إستنساخ الأشياخ

Inactive User في الأربعاء ٢٧ - سبتمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

إستنساخ الأشياخ
كفى صراخأ فى وجوه الناس ايها الوعاظ , كفى كلامأ عن الوعد والوعيد وناكر ونكير وعذاب القبر والثعبان الأقرع , كفى تقديمأ لآيات العذاب على آيات الرحمة , كفى تقديمأ لآيات القتال على آيات المحبة والسلام والتعايش مع الآخرين كفاكم تهديدا ووعيدا كلما صعدتم المنابر أو وعظتم بين المقابر كفاكم فقد مل الناس من أسلوبكم المكرر الذى يفتقر للإبتكار والتجديد , لقد سئم الناس كلامكم عن النار والجحيم والعذاب وشوى الأجساد فى جهنم , لقد رسختم فى عقولهم أن الله تعالى يعذب فقط ويحرق فقط ويدمر فقط ويخلد المذنبين فى جهنم فقط ونسيتم أو أنساكم الشيطان الرجيم أن تذكروا لهم أن رحمة الله العظيم قد وسعت كل شىء وأن الله الرحيم يدعو إلى دار السلام والمغفرة ويدعو إلى سبل السلام وعوامل المحبة الصادقة بين الأفراد والشعوب ويدعو الناس للأمن والطمأنينة ويدعوهم لتكريم الإنسان لأنه سبحانه كرم بنى آدم وحملهم فى البر والبحر وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا0
لماذا لا نغيرأسلوب الخطابة من النهج التقليدى الذى بعتمد على تلقين المستمع لتعاليم الدين دون إشراكه فى قضايا الدين المختلفة والوقوف على أبعاده الفكرية , لو تحول الخطاب الدينى إلى خطاب تحاورى لكان من السهولة واليسر تخريج أجيال من الناس يفهمون الدين ومبادئه عن قناعة دون إرغام وعن حب دون قهر وعن إقبال دون إدبار سوف يفهم الناس مبادىء دينهم بشكل صحيح إذا تعلموا إعمال عقولهم وفهموا أسلوبأ يسيرا للتفكر والتدبر فى كل أمر يهمهم من أمور الدين والحياة فى كل شأن من شئون حياتهم اليومية0
ما هذا الكم الهائل من النسخ المكررة من الأشياخ المستنسخين ؟
إن كلامهم واحد وأسلوبهم لا يتغير ومواضيعهم مكررة ويرددونها كل جمعة وكل خطبة سواء على المنابر أو وسط المقابر بعد دفن أحد الأموات , كلامهم يتركز على التخويف المزعج من عذاب الآخرة ويتحدث بإسهاب شديد عن عذاب القبر وضمة القبر والثعبان الأقرع وناكر ونكير ولا يمكن للإنسان أن يتخيل كيف سيعيش فى القبر ويستيقظ من الموت لكى يجيب على أسئلة الملكين ناكر ونكير وكيف سيكون موقفه من ذلك الثعبان الأقرع الذى سيمزقه إربأ إربا ناهيك عما ينتظره يوم القيامة من جحيم جهنم وعذاب يخلد فيه أبد ألآبدين وإذا قرأت معى كتاب إبن عباس الذى يحكى عن رحلة النبى محمد (ص) ليلة المعراج وأنواع العذاب الرهيب الذى رآه فى جهنم وألوان التعذيب الذى يشيب لهوله الولدان والمخصص معظمه للنساء لا يمكن أن تتذوق طعم الحياة ولا سعادة العيش ولا يمكن أن تكون لديك لحظة من الطمأنينة والأمن وأى أمن وأنت كمسلم تصلى الفروض وتصوم رمضان وتزكى وتسمع هذا الكلام فى كل خطبة دينية وفى كل محفل دينى , إذا كان المسلم الذى يعرف الله ويؤمن به وباليوم الآخر يقال له هذا الكلام صباحأ ومساءأ فما بالك بمن هم ليسوا بمسلمين وأين يذهبون وما هو موقفهم وما هو مصيرهم؟
لماذا لا يتحدثون عن رحمة الله العظيم الذى خلق الإنسان فى أحسن تقويم وفضله وكرمه ؟
لماذا لا يتحدثون عن مغفرته التى شملت جميع العصاة التائبين عن ذنوبهم والتى وصلت لدرجة غفرانه سبحانه وتعالى للمفسدين فى الأرض
( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم)
( فل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعأ إنه هو الغفور الرحيم)
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
( ورحمتى وسعت كل شىء)
أنا واحد من الناس الذين ملوا من الخطاب الدينى التقليدى المكرر وافضل عدم الحضور وعدم الإستماع إليه حتى ينضج وينمو ويتعاظم شأنه ويحترم عقول البشر ولا يفرض عليهم ان يسمعوا بالقوة لصراخ الجهلة وعنف الأغبياء وضجيج المفرغة عقولهم إلا من كل غث لا يسمن ولا يغنى من جوع
أين دعوة المحبة والتصالح والتسامح بين الناس جميعأ حتى لو أختلفت الأديان والملل والنحل والأفكار والتوجهات ؟ أين دعوات السلام وإحترام حقوق الإنسان تلك الحقوق التى لو نجحنا فى توفيرها للإنسان العربى فقد نجحنا فى كل شىء وصرنا فى أعلى عليين بدلأ من القهر والقتل والإذلال تحت عباءة الدين رغم براءة أى دين سماوى من القهر والإرغام والقتل والعنف لأن الله رب العالمين يدعو للمحبة والمغفرة ويدعو إلى دار السلام وإلى سبل السلام
( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى)
( إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء)
ألا من مجيب لهذا النداء؟
نريد خطابأ دينيأ جديدأ يركز على رحمة الله لعباده وعلى حقوق الإنسان ويجعل الوصول للعدل والسلام الإجتماعى من أهم غاياته ويركز على دعوات الرحمة بين الأفراد والشعوب والتسامح وإحترام الآخر وعدم تنصيب الإنسان من نفسه قاضيأ وجلادأ لكل من خالفه الرأى والفكر والدين وعدم إصدار الفتاوى والأحكام العشوائية بتكفير الناس ثم إهدار دمائهم تحت مسميات غريبة ما أنزل الله بها من سلطان
نريد خطابأ دينيأ يحترم عقل الإنسان وآدميته وكرامته ولا يصبحه ويمسيه بالعذاب والجحيم كلما غدا أو جاء ليس فى حياته سوى الرعب من النار وجهنم وعذاب القبر
حتى مل ولم يعد يتأثر بالوعظ المكرر والكلمات التقليدية الباهتة البائتة التى لم يعد لها فى نفسه أى صدى أو أثر يذكر
نريد خطابأ دينيأ يكون فيه المستمع مشاركأ برأيه وإجتهاده وأن يحترم هذا الرأى وذاك الإجتهاد ولا يحتقر ولا يلقى به فى سلة المهملات ولا يتهم صاحبه بالكفر والضلال والخروج من الملة مهما كان هذا الإجتهاد وحتى لو كان مختلفا مع بعض ثوابت الدين فعلى المثقفين والواعين والمستنبطين لحقائق الدين التعامل برفق مع الإجتهاد دون زجر أو قدح أو شتم أو توبيخ أو تكفير لصاحبه ولكن إيضاح للحقائق مع حوار هادف بناء وليس حوارأ للهدم والسيطرة وتدمير الأفكار وتسفيه العقول
لا تشترطوا على الناس أن يكونوا من خريجى أى مؤسسة دينية لأن المؤسسة االدينية المعترف بها من قبل الله تعالى هى المؤسسة التى تعلم فيها جميع الأنبياء والمرسلين وآخرهم محمد وهى مؤسسة الكتاب السماوى وآخرها القرآن الكريم
تلك المؤسسة التى لا يأتيها الباطل من يديها ولا من خلفها وليس لها رجال مخصصون ومعينون من قبل الدولة ولكنها تفتح أبوابها على مصاريعها لكل مجتهد ولكل صالح يبحث عن سبل التقوى فى آيات مولاه العظيم
لا تردوا المجتهدين بحجة أنهم ليسوا رجال دين فكل الرجال وكل النساء مؤهلون لأن يكونوا أحباب الله والدين كل بقدر علمه وجهده وإجتهاده فلا تمنعوا المفكرين من طرح أقكارهم حتى لو بدت غريبة ومناقضة لكم فليس هذا هو المهم لأن المهم ألا تتناقض مع نور الرحمن وليس مع آرائكم وأفكاركم
أخرجوا من القالب التقليدى الممل والمكرر وأدخلوا الناس فى عصر الفكر والإجتهاد الحقيقى فى كتاب الله تعالى وكفى جمودأ وكفى مللا وكفى تكرارأ 0


اجمالي القراءات 11425