ما هي ليلة القدر
ليلة القدر

يوسف ترناصت في الخميس ١٤ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

  سنتطرق في هذا المقال لموضوع ليلة القدر، وبمناسبة حلول العشر الأيام الأخيرة من رمضان، نسأل الله أن يقبل منا ومن جميع المسلمين الصيام والقيام، وصالح الأعمال.

  يقول سبحانه وتعالى في القدر : {..إِنَّ أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ، لَيْلَةُ القَدْرِ خِيْرٌ مِن أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمِ مِن كُلِّ أَمْرٍ، سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ(القدر 1 الى 5)}.

 * " إِنَّ أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ القَدْرِ خِيْرٌ مِن أَلْفِ شَهْرٍ ".

 - المقصود هنا "أَنْزَلْنَاهُ"، أي القرءان الكريم، أنزله سبحانه بأمره، عن طريق الملائكة في ليلة القدر، مـا المقصود بليلة القـدر؟؟؟؟؟؟؟.

  ليلة القدر هي الليلة التي، يقدر فيها سبحانه، الأمر كله (أمر السموات والأرض)، أي كل الأوامر الدورية المقدرة من الله سبحانه، تنزل في هذه الليلة، ومن بعد أن تنفذ الملائكة هذه الأوامر، تتلقى أومر أخرى جديدة تكون في ليلة مباركة أخرى،  كيف ذلك ؟؟؟؟؟؟

  يقول سبحانه في سورة الرحمان الآية 27 : {..يَسْأَلُه مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُو فِي شَأْنٍ}، فالله سبحانه هو الذي يدبر هذا الكون فهو رب العرش العظيم، وكل يوم يصدر الأوامر من الملأ الأعلى (من فوق سبع سموات) الى الأرض، نزولا من السماء، حيث تنزّل الملائكة والروح بالأوامر من الملأ الأعلى، لتلقنها لملائكة الأرض، وبعد أن تلقي الأوامر تبدأ في العروج الى الملأ الأعلى ثانية لتلقي أوامر جديدة وهكذا..يقول سبحانه : {..يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يُعْرَجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُه أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ(السجدة 4)}، لذلك فنزول الملائكة من الملأ الأعلى الى الأرض يتطلب 500 سنة (أي نصف يوم)، كما أن عروجها الى الملأ الأعلى يتطلب كذلك 500 سنة (أي نصف يوم)، وبالتالي فالنزول والعروج يتطلب 1000 سنة (أي يوما كاملا عند الله)، لذلك فالأوامر تنزل من السماء كل ألف سنة، وتنفذ خلال ألف سنة، وعند رأس كل ألف سنة تنزل أوامر أخرى جديدة، أتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت الى القارئ الكريم.

  فليلة القدر تكون مع رأس كل ألف سنة، وسميت بليلة القدر أو الليلة المباركة لأنها الليلة التي تقدر فيها كل الأوامر اليومية لله (وهي ألف سنوية في حساب البشر).

  والوحي القرءاني فهو من الأوامر الربانية التي صادفت تلك الليلة، يقول سبحانه : {..إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِن عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِن رَبِّكَ إِنّهُ هُو السَّمِيعُ العَلِيمُ(الدخان 2 الى 5)}، فهذه الآية توضح معنى الآيات 1 الى 3 من سورة القدر، فالله هنا يقول بأنه أنزل القرءان الكريم في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر، و هذه الليلة يفرق فيها كل أمر حكيم، أي ينزل فيها سبحانه كل أوامره عن طريق ملائكة السماء، وتسهر على تنفيذها ملائكة الأرض، وبعد أن تنتهي من تنفيذها، تتلقى أوامـر جـديدة بعـد ألف سنة أخرى، بينما ألف سنة هذه هي مجرد يوم عن الله، فالله يصدر يوميا الأوامر من السماء الى الأرض، لذلك يقول سبحانه : {..يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يُعْرَجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُه أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ(السجدة 4)}، وقـوله : {..وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ(الحج 45)}.

  * " تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمِ مِن كُلِّ أَمْرٍ، سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ".

 فالملائكة والروح (جبريل) تنزل من الملأ الأعلى كل الأوامر التي يبغي لملائكة الأرض أن تقوم بتنفيذها، فالله سبحانه هو صاحب هذه الأوامر والملائكة هي المنفذة لهذه الأوامر، كل حسب وظيفته كما تطرقنا لذلك أعلاه، يقول سبحانه وتعالى في سورة مريم الآية 64 على لسان ملائكته الكرام : {..وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَه مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيَّا}.

  والليلة المباركة التي أنزل فيها القرءان، كانت إحدى ليالي شهر رمضان، يقول سبحانه : {..شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْءَانَ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ..(البقرة 184)}.

  خلاصــة :

  فالليلة المباركة أو ليلة القدر، تكون على رأس كل ألف سنة، ينزل فيها الله سبحانه كل الأوامر المقدرة منه التي تنفذ على طول ألف سنة، وهذه الليلة قد تصاف شهر رمضان وقد لا تصادفه، و الليلة التي أنزل فيها القرءان قد صادفت شهر رمضان.

 

* هل نزل القرءان مرة واحدة أم مفرقا ؟

  يقول الله سبحانه : {..يُنَزِّلُ المَلاَئِكَةَ بِالرّوحِ مِن أَمْرِه عَلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ أَن أَنْذِروا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ(النحل 2)}، وقوله : {..رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو العَرْشِ يُلْقِي الرُوحَ مِن أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِي(غافر 14)}، فالله سبحانه وتعالى يسخر ملائكته الكرام لتلقين الرسل والأنبياء الوحي، لينذروا الناس بذلك الوحي، والقرءان الكريم قد أنزله الملك جبريل على خاتم النبيين محمد عليه السلام، يقول سبحانه : {..قُل نَزَّلَهُ روحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ لِيُثَبِّتَ الِّذِينَ ءَامَنُوا وَهُدَّى وَبُشْرَى لِلمُسْلِمِينَ(النحل 102)}،  وقوله : {..وَإِنَّه لَتَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ(الشعراء 192 الى 196)}، وروح القدس او الروح الأمين هو جبريل عليه السلام، لقوله سبحانه : {..قُل مَن كَانَ عَدُوَّا لِجِبْرِيلَ فِإِنَّه نَزَّلَه عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدَّى وَبُشْرَى لِلمُؤْمِنِينَ(البقرة 96)}.

  فالقرءان الكريم نزله الروح الأمين (جبريل) على قلب محمد جملة واحدة (أي كاملا)، لكن محمد عليه السلام كان مؤمورا بعدم الإستعجال به الا من بعد أن يقضى اليه وحيه، لذلك فالله سبحانه وتعالى فرق القرءان الكريم بالوحي، يقول سبحانه : {..وَقُرْءَانًا فَرَّقْنَاهُ لِتَقْرَأَه عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً(الإسراء 106)}، كما يقول سبحانه : {..وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًا وَصَرَّفْنَا فِيِه مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهُم يَتَقُونَ أَو يَحْدِثَ لَهُم ذِكْرًا، فَتَعَالَى الله المَلِكُ الحَقُّ وَلاَ تَعْجَل بِالقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُه، وَقُل رَبِّي زِدْنِي عِلْمًا(طه 111)}، ويقول سبحانه : {..لاَ تُحَرِّك بِه لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَه، فَإِذَا قَرَءْنَاهُ فَاِتَّبِع قُرْءَانَه، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ(القيامة 16 الى 18)}، وقوله : {..سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى(الأعلى 6)}.

  وأول مرة التي تلقي فيها محمد عليه السلام القرءان كاملا، كانت الليلة التي رأى فيها جبريل عليه السلام على هيئة، فتدلى من السماء، فأوحى اليه القرءان كاملا، يقول سبحانه : {..وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌّ يُوحَى، عَلَّمَه شَدِيدُ القِوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُو بِالأُفُقِ الأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَو أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، مَا كَذَّبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَرُونَه عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَد رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى، عَنْدَهَا جَنَّةُ المَأَوْىَ، إِذ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى، لَقَد رَأَى مِنَ ءَايَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى(النجم 1 الى 18)}.

- وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى : فهنا يقسم الله سبحانه وتعالى بظاهرة كونية عظيمة، للتنبيه على أهمية المقسوم به، فالنجم عندما ينفذ وقوده، ينفجر، فيهوى ويصبح ثقبا أسودا.

- مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى : هنا يخاطب سبحانه قوم محمد عليه السلام، يقول ما ضل صاحبكم (أي محمد)، وما غوى، أي لا يقول كلاما  فارغا وعشوائيا، أو كلاما من عنده، حيث كان قوم محمد يصفونه بالجنون، وانه شاعر يألف الأقاويل من عنده ويفتري عليهم الكذب، يقول سبحانه : {..وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (التكوير 22)}، ويقول سبحانه : {..فَذَكِّر فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ، أَم يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّص بِهِ رَيْبِ المّنُونِ، قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ، أَم تَأْمُرُهُم أَحْلاَمُهُم بِهَذَا أَم هُم قَوْمٌ طَاغُونَ، أَم يَقُولُونَ تَقَوَّلَه بَل لاَ يُؤْمِنُونَ، فَليَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ(الطور 27 الى 32)}، ويقول سبحانه : {..بَل قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَل اِفْتَرَاه بَل هُو شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِءَايَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ(الأنبياء 5)}، وقوله كذلك : {..إِنَّه لَقَولُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُو بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ، وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العَالَمِينَ(الحاقة 40 الى 43)}، وقوله : {..وَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بَمَجْنُونٍ(القلم 2)}، وقوله : {..وَقَالُوا يَأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلِ عَلَيْهِ الذِّكْرَ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ(الحجر 6)}.

- إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌّ يُوحَى : فالقرءان الذي كانوا يتهمون الرسول بأنه يؤلفه من عنده، يقول سبحانه بأنه ما إلا وحي يوحى الى النبي.

- عَلَّمَه شَدِيدُ القِوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُو بِالأُفُقِ الأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَو أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى : فالروح الأمين (جبريل عليه السلام) هو الذي لقن، النبي محمد الوحي القرءاني، وكان عندها مستوي في السماء (الأفق الأعلى)، فقترب ودنا من النبي وهو منحي ومتدلي، فعندها قد أوحى اليه ما أوحى، ويقول سبحانه : {..إِنَّه لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْد ذِي العَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ، وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ، وَلَقَد رَءَاهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ(التكوير 19 الى 23)}، فالرسول الكريم هنا في الآيات المقصود به الروح الأمين (الملك جبريل عليه السلام)، فهو ذو قوة لذلك قال الله سبحانه في الآية التي نحن بصددها ''عَلَّمَه شَدِيد القِوَى"، وعند ذي العرش مكين، يعني مُسَخّر من عند الله (صاحب العرش) وَطَيِّع وَأَمِين.

  ولقد رءاه بالأفق المبين، أي الأفق الأعلى كما في الآية التي نحن بصددها، أي رءاه في السماء، كما فعل سبحانه مع ابراهيم الخليل، يقول سبحانه : {..وَكَذَلِك نُرِي اِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ(الأنعام 76)}.

 - مَا كَذَّبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَرُونَه عَلَى مَا يَرَى : أي أن محمد عليه السلام حينما رأى جبريل وهو بالأفق الأعلى، رءاه بأم عينيه، يقينا، ولم يكذب به، لذلك قال سبحانه لقوم محمد "أفَتُمَرُونَه عَلَى مَا يَرَى"، أي أتشككونه في ما رءا، وتكذبونه.

 - وَلَقَد رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى، عَنْدَهَا جَنَّةُ المَأَوْىَ، إِذ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى :

  أي أن محمد عليه السلام قد رءا جبريل مرة أخرى، ليس في الأفق الأعلى، ولكن هذه المرة عند سدرة المنتهى، أي عند منتهى السموات السبع، فعندها جنة المأوى، ولكن محمد عليه السلام لم ير الجنة عندها، لأن سدرة المنتهى (منتهى السموات السبع)، مغطاة تماما لقوله سبحانه : "إِذ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى"، أي مغطاة تماما أي إذهب بفكرك الى أبعد مدى، كفرعون وآله حينما أغرقوا في اليم، يقول سبحانه : {..فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُم}، ولأن الجنة لم تراها عين بشر قطعا لقوله سبحانه : {..فَلاَ تَعْلَم نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (السجدة 17)}.

  ربنا لا تؤاخذنا ان أخطئنا أو نسينا.

  ذ. يوسف ترناصت.

  باحث في الثراث الإسلامي.

 

اجمالي القراءات 3486