من ف3 : الكتابة عن المزارات:من ج 1 :( البحث فى مصادر التاريخ الدينى : دراسة عملية )
التعليق على ما ذكره ابن بطوطة فى رحلته لمصر المملوكية : ( 2 )

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٨ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

التعليق على ما ذكره ابن بطوطة فى رحلته لمصر المملوكية : ( 2 )

من ف3 : الكتابة عن المزارات:من ج 1 :( البحث فى مصادر التاريخ الدينى : دراسة عملية )

الحياة الدينية المصرية في رحلة ابن بطوطة :

1 ـ قبل أن نتعرف على الحياة الدينية التي سجلها ابن بطوطة عن مصر , يجدر بنا أن نتعرف على ابن بطوطة نفسه , عقليته وتدينه . وابن بطوطة لم يخرج في ذلك عن مألوف عصره ولم يختلف كثيراً عن الرحالة المغاربة الذين مروا بمصر في طريقهم للحج ، وأشهرهم ابن جبير الذي زار مصر في عهد صلاح الدين الأيوبي , والعلوي الذي قام برحلته بعد ابن بطوطة بعشر سنوات سنة 736 هجرية .

2 ـ والطابع العام للتدين منذ القرن الخامس الهجري هو الإعتقاد في الأولياء وكراماتهم وجدوى التبرك بهم وزيارتهم على النحو الذي كان منتشراً بمصر والمشرق والمغرب . وفاضت به مصادر التاريخ ولم تشذ عنه كتب الرحالة ومنها رحلة ابن بطوطة .

3 ـ وإذا بحثنا بين السطور عن ملامح ابن بطوطة وجدناه يحفل بالأشياخ ويروى كراماتهم رواية المصدق لها المعتقد فيها ولا يبخل على أربابها بأن يصفهم بالولاية والصلاح والتصرف في ملك الله . من ذلك قوله في أبي عبد الله الفاسي ( من كبار أولياء الله تعالى ) ويقول عن خليفة ( الإمام العلم الزاهد الخاشع الورع خليفة صاحب المكاشفات ) ويقول ( الإمام العالم الزاهد الورع الخاشع برهان الدين الأعرج من كبار الزهاد ) ويقول ( ومنهم الشيخ ياقوت الحبشي من أفراد الرجال وهو تلميذ أبو العباس المرسي تلميذ ولي الله تعالى أبي الحسن الشاذلي ذي الكرامات الجليلة والمقامات العالية ) و ( وبها قبر الشريف الصالح الولي صاحب البراهين العجيبة والكرامات الشهيرة عبد الرحيم القنائي ) .

4 ـ ويلاحظ أنه أسبغ الكثير من محمود الصفات على الأولياء الذين هم من أصل مغربي ، وردّد كراماتهم ، مثل أبى عبد الله الفاسي والمرسي والشاذلي القنائي . وأفرد الشاذلية باهتمام خاص إذ لا يزال هناك أتباع للشاذلية في المغرب، فذكر ورد الشاذلي بأكمله، وتعرّف إلى كبير الشاذلية في رحلته وهو ياقوت الحبشي العرشي .

5 ـ وقد شهد ابن بطوطة في رحلته علو نفوذ الصوفية في دولة الناصر محمد بن قلاوون , وكان في سبيل التحالف معهم قد ضحى بصديقه السابق ابن تيمية عدو الصوفية الأكبر وسجنه سنة 726 أي في نفس العام الذي قدم فيه ابن بطوطة لمصر , وفى سنة 725 افتتح الناصر محمد بن قلاوون خانقاة سرياقوس وجعلها أكبر الخوانق ولشيخها مشيخة الخوانق جميعاً . وأقام احتفالاً بهيجا في افتتاحها . ويذكر ابن بطوطة بناء الناصر محمد لخانقاة سرياقوس إلا أنه يفضل عليها الخانقاة التي بناها السلطان أبو عنان ويصفها بأنه ( لا نظير لها في المعمورة .. بحيث لا يقدر أهل المشرق على مثله ) .ومعناه أن الملوك في المشرق والمغرب اهتموا بالصوفية وبناء الخوانق والزوايا لهم , وافتخر ابن بطوطة بما فعله سلطان بلاده للصوفية وفضله على سلطان مصر .

6 ـ وابن بطوطة يؤمن بكرامات الصوفية وينسب إليهم الكثير من الخوارق حتى في حياته الشخصية ؛ فقد قابل الصوفي برهان الدين الأعرج بالإسكندرية فحمله السلام إلى من زعمهم أخوة له في الهند والسند والصين ، وعزم ابن بطوطة من وقتها على أن تشمل رحلته الهند والصين . ويقابل ابن بطوطة الصوفي أبا عبد الله المرشدي فيتنبأ له بأنه سيزور الهند وسيقع في شدائد يخلصه منها أحد الأولياء من أصدقاء المرشدي , ويؤمن ابن بطوطة بصدق هذه النبوءة , وحين يتعرض لبعض المواقف الصعبة وينقذه بعض الناس يدعوه بالولي الذي تنبأ به المرشدي في مصر .

7 ـ وبسبب إيمان الناس في ذلك العصر بالكرامات كانوا لا يتحرجون من المبالغة في رواياتها والتزايد فيها ، وكل راو يجعل نفسه بطلاً لقصة جرت فيها كرامة للشيخ المقدس، وكيف أن الشيخ قال له كذا أو يا فلان سيحدث كذا .. وينقل الآخرون هذه الرواية مع الزيادات والبهارات وكلها تتمتع بالتصديق بالغاً ما بلغت .

8 ـ وكانت الاسمار والمجالس تدور حول كرامات الصالحين , وابن بطوطة يذكر عن نفسه أنه سمع في أحد هذه المجالس عن الشيخ أبي عبد الله المرشدي وكراماته , يقول ( وكنت قد سمعت أيام إقامتي بالإسكندرية بالشيخ الصالح العابد المنقطع أبي عبد الله المرشدي وهو من كبار الأولياء) ثم يورد ما سمعه عن مناقبه ويقول ( وذلك كله من أمره مستفيض متواتر ) .

9 ـ وقد ذكر ابن الحاج في كتابه المدخل ما اعتاده الصوفية من عقد حكايات السمر وقيامها على المبالغة في سرد الكرامات , يقول ( وكثير منهم يدعي الدين والصلاح وأنه من أهل الوصول ، ويأتي بحكايات من تقدم ويطرز بها كلامه ، وهو مع ذلك يشير إلى نفسه بلسان حاله وأن له عنده طرفاً , وبعضهم يزعم أنه حصل له من ذلك حاصل . ومنهم من له القدرة على تصنيف الحكايات والمرائي التي يختلقها من تلقاء نفسه ) [1]وما اعتبره ابن الحاج نقيصة اعتبره آخرون فضيلة فيقول السخاوي في ترجمة بعضهم . ( كان كثير العبادة تالياً للقرآن ذاكراً لحكايات الصالحين )  [2]فجعل رواية الكرامات فضيلة تعادل تلاوة القرآن ، وبعضهم فضل الصمت تعبداً إلا إذا جاء في الكلام سيرة الصالحين وعندئذ يقطع الصمت وينطلق في الأكاذيب التي يحفظها ويؤمن بها ويعتبر روايتها فضيلة دينية ، من ذلك ما يقال في ترجمة الشيخ محمد المغربي أنه ( كان بارعاً في استحضار حكايات الصالحين ونقلها مع غلبة الصمت عليه ) [3] ووصفوا الشيخ الغفاري بغلبة الصمت عليه إلا إذا جاءت سيرة الصالحين (فعند ذلك يورد الحكايات العجيبة واللطائف الغريبة )  [4].

10 ـ ففي ذلك العصر كان اختلاق الكرامات فضيلة دينية تزدان بها مجالس السمر . ولم يتخلف ابن بطوطة عن الركب فروى من ذلك الكثير وادعى حدوث بعضه له من ذلك ما زعم من رؤياه التي رآها في زاوية أبي عبد الله المرشدي ، وكيف أن المرشدي كاشفه بالرؤيا أي أخبره غيباً بما رآه ابن بطوطة في منامه.

11 ـ ثم نرى ابن بطوطة معتقداً في التبرك بالصالحين فهو يقول عن المرشدي ( ومنذ فارقته لم ألق في أسفاري إلا خيراً ) هذا مع الشدائد التي أفاض في ذكرها طيلة رحلته، ثم يقول ( وظهرت على بركاته ) وكان إذا سمع بولي مشهور بادر بزيارته وإذا سمع بمكان معروف بالتبرك أسرع للتبرك به ، يقول (وبمدينة عيذاب مسجد ينسب للقسطلاني شهير البركة رأيته وتبركت به ).

إذن فابن بطوطة في عقيدته وعقليته لم يختلف عن عقيدة العصر وعقليته سواء في مصر أو خارجها ، ولذا جاءت كتابته عن الحياة الدينية معبرة عن خلجات العصر في مصر وخارجها.  

ويمكن أن نحدد ملامح مصر الدينية في كتابات ابن بطوطة في النواحي الآتية:

الإعتقاد في الكرامات:

1 ـ وقد أورد ابن بطوطة الكثير منها مصدقاً لها ومؤمناً بها  مثل ما يذكره عن أبي عبد الله الفاسي من أنه كان يسمع رد السلام عليه إذا سلم من صلاته ، ومن أن الرسول صلى الله عليه وسلم زاره في المنام ودعاه لزيارته في المدينة فحج إلى المدينة وأعد له الرسول في - المقصورة – مأدبة غداء فأكل منها هو وأصحابه ثم رجع بدون أن يحج إلى الكعبة , وقد نبه ابن الحجاج في المدخل على تطرف الصوفية في ادعاء المنامات وكثرة أساطيرهم عن رؤية النبي عليه السلام ووصف ذلك بالكذب  [5].

2 ـ وذكر ابن بطوطة كرامة مشهورة منسوبة للشاذلي رواها له ياقوت الحبشي عن أبي العباس المرسي ، وفيها تنبأ الشاذلي بموته في حميثرا , ونحن أمام هذه الرواية الشاذلية إما أن نصدقها وإما نصدق قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ..لقمان34)  فلا يستطيع أن يتنبأ إنسان بمكان موته أو دفنه فذلك علمه عند الله وحده .

3 ــ ويروى ابن بطوطة كرامة اشتهر بها المرشدي في حياته، وترددت تلك الكرامة في مصادر العصر المملوكي، وهو أنه كان يطعم الوافدين عليه بما وقر في ذهنهم أن يأكلوه , يقول ابن بطوطة ( وكنت سمعت أيام إقامتي بالإسكندرية بالشيخ الصالح العابد المنقطع أبي عبد الله المرشدي .. أنه منقطع بمنية بني مرشد ، له هناك زاوية هو منفرد فيها لا خادم له ولا صاحب ، ويقصده الأمراء والوزراء، وتأتيه الوفود من طوائف الناس في كل يوم ، فيطعمهم الطعام ، وكل واحد ينوى أن يأكل عنده طعاماً أو فاكهة أو حلوى فيأتي لكل واحد بما نواه ، وربما كان ذلك في غير أيانه .. وذلك كله من أمره مستفيض متواتر ) .وقد أورد المؤرخ خليل الصفدي أن المرشدي كانت له حيلة في شيوع هذه الكرامة عنه واشتهاره بها , يقول ( وحقيقة الأمر أن هذه الكرامات إنما كانت بصناعة مكررة بينه وبين قاضى مدينة فوة ، فإنهما كانا روحين في جسد , وكان قد تحصن بالشيخ – أي احتمى به – فلم يقدر قاضى القضاة ولا أحد على عزله .. ولم يبق له دأب إلا تلقى من يصل من ذوى الأقدار قاصداً زيارة الشيخ لأن فوة طريق منية مرشد , فإذا وصل الزاير أنزله وأضافه وشرع في محادثته ومحادثة من معه حتى يقف على ما في خواطرهم ,وما يقترحونه ثم إنه يبعث بذلك إلى الشيخ على دواب مركزة في الطريق بينهما ويمده من الأصناف ما لعله لا يكون عنده ويعطيه جلية كل رجل من المذكورين واسمه ) [6] أي كان قاضى فوة عيناً للشيخ المرشدي يمده بأخبار الزائرين ونياتهم . ويذكر أن ابن بطوطة في طريقه إلى منية مرشد للقاء المرشدي مرّ على مدينة فوة , يقول : ( ثم رحلنا إلى مدينة فوة ... وبها قبر الشيخ الولي أبي النجاة .. وزاوية الشيخ أبى عبد الله المرشدي الذي قصدته بمقربة من المدينة ). ولم يذكر ابن بطوطة أنه قابل قاضى فوة  , وربما انتوى ابن بطوطة أن يأكل شيئاً معيناً على عادة زوار الشيخ المرشدي ، ولأنه لم يقابل القاضي فلم يجد ما تمناه من الطعام  وعزف عن ذكر الموضوع , ولو كان قد حدث لهلل وزاد وأفاض في شرح كرامات المرشدي , واكتفى ابن بطوطة بذكر مكاشفة المرشدي له بأنه سيرتحل إلى العراق والترك والهند , ومن المعقول أن يكون ذلك مما شاع عن ابن بطوطة باعتباره رحالة وأوصل قاضي فوة العلم بذلك للمرشدي فقاله لابن بطوطة في صورة نبوءة .

4 ــ وبعض الكرامات التي رواها ابن بطوطة عن المجتمع المصري المملوكي لها جذور فرعونية مثل قوله عن ضريح أبي النجا أنه ( خفير تلك البلاد ) وقد كانت المهمة الأولى للمعبود المحلي في عصر الفراعنة تنحصر في حماية بلده ورعايتها[7] . وقد عادت تلك العقيدة في العصر المملوكي برعاية التصوف حيث انتشر الأولياء وتقديسهم في كل صقع وأسندت لهم نفس المهمة وهى حماية المنطقة , ومن هنا أطلق على الكثير منهم لقب ( خفير تلك البلاد ) فكان أبو النجا خفير فوة وما حولها , وكان ابن الهاروني خفير بلاد البحر[8]ومثله ذو النون الغزي[9] في غزة والفرغل في أبي تيج[10] .

5 ـ ومن العقائد الفرعونية التي أظهرها التصوف في العصر المملوكي ما عرف بتطور الولي أو تحوله من شكل لآخر . وقد رأينا ابن بطوطة يحكى كرامة عن الشيخ جمال الدين الساوي حين اعترض قاضى دمياط على أنه حلق لحيته – وكان حلق اللحية عيباً في العصر المملوكي – وتروى أسطورة الكرامة أن الشيخ الصاوي لما عيره القاضي بحلق لحيته زعق فأصبح ذا لحية سوداء عظيمة ثم زعق فأصبح بلحية بيضاء ثم زعق فعاد بلا لحية كما كان , ومعناه أنه تشكل بصور مختلفة أو (تطور) في مفهوم العصر المملوكي , وقد كتب السيوطي رسالة يؤكد فيها إمكانية تطور الولي أو تشكله بصور مختلفة ووجود أكثر من جسد للولي الواحد في أمكنة مختلفة في نفس الوقت ووضع كثير من الأحاديث المكذوبة ليؤكد هذه الفرية وعنوان رسالته ( القول الجلي في تطور الولي )[11]وتشكل الولي بصور متعددة تردد في كتب المناقب وجذور هذه العقيدة ترجع للعصر الفرعوني حيث كان بمقدرة الآلهة التشكل بصور متعددة إنسانية وحيوانية , وعرف المصريون عقيدة ( الكا ) أو القرين وهو كائن روحي يعيش داخل الإنسان والإله ويتفق الكهنة والآلهة بوجود أكثر من ( كا) لهم[12], ومنه أخذ تصوف العصر المملوكي إمكانية أن تدبر روح الولي أكثر من جسد وتقام له أكثر من مقبرة وضريح , ويتشكل في وقت واحد بصور متعددة .

6 ـ ونعود لكرامة الشيخ الساوي ولحيته وكيف أن الأسطورة تنتهي بندم القاضي على اعتراضه على الشيخ ، فقبّل يد الشيخ الساوي وتتلمذ له ،وبني له زاوية حسنة وأوصى عند موته أن يدفن بباب الزاوية حتى يطأ قبره كل داخل لزيارة الشيخ . والمتمعن في نهاية الأسطورة يدرك إلى أي حد كان الصراع محتدماً بين الفقهاء والصوفية في العصر المملوكي ، وانعكس ذلك على تأليف الكرامات فجعلت تعاقب العلماء المنكرين وتجعلهم يندمون أشد الندم على اعتراضهم على الأولياء ويرضون لأنفسهم بالذل والمهانة ليرضى عنهم الشيخ الصوفي , ومن نافلة القول أن نذكر أن المصادر التاريخية المعاصرة للشيخ الساوي لم تذكر هذه الحادثة إطلاقاً وإنما أشيعت بعد موته وتلقفها ابن بطوطة من ألسنة الناس فرواها مصدقاً لها كالعهد به .

7 ـ وهناك كرامة أخرى متأثرة بالعقائد الفرعونية وهى التي رواها ابن بطوطة عن المنبر الذي أرسله السلطان إلى المسجد الحرام بمكة عبر النيل ولما وصل المنبر إلى ساحل منفلوط رفض أن يسير مع شدة الريح ، وانتهت الأسطورة بحمل المنبر إلى جامع منفلوط , يقول ابن بطوطة مؤمناً بحدوث القصة وداعياً لتصديقها ( وقد عاينته بها ) أي ذهب للمنبر إياه وعاينه بنفسه ليتأكد من الحادثة . وفى العصر الفرعوني اعتاد الكهنة حمل تمثال الإله في زورق يمر في النيل وسط الجماهير المحتشدة , ويسأل الناس الإله المزعوم عن أمور غيبية فيتثاقل الزورق على حامليه فينوء الحاملون به ذات الشمال أو ذات اليمين أو للأمام أو للخلف بيسر أو بعنف وفى كل حركة لها رمز يفسرونه إجابة على السؤال الذي طرحه السائل [13]. ومعلوم أن الكهنة هم الذين يقومون بتلك الحركات المزعومة, ولأنه لم يعد الناس يعتقدون في أصنام للآلهة فقد تحورت العقيدة لتناسب الحال ولتأخذ شكلاً جديداً, فلا يزال أهلنا في الريف يعتقدون أن الولي يتحرك في نعشه حين يحمله الناس على أعناقهم , بل ويطير بالنعش من مكان لآخر , ثم توسعوا في الإيمان بهذه الأسطورة فأصبح من حق كل إنسان أن يتحرك به نعشه إذا مر على مكان عزيز لديه أو يتوقف منتظراً وصول بعض الأحباء الغائبين إلى آخره من أساطير يؤمن بها الناس في الريف المصري ، كما لو كان الفلاح المصري وحده دون العالمين هو صاحب الحق في التحرك في نعشه بعد أن يموت .

8 ـ ومن الصور الأخرى للعقيدة الفرعونية في تحرك تمثال الإله في زورقه ما أشاعه أهل منفلوط عن توقف المنبر أمام مدينتهم حتى احتملوه لمسجدهم , وللآن لا يزال أهلنا في الريف يعتقدون أن الغريق في النيل إذا قيل له ( حوّد يا طالب الدفنة ) بادر الغريق بالانحراف نحو الشاطئ ليدفن .



[1]
المدخل لابن الحاج 2/201

[2] الضوء اللامع 4/19 ونحوها 3/135 .

[3]أخبار القرن العاشر . مخطوط ورقة 74 .

[4] المرجع السابق29 .

[5] المدخل 2 /201

[6] الصفدي . أعيان العصر . مخطوط . 6/1/ 48 : 49 .

[7] أحمد زكى بدوى : تاريخ مصر الاجتماعي 29

[8] أنباء الغمر 2/ 250

[9]الضوء اللامع 3/ 222.

[10] مناقب الفرغل . مخطوط 27

[11] رقمها في دار الكتب في المخطوطات : 72 مجاميع تيمورية رقم 11 في المجموعة

[12]عبد العزيز صالح حوليات القاهرة 27 /175 .

 

[13] سونيرون : كهان مصر القديمة 104 .

اجمالي القراءات 4609