الحاكم الظالم (في الرد على سؤال فوزي فراج)

شريف هادي في الخميس ٠٨ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ،،، وبعد
قال صاحب الطحاوية (ولا نرى الخروج على أاِمتنا وولاة أمورنا وإن جارو ...) والجمهور من علماء السنة يعتنقون هذا الرأي ويقبلونه ودليلهم النقلي على ذلك حديث منسوب لرسول الله (ص) (أطيعوهم ما أقاموا الصلاة فيكم) ، وحديث آخر نسبوه أيضا ظلما وعدوانا لرسول الله (ص) ( من جائكم وأمركم على رجل واحد أراد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه) ، ودليلهم العقلي أن الخروج على الحاكم يشترط بالضرورة المغايرة بمعنى تغيير ما كان يفعل ه&Eg;ذا الحاكم ، فلو كان مقيما للصلاة في الجماعة المسلمة فإن الثورة تعني تغيير الحال بمعنى إهدار الجماعة والحدود بما يؤدي إلي الكفر.
ولكن ما رأي القرآن الكريم في ذلك؟ ، وماذا نفعل مع الحاكم الظالم؟ هل نهادنه ونستكين له ونتبعه على ظلمه؟ ، هل يكون أكثر ما نفعله هو توجيه النصيحة له؟ فإن قتل من نصحه نستمر على استكانتنا له وصبرنا عليه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؟ أم نقف في وجهه بالنصيحة إن كان منها فائدة أو نصبر إن لم يكن هناك فائدة من النصيحة؟ ، نجد الإجابة واضحة في الآيات من 17 إلي 50 من سورة الشورى فهيا نتدبرها معا.
لا عجب أن القرآن الكريم قد عالج مسألة ظلم الحاكم ، وردها إلي الطبيعة البشرية في قوله سبحانه وتعالى" وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ" (الشورى27) فمن الطبيعة البشرية أن من لديه كل النعم ويجمع في يده المال والسلطة فإن ذلك مدعاة لبغية وضلاله وظلمه للناس ، وقد سبق القرآن منظري الثورة الفرنسية (جان جاك روسو و منتيسكيو) وغيرهم في قولهم السلطة مفسدة ، وبما أن الملك من الله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء بيده سبحانه الخير (آل عمران 26) والملك من الخير بنص الآية ، والخير رزق فيكون الملك ضمن عموم الرزق المبسوط في الآية الكريمة في سورة الشورى.
والله سبحانه وتعالى في الآيات التالية يذكر من يبغي لأن الله رزقه بالمال والملك معا أنه مازال ضعيفا أمام قدرة رب العالمين"وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ" (الشورى29) ، والله سبحانه قادر على جمع من بغى وأخذه أخذ عزيز مقتدر ، ولكنه سبحانه يذكرنا بأن الباغي علينا يكون دائما بسببنا وأن مصيبة الظلم التي تصيب شعبا أو أمة تكون بسببهم هم ، وذلك ليس كما هو شائع بعصيانهم لله وتركهم للفروض – فهذه سطحية وتغييب اتبعه فقهاء العصور الوسطى – ولكن بسبب استكانتهم وذلهم وخضوعهم للظلم والبغي بما لا يرضي رب العالمين وهو القائل" وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" (الشورى30) ثم تأتي الآيات التالية لتثبت قلوب الشعوب المقهورة المظلومة إذا ما قررت التحرك ضد الحاكم الظالم لانتزاع حريتها المسلوبة وكرامتها الضائعة بأن الله وحده هو الأحق بأن نخشاه لأنه وحده القادر والقوي وغيره لا يملك من الأمر شيء ويضرب الله الأمثال بارسال الريح التي تحرك الفلك في البحر ولو أمسكها لبقيت ساكنة أو يوبقهن بما كسبوا أي يعاقبهن بما كسبوا وطبعا المقصود هنا تلك الشعوب التي قبلت الظلم وأستكانت والتي كان عليها أن تفعل غير ذلك فيقول سبحانه"وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ (35)(الشورى).
ثم يوجه الله الحديث في الآيات 36 ، 37 ، 38 للحكام فيقول سبحانه" فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) (الشورى) لا يغرنكم أيها الحكام الظلمة الذين أفسدتكم نعمة الله عليكم بالسلطة والمال هذه النعمة وتلك السلطة وتلكم الأموال ، لأن ما عند الله خير وأبقى ، وذلك الذي عند الله قد إدخره سبحانه للحكام الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فلا تغرنهم قوتهم ولا يظنوا أنها باقية لهم تمنعهم من حساب الله ، وهم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ، والظلم قطعا هو أساس كل فاحشة كما أنه أعظم الإثم وهو أيضا شرك بالله الذي قال إن الشرك لظلم عظيم (لقمان)، كما انهم يغفرون في غضبهم ، لقدرتهم على العقاب ولكنهم يختارون طريق المغفرة ، وقد استجابو لربهم... بماذا؟ بإقامة الصلاة فكانت بينهم وبين ربهم كما إنها بينهم وبين رعيتهم فلم يقطعوا صلتهم بربهم غيا كمن قال للمصحف عندما آتاه الله الملك (هذا فراق بيني وبينك) كما لم يقطعوا صلتهم برعيتهم يغفرون لهم ثم يجعلون الأمر بامر الله في أيدي الرعية ((((وأمرهم شورى بينهم)))) فهو حكم قرآني واجب التنفيذ وأمر إلاهي لايمكن لأحد أن يتجاهله إلا أن يكون ظالما ، ومما رزقهم الله ينفقون فهم ينفقون على الرعية من مال الله فلا يبقى مظلوما أو محروما أو متعديا عليه بالغضب.
ونتسائل إذا لم يتبع الحكام كلام الله فماذا يفعل المحكومين؟ هل يفعل كما قال علماء السلف؟ ((( الصبر ))) ، لا والله ، ثم تالله لا ، وبالله (((((لا))))) ، يوجه الله كلامه للمحكومين في الآيات من 39إلي 43 فيقول" وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ (39) وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) (الشورى) ، إذا أصابك البغي من أحد خاصة لو كان حاكم ظالم عليك أن تنتصر وتقاومه بكل وسائل المقاومة ، فلو كان لديك القوة الكافية فالحرب والثورة والتغيير ، وإلا فالهجرة حال الاستضعاف مع عدم وجود القدرة على التغيير وقد قال تعالى " ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فاولئك ماواهم جهنم وساءت مصيرا"(النساء 97) ، ولا يكون الصبر إلا للمستضعفين فقط الذين لا يستطيعون (((حيلة الثورة))) ولا يهتدون سبيل (((الهجرة))) (النساء 98) ، فإذا مكنكم الله من رقاب الحكام الظلمة الذين ظلموكم وبغوا عليكم فجزاء سيئة سيئة مثلها ومن عفا وأصلح في أولئك الظالمين فأجره على الله ولكن الله يذكركم انه لا يحب الظالمين ، أما أولئك الذين ظلموا من الرعية فانتصروا لأنفسهم وعاقبوا حكامهم بعد نصر الله لهم على الحكام الظلمة فما عليهم من سبيل وليس عليهم معصية فبعد أن ساموهم حكامهم سوء العذاب بأن فتحوا لهم المعتقلات وأقاموا لهم المشانق وضيقوا عليهم في الرزق وحكموهم بما يسمى قانون الطوارئ ثم باعوهم بأبغس الأثمان للمحتل وجوعوهم وسرقوا أموالهم واستحلوا نسائهم وأعراضهم حتى قتلوا الحلم في عقول أجيالهم فهؤلاء المظلومين لو قدروا على الظالمين فمهما عملوا فيهم فلن يساوي ما أرتكبه الحكام الظالمين فليس على المظلوم المنتصر من سبيل.
أما السبيل الحقيقي والعذاب والعقاب على الحكام المردة الكفرة الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق ويتخذونهم فرق وطوائف يستضعفونهم ويضربون بعضهم ببعضهم ، وحتى بعد عقابهم بيد الثوار فإن الله قد ادخر لهم عذاب أليم ، أما من يستطيع من المظلومين المقهورين الذين نصرهم الله أن يصبر على رد العدوان للحكام بعد أن يقدر عليهم ويغفر لهم مستبقيا لحسابهم على الله رب العالمين فإن ذلك من عزم الأمور.
ويقرر القرآن حقيقة مفادها إن الصبر على رد العدوان و الظلم والأذى حين المقدرة من عزم الأمور ، كما أن الصبر على قضاء الله ومصائبه أيضا من عزم الأمور (آل عمران 186 ، لقمان17)
ثم يوجه الله حديثة للفريقين الحكام والمحكومين في الآيات من 44 إلي 50 من سورة الشورى فيقول عز من قائل"وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ (45) وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ (46) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ (47) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ (48) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) (الشورى).
مشهد تصويري للظالمين عندما يشاهدوا العذاب ويعاينوه ويظنوا أنهم مواقعوه ولا محيص لهم منه يتسائلون في بلاهة وغباء هل إلي مرد من سبيل؟ ولكن ليس لهم إلي مرد من سبيل فقد كتب الله عليهم العذاب بظلمهم ، ومن عدل رب العالمين أنه سبحانه وتعالى يجعل الجزاء من جنس العمل فكما كان الظالمون في الأرض يذلون شعوبهم فإن الله يعرضهم على النار خاشعين مذلولين بعدما عراهم الله من رداء الحكم والطاغوت في الدنيا ووقفوا أمام نار مالك الملك والجبروت في الآخرة ويختلسون النظر للعذاب وقلوبهم وجلى خوفا مما سيحدث فيهم من ظلمهم ومما كسبت أيديهم القذرة وعقولهم الخربة ونفوسهم السادية ، وإمعانا في ذلهم يكون عقابهم على مشهد ومرآى ومسمع من الذين آمنوا كما كانوا يفعلون مع الناس في الدنيا ، ويتعجب الذين آمنوا من موقف الظالمين فيقررون حقيقة أن الخسارة الحقيقية من نصيب الحكام الظالمين وليست من نصيب المحكومين المقهورين الذين رفضوا الذل في الدنيا فأعطاهم الله الآخرة ولكن الحكام الظالمون خسروا أنفسهم بإلقاءهم في العذاب وخسروا أهليهم وشعوبهم الذين لن يشاركوهم ذلك العذاب ولن يخففوا عنهم منه شيئا ويبقى الظالمون في عذاب مقيم – نعوذ بالله من نهايتهم البشعة ، بما كسبت أيدهم النجسة – ولن يجدوا أولياء لهم فلن يجد كبير الظلمة (فرعون) هامان أو قارون ليساعداه أو ينصراه من دون الله ، كما لن يجد (هامان) و(قارون) أي نصر أو عون أو مساعدة من فرعون على حالهم الذي هم فيه وسيضاعف الله لهم العذاب.
ويوجه الله كلامه للحكام والمحكومين بأن يستجيبوا لله رب العالمين من قبل أن يأتي يوما لا مرد له من الله ولا ملجأ ولا نكير ، نستجيب لك يا رب بأن نجعل أمرنا شورى بيننا ، بأن نقيم الفصل بين السلطات بأن نأخذ بآخر ما توصلت له البشرية من أسلوب حكم ديمقراطي يجعل من كرسي الحكم (تيفال) لا تلتصق به مقعدة الحاكم أبدا ، بأن نجد السبيل إلي عقد اجتماعي سوي لا يضل فيه الحاكم ويسمح للمحكوم أن يحاسب الحاكم ولا يرضى بالبغي ولكن ينتصر من بعد ظلمه ، نظام شورى توجد به سلطة تشريعية حقيقية تضع للناس ما يحتاجونه من قوانين وسلطة قضائية قوية تراقب عمل باقي السلطات وتحفظ للمحكومين كرامتهم وفقا لمشيئة رب العالمين ، وسلطة تنفيذية خادمة للشعب لا تسرق ماله أو عرضه أو أحلامه ، فإن أعرض الناس فليس على الرسول إلا البلاغ ولكن إذا أصابهم رغم إعراضهم بعض الرحمة من الله فرح بها وظن أنه على الحق فاستمر في غيه وظلمه ولكنها رحمة قليلة كالسكون الذي يسبق العاصفة وتبقى السيئة التي يجب أن تصيب الناس بفعلهم وغيهم وبما قدمت أيديهم فانهم يكفرون والانسان كفور بطبعة.
وأخيرا فإن ظن حاكم أن له ملك قطر أو بلد فلله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء ، والملك الحقيقي لله لأنه هو الذي يهب للمخلوق مخلوق مثله أنثى أو ذكر أو الاثنين معا وهو الذي يمنع كما يمنح وهو عليم بحال كل منا قدير على فعل ما يريد لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل ولكنهم يسألون.
ولنا تعقيب أخير وقراءة لما خلف السطور في قوله سبحانه وتعالى"لايسأل عما يفعل وهم يسألون" الانبياء 23 ، وهذه الآية واضحة الدلالة على وجوب الديمقراطية في الحكم ، لأن الحاكم الذي لا يسأل عما يفعل يكون قد إتخذ صفة من صفات الخالق سبحانه وتعالى ، فلا يجوز أن يكون أحد فوق المسائلة إلا رب العالمين وحده لا شريك له في ذلك ، فالحكام الذين يحكمون عالمنا العربي ويدعون الاسلام هم مشركون بالله لأنهم أرادوا أن يشتركوا معه في صفة من صفاته ، وهي كونه سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل ، قاتلهم الله آنى يؤفكون
استغفر الله من الخطأ والذلل وأحمده على نعمه الجلل والسلام على المتدبر دون ملل
شريف هادي

اجمالي القراءات 82403