الخروف والزعيم والهلال

محمد عبد المجيد في السبت ١٥ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً



لم يكتف سياسيونا في التفرق والتشرذم في مؤتمرات القمة والقرارات السياسية، ولكن هلالا صغيرا قد يراه طفل رضيع فوق سطح أحد المنازل التي تدّثرها سماء صافية يجعل العالم الاسلامي كله حائرا في الصوم والاحتفال بالعيدين، وإذا استمر الوضع هكذا خمسين عاما أخرى، فسيكون لكل بلد اسلامي هلالها الخاص، وستكون وقفة عرفات ،مثلا، مرة في كل يوم لمدة 43 يوما هي عدد البلدان الاسلامية.
تمسك وردةً وتقطف أوراقها قائلا: يحبني .. لايحبني، العيد الخميس، العيد الأربعاء، نصوم الجمعة .. نصوم السبت!
لماذا لا نحيل رؤيةَ الهلال إلى رجل حكيم وكفيف فربما يستطيع أن يبصر أكثر مما يفعل زعماؤنا الكبار؟
المسلمون الطيبون الذين يثقون في تليسكوبات أصحاب السماحة والفضيلة يضربون كفا بكف، فالذين يقيمون في الغرب يُبلغون رؤساءهم قبل العيد بوقت طويل للحصول على يوم عطلة، ثم يعيدون ابلاغهم بأن العيد يبدأ في ثلاثة ايام متفرقة، الأول يوم ملكي، والثاني جمهوري، والثالث جماهيري شعبي!
المسكين هو خروف العيد الذي يريد أن يطيل عمره يوما أو اثنين، فإذا شاء حظه العاثر أن يكون أضحية في بلد زعيمه غير راض عن الآخرين، فقد يتم ذبحه قبل زملائه الأضحيات في بلاد اسلامية أخرى، أو قد يمتد به العمر يومين إن جاء القرار السياسي الديني بتأخير الاحتفال يومين آخرين.
هل تصدق جماهيرُنا الغفيرةُ والغافلةُ أن هناك من يرى الهلالَ حقاً وتلتزم به الجهتان السياسية والدينية في بلدها؟
الحقيقة أنه قرار سياسي بحت ولو أراد سيد القصر أن يجعل من عيد الأضحى ستين يوما فإن علماء السلطة قادرون على استخراج تفسير شرعي منطقى وغير قابل للنقاش.
أتعجب أحيانا فلا أعرف مَنْ الضحية: الخروف أم المسلم الطيب؟
كلنا خراف، جاء هذا في بيان سيد القصر الذي لم ولن ينشره!
من حسن الحظ أنه لا يستطيع أحد أن يصعد على سطح أحد المنازل في النرويج لمشاهدة الهلال لسببين: البرد الشديد الذي تهبط درجته إلى ما تحت الصفر، ثم كثافة السحب التي تسقط على رؤوسنا جليدا يحيل الظلام الدامس إلى ظلام أبيض أو بياض مظلم.
تنزع وردة جديدة ثم تعيد قطف أوراقها: يحبني .. لا يحبني، نصوم غدا أم بعد غد، العيد الأحد .. العيد الاثنين.
رجال الدين يبررون للقصرِ قَصْرَه الهلالَ على عيون السياسيين.
السياسيون يطلبون من رجال الدين الاعتراف بأن كل زعيم في عالمنا الاسلامي الممتد من جبل تورا بورا إلى البيت الأبيض يبصر أفضل من زرقاء اليمامة، ولا بأس أن تكون عينا ابنه الوارث للعرش مثل عيون الصقر ( وهو تعبير تراثي وليس استخباراتيا ) .
ماذا لو كانت الخراف تفهم أبجديات السياسة في العالمين العربي والاسلامي؟
الحمد لله أن الهلال ليس خصيبا وإلا تم اتهامنا بالطائفية.
أقترح أن تتم ضم رؤية الهلال إلى برنامج من سيربح المليون، ففي هذه الحالة نضمن وحدة العالم الاسلامي.
معذرة فهذا التهكم من شدة الحُرقة، وتلك السخرية خارجة من عمق البكاء على أمة المليار ونصف المليار مسلم.
ماذا لو قال اللبنانيون بأن من يشاهد الهلال من فوق سطح بيته يدخل قصر بعبدا منتصرا؟ أغلب الظن أن الأزمة اللبنانية سيتم حلها، ولكن كيف تقنع الخراف على الطريقة اللبنانية بيوم ذبحها؟
أقترح أن نتفق جميعا على أن يكون المسؤول الوحيد عن رؤية الهلال هو العقيد معمر القذافي، فنضمن على الأقل تعويضات من أموال الشعب الليبي لكل من تضرر من الهلال الليبي، بل يمكننا طلب تعويضات لخرافنا!

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
أوسلو في مساء السبت 15 ديسمبر 2007

اجمالي القراءات 10946