عمل العقل من أمر الخالق
سلسلة دراسات قرءآنية

محمد صادق في الجمعة ٠٨ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


                                     سلسلة دراسات قرءآنية

الدرس السادس 

                                  عمل العقل من أمر الخالق

بسم اللــه الرحمــن الرحيم

العقل...
ا- عمل العقل من أمر الخالق، فلا يصح أن يعطل انسان عقله..
" ان شر الدواب عند اللــه الصم البكم الذين لا يعقلون " الأنفال:22
" أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا"

ب- الموانع فى القرORN;رءآن التى تسبب تعطل العقل والزلل فى الفكر:
1- عبادة السلف وتقديس أقوالهم من غير المعرفة والتأمل فيها..
" قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا اللــه ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون اللــه فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون " آل عمران:64

2- الاقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية..
" اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللــه " التوبة: 31

3- الخوف من أصحاب السلطة الدنيوية..
" يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون ياليتنا أطعنا اللــه وأطعنا الرسولا* وقالوا ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا* ربنا ءآتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " الأحزاب:66-68

4- الاعتماد على الظن والخيال مكان العلم واليقين..
" وان تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل اللـــه ان يتبعون الا الظن"
" ولا تقف ما ليس لك به علم " الاسراء:36

5- الهوى والميول النفسية..
اذا أراد الانسان أن يصدر حكمه على شئ فلا بد له من دراسته بشكل محايد تماما، وهذا يعنى بذل الجهد للوصول الى الحقيقة، وإذا لم يستطع الانسان ان يحتفظ بحيادته فى التفكير والدراسة نفيا أو اثباتا وكانت ميوله النفسية متجهة الى وجهة نظر معينة فإن رأيه سوف ينحرف الى جانب تلك الميول شاء أم أبى. ولهذا يعتبر القرءآن هوى النفس مثل الاعتماد على الظن..
" إن يتبعون الا الظن وما تهوى الأنفس " النجم:23
" أرءيت من اتخذ إلــهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا" الفرقان: 43

6- التسرع..
يحتاج كل حكم ورأى الى مقدار معين من الحقائق اليقينية، وإذا لم تجتمع هذه الحقائق فان ابداء وجهة النظر فيه يعد تسرعا موجبا للزل فى التفكير. ويشير القرءآن فى أكثر من مكان الى أصالة رأسمال الانسان من العلم وعدم كفائته لاصدار الحكم فى بعض الأمور ويعد الجزم والقطع بها مخالفا..
" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " الاسراء:85
" ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن يقولوا على اللــه إلا الحق " الأعراف:169
لقد أخذ الميثاق على أن لا ننسب الى اللــه إلا ما توصلنا إليه أنه الحق..
" بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه... " يونس:39

7- الجمود فى التفكير..
عندما ينظر الانسان إلى فكرة أو عقيدة معينة ويجدها مقبولة لدى الأجيال السابقة فهو يتجه بطبيعته دون أن يعطى مجالا لعقله غلى قبول تلك الفكرة أو العقيدة والقرءآن يؤكد على أن عقائد وتفكير الماضى إذا لم تنسجم مع المعيار العقلى فلا تقبلوها..
" وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل اللــه قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون " البقرة:170

8- التعلق بالشخصيات ..
التعلق بالشخصيات التاريخية والأسماءالرنانة سواءا كانت فى الماضى أو فى الحاضر، من الأسباب التى تعطل العقل بما لها من مكانة فى النفوس فتترك اثرا ضخما فى التفكير وإرادة قرارات الآخرين. فيفكر الآخرون كما يفكروا، ويعتقد كما يعتقدوا فيفقدون استقلالهم الفكرى وارادتهم الحرة. وفى بعض الأحيان يزداد هذا التعلق بدرجة أن هؤلاء أصبحوا اعزاء على أنفسهم لدرجة الحب، والتعلق يؤدى الى الدفاع عنهم بدون التحرى والتأنى فى صحة ما يدعون، فقال القرءآن عن هؤلاء يوم القيامة انهم سيقولون " يا ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا " .

9- تقليد الآباء..
إن حب الآباء قد ينسى الأبناء التفكير فى كثير من القضايا فيندفع المرء مقلدا لمن يحب بغير رؤية وقد قال القرءآن فى مثل هذا " انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثارهم مقتدون " الزخرف: 22
ويجب أن لا نغفل هنا عن كلمة آباءنا تعنى الأباء الشرعيين أو الآباء بمعنى من نتخذه من السابقين الذين نميل إليهم بالحب ويكونوا بمثابة الآباء وعلى ذلك نتخذهم قدوة نتيجة هذا الحب فقال اللــه عنهم فى موضع آخر " واذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل اللــه قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ".
ومع دعوة القرءآن الى نبذ التقليد، أمرنا بتوقير الاباء ليفصل بين وجوب احترامهم وجواز تقليدهم. فاحترامهم واجب وتقليدهم غير مطلوب. فهؤلاء
- الآباء – قد عاشوا فى عصر غير العصر، وله مفاهيمه التى قد تختلف فى كثير من الأحيان مع مفاهيم الأبناء على أنه لا مكان للتقليد وخاصة فيما يخالف حكم اللــه.

فعلى متدبر القرءآن – تلميذ القرءآن – ان يستخدم عقله للتمييز بين الخير والشر، والحق والباطل، وألا يكون مفتونا بحب أب أو صاحب دعوة قد يلعب به هواه.
ولو أن القرءآن حسم الأمر فى كل نص من نصوصه لما كان لاجتهاد المجتهدين قيمة تذكر، ولتوقف العقل عن الرؤية والتفكير. فقد دعانا القرءآن الى تدبر ودراسة ءآياته فمن الخطأ الفاحش ان يستنبط الحكم من نص واحد قبل البحث عن نصوص أخرى تزيل تساؤلا.

وفى القرءآن الكريم ألفاظ يعجز العقل عن إدراك المعنى المقصود منها لأن اللــه نسبها لنفسه سبحانه وهو الذى يعلم حقيقة معناها، ولذلك لا يجوز اسراف الحهد والطاقة الذهنية فى هذه الألفاظ ولكن يجب الايمان بها وإثباتها للــه كما نسبها لنفسه على ما يليق به مثل " والسماء بنيناها بأيد " ، " واصطنعتك لنفسى " ،
" ولتصنع على عينى " ، " ويبقى وجه ربك " ، " السماوات مطويات بيمينه "..
وغيرها من مثل هذه الألفاظ...

والمؤلم أن يستمع الناس للاشاعات، أو يسألوا السؤال لأكثر من شخص ويضربون الاجابات ببعضها ويضيعون الوقت ويدخلون فى جدل ومراء، ويعتبروا كل ذلك مصدرا موثوقا به لا يقبل المناقشة.. فكيف يكون حالنا واللــه ينادينا " يا ايها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " الحجرات: 6
وفى موضع آخر.. يضع اللــه لنا القاعدة التى يريدها لنا صاحب الأمر والنهى على لسان من يعطل العقل ولا يستجيب لتعاليم اللــه ويلغى الحكمة فى التدبر والدراسة ..
" لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير " الملك: 10
نحن تلاميذ القرءآن بكل ما تعنيه هذه الكلمة ونقول سمعنا وأطعنا...
وباللــه التوفيق ولنا لقاء مع الدرس السابع إن شاء اللــه تعالى،
إن كان فى العمر بقية..

اجمالي القراءات 13391