دعوة للتفكر بالمنهج (1)

سامر إسلامبولي في الخميس ١٢ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

دعوة للتفكر بالمنهج (1)
أيها الأخوة الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية عربية وبعد
أريد أن أوجه مجموعة من الأسئلة لكم، وأرجو أن تجاوبوا عليها في أنفسكم بصورة موضوعية دون انفعال أو استخدام أجوبة مسبقة الصنع أو استخدام عقول غيركم ؟.
1-إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة ،والصيام، ألم تكن واجبة على من سبقنا من الأمم؟.
2- أليس التاريخ مصدراً للمعلومات ومعرفة للأحداث؟
3- كيف مارس وطبق الأمم السابقة هذه الأمور؟
4- هل القرآن كتاب كوني تجريدي مثل الري&Ce;اضيات ؟
5- أليس الإنسان بحركته الواعية كأسرة ومجتمع هو بُعد من أبعاد الكون ؟
6- أليس النفس الإنسانية وتموضعها في الجسم الذكري والأنثوي بُعد كوني؟
7- هل القرآن نزل للكون أم نزل للإنسان ؟
8- البُعد الإنساني ألا يشمل ويتضمن البُعد التاريخي والثقافي ؟
9- ألم يتناول الخطاب القرآني البُعد التاريخي والثقافي؟
10- ألم يطلب القرآن التواصل مع الأنبياء السابقين؟
11- هل اللسان العربي لسان غيبي نزل ابتداء مع نزول القرآن به ؟
12- اللسان العربي هو صيغة صوتية أم صورة مخطوطة؟
13- الصفة العلمية للسان واحتواء المعاني والمقاصد موجود بالصيغة الصوتية له أم بالصورة المخطوطة؟
14-الصيغة الصوتية للسان هي أول ظهوراً، أم الخط والرسم للألفاظ أولاً ،أم كلاهما ظهرا معاً ؟
15- ألا يوجد في الخطاب القرآني صوراً قد تم تثبيتها من مفهوم الكلمة العام حيث كلما أتت بهذا السياق والإطار يكون المقصد منها هذه الصورة نحو صورة (الذكر والأنثى) التناسلية ؟
16- عدم العلم بسبب حصول الشيء هل يصح أن يستخدم برهاناً لإثبات شيء !؟
17- تكرار ظواهر معينة على وتيرة واحدة هل تفيد في تحديد هوية الفاعل ، أم تفيد أن الأمر يستحق الدراسة لمعرفة سبب ذلك الحصول وما الرابط بينها !؟


أيها الأخوة الكرام ! هذه نماذج للأسئلة وليست للحصر، والمقصد منها إثارة النقاش والحوار، وإعادة النظر في المنهج المطروح عليكم ، فأنا مع التجديد والتحديث، وتوسيع المفهوم القرآني، والتحليق بأجوائه، والغوص في أعماقه ،والأخذ بأبعاده ومستلزماته ومنطوقه ومفهومه ،وعدم التوقف حيث وقف الآباء، لأن الكون (آفاق وأنفس ) لا يتوقف، فهو بعملية امتداد وتوسع وتغير ضمن محور ثابت ليتم حركة السيرورة والصيرورة؛ فأي عملية توقف في دراسة القرآن هي في الحقيقة إخراج القرآن عن مساره الكوني، وبالتالي الحكم عليه بالإعدام والانقراض!.
أيها الأخوة الكرام !إن عملية التفعيل والتحديث للنصوص القرآنية عمل مطلوب،بل واجب، ولكن ذلك ما ينبغي أن يتم على حساب إلغاء صوراًَ ثقافية ثبتها القرآن على وجه من الوجوه ابتداء؛ فكان ينبغي الانطلاق من هذه الصورة الثابتة وتفعيل وتوسيع مقاصد النص في فضائه ضمن ضوابط لسانية وعلمية ودون إلغاء أو نفي هذه الصور، وهذا الكلام ليس عاطفياً ولا بُغية المحافظة على التواصل مع الآخرين، أو خشية القطيعة، أو ما شابه ذلك مما قد يتخيل بعضهم، وإنما هو منهج قرآني قد اعتمده الخالق تبارك وتعالى في صياغة النص القرآني، إذ اعتمد على مفهوم الكلمة لسانياً ( المعنى الواحد للفظة) مع تغير عملية إسقاطها على الواقع حسب الحدث الذي تعلقت به، ومن هذا الوجه ظهرت الصور المتعددة لمفهوم الكلمة الواحد ؛ونلاحظ أن دلالة مفهوم الكلمة قد تحققت في كل الصور التي حدثت مع بعض الفروقات التي اقتضتها زيادة أو نقصان أو تقديم أو تأخير تركيبة الأحرف للكلمة؛ مثل ضرب، يضرب، اضرب ، ضارب ، تضاربا...
- ضرب الله مثلاً .
- ضرب الجندي عدوه .
- ضرب زيد في الأرض سفراً .
- ضَربت النساء بأرجلها.
فمفهوم الضرب لم يتغير، وتحقق في كل هذه الصور ولكن عملية إسقاطه واستخدامه اختلفت حسب اختلاف الحدث ،فصورة ضرب المثل غير صورة الضرب بالأرجل أو ضرب العدو، وكذلك كلمة (أكل )فهي تدل على مفهوم أو معنى واحد ولكن تظهر بصور مختلفة حسب اختلاف الحدث وتعلقها به.
أكل: تدل على مجرد تناول الشيء .
1- أكل الرجل الطعام. إذا تناوله عن طريق فمه.
2- أكل الرجل مال الأيتام . إذا تناوله من غير وجه حق واستخدمه لنفسه.
3- لا تأكل من هذه الشجرة . لا تتناول ثمار هذه الشجرة إن كانت نباتية ، وإن كانت تدل على علاقات اجتماعية يكون النهي عن تناول وتعاطي هذه العلاقات الفاسدة. قال تعالى (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ).

(والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنها تأكلون )
(لكم فيها فاكهة كثيرة منها تـأكلون )
(قالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق )
(كلوا من رزق ربكم واشكروا له )
ففعل (طعم ) وفعل ( أكل ) بينهما علاقة الخصوص والعموم إذ لا يمكن أن يتم فعل (طعم )في الواقع إلا إذا سبقه فعل ( أكل ) . والعكس غير صحيح ، إذ يمكن أن يتم فعل ( أكل ) دون وجود لفعل ( طعم ) ويظهر بصورة أخرى. فلا يصح ضرب صور ظهور الكلمة في الواقع ببعضها أوسحب صورة واحدة لجميع الصور. انظر قوله تعالى (أفرأيتم الماء الذي تشربون ) وقوله (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ) ففعل (شرب ) يدل على مفهوم واحد وهو انتشار وتفشي الشيء وتكراره منته بتجمع متوقف. وهذه العملية تختلف في ظهورها على أرض الواقع حسب تعلقها بالحدث، فإن تعلقت بشيء معنوي مثل (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ) ظهرت بصورة حركة دخول وانتشار الأفكار وتغلغلها في قلوب (عقول ) الكافرين. فعندما يقول الله تعالى (كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) يكون تعلق فعل (أكل ) بصورة تناول الطعام ،وتعلق فعل شرب بصورة دخول وانتشار الماء إلى الجوف .
لذا ينبغي أن ننتبه إلى هذه القاعدة المنهجية التي هي محل اتفاق بيننا وليس اختلاف، ولكن يساء استخدامها وتطبيقها على النصوص والواقع من قبل بعضهم ،وللحديث بقية حسب ما يستجد من الأفكار.

وتقبلوا تحياتي العربية

اجمالي القراءات 12608