مفاتيح فهم القرآن

أحمد خلف في الخميس ٠٧ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مفاتيح فهم القرآن
‎ ‎من البدهي أن مفاتيح فهم القرآن لا‎ ‎يمكن أن نجدها إلا في القرآن.‏‎ ‎‎ ‎ومن البداهة أيضا أن لا‏‎ ‎نجد معاني كلمات القرآن إلا في القرآن‎ ‎وواهم من ‏يظن أنه سيجدها في قواميس اللغة العربية الجامعة لكل ألسنة العرب ‏متناسين‎ ‎سنة الله تعالى: أن تأتي رسالة الله بلسان الرسول الحامل لتك ‏الرسالة، وبالتالي‎ ‎كانت مشيئته سبحانه أن يتنزل القرآن بلهجة وقراءة قوم ‏الرسول الكريم: قريش‎.‎‏ ‏‏( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ...*) 4-14‏‎.‎‏ ‏لذا قال الله تعالى لرسوله في القرآن‎:‎‏ ‏‏( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا*) 97-19. ‏إدراكنا أن القرآن مكتوب اليوم بلسان قوم قريش وحدهم يخلصنا من‎ ‎وهم ‏وجود كلمات مترادفة تحمل نفس المعنى في القرآن مثل كلمتي قاتل وجاهد ‏الآتيتين‎ ‎من مصدري فعلين مختلفين هما‎:‎‏ ‏قتل، و جهد‎.‎‏ ‏بعد هذا علينا استنباط معنى الترتيل من أمر الله تعالى الذي في‏‎ ‎القرآن: ‏‏( ورتل القرآن ترتيلا*) 4- 73‏‎.‎‏ ‏من أجل أن ندرك بعدها أن الترتيل الحالي لسور القرآن وآياته على الترتيب‎ ‎الذي نراه اليوم كانت من الله تعالى بأمر من الملاك الرسول جبريل عليه ‏السلام‎ ‎بدليل قوله سبحانه‎:‎‏ ‏‏( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا*) 32-25‏‎.‎‏ ‏الشكل الذي نجده في المصحف لترتيب السور والآيات هو ترتيل‎ ‎الله، لكن ‏الترتيل المطلوب منا لفهم أيات القرآن هو ترتيب مختلف يحتاج فيه العالم‎ ‎الدارس إلى فهرس كلمات القرآن لوضع كل الآيات المحتوية لنفس الكلمة ‏في رتل واحد‎ ‎تحت بعضها لإدراك معنى الكلمة التي تأتي في أحيان كثيرة ‏بمعان مختلفة مثل كلمة كفر‎ ‎التي تعني غطى أو ستر واسم الفاعل منه هو: ‏كافر ويأتي في القرآن بمعنى الذي يغطي‎ ‎الحقيقة محاولا إنكارها، أو بمعنى ‏الفلاح الذي وظيفته أن يغطي الحب ويستره بالتراب‎ ‎كي ينبت*. ‏‏*أول من نبه من المفكرين المسلمين إلى أهمية مفتاح الترتيل‎ ‎لفهم آيات القرآن كان هو الدكتور محمد شحرور في ‏كتابه قراءة معاصرة للقرآن، طبع‎ ‎دار الأهالي بدمشق. ‏نجد مثلا بالمعنى الأول أي بعكس الإيمان قوله تعالى‎:‎‏ ‏‏( ود كثير من أهل الكتاب لو يردوكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا‎ ‎من عند ‏أنفسهم...*) 109-2‏‎. ‎‏ ‏ونجد بالمعنى الثاني قوله تعالى‎:‎‏ ‏‏( كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا...*) 20-57‏‎.‎‏ ‏هذا وقد ضربت على هذا أمثلة أخرى لكلمات أتت بمعان مختلفة في‏‎ ‎كتبي ‏السابقة لمن أراد التوسع في الإطلاع مثل كلمتي( النساء و نسائهن) التي أتت في سورة النور والأحزاب وآل عمران بمعنى الأحفاد الذكور(وما عدا ذلك فأتت بمعنى النساء أي جمع نسوة) حيث أن كلمة النسيئ هو الحفيد الذكر وجمعه ‏نساء بفتح النون وليس بكسرها.* ‏‏*يطلق النسيء في بعض الألسنة العربية ومنها قريش على كل‎ ‎مايأتي متأخرا فيطلق على الحفيد الذكر باعتباره ‏يأتي متأخرا بعد الإبن، كما يطلق‎ ‎النسيء على الشهر المضاف الذي يأتي متأخرا ليضاف عادة على الأشهر ‏القمرية كشهر كبيس كل 32‏‎ ‎شهر من أجل تقويم الإنحراف الذي يحصل عن الفصول بحيث لو أن تفتح الأزهار ‏حصل في‎ ‎ربيع ثاني يكون ذلك دليلا على وجوب إضافة الشهر النسيء كشهر كبيس حتى يعود موسم‎ ‎تفتح ‏الزهور في ربيع أول من العام الثاني، هذه العملية أطلق عليها أجدادنا إسم‎ ‎التقويم. ‏لكنا مع الأسف نسينا بعد تجهيلنا الشهر النسيء كما نسينا أيضا لماذا نطلق‎ ‎إسم التقويم الهجري الذي أصبح بلا ‏تقويم أصلا. ‏أما إن فهمنا مثلا قول الله تعالى في القرآن الكريم: ‏‏( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين...*) 14-3. ‏على أن النساء أتت بمعنى النسوة عندها لا يستقيم المعنى لأن الله سبحانه ‏يعلن أنه قد زين للناس جميعا بمن فيهم من الذكور والإناث(رجال وحريم) ‏حب شهوة كثرة النساء والبنين، بينما إن فهمنا كما تفهم القبائل البدوية إلى ‏اليوم أن كلمة النساء بفتح النون تعني الأحفاد الذكور فلا شذوذ عندها في ‏المعنى القرآني. ‏بعد اكتشافنا لمعنى الترتيل في القرآن الكريم علينا أن نبحث عن‎ ‎المفتاح ‏الثاني وهو طريقة التمييز بين المحكم والمتشابه في القرآن بغض النظر عما‎ ‎قاله السلف عن الموضوع، هم قالوا أن المحكم هو المفهوم من الآيات ‏والمتشابه هو ما‎ ‎استعصى فهمه منها على القارئ، علما أن القرآن يشير ‏بذاته إلى معنى مختلف تمام‎ ‎الإختلاف‎.‎‏ ‏القرآن يشير أن الله تعالى قد أنزل في كل القرآن سورة محكمة‎ ‎واحدة، ‏بحيث تكون كل آياتها محكمات‏‎.‎‏ ‏هنا علينا إن كنا من الذين يعقلون من المسلمين أن نتساءل: ‏هل أنزل الله تعالى هذا القرآن لنفهمه ونسير على هديه بعقولنا‎ ‎وإرادتنا ‏الحرة بدليل أنه قد خيرنا سلفا عندما قال: ‏‏( لا إكره في الدين قد تبين الرشد من الغي...*) 256-2‏‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎‏ وقل الحق مر ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر...*) 29-18‏‎.‎‏ ‏إذا إذا بإمكاننا عن طريق إستخدام أساليب العقل بالإستدلال أن نستنتج معنى ‏المحكم من ذات القرآن الكريم.‏
‎ ‎

اجمالي القراءات 22054