بيان الى الصحافة المصرية

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٦ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
د. أحمد صبحى منصور
بيان الى الصحافة المصرية :
فى يوم السبت 14 يولية 2007 نشرت جريدة (المصرى اليوم ) الاتى : ( مسجد عمرو بن العاص يشهد أول ظهور علني لـ «جماعة القرآنيين) مع صورة يظهر فيها بعض رجال الشرطة السريين يقبضون على بعض الأشخاص فى مسجد عمرو بن العاص وتعليق يقول (رجال الأمن يحملون أحد أعضاء «جماعة القرآنيين» في مسجد عمرو بن العاص أمس ) ( تصوير عمرو عبد الله )
ثم يقول الخبر : ( كتب أحمد شلبي ١٤/٧/٢٠٠٧) : شهد مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة أمس أول ظهور لجماعة القرآنيين أثناء خطبة الجمعة، قاطع أحد المصلين الخطيب، ووقف وسط المسجد وأخذ يردد «الحق.. الله»، طالبه الخطيب بالتزام الصمت أثناء الخطبة واحترام بيت الله.
جلس المصلي في مكانه، وعقب انتهاء الخطبة، انضم إليه اثنان من المصلين، وأخذوا يرددون «القرآن هو الحق»، التف عدد من المصلين حولهم، وسمع رجال الأمن الذين يقفون خارج المسجد، فدخلوا مسرعين وألقوا القبض علي اثنين، بينما تمكن ثالثهم من الهروب، وسط عدد من المصلين الذين خرجوا في جنازة لتشييع أحد المتوفين.
تجمع عدد كبير من المصلين خارج المسجد وشاهدوا رجال مباحث أمن الدولة يحملون المقبوض عليهما، وأودعوهما سيارة الشرطة، وطالب عدد من المصلين رجال المباحث بإخلاء سبيلهما، وفرضت أجهزة الأمن كردوناً أمنياً حول المسجد لضبط الثالث. )
http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=68605 )
ولقد علقت على هذا الموضوع من قبل ـ وأعتقد أن الأمر يستوجب اصدار هذا البيان الى الصحافة المصرية الشريفة حتى لا يستخدمها جهاز أمن الدولة فى حربه الظالمة ضد أفراد أبرياء وأقلام شريفة تنشد الاصلاح السلمى حبا فى الاسلام وخوفا على مصر من هوة سحيقة يدفعها اليها أولئك السادرون فى غيهم وظلمهم.
أولا :
كما قلت فان الخبر السابق ملفق بطريقة فاشلة تستخف بعقول القراء وتهدف الى التمهيد لاعتقالات جديدة بين أفراد أسرتى المستضعفين الذين يعانون من فتاوى التكفير و ملاحقات الأمن وتحرش المتطرفين من هنا وهناك . أى إنسان متوسط الذكاء لن تنطلى عليه هذه المسرحية الهزلية . هل يمكن أن تتصور أن يذهب صحفى من (المصرى اليوم ) ـ بدافع ذاتى كأنه يعلم الغيب ـ الى مسجد عمرو بن العاص بالتحديد ومعه مصور يحمل كاميرا ، ويجلسان فى صلاة الجمعة يترقبان ظهور أولئك الأشخاص الذين يهتفون بعبارات قرآنية فيتدخل مخبرو أمن الدولة ليقبض علىهم ، عندها يسرع المصور الصحفى يلتقط صورا فى نفس اللحظة ليحرز سبقا صحفيا ، ويأتى المحرر ليكتب الموضوع بصياغة( أمنية ) توحى بأن القرآنيين (جماعة ) بدأت طورها العلنى بالظهور. مسرحية هابطة لا تقل فى فشلها عن الزعم (بأول ظهور علنى للقرآنيين ) لأن القرآنيين أصحاب تاريخ فى الخطابة فى المساجد من أوائل التسعينيات ـ وقد كوفئوا عليه بالموجة الأولى للاعتقال عام 1987 التى ضمت 28 خطيبا ومفكرا وكاتبا اسلاميا ، أفحموا التيار السلفى فطلب التدخل السعودى فكان ما كان . أى أنه ليس الظهور الأول أو العلنى للقرآنيين ..
على ان هذه السقطة الصحفية من ( المصرى اليوم ) لا تجعلنى أنكر فضلها السابق فى مجال حرية الرأى و الفكر . والصحفية نادين قناوى ـ من المصرى اليوم ـ هى أول من اتصل بى و نشرت تعليقى ، وكان أول تعليق عن اعتقال القرآنيين .
ما أريد التأكيد عليه هو ألا يسمح اى صحفى لنفسه وشرف قلمه أن يكون نابا من أنياب السلطة الغاشمة وهى تفترس مواطنين أبرياء مسالمين يعملون فى الاصلاح .
ثانيا :
ومن هذا المنطلق فاننى أهيب بالصحافة المصرية الشريفة أن تقف صفا واحدا فى سبيل الدفاع عن كل قلم مسالم يطلب الاصلاح السلمى بمناقشة الفكر رأيا برأى أملا فى أن يتم التحول الديمقراطى فى مصر بطريقة سلمية وليس بالطريقة الدموية التى تجتاح منطقة الشرق الأوسط من أفغانستان وباكستان الى العراق و فلسطين و الصومال و السودان ..
لست غريبا عنكم ، فأنا الشيخ الأزهرى الوحيد الذى ضحى بمستقبله فى سبيل التأكيد على ان لحقوق الانسان و حرية الرأى و الفكر و المعتقد جذورا اسلامية اصيلة . ولقد إحتضنت الصحافة المصرية ـ الحكومية و الحزبية و المستقلة ـ مقالاتى و كتبى ـ وهى نفس المقالات والكتب الاسلامية التى أصبحت الآن متهمة بازدراء الدين ..!!
وياله من زمن ردىء حين يتجرأ ضابط أمن على اتهامى بازدراء الدين ..ضابط فى أمن الدولة متخصص فى الظلم والتعذيب يتهم شيخا أزهرىا ومفكرا مسلما أفنى عمره فى البحث و التمسك بالحق ـ يتهمه بازدراء الدين ..وليس هذا بمستغرب فى زمن الفساد أن يقوم المفسدون بمحاكمة المصلحين ، ولكن المستغرب أن تقف الصحافة المصرية الشريفة ساكتة وهى تشهد سلطة غاشمة تقوم بالاجهاز على مشروع فكرى للاصلاح من داخل الاسلام ونجح وصمد وحيدا من عام 1977 وحتى الان . الأكثر استغرابا أن يتطوع بعض الصحفيين ـ الذين يجمعنا بهم شرف الانتماء للقلم والكلمة ـ لخدمة أمن الدولة وطغاتها .
إن وقوف الصحفيين الأشراف على الحياد مرفوض طالما يتعلق الأمر بحرية الكلمة وحرية الفكر . إن وقوف الصحفيين على الحياد مرفوض أيضا وهم يرون أبرياءيساقون الى سلخانات التعذيب لمجرد أنهم يفكرون ويكتبون ينشدون الاصلاح السلمى ، وإن وقوف الصحافة الشريفة على الحياد أمر مرفوض حين تقع عائلات أولئك المعتقلين بين مطرقة بوليس لا يرحم يتابعها ويحصى عليها انفاسها وبين سندان الجماعات المتطرفة التى أخذت من اتهام السلطة الأمنية و الأزهرية لنا بازدراء الدين مسوغا شرعيا لتنفيذ أكذوبة حد الردة أو التهديد بتنفيذها . ليس مقبولا أن تسكت الصحافة الشريفة فى مصر على هذا الظلم ، لأن التضحية بعشرات القرآنيين المستضعفين فى الأرض سيكون مقدمة للتضحية بآلاف ثم بملايين من المصريين فى أتون حرب أهلية قادمة ـ إذا ظلت الصحافة الشريفة تعتقد أن سكوتها من ذهب ..
لقد وقفتم وتقفون ضد كل محاولات الطغاة فى وضع المتاريس فى شارع الصحافة . يبقى ، وانتم أصحاب القلم ـ أن تقفوا بنفس القوة ضد كل اعتداء يقع على اصحاب الرأى من خارج الوسط الصحفى ، وان تقفوا بنفس القوة ضد كل متكبر جبار يظن أن فى مقدوره قهر مواطنين مستضعفين فى الأرض لا حول لهم ولا قوة.
ثالثا :
لقد وقفنا ونقف بمفردنا وبأقلامنا التى لا نملك غيرها ضد الفكر السلفى الوهابى الذى تعتنقه النظم الحاكمة فى مصر و السعودية والخليج ، والذى تعتنقه كل جماعات التطرف والارهاب و الذين يخلطون الدين بالسياسة من أبن لادن الى الاخوان المسلمين .
إن لديهم كل شىء من الأنظمة الحاكمة والمساجد والأزهر والاعلام والتعليم والصحف و القنوات الفضائية و آلاف المعاهد والمدارس و الجامعات و الأندية والمواقع وملايين الأتباع و المنظمات العلنية والسرية ، ونحن لا نملك سوى موقع على الانترنت يعجزون عن مواجهته فكريا فيلجاون للقوة .
نحن نتحداهم فى نقاش مفتوح وهم يردون بالقوة و المدفع الرشاش وأجهزة القمع والأمن و السجن ونيابة أمن الدولة العليا التى تسأل الغلابة المقبوض عليهم ـ بعد تعذيبهم ـ لماذا لا يصلون السنن ؟ طبعا الغلابة مؤمنون ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وليس هذا شأن وكيل النيابة إذا كانوا يصلون أو لا يصلون ـ ولكنه القاع الذى وصل اليه نظام الحكم فى مصر . أن يتم تعذيبك لأنك لا تصلى السنة ، وأن يتم استجوابك لأنك تقرأ وتؤمن بقوله تعالى ( الحج أشهر معلومات ). أى أصبح الاستشهاد بالقرآن الكريم جريمة تستحق الاعتقال و التعذيب..هذا بينما الفساد فى كل شىء والانحلال فى كل مكان ..!!
وكأنما تم اصلاح كل شىء فى مصر و لم تبق مشكلة سوى بعض الأفراد المؤمنين المسالمين الذين لا يجدون ما ينفقون .. هل فرغوا من تعقب الفساد وسرقة ونهب مصر؟ هل وفروا الوظائف للعاطلين و المساكن للمشردين و الرخاء للجائعين فلم تبق إلا معضلة القرآنيين ؟ أم أنهم هم المفسدون فى الأرض المتحكمون بالاستبداد ويريدون قطع دابر المصلحين المسالمين ليخلو لهم الجو ؟
كلها أسئلة تحتاج الى من يتعقلها ..والصحفيون الشرفاء فى مصر وخارجها أولى الناس بأن يطرحوا تلك الأسئلة وغيرها و أن يطالبوا بكف يد السلطة عن التنكيل بحرية الفكر و المفكرين .
والله تعالى المستعان . وحسبنا الله جل وعلا وهو نعم الوكيل ..




اجمالي القراءات 14820