إبن الجوزى ( 510 : 597 ) من أبرز رُسُل الوحى الشيطانى للمحمديين ( 2 )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢١ - أغسطس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

إبن الجوزى ( 510 : 597 ) من أبرز رُسُل الوحى الشيطانى للمحمديين ( 2 )

ثانيا :

وأنكر ابن الجوزى تأييد الغزالى وتشريعه لبعض ملامح الدين الصوفى ، وهى متناقضة ، ومنها :

 الزهد :

  قال ابن الجوزى منكرا على أبى حامد الغزالى فى ( الإحياء ) فى موضوع ( الزهد )

 1 : ( لقد عجبت لأبي حامد الغزالي الفقيه كيف نزل مع القوم من رتبة الفقه إلى مذاهبهم حتى إنه قال : "  لا ينبغي للمريد إذا تاقت نفسه الى الجماع أن يأكل ويجامع فيعطي نفسه شهوتين فتقوى عليه . " . قال المصنف رحمه الله : "وهذا قبيح في الغاية، فان الإدام شهوة فوق الطعام فينبغي أن لا يأكل إداما والماء شهوة أخرى." )

  2 :  ( قال أبو حامد : " ينبغي أن لا يشغل المريد نفسه بالتزويج فانه يشغله عن السلوك ويأنس بالزوجة ، ومن أنس بغير الله شغل عن الله تعالى " . قال المصنف رحمه الله : " وإني لأعجب من كلامه .! أتراه ما علم أن من قصد عفاف نفسه ووجود ولد أو عفاف زوجته فانه لم يخرج عن جادة السلوك ، أو يرى الأنس الطبيعي بالزوجة ينافي أنس القلوب بطاعة الله تعالى ؟ والله تعالى قد منّ على الخلق بقوله وجعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة؟   )

  3 : ( ولست أتعجب من المتزهدين الذين فعلوا هذا مع قلة علمهم ، وإنما العجب من أقوام لهم عقل وعلم وكيف حثّوا على هذا وأمروا به مع مصادمته للعقل والشرع ؟ وقد ذكر الحارث المحاسبي في هذا كلاما طويلا ، وشيّده أبو حامد الغزالي ونصره . والحارث عندي أعذر من أبي حامد ، لأن أبا حامد كان أفقه ،غير أن دخوله في التصوف أوجب عليه نصرة ما دخل فيه .). أى يصبّ ابن الجوزى إنكاره على الغزالى اكثر من إنكاره على داعية الزهد الحارث المحاسبى ، هذا لأن إبن الجوزى يعتبر الغزالى ضليعا  فى الدين السنى فكيف ينحاز الى التصوف والزهد على حساب دين السُّنة .

  4 : (  قال أبو حامد  : " فمن راقب أحوال الأنبياء والأولياء وأقوالهم لم يشك في أن فقد المال أفضل من وجوده وإن صرف إلى الخيرات . إذ أقل ما فيه اشتغالهم باصلاحه عن ذكر الله عز وجل ، فينبغي للمريد أن يخرج من ماله حتى لا يبقى له إلا قدر ضرورته ، فما بقي له درهم يلتفت إليه قلبه فهو محجوب عن الله عز وجل.". قال المصنف : وهذا كله بخلاف الشرع والعقل وسوء فهم للمراد بالمال." ) ( وأعجب لسكوت أبي حامد بل لنصرته ما حكى وكيف يقول أن فقد المال أفضل من وجوده وإن صرف إلى الخيرات ولو أدعى الإجماع على خلاف هذا لصح ولكن تصوفه غيّر فتواه )

5 : ( قال أبو حامد الغزالي : " اذا أكل الانسان ما يستلذه قسا قلبه وكره الموت ، واذا منع نفسه شهواتها وحرمها لذاتها إشتهت نفسه الإفلات من الدنيا بالموت . " قال المصنف رحمه الله : " واعجبا كيف يصدر هذا الكلام من فقيه ؟ )

6: ( وقد ذكر أبو حامد الطوسي في كتاب ذم المال في قوله عز وجل : (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) قال إنما عنى الذهب والفضة إذ رتبة النبوة أجل من أن يخشى عليها أن تعبد الآلهة والأصنام وإنما عنى بعبادته حبه والاغترار به ." قال المصنف رحمه الله : وهذا شيء لم يقله أحد من المفسرين )

7 : ( وقد حكى أبو حامد عن سهل أنه كان يرى أن صلاة الجائع الذي قد أضعفه الجوع قاعدا أفضل من صلاته قائما إذا قواه الأكل . قال المصنف رحمه الله .: هذا خطأ ، بل إذا تقوى على القيام كان أكله عبادة لأنه يعين على العبادة ، وإذا تجوع إلى أن يصلي قاعدا فقد تسبب إلى ترك الفرائض فلم يجز له . ولو كان التناول ميتة ما جاز هذا فكيف وهو حلال ؟ ثم أي قربة في هذا الجوع المعطل أدوات العبادة ؟! )

 السماع :

هو حفلات الصوفية للغناء والرقص والوجد. وجعلوها دينا . ومنه التطرف فى الإعجاب وضعوا له مصطلح ( الوجد ) ، ومن عاداتهم عند التطرف فى الاعجاب أو ( الوجد ) أن يتظاهر أحدهم بالإغماء أو يقوم بتقطيع ملابسه ، وصنعوا لهذا تشريعات فقهية على أنها عبادة . وأجاز هذا الغزالى وحرص على أن يؤسس له تشريعا . وأنكره ابن الجوزى. يقول :

  1 :( قال المصنف رحمه الله : " وقد احتج لهم أبو حامد الطوسي بأشياء نزل فيها عن رتبته عن الفهم ، مجموعها أنه قال ما يدل على تحريم السماع نص ولا قياس ..) وبعد إستطراد فى ذكر حججهم قال ابن الجوزى : ( قال المصنف رحمه الله : " قلت وإني لأتعجب من مثل هذا الكلام .. )

 2 : ( وقد قال أبو حامد : " من أحب الله وعشقه واشتاق إلى لقائه فالسماع في حقه مؤكد لعشقه . " قال المصنف رحمه الله قلت : " وهذا قبيح أن يقال عن الله عز وجل يعشق. )

  3 : يقول ابن الجوزى:  (  فصل وأما تقطيعهم الثياب المطروحة خرقا وتفريقها فقد بينا أنه إن كان   صاحب الثوب رماه إلى المغني لم يملكه بنفس الرمي حتى يملكه إياه فإذا ملكه إياه فما وجه تصرف الغير فيه ، ولقد شهدت بعض فقهائهم يخرق الثياب ويقسمها ، ويقول : هذه الخرق ينتفع بها وليس هذا بتفريط " . فقلت : وهل التفريط إلا هذا . ورأيت شيخا آخر منهم يقول : " خرقت خرقا في بلدنا فأصاب رجل منها خريقة فعملها كفنا فباعه بخمسة دنانير. ".  فقلت له : " إن الشرع لا يحيز هذه الرعونات لمثل هذه النوادر .".  وأعجب من هذين الرجلين أبو حامد الطوسي ، فإنه قال : " يباح لهم تمزيق الثياب إذا خرقت قطعا مربعة تصلح لترقيع الثياب والسجادات فإن الثوب يمزق حتى يُخاط منه قميص ولا يكون ذلك تضييعا . " . ولقد عجبت من هذا الرجل كيف سلبه حب مذهب التصوف عن أصول الفقه ومذهب الشافعي ... )

4 :( وقد حكى لي أبو عبد الله التكريتي الصوفي عن أبي الفتوح الاسفرايني وكنت أنا قد رأيته وأنا صغير السن وقد حضر في جمع كثير في رباط ( الرباط هو معبد صوفى يقيم فيه الصوفية بزعم العبادة ) وهناك المخاد والقضبان ودف بجلاجل ، فقام يرقص حتى وقعت عمامته ، فبقي مكشوف الرأس . ( كشف الرأس كان عقوبة ومهانة وإهانة ) . قال التكريتي إنه رقص يوما في خُفّ له ، ثم ذكر أن الرقص في الخف خطأ عند القوم ( أى الصوفية ) فانفرد وخلعه ، ثم نزع مطرفا كان عليه فوضعه بين أيديهم كفارة لتلك الجناية فاقتسموه خرقا , ( أى وزّعوه على بعضهم بعد أن قسموه خرقا ) قال ابن طاهر والدليل على أن الذي يطرح الخرقة لا يجوز أن يشتريها ، ...قال المصنف : " أنظر إلي بُعد هذا الرجل عن فهم معاني الأحاديث فان الخرقة المطروحة باقية على ملك صاحبها فلا يحتاج إلى أن يشتريها . )

التوكل :

كان يعنى عندهم أن يسافر أحدهم فى الصحراء بلا زاد ولا ماء تحت شعار التوكل . وكان هذا مجرد مزاعم لم نقرأ لها تطبيقا فعليا فى تراث التصوف أو فى تاريخ أوليائه . وربما فعله بعضهم فمات جوعا وعطشا دون أن يسمع عنه أحد . هذا مع أن المعروف وقتها أن السفر فى الصحراء غير آمن بسبب غارات الأعراب .  وقد إنتقد ابن الجوزى ما قالوه .( قال المصنف رحمه الله قلت : وقد سبق الكلام على مثل هذا وإن هؤلاء القوم ظنوا أن التوكل ترك الأسباب ، ولو كان هكذا لكان رسول الله حين تزود لما خرج إلى الغار قد خرج من التوكل ، وكذلك موسى لما طلب الخضر تزود حوتا ، وأهل الكهف حين خرجوا فاستصحبوا دراهم واستخفوا ما معهم.  وإنما خفي على هؤلاء معنى التوكل لجهلهم. وقد أعتذر لهم أبو حامد ( الغزالى ) فقال : "لا يجوز دخول المفازة ( الصحراء ) بغير زاد إلا بشرطين، أحدهما : أن يكون الإنسان قد راض نفسه حيث يمكنه الصبر على الطعام أسبوعا ونحوه، والثاني أن يمكنه التقوت بالحشيش ، ولا تخلوا البادية من أن يلقاه آدمي بعد أسبوع أو ينتهي إلى حلة أو حشيش يرجى به وقته ".  قال المصنف رحمه الله : قلت أقبح ما في هذا القول انه صدر من فقيه ... )

 الانحلال الخلقى

جعله الصوفية دينا حيث تفرغوا للبطالة يعيشون فى الأربطة والزوايا والخوانق عالة على من ينفق عليهم من الحكام والفاسدين من أتباعهم ، ولا يعملون سوى الأكل والشرب وحفلات السماع ويمارسون الشذوذ والزنا. ومن كان يعيش منهم خارج مؤسسات التصوف أقاموا حفلات للسماع يستحضرون فيها الصبيان الذين يتخذونهم للشذوذ ، وألبسوهم ملابس مزينة وزينوا وجوههم ب ( الماكياج ) ويرقصون معهم علنا ، وإستمالوا اليهم النساء والصبيان ، وأفسدوا الزوجات على أزواجهن ، وضموا النساء والصبيان اليهم بإلباسهم (الخرقة ) أو شعار التصوف . قال ابن الجوزى : ( قال ابن عقيل نقلته من خطه : " وأنا أذم الصوفية لوجوه يوجب الشرع ذم فعلها منها : أنهم اتخذوا مناخ البطالة وهي الأربطة فانقطعوا إليها عن الجماعات في المساجد فلا هي مساجد ولا بيوت ولا خانات ( فنادق ) ، وصمدوا فيها للبطالة عن أعمال المعاش ، وبدنوا ( عودوا ) أنفسهم بدن البهائم للأكل والشرب والرقص والغناء ، وعولوا على الترقيع المعتمد به التحسين تلميعا والمشاوذ بألوان مخصوصة ( أى كانوا يقومون بترقيع ملابسهم بقطع قماش زاهية ملونة للتاثير على العوام )، أوقع في نفوس العوام والنسوة من تلميع السقلاطون بألوان الحرير. واستمالوا النسوة والمردان ( الصبيان ) بتصنع الصور واللباس ، فما دخلوا بيتا فيه نسوة فخرجوا إلا عن فساد قلوب النسوة على أزواجهن ، ثم يقبلون الطعام والنفقات من الظلمة والفجار وغاصبي الأموال ، كالولاة والأجناد وأرباب المكوس ، ويستصحبون المردان في السماعات يجلبونهم في الجموع مع ضوء الشموع ، ويخالطون النسوة الأجانب ، ينصبون لذلك حجة إلباسهن الخرقة،( أى إدخالهن التصوف وأخذ العهد عليهن ) ، ويستحلون بل يوجبون إقتسام ثياب من طرب فسقط ثوبه ، ويسمون الطرب وجدا ، والدعوة وقتا ، واقتسام ثياب الناس حكما .( أى جعلوا تشريعات لما يفعلونه وجعلوا لها مصطلحات )،  ولا يخرجون عن بيت دعوا إليه إلا عن إلزام دعوة أخرى ، يقولون أنها وجبت . ) ويفتى ابن الجوزى يقول : ( واعتقاد ذلك كفر وفعله فسوق ) ويقول  عن أبى حامد الغزالى : ( قلت : سبحان من أخرج أبا حامد من دائرة الفقه بتصنيفه كتاب الإحياء ؟ فليته لم يحك فيه مثل هذا الذي لا يحل .! . والعجب منه أنه يحكيه ويستحسنه ويسمي أصحابه أرباب أحوال .! . وأي حالة أقبح وأشد من حال من خالف الشرع ويرى المصلحة في النهي عنه، وكيف يجوز أن يطلب صلاح القلوب بفعل المعاصي ،وقد عدم في الشريعة ما يصلح به قلبه حتى يستحل ما لا يحل فيها ، وهذا من جنس ما تفعله الأمراء الجهلة من قتل من لا يجوز قتله ويسمونه سياسة . ). أى كما يستحل الحكام الظالمون قتل الأبرياء تحت مسمى السياسة فهؤلاء الصوفية يقترفون تلك المعاصى على أنها دين . وأولئك الحكام السفاحون يعطون الأموال والقرابين لأولئك الصوفية إخوان الشياطين . 

اجمالي القراءات 3974