ذاكرة التاريخ
الظالم و المظلوم

شادي طلعت في الأحد ٠٦ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هل للظلم تبرير ؟ و هل له أسباب ؟
وجدت نفسي اراجع كل ماحولي من ظلم اشاهده و أعيشه متمثلآ في احداث شخصية و احداث عامة ، أحداث داخلية و احداث خارجية ، أحداث إقليمية و أحداث دولية ، و صرت أغوص وراء كل حدث لعلي أصل الى الحقيقة و التي مفادها " يجب أن يحدث ذلك " إلا أنني حينما كنت أتتبع كل حدث سواء داخلي أم خارجي شخصي أم عام إقليمي أم دولي أصل الى حقيقة مفادها " ما كان يجب أن يحدث ذلك " و تساءلت لماذا إذآ حدث ذلك ؟ هل حدث لأجل المصلحة أم لأجل المال أم لأجل الهيمنة .

ليس بالبساطة الجواب ، فلا داعي للعجلة بالقول أن السبب يرجع الى المال أو المصلحة أو الهيمنة فبعد بحث و جدت أن هناك نوع فريد من النباتات لا يتكاثر الا بعد أن يحترق و ينتظر و قت الإحتراق إما مصادفة بيد الإنسان أو قدريا بحرائق الغابات التي قد تحدث نتيجة التغيرات المناخية ، المهم أن هذا النوع من النباتات لايعيش و لا يتكاثر إلا وسط النيران و الحرائق و الدمار الشامل فبغير الدمار يكون هلاكه و بدمار ما حوله تكون حياته .
كذلك يوجد من البشر من لا يستطيع الحياة بدون أن يظلم من حوله ، و أنواع الظلم متعددة فمنها القتل و السرقة و التعذيب و الغدر و الخيانة ، و للأساليب السابقة أهداف منها الغنى و منها الجاه و منها الكراهية إلا أن الهدف المخيف و شديد الأذى هو " حجز مكان في ذاكرة التاريخ "
إن مصيبة الإنسانية أننا قد عينا أنفسنا أوصياء على بعضنا البعض فرجال الدين يسخرون ممن لا يستمعون اليهم ، و الأطباء يلومون من لا يطيع أوامرهم من مرضاهم ، وقس على هذا الكثير و الكثير ، أما الخطر الأكبر فمن رجال السياسة حاملي الشعارات و المبادئ و قد يصل بهم الأمر الى فرض وصاية الدول على الدول ، إذا ما كانت مقاليد الأمور بأيديهم ، إن الوصاية المفروضة قرينة بالظلم و لها ضحاياها من الخليقة فالناس أنواع منهم الشعوب و منهم الحكام ، و بينهما طبقة أخرى هي حلقة الوصل بينهما ، و هذه الطبقة هي الباقية في كل الأزمات فرجالها هم رجال كل المراحل فهم من يمسكون العصا من المنتصف فالحكام قد يتغيرون نتيجة إنقلابات أو إنتخابات ، و الشعوب مظلومة على طول الخط فأفرادها خلقوا ليدلوا بأصواتهم في الإنتخابات و ليعمروا السجون و المعتقلات !

هل حقا من الممكن أن نحلم بالمدينة الفاضلة ، و لماذا لا نحلم بها فالأمر أولآ و أخيرآ مجرد حلم ! و لكن إذا ما عشنا في المدينة الفاضلة فهل سنكون جميعا سعداء بها أم سيكون بعضنا تعيسا بها هل يمكن أن نقبل جميعا أن نكون سواسية ؟ أكاد أجزم أننا لو نعيش حياة نعيم و رخاء أننا قد نقبل أن نكون سواسية ، و لكن هل من الممكن أن يقبل من يريدون تسجيل أسمائهم في ذاكرة التاريخ التنازل عن طموحاتهم ؟

إن الظلم الأكبر لا يأتي ممن يبحثون عن مال أو جاه ذلك أن ظلمهم محدود على فرد أو بعض أفراد و لكنه يأتي ممن يبحثون عن سطر أو سطور من ذاكرة التاريخ فظلمهم لا حدود له ، و ليس بالضرورة أن يكونوا على رأس السلطة .

اجمالي القراءات 18620