ولكن ليطمئن قلبى

Inactive User في الجمعة ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

ولكن ليطمئن قلبى
التفكير والتدبروإعمال العقل حق طبيعى مكفول لكل إنسان على وجه الأرض مهما كانت نوعية هذا التفكيرأو وجهته أو طبيعته أو الركائز التى يستند عليها ويحكى لنا القصص القرآنى وهو القصص الحق عن كيف كان الأنبياء المصطفون الأخيار يفكرون لدرجات قد لا يتخيلها الإنسان
نبى الله موسى يسأل الله أن يراه فيرد عليه مولاه
( لن ترانى )
( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاء وخر موسى صعقأ )
( فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المسلمين )
لم يغير الله وجهة نظره فى موسى الذى تجرأ وطلب منه – سبحانه—أن يراه بل على العكس إستمر موسى رسولأ ونبيأ فى بنى إسرائيل وأحبه الله أكثر وأكثر ونصره على الفرعون ورآه يغرق ذليلأ أمامه وسار ببنى إسرائيل لنصرة دين الله الحق ونستفيد من ذلك أن الله يحب التفكير والمفكرين الباحثين عن الحقيقة 0
وهاهو ابو الأنبياء إبراهيم يذهب ليلأ ليحاور نفسه حوارأ مكررأ حول كنه ربه
( فلما رأى كوكبأ قال هذا ربى )
( فلما افل قال لا أحب الآفلين )
ويتكرر الموضوع نفسه مع القمر ثم مع الشمس وأخيرأ يدرك النبى الصالح أن هناك قوة عظمى خلقت كل ذلك بقدرة وجبروت لا يدانيهما أحد فقال
( إنى وجهت وجهى للذى فطر السماوات والأرض حنيفأ وما أنا من المشركين ) , والمشهد الثانى حين قال لربه
( أرنى كيف تحيى الموتى)
قال الله ( أو لم تؤمن ؟ )
قال إبراهيم
( بلى ولكن ليطمئن قلبى )
قال الله ( فخذ أربعة من الطير الآية)
ولم يغضب الله من إبراهيم ولم يغير رأيه فيه بل أحبه أكثر وقربه منه أكثر واتخذه خليلأ
( واتخذ الله إبراهيم خليلا )
فهل هناك تكريم للفكر والمفكرين أعظم من ذلك ؟ ونجاه الله من نار الكافرين التى ألقوه بها للتخلص منه ونصره الله بأن أخرجه من وسط قومه الكفرة وهاجر إبراهيم ومعه لوط لنصرة دين الله تعالى فى كل ربوع الأرض وصار إبراهيم أبأ لكل الأنبياء والمرسلين الذين ختمهم الله بمحمد بن عبد الله عليهم جميعأ السلام0
لو لم يستعمل النبى إبراهيم عقله وفكره للوصول للحق لما وصل ولما هداه الله لأن الله يحب المفكرين الذين يحسنون إستعمال عقولهم فى تجلية الحقائق وفى المقابل يكره الله أعداء الفكر الذين يكممون الأفواه ويقتلون المفكرين ويلقون بهم فى غياهب السجون ويقطعون أرجلهم وأيديهم من خلاف كما فعل الفرعون الملعون بالمؤمنين مع موسى وكما حاول الملك الكافر أن يحرق إبراهيم وكما حاول الكافرون قتل نبى الله شعيب فى مدين وهود فى عاد وصالح فى ثمود
وهاهو رجل عادى لم يكن رسولأ وقتها مر على قرية مات كل أهلها ولم يتبقى منهم سوى أشلاء وعظام نخرة فتعجب قائلأ
( أنى يحيى هذه الله بعد موتها ؟ )
فأحبه الله وقربه إليه لأنه استعمل عقله ثم أدخله فى آية عظيمة بأن أماته مائة عام ثم بعثه وسأله عن الفترة التى قضاها ميتأ فقال يومأ أو بعض يوم فقال له الله
( بل لبثت مئة عام )
ثم انعم الله عليه بنعمة نادرة وهى ان يرى كيف يحيى الله الموتى وكيف ينشز العظام ثم يكسوها لحمأ فلما تبين للرجل الحق قال
( أعلم أن الله على كل شىء قدير )
هل رأينا جميعأ كيف يكرم الله الفكر والمفكرين وكيف يحبهم الله وانظروا على النقيض كيف يكره المجرمون الظلمة أصحاب السلطان والمال والقوة والجبروت كيف يكرهون كل عقل مفكر متدبر فاهم واع لأن هذه العقول الواعية المفكرة تفضح المجرمين والخونة وتعريهم أمام شعوبهم ولذلك فلا مكان لهم غير السجن أو النفى أو القتل لان المفكرين فى نظر أعداء الحريات عبارة عن منغصات تعكر عليهم صفو المتع الرخيصة والسرقات البشعة والجرائم التى يندى لها الجبين وتقشعر منها الأبدان ولذلك يكون وصفهم دائمأ
(إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون )
فيا أعداء كل جميل وكل جديد ويا عبدة العادات والتقاليد ويا من جندتم الجنود وجيشتم الجيوش لذبح الأفكار وقتل المفكرين من أين أتيتم بشرائع قتل الأذكياء الفاهمين الواعين ؟ ومن الذى يبيح لكم ذلك ؟ هل هو عجزكم عن مجاراة الحديث من الفكر والجديد من الإبداع ؟ لماذا تتحيلون أن كل صيحة عليكم ؟ لابد أنه ضعف الجهل وعجز الجمود وشيخوخة العقل الذى رد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم من بعد علم شيئأ , لقد أكد القصص القرآنى العظيم على ضرورة تشغيل الفكر وتحريك العقل فى كل مسائل الحياة فمن حق كل إنسان أن يؤمن بما يشاء وأن يرفض ما يريد وبناءأ على هذه الحرية جعل الله يومأ خاصأ لنصرة دينه الحق إسمه يوم الدين جعل الله فيه جنة للأبرار الأتقياء يخلدون فيها وجحيمأ للكفرة والفجرة أعداء الله وأعداء الحريات وأعداء المحبة والسلام يخلدون فيها
عندما خلق الله الناس لم يعين منهم وكلاء عنه لمحاسبة بعضهم البعض بل لقد قال لرسله الأخيار وخاتمهم محمد (ص)
( وما جعلناك عليهم وكيلأ )
( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ؟ )
( إنك لا تهدى من أحببت )
( لو أنفقت ما فى الأرض جميعأ ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم )
( ليس عليك هداهم )
( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى )
( وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد )
هؤلاء رسل الله الأبرار المصطفون الأخيار بقول لهم الله ذلك ويعلمهم ذلك فماذا يكون هؤلاء الذين يطيحون قتلأ وذبحأ فى عباد الله دون سبب أو سند أو دليل ومن الذى كلفهم بذلك ؟ وهل من حقهم قتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق والتى قال عنها رب الحب والرحمة والسلام والكمال ( من قتل نفسأ بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعأ ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعأ )




اجمالي القراءات 32672