فى أى دولة محترمة

فوزى فراج في الخميس ١٦ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

                            فى أى دولة محترمة

لأن كل دولة ( او ما تسمى مجازا دولة) على وجة الأرض تتكون اساسا من افراد يزيد عددها او يقل تبعا لموقعها, فإن الكثير من صفات الدول لا تختلف كثيرا عن صفات الأفراد, فمثلا كما ان هناك انسان غنى وانسان فقير, هناك دولة غنية ودولة فقيرة ودولة ما بين الإثنين,ولا نعنى هنا ان كل افرادها أغنياء او فقراء, ولكن الدولة بصفة عامة تعد من الدول الغنية, وهناك دولة قوية ودولة ضعيفة , ودولة ذكية ودولة غبية, ودولة نشيطة وأخرى كسولة, ودولا منتجة واخرى مستهلكة, ودولة مبدعة وأخرى متخلفة, وقس على هذا, فهناك دولة محترمة وأخرى غير محترمة اى بمعنى اصح ,مثارا للسخرية, فأين تقع ام الدنيا, مصرنا التى عرفناها , فى هذا الجدول؟


فى اى مجتمع او فى اى دولة متقدمة ديموقراطية ( محترمه) لو تساءلت عن كيفية الوصول الى اى منصب, فستجد الأجابه واضحة وضوح الشمس فى يوم لاسحاب فيه. مثلا ان اعجبك منصب الطبيب الذى قام بعلاجك وسألت كيف احصل او اصل الى ذلك المنصب وأصبح طبيبا مثله, فستكون الإجابة التى لن يختلف عليها اثنان هى ان تلتحق بأى كلية للطب وان تتخرج , ثم التخصص والدبلوم وبذلك تصل الى ذلك المنصب. وإن سال لعابك على منصب المدعى العالم فى مدينتك وسألت كيف احصل على منصب وكيل النيابه فى هذه المدينه, فستكون الإجابه بأن تتخرج من كلية القانون ( الحقوق كما يسمونها فى مصر, ويعلم الله انه أسم على غير مسمى) ثم التخصص, ثم تعمل مع السلك القانونى حتى تستطيع ان ترقى الى احد مساعدى وكيل النيابه وعندما تبرع وتتفوق فى تنفيذ القانون يحق لك ان ترقى الى تلك الوظيفه عند توافرها.


اما ان سألت كيف تصبح رئيسا للجمهوريه, فالإجابه ايضا معروفه من حيث الإنتماء الى احد الأحزاب ثم القيام بترشيح نفسك للرئاسه وعرض برنامجك على الناخبين, وبالطبع سيكون هناك مرشحين اخرين عن نفس الحزب , والخطوه الأولى هى ان تستطيع ان تقنع الناخبين بأنك اصلح مرشح لتمثيل الحزب فى الإنتخابات النهائيه للرئاسه, فإذا نجحت فى الوصول الى عقول وقلوب الناخبين واصبحت المرشح عن الحزب, فتخوض المعركه الإنتخابيه النهائية ( وكلمة المعركه هنا كلمة مجازيه لا تعنى المعركه بالأسلحه البيضاء والسوداء والحمراء والشوم والسنج وايد الهون, وما الى ذلك مما هو معروف لدى الجماعه اياهم فى بلد ما تقع فى شمال افريقيا وعاصمتها اسمها القاهرة, ولقد كانت فعلا فى الماضى قاهرة, غير انها قد صارت مقهورة قهرا بسبب الإحتلال الكامل والسيطره الكاملة على منشأتها الحكومية والعسكريه والبوليسيه منذ اكثر من ربع قرن ) , تخوض تلك المعركه الإنتخابيه ضد مرشحى الأحزاب الأخرى, وان استطعت ان تقنع الناخب انك خير من سيقود الدوله وان يحقق للمواطن طموحاته الإقتصاديه والإجتماعيه والأمنيه وغيرها ( لاحظ هنا ان كل تلك الطموحات تتعلق بالمواطن الناخب, وليس بحضرتك كما هو الحال فى مصرنا ام الدنيا كما تسمى) اقول لو استطعت ان تقنعه بذلك, فألف مبروك ياسيادة الرئيس على رئاسة الدوله. لاحظ هنا ان القوات المسلحه او الشرطة لادخل لها فى اى مرحلة من مراحل الحصول على كرسى الرئاسه, والفتوات والبلطجيه والمحسوبية ايضا لا دخل لها, لاحظ ايضا قبل ان تندفع الى طلب هذا الكرسى انه غير مريح, وانه لايقبل ولايسمح لأحد ان يكتب اسمه عليه بأى حبر او بأى حفر او نقش, يعنى ان ذلك الكرسى يؤجر ( او يمنح بطريقة مؤقتة) لمدة محدوده بعدها لابد ان ترفع مؤخرة سيادتك من عليه وأن ترحل وتسمح لشخص اخر ان يجلس محلك.


ولا أريد ان أسأل عن كيف تصبح رئيسا فى مصر, فالجواب على هذا السؤال قد يكون عويصا وصعبا وقد يختلف عليه كل من يتصدى للإجابه, وإن سألته فستحصل على عشرات الإجابات المختلفه, بل قد يقول لك البعض متعجبا, لماذا تسأل, اليس عندنا رئيسا قائما لأكثر من ربع قرن, وهو لن يذهب وليس لديه النية ان يذهب الى اى مكان فى الوقت الحاضر , اللهم الا المكان إياه ومن يدرى فلعله محصنا ضد ذلك ايضا, وحتى ان حدث ذلك, فالرئيس القادم بعده موجود لا مؤاخذه وجاهز تمام التمام لتولى الرئاسه والجلوس على الكرسى فلمذا تسأل!!!.


ولذلك فسوف نسأل اسئلة من المفروض ان تكون سهله, فمثلا, كيف تصبح رئيسا لحزب , الحزب الوطنى او الأخوان او الوفد حتى مايسمى شباب مصر؟. أرجو ان لايكون هذا السؤال من الأسئله الصعبه ايضا او المعجزه بفتح العين.

 
فى اى دولة ( محترمه) لو سألت هذا السؤال, لوجدت الإجابه عليه من تلميذ فى المرحله الإعداديه او حتى الثانويه على اقصى تقدير, فهل هناك من يستطيع ان يجيب على هذا السؤال فى ( ام الدنيا), كيف يصبح الشخص رئيسا لحزب سياسى, هل هناك انتخابات, ومن الذى يقوم بها, هل حدث ذلك فى أى حزب من الأحزاب, هل حدث ذلك فى احدث حزب مثل شباب مصر مثلا, ومتى, وأين, وكم كان عدد المرشحين ومن هم, وكيف أجريت تلك الإنتخابات, ومن الذى قام بالتصويت ومن الذى قام بعد الأصوات, وما هى مدة الرئاسه , ومتى ستكون الأنتخابات التاليه, وكيف يرشح الشخص نفسه لهذا المنصب ام انها ملكيه شخصية لانهائية ومن الممكن ايضا ان "تورث" هى الأخرى,بفتح الواو ؟


فى اى دوله ( محترمه) يمكن معرفة عدد اعضاء اى حزب ولو تقدمت بطلب لمعرفه العدد , لجاءتك الإجابه ليس تقريبا لجزء من المليون او من الألف او من المئة, ولكن دون اى تقريب على الإطلاق, ولجاءتك الإجابه عن كل ولايه وكل مقاطعه وكل مدينه, ما هو العدد فى اخر عملية تسجيل بالضبط , فهل يمكن ان نسأل ما عو عدد اعضاء اى حزب فى مصر, حتى لو اخذنا مثالا على ذلك اصغر وأحدث حزب والذى تم تكوينه بقرار من المحكمه, هل من الممكن ان يفيدنا المسؤل أوالمسؤلون عنه عن عدد الأعضاء بالضبط, وعن تجمعاتهم , مثلا هناك 125 فى محافظه القاهره, و100 فى الإسكندريه ....وهكذا. ومن ثم يمكن معرفة الحجم الحقيقى لذلك الحزب تبعا لعدد السكان فى الدوله, هل هم 99% مثل الحزب الوطنى ام 10% ام 5% ام لاشيئ يذكر فى% برضه.

 
كل حزب او جهاز حكومى له ميزانيه, فمن المستحيل ان يعمل الحزب دون ميزانية, وفى اى بلد ( محترم) تلك الميزانيه ليست سرا من اسرار الدولة التى يجب ان تخفى تماما كالأسرار العسكرية عن الجميع, ولو سألت , وحتى دون ان تسأل, ستجد تلك الميزانيه من المعلومات العامه المتوافرة للجميع, وستجد كل ما انفقه الحزب فى مشاريع او دعايه او ما شابه ذلك مقيدا وخاضعا للأشراف من قبل اجهزة حكوميه لضمان عدم التلاعب او الإختلاس من تلك الأموال, وستجد قوائم الدخل ومصادرها وقوائم المصاريف وفى اى شيئ انفقت, وفى حاله عدم توافق تلك القوائم, يذهب البعض المسؤول الى السجن مباشرة دون استثناء, فهل هناك ميزانية للأحزاب فى مصر, هل هناك كشوف للداخل والخارج, ومن الذى له حق الأنفاق من تلك الميزانيه, ومن الذى له حق التوقيع على الشيكات ...الخ, هل حزب شاب مصر الذى نادى بأنه متطور وحديث وقد جاء لأن الأحزاب القديمة قد شاخت وعفا عليها الدهر, فهل يمكن لذلك الحزب ان يقدم مستندات للإجابه على تلك الأسئله, ما هى ميزانيته ومن اين تأتى الاموال لها, يقال ان الحكومه تعطى نصف مليون جنيه ميزانيه للحزب, فهل هذا حق ام انها مجرد اشاعه وان كان حقا, فمن الذى ينفق تلك الأموال وعلى ماذا ومن هو المسؤول عن تقييد الداخل والخارح منها وهل تم التفتيش عليها من قبل جهاز المحاسابات او اى جهاز اخر ومتى وماذا كانت النتيجه.


فى الدول ( المحترمه) لا ترتبط اى جريدة بحزب معين, وليس لأى حزب جريدته الخاصه به, ولكن فى ( ام الدنيا) كل حزب يبدو ان له جريده ( بوق اعلام خاص) ترفع شعاراته وتبين اتجاهاته السياسية, بل من الأرجح ان الحكومه لا تسمح بتراخيص للجرائد بسهوله الا اذا كانت تمثل حزبا ما, والله اعلم بالأسباب فى ذلك, فمن يملك جريده الحزب الورقيه فى اى حزب, ومن ينفق عليها وأن كانت تربح فمن الذى يحصل على الأرباح, وفى حالة حزب شباب مصر مثلا فقد اعطته الحكومه تصريحا بإصدار جريدة ورقيه, فهل هناك اجابة للأسئله السابقه عن تلك الجريده, كم من النسخ تصدرها اسبوعيا وكم منها يباع وكم يرد الى مراكز التوزيع وما هى ميزانيتها وهل تمت مراجعتها من قبل اى جهاز حكومى ام انها ملكية خاصة لا تخضع لأى تفتيش او رقابه؟


يعرف الجميع ان جمال ابن المبارك ( لابارك الله فيهم جميعا) يحتل مركزا او منصبا يسمى امين السياسات فى حزب ابوه الوطنى ( او الغير وطنى بمعنى اصح), وفى اى دوله ( محترمه) لو سألت كيف يصبح الشخص امينا عاما للجنة السياسات لجاءتك الأجابه واضحة, فهل من الممكن ان يفيدنا اى عالم بأمور ( ام الدنيا) كيف يصبح الأنسان امينا للسياسات اذا أراد ذلك, وكيف استطاع "ابن مبارك" ان يحصل على هذا المنصب,وهل كان هناك منافسا له, بل من الممكن ان نسأل, من الذى كان يشغل هذا المنصب قبل حضرته, وكيف تمت عملية الأستبدال , هل انتهت مدة الأمين السابق مثلا وما هى المدة, وهل هناك مثل ذلك المنصب فى الأحزاب الأخرى, مثل شباب مصر مثلا, ومن الذى يحتله, بل اود ان أسال ان كان هناك سكرتير عام لهذا الحزب الذى نعرف انه حزب وان له رئيس وان له جريده ورقيه تصدر مرة واحدة كل اسبوع, وهل هناك امين للخزانه ومن هو, ام ان الحزب لا زال صغيرا بحيث يقوم رئيس الحزب بكل تلك المناصب دفعة واحدة, فإن كان ذلك هو الحال, كان الله فى عونه.


فى اى دولة ( محترمه) فى العالم توضع القوانين كى توفر الحمايه للمواطن , سواء كانت لحماية حياته وامواله وممتلكاته وكرامته وحريته كمواطن , وتوضع القوانين التى تعمل على توفير فرص العمل له من اجل ان يحيا حياة كريمه, وتوضع القوانين لتوفير طرق المواصلات والتعليم والطاقه والمياه والصحة العامه ...الخ الخ الخ, فهل يحدث ذلك فى ( ام الدينا) , هل توضع القوانين لحمايه المواطن ام لحمايه واضعى القوانين من المواطن, هل توضع القوانين لتوفير حياه كريمه وحرة للمواطن ام توضع كى يوفر المواطن الحياه الحره الكريمه لواضعى القوانين, هل يحترم واضعوا القوانين القوانين ام انهم اول من يخالفها. للأسف يبدو ان مفهوم القانون فى مصر يختلف تماما عن العالم اجمع, اذ ان مفهوم القانون الوحيد فى مصر هو أنه آلة موسيقيه يعزف عليها القانونجى بينما يقول الشعب من شدة ((الطرب)) ....... ( آآآآآآآآآآه) .


فى اى دولة محترمه فى العالم تقوم اجهزة الإعلام – بإعلام – اى بإفادة , اى بإبلاغ , أى بتعريف, اى بإخبار, اى بتوصيل ما يحدث الى المواطن, وتتبارى اجهزه الإعلام فى اى منها سوف ينقل الخبر اسرع من الأخرى, او اى منها سوف ينقل الخبر ادق من الأخرى او اى منها سوف ينفرد ينقل الخبر دون غيره, وعند قراءة او سماع او مشاهدة الخبر من اى من تلك الأحهزة لايمكن ان تخطئ فى ملاحظة بصمات اصابع تلك الأجهزة التى تختلف كل عن الأخر فى نقل الخبر, والذى لا يتغير مضمونه, ولكن من المحال ان ترى نسخة كربونيه لواحدة منهم للأخرى, فما حال اجهزة الإعلام فى مصر, هل تتحرى الدقه فى الخبر , هل تصحح الخطأ وتعتذر ان اخطأت فى نشر خبر ما, هل اخطأت ولو مرة واحدة فى تاريخها , وهل اعتذرت على ذلك الخطأ, ( للأسف الإعتذار فى عالمنا العربى كلمة فى القاموس لا معنى لها, وان كان لها معنى فهو الضعف والخذول والتراجع, ومهما كان حجم الخطأ المرتكب, فمن النادر ان يعتذر من ارتكبه, هل اعتذر اى زعيم عربى او مسؤل عربى عن اى شيئ فى تاريخ ما يسمى الأمة العربيه!!!!) بالطبع لا فكم من الأخبار التى تنشرها والتى تبتعد عن الحقيقة بألاف الاميال , لكن هل تتنافس فى ان تسبق الأخرى, الإجابة هنا نعم وألف نعم , فالتنافس بينهم اشد من ان تعبر عنه الكلمات, نعم انهم يتنافسون فى اى منهم يستطيع ان يقبل مؤخرة الجهاز الحاكم اكثر من الأخر او اسرع من الأخر, من منهم يستطيع ان ينافق الرئيس وابن الرئيس وكلب الرئيس واى شيئ له علاقة بالرئيس , حتى انهم جعلوه يكاد ان يكون السبب فى اشراق الشمس كل صباح على العالم, وانه فى حكمته ونظرته الثاقبه قد اصبح مرشدا لرؤساء العالم الذين لايتخذون قرارا دون الرجوع اليه واستشارته والأستفادة من حكمته. اما ما يسمى تجاوزا بالمعارضه, فقد تحولوا الى مايشبه جرائد ( التابلويد ) التى تتنافس فى المبالغه التى لا يصدقها العقل, وما بين اجهزة اعلام ( صوت سيده) و مبالغات المعارضه المضحكة, فالمواطن فى مصر ليس لديه فكرة عما يحدث اللهم الا اذا استعان بإجهزة الإعلام العالميه والغير مصريه او الغير عربيه. بالمناسبه هذا المرض ليس جديدا فى مصر, فلا زلت اتذكر فى القرن الماضى كيف كانت اجهزة الإعلام تمارس الكذب ليلا ونهارا حتى كان من المستحيل ان نصدق ما تقول حتى ولو كان ما تقوله صدقا بطريق الخطأ.

 
من الممكن ان استطرد لصفحات وصفحات فى تعريف الفرق بين الدولة المحترمة والتى تحترم حقوق كل فرد من أفراد شعبها والدول العربية خاصة مصر , ولا أدرى ان كانت لا تزال " ام الدنيا" فمن الأرجح ان الدنيا قد تبرأت من تلك الأمومة وذهبت الى حال سبيلها, فبعد كل شيئ, من ذا الذى يريد له أما مثل ذلك .

اجمالي القراءات 13876