأهم أن يشهد رب البشر بأن فلان يستحق ذلك كما شهد الله للسابقين حين ارتفع إيمانهم وقد بين لنا القرآن عن بعض الأشخاص وبعض المواقف ولم يهتم أصحاب تلك المواقف بشهادة الناس ولم يخشوا الناس وهم كما ذكر عنهم كانوا يعيشون مع أقوام جبارين يقول تعالى (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر ، وبالرغم من طغيان وبطش  فرعون الجائر لم يمتنع هذا الشخص من قول الحق مهما كانت العواقب ثم في سورة يس يتكرر نفس الشيء يقول تعالى (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) يس ، وعادة لا يتحدث القرآن عن أشخاص باسماءهم ولكن يتحدث عن أناس صدقوا مع الله وجاء الرضا من الله لبعض المؤمنين في حياة النبي وبدون تحديد أسماء ، والرضا هنا كان له شروط كما وضح لنا  كتاب الله عز وجل يقول تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)  الفتح  ، أما بعد ذلك فلا يعلم أحد عن الذين ذكرهم الله في كتابه بأنهم ماتوا على نفس الدرجة من الإيمان أو أكثر أو اقل ولا يعلم ذلك إلا الله أما نحن في اختبار إلى أن نموت ونلقى الله يوم الدين لنرى هل كنا صادقين مع الله أو غير ذلك و ندعو الله العلى القدير أن يجعلنا من الصادقين كما شهد للسابقين الذين صدقوا الله وتمسكوا بهذا الصدق ..

 

وللعلم بالشيء ـ إن الله عز وجل تحدث عن فئة من الناس يفعلون كل ما أمر الله به أن يفعل تجاه هذه الأوامر فقال تعالى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) التوبة  ، ونلاحظ هنا أن هؤلاء الناس لم يتقاعسوا عن قول الحق ولم يخشوا إلا الله ومع ذلك فقال عنهم المولى عسي أولئك أن يكونوا من المهتدين فما بالنا من يتقاعس اليوم عن قول الحق من أجل متاع دنيوي زائل ثم يوم القيامة يطمع أن يفلت من عقاب الله بحجة أنه كان من المستضعفين في الأرض وهنا يقول المولى عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وهنا توضيح أن العفو سيكون للولدان والنساء لعدم قدرتهم على التصرف مثل الرجال ، واعتقد حين نزلت هذه الآية الكريمة لم هناك مستضعفون عن قول الحق في عصر الرسول وفي اعتقادي أن هذه الآيات تتحدث بصيغة مستقبلية إلى من يأتي بعد عصر الرسول إلى قيام الساعة لسبب بسيط جدا وسوف نوضح ذلك من كتاب الله عز وجل ونعلم عن الأمم التي سبقت عصر خاتم النبيين عليهم جميعا السلام حين كان يرسل الله إلى قوم رسول أو نبي كانوا  ينقسموا إلى قسمين قسم يؤمن مع الرسول أو النبي المرسل وقسم يكفر بالرسول ، فكان القسم الذي يكفر بالرسول يدمره الله عز وجل والبعض من الأمم السابقة كانوا يقتلون النبي ومن آمن معه يقول جل شأنه عن ذلك (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة ، ويقول سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران ، إذن الأمم السابقة كانوا يؤمنون مع الأنبياء وكانوا يدفعون  ثمن إيمانهم الحياة ولم يتقاعسوا عن قول الحق ، وهنا أعتقد أن المتقاعسين عن قول الحق الأغلبية منهم بعد عصر الرسول ولو تخيلنا أن المولى عز وجل وهو قادر على كل شيء سوف يقيم الساعة في عصرنا الراهن فهل نحن جاهزون للقاء الله عز وجل ..؟؟

اجمالي القراءات 12485