لا تناقش

عمرو اسماعيل في الإثنين ١٦ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في عالمنا من الافضل ألا تناقش أو تتساءل .. حتي تظل آمنا
لا تناقش في السياسة .. فهناك ثوابت أهمها أن طاعة ولي الأمر من طاعة الله ..
لا تناقش في المسجد .. فالله لا يحب الجدل فهو نوع من الفسوق ..
عليك فقط أن تسمع وتطيع .. ليس مهما أن تقتنع .. من أنت لكي تقتنع .. هل أنت عالم في الدين .. في الشريعة والفقه وعلم الحديث .. ألا تعلم أن العلماء هم ورثة الأنبياء وأن لحومهم مسمومة .. وهل يوجد علماء يستحقون الاحترام إلا علماء الدين .. ليس مهما إن كنت حاصلا علي أعلي درجات الثقافة وأعلي الشهادات العلمية في أي مجال .. فأنت لست عالم دين ..
عليك أن تنصت الي خطبة الجمعة بخشوع .. مهما قال الخطيب .. فهو قطعا يعرف أكثر منك ..
لاتناقش في المدرسة .. فالمعلم له الاحترام والتبجيل .. وليس من مهمته في عالمنا أن يقنعك أو يجعلك تفهم .. المهم أن يحشو مخك بالمعلومات الضرورية لكي تنجح في الامتحان .. وليس مهما بعدها إن تذكرتها أم لا ..
لا تناقش في المنزل .. النقاش معناه عدم الاحترام وأنك مشاغب تحتاج التأديب والتهذيب والاصلاح ..
لا تناقش .. عليك أن تحترم ثوابت الأمة والوطن والمنزل والرئيس في العمل ..
وعندها سيرضي عنك الجميع .. اسرتك و زوجتك و زملاؤك في العمل والاهم رئيسك .. فتوجيهاته أوامر ... وتأكد أنك ستترقي في العمل وقد يسعدك الحظ لتصبح مديرا فوزيرا بل ورئيس وزراء كل عمل تعمله هو بفضل توجيهات الرئيس أو الملك الذي يشملنا جميعا بفضله ورحمته وفكره الثافب ..
وتأكد أن زوجتك وأسرتك وأولادك سيكونون عنك راضين طالما يملأ الطعام المنزل و تصبح مصاريف الدروس الخصوصية الضرورية لحشو عقول أولادك بالمعلومات الضرورية للنجاح في الامتحانات متوفرة .. وتستطيع أن توفر لهم السيارة والمنزل والوضع الاجتماعي المتميز .. ليس مهما كيف حصلت علي المال .. ليس مهما إن اضطررت الي النفاق و غض النظر عن الفساد والرشوة فسيأتي عليك اليوم الذي تنهار عليك فيه الرشاوي ويزداد حسابك في البنك .. وتنعم بما كان ينعم به رؤساؤك ..
لا تناقش .. فمن أنت لكي تناقش .. وتتساءل فتسبب الصداع لنفسك ولمن حولك ..
في الدين ليس عليك إلا أن تحفظ ما قاله لك الأئمة الأربعة .. فهم نقلوا اليك ماقاله الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم .. وهو مايكرره شيوخنا الكبار حتي اليوم من تلخيص وتفسير تلك المذاهب .. بارك الله لنا فيهم فقد كفونا تعب التفكير والاحتهاد ..
لايهم إن كان هؤلاء الأئمة كانوا يعيشون في عصر الناقة ونحن نعيش في عصر الصاروخ .. إن كانوا يعيشون في عصر ضوء الشمعة ونحن الآن نعيش في عصر الكهرباء .. كانوا يعيشون في عصر التداوي بالحبة السوداء والرقية ونحن نعيش في عصر زراعة الأعضاء ..
لايهم إن كانوا يعيشون في عصر لم تكن فيه شركات عابرة للقارات ونظام مصرفي معقد يتحكم في الاقتصاد العالمي ..
لاتناقش في السياسة .. فمن أنت .. هل أنت من عائلة مبارك او الاسد أو سليل الملوك ..
هل أنت عضو في لجنة السياسات .. او اللجنة المركزية لحزب البعث .. أو في مكتب الارشاد للإخوان ..
إن أردت أن تناقش فما عليك إلا أن تناقش مصاريف الاولاد مع زوجتك و من سيكسب برنامج ستار أكاديمي وهل مقدمة إليسا أفضل أم مؤخرة روبي ..
من حقك أن تفكر كيف تكسب لقمة عيشك وليس مهما إن كانت من حلال أم من حرام طالما لايعرف أحد مصدرها ..
ولكن ليس من حقك أن تفكر أو تناقش حقوق المواطن والعدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة بطريقة عادلة .. ليس من حقك أن تناقش ما هو معلوم من الدين بالضرورة او الوطنية بالضرورة أو القومية بالضرورة ..
إن أردت أن تكون مزعجا وتناقش وتتساءل .. فعليك ألا تتعدي حدودك وتعرف ما هي الخطوط الحمراء من ثوابت الدين والوطن ..
إن أردت أن تنتقد رئيسا .. فهناك بوش تستطيع أن تنتقده كما تشاء ..
وإن أردت أن تنتقد نظاما فهناك أي نظام غير النظام الحاكم في بلدك تستطيع أن تنتقده كما تشاء .. وياحبذا لو كان هذا النظام هو النظام الصهيوني الغاصب .. فهو من استولي علي فلسطين وهو المسئول عن كل بلاوينا .. من غياب الديمقراطية والحرية الي ارتفاع الاسعار وطفح المجاري ونهب ثروات الأمة وحتي مطبات الشوارع وأزمات المرور ..
وإن أردت أن تناقش مفهوما دينيا .. فلتناقش دين الآخرين .. إن كنت مسلما فلتناقش كهنوتية الكنيسة ... وإن كنت مسيحيا فلتناقش تطرف بن لادن والظواهري ..
أيها المواطن العربي الكريم لا تناقش .. حتي تظل آمنا .. وترضي عنك أسرتك ويرضي عليك مدرسوك وشيوخك في المسجد وزملاؤك ورؤساؤك في العمل .. وقد يبتسم لك الحظ لتصبح وزيرا ورئيسا للوزراء تتلقي توجيهات القائد الملهم .. فتنفذها دون أن تناقش أو حتي تتساءل .. ألم تري عظمة رئيس وزرائنا الهمام .. تلقي التعليمات بتغيير وزير التعليم .. فأقال الوزيرالخطأ .. وزير التعليم العالي .. لأنهم نسوا كلمة التربية عند إصدار التوجيهات ..المهم أنه لم يناقش .. فمن أنت أيها المواطن العادي لكي تناقش ..
اللهم الهمنا الصبر ونجينا من مرض النقاش والتساؤل .. فهو مرض يؤدي الي التهلكة .. وقد يؤدي الي اتهامات التكفير فقطع الرأس أو التفريق عن الزوجة ..أو التخريف فالفصل من العمل .. أو اتهامات العمالة والخيانة فغياهب السجن أو علي الاقل المنع من السفر و الوضع علي قوائم المنع من دخول العديد من بلادنا العربية الأبية ..
اللهم الهمنا الرضا والقناعة بثوابتنا وخطوطنا الحمراء والصفراء .. ففيها العيش الآمن وتربية العيال .. ليصبحوا مثلنا كائنات لا تناقش ..


اجمالي القراءات 9029