الفرق بين الجسد والجسم والبدن

يوسف ترناصت في الثلاثاء ١٢ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

  الإنسان له بعدين، البعد الروحي (أي نفسا)، والبعد الجسدي (أي بشرا)، فهو بشرا على الهيئة البشرية التي أرادها الله أن تكون، وهذه الهيئة مكونة من الجسد، وهذا الجسد مكون من عظام ولحم، وأمعاء..الخ، وبه حواس، من لمس وشم ونظر وذوق..الخ.

فما الفرق بين الجسد والجسم والبدن في الذكر الحكيم ؟؟؟؟؟.

 1 : الجسد.

  فالبشر قد سواه الله سبحانه (أي جسده) على هيئته كبشر، والطائر فهو مجسد على هيئته كطائر..وهكذا، فعندما ذهب موسى لميعاد ربه، استغل السامري غيبته وأخرج لبني اسرائيل عجلا مجسدا، أي جسده وسواه صنما، يقول سبحانه : {..فَأَخْرَجَ لَهُم عِجْلاً جَسَدًا لَهُ خُوَّارٌ..(طه 86)}، وقد صنعه السامري من حلي الذهب والفضة، يقول سبحانه : {..وَاِتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِم عِجْلاً جَسَدًا لَه خُوَارٌ..(الأعراف 148)}.

 والملائكة عندما تأتي إلى الرسل والأنبياء تتجسد على هيئة البشر، نقرأ في ذلك قوله تعالى : {..وَاذْكُر فِي الكِتَابِ مَرْيَم إِذ اِنْتَبَذَت مِن أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًا، فَاتَّخَذَت مِن دُونِهِم حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيَّا(مريم 15 و16)}.

  2 : الجسم.

  الجسد ليس هو الجسم، فكل البشر مجسد على هيئة واحدة، كل بشر لديه أرجل وأيدي ورأس، ولسان وشفتين، وعينين..الخ، لكن كل واحد مختلف عن الآخر من حيث، القامة ولون البشرة والشعر، ومن حيث الشدة والضعف،...الخ، يقول سبحانه : {..وَمِن ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاِخْتِلاَفُ أَلْسِنَتُكُم وَأَلَوَانُكُم إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَاتٌ لِلعَالَمِينَ(الروم 21)}.

  يقول سبحانه عن الملك طالوت : {..قَالَ إِنَّ الله اِصْطَفَاهُ عَلَيْكُم وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسمِ..(البقرة 245)}، ويقول سبحانه عن المنافقين : {..وَإِذَا رَأَيْتَهُم تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُم وَإِن يَقُولُوا تَسْمَع لِقَوْلِهِم كَأَنَّهُم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ..(المنافقون 4)}.

   3 : البدن.

  كلمة البدن هي أعمق من الجسم، فإذا كان الجسم يشمل كل الأعضاء الخارجية المكشوفة، فإن البدن فهو يشمل الأعضاء الخارجية والداخلية (الأحشاء)، لذلك لما قال الله لفرعون اليوم ننجيك ببدنك أي ظل بدنه كما هو بأعضاءه الخارجية والداخلية، ولم تتحلل، يقول سبحانه : {..فَاليَوْمَ نُنَّجِيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَن خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ(يونس 92)}.

  وبما أن الجسم ليس هو البدن، فإنه لما جاءت الملائكة الى ابراهيم وهي مجسدة على هيئة البشر، ظن بأنهم بشر فعلا، فقام بإحضار عجلا مشويا وعزمهم على الأكل، فلما رأى أن أيديهم لا يمكن أن تصل إليه، نكرهم، فالملائكة هنا تجسدت فقط على هيئة البشر، بهيئة خارجية فقط، وليس بشرا كاملا لديه أمعاء ومعدة..الخ، يقول سبحانه : {..وَلَقَد جَاءَت رُسُلُنا إِبْرَاهِيمَ بِالبُشْرَى قَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَم فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيدٍ، فَلَمَّا رَءَا أَيْدِيَهُم لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُم وَأَوْجَسَ مِنْهُم خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَف إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لوُطٍ (هود 68 و79)}، فالله يرسل لرسله الكرام وعباده الصالحين الملائكة رسلا يُلَقِّنُونَهُم الوَحْيَ، ويتجسدون لهم على صفة البشر، في حين أنه يرسل للناس رسلا من البشر، يقول سبحانه للرسول الكريم : {..وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيهِم فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنَ كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ، وَمَا جَعْلَنَاهُم جَسَدًا لاَ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (الأنبياء 7 و8)}، ويقول كذلك : {..وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُم لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ..(الفرقان20)}، حيث أن قوم محمد كانوا يطلبون منه أن يأتيهم بالملائكة، ولأن الملائكة لا يمكن أن ترى على هيئتها (ما عدا عند لحظة قبض الروح)، فهي تتجسد على هيئة البشر، يقول سبحانه : {..وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَو أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنْظَرُونَ، وَلَو جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيهِم مَا يَلْبِسُونَ(الأنعام 9 و10)}.

   ذ.يوسف ترناصت.

  باحث في الثراث الإسلامي.

اجمالي القراءات 3082