نحو مفهوم واضح للتقاليد الامازيغية الاسلامية بمنطقة سوس

مهدي مالك في الأربعاء ١١ - سبتمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

نحو مفهوم واضح للتقاليد الامازيغية الاسلامية  بمنطقة سوس

مقدمة لا بد منها                                   

يبدو ان التيار السلفي قد انتقل الان الى السرعة القصوى  مستغلا مجموعة من الاسباب و السياق السياسي الراهن و المتميز بانتشار النزعة الوهابية في صفوف عامة الناس بغية تدمير اسس الهوية الامازيغية في المغرب عموما و منطقة سوس خصوصا..

يبدو ان فقهاء تيار الاسلام السياسي قد وجدوا الفرصة المناسبة لقول ما يريدون من الاتهامات المعروفة تجاه ثقافة سوس الامازيغية و تقاليدها بدون اية محاسبة قانونية او اخلاقية حتى حيث ان هذا الامر اعتبره امتدادا لايديولوجية الظهير البربري المدبرة للحقل الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى يومنا هذا اي ان الفقهاء عامة و فقهاء تيار الاسلام السياسي خاصة لهم الحق ان يهاجموا الثقافة الامازيغية باعتبارها نعرة جاهلية لا علاقة لها بالاسلام من قريب او من بعيد حسب منهجهم السلفي .

ان هذا الامر اعتبره كذلك امتدادا طبيعيا للوهابية التي دخلت الى المغرب منذ سنة 1979 بايعاز من طرف الجهات العليا للقضاء على اليسار و على الامازيغية وقتها...

و الان نحصد ثمار هذه السياسة الايديولوجية على مختلف مناحي الحياة العامة كاننا نعيش في بلد اخر غير المغرب المتميز باسلامه المتجذر عبر 14 قرن من التعايش السلمي بين الامازيغيين و الدين الاسلامي و التعايش السلمي بين المنظومة الامازيغية و الاسلام كقيم عليا و روحية حيث نجد في منطقة سوس ما يسمى بالمدارس العتيقة منذ قرون عديدة و  قراءة الحزب الراتب بعد صلاة الصبح و بعد صلاة المغرب كتقليد امازيغي منذ الدولة الموحدية و ما ادرك ما الدولة الموحدية .

ثم نجد في منطقة سوس كذلك الشعر الديني الامازيغي سواء في فن احواش او في فن الروايس او فن بعض المجموعات العصرية من قبيل مجموعة ارشاش الغنية عن التعريف و مجموعة الانوار الخاصة بالامداح بالامازيغية ..

و الى جانب كل هذا هناك تقاليد امازيغية اسلامية اي استمرت بعد اسلام اجدادنا الامازيغيين من قبيل العرف الامازيغي و نظام الكيد و السعايا و عادة بلماون التي تقام في كل عيد الاضحى كمناسبة اسلامية لها رمزتها الكبيرة في قلوب مسلمي العالم الخ بمعنى ان عادة بلماون هي عادة قديمة ما قبل الاسلام لكنها استمرت بعد الاسلام في بوادي سوس المحافظة من طبيعة الحال دون ان نسمع ان فقيه ما قد حرم هذه العادة الداخلة في نطاق الفرح و الاستمتاع باجواء العيد في المجال القروي و في المجال الحضري مع تنامي وعي الجمعيات الامازيغية باهمية الحفاظ على هذا التراث و تنظيمه  لتفادي وقوع اشياء تتعارض مع الاذاب العامة من قبيل الاغتصاب الخ ..

و هناك عادة امعشارن التي تقام في يوم 10 محرم من كل سنة في اقليم تزنيت الخ من من هذه العادات و التقاليد الامازيغية الاسلامية اي تمارس في الجو من الاحترام و الوقار المعروفان في منطقة سوس منذ قديم الزمان باعتبارها واحة للعلم الشرعي و للتقاليد الامازيغية الاسلامية في نفس الوقت

             الى صلب الموضوع              

ان الجهوم على الامازيغية و عاداتها من طرف نخبتنا الدينية الرسمية ليس بالشيء الجديد بل هو شيء قديم يرجع الى عهد اختراع اهل فاس لاكذوبة الظهير البربري سنة 1930 بهدف منع ترسيم العرف الامازيغي في اطار الدولة الوطنية بعد سنة 1956 و بهدف الفصل التام بين الامازيغية كهوية اصلية للمغرب و الاسلام كدين اغلبية المغاربة حسب اعتقادي المتواضع اي منذ سنة 1956 تم ابادة  الاسلام الامازيغي كما نسميه اليوم و اظهار اسلام المخزن و تقاليده الجهوية بمعنى محور فاس الرباط سلا بكل وضوح.......

انما الشيء الجديد و الخطير في نفس الوقت هو ظهور فقهاء الاسلام السياسي على يوثوب يتحدثون بالسوسية لاستقطاب العامة من الناس نحو ايديولوجيتهم التي تتعارض بشكل كلي مع الامازيغية بشموليتها و التي تحرم كل عاداتنا الامازيغية الاسلامية بدون اي استثناء كاننا كفار لا نصلي و لا نصوم شهر رمضان الخ من فرائض ديننا الحبيب .

و كاننا مفروض علينا اذا اردنا ان نكون مسلمين حقيقيين الرجوع الى سلفهم الصالح كما يقولون لنا عبر خطابنا الديني الرسمي في المغرب او عبر خطاب تيارات الاسلام السياسي بمعنى علينا ان نغزو البلدان الكافرة من اجل نشر الاسلام حسب زعمهم  و ان نستمتع بنساءها في عز النهار تحت ذريعة تفسيرهم القديم لايات ملك اليمين .........

و علينا كذلك ان نطبق الشريعة الاسلامية كنظام كامل و علينا ان نتخلى عن تقاليدنا الجاهلية مثل بلماون و امعشارن و حتى قراءة الحزب الراتب باعتباره ليس من تقاليد سلفهم الصالح بمعنى علينا ان نتخلى عن جاهلتنا الامازيغية من اجل الدخول في جاهلية اخرى الا و هي الجاهلية الاعرابية لكنها لبست ملابس الاسلام منذ عهد الدولة الاموية .

ان مشكلة هؤلاء الفقهاء هي انهم غارقين في الفقه القديم اي لا يستطيعون التعامل مع الامازيغية كثقافة اسلامية تنويرية تحب الفرح و الرقص في كل مناسباتنا الدينية و عند رجوع الناس من الديار المقدسة او ما يسمى عندنا بتغرا ن لحج اي ان فقهاء الاسلام السياسي يحاولون تشويه كل تقاليدنا الامازيغية الاسلامية تحت ذرائع مختلفة من قبيل الاختلاط بين الرجال و النساء في فن احواش او في فن الروايس...

و من قبيل هذه العادة او تلك العادة لا تتناسب مع المنهج السلفي كاجتهاد فقهي لم يعد صالحا لعصر الدول الحديثة و لم يعد صالحا لديننا الاسلامي اليوم في دول الشرق الاوسط و دول شمال افريقيا لاننا نريد الدين الاسلامي ان يكون دينا للمستقبل و للدولة المدنية و ليس دينا للماضي و لدولة الخلافة فقط.............

انني اعتقد ان مفهوم التقاليد الامازيغية الاسلامية اصبح واضح و صريح لدى الكل لان بعدما تم صياغة قانون تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وفق ايديولوجية المخزن و وفق ايديولوجية ما يسمى بالتيار الاسلامي و المصادقة عليه في البرلمان بعيدا عن انظار الحركة الامازيغية صار من الضروري التفكير في بدائل اخرى للدفاع عن القضية الامازيغية امام خطر مخططات تيارات الاسلام السياسي لابادة اسس الهوية الامازيغية في المغرب عموما و منطقة سوس خصوصا ..........

المهدي مالك                                       

اجمالي القراءات 3068