القاموس القرآنى :(إتّخذ ـ يتخذ )( 2 ):إتّخاذ الشيطان وليا من دون الله جل وعلا :

آحمد صبحي منصور في السبت ١٣ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

القاموس القرآنى :(إتّخذ ـ يتخذ )( 2 ):إتّخاذ الشيطان وليا من دون الله جل وعلا :

أولا : الفاطر جل وعلا  

 بين ( خلق ) و ( فطر )

1 ـ ( خلق ) يفيد الخلق من خلق سابق أو الخلق بعد بعد خلق أو ( الجعل ). قال جل وعلا : ( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴿٦﴾ الزمر). أى هناك خالقون ولكن الله جل وعلا هو أحسن الخالقين. قال جل وعلا : ( فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿١٤﴾ المؤمنون ) ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ﴿١٢٥﴾ اللَّـهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٢٦﴾ الصافات ) لذا يوصف الانسان بالخلق ، ومنه خلق الإفك , قال ابراهيم عليه السلام لقومه : ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ﴿١٧﴾ العنكبوت) .

2 ـ  أما ( فطر ) فهو الخلق من لاشىء . الله جل وعلا وحده هو ( فاطرالسماوات والأرض ) ، أى فاطر كل شىء ، لأن السماوات والأرض تشمل ما فيهما ومن فيهما .

3 ـ  لذا لا يوصف بالفاطر سوى رب العزة جل وعلا .

 الله جل وعلا فاطر السماوات والأرض : يأتى هذا فى سياق :

1 ـ أنه جل وعلا لا شكّ فيه . هكذا قالت كل الرسل لأقوامهم :  ( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى )  ﴿ابراهيم: ١٠﴾ . ببساطة متناهية : انظر حولك وتفكر بصدق : من خلق كل هذا ؟

2 ـ الذى لا مثيل له جل وعلا . قال جل وعلا : (  فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿الشورى: ١١﴾

3 ـ جاعل الملائكة رسلا ، وهم بسرعات طيران لا نهائية . قال جل وعلا : (  الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴿فاطر: ١﴾

4 ـ  عالم الغيب والشهادة الذى اليه وحده الحكم فى الاختلافات الدينية بين البشر يوم القيامة بما يؤكد تحريم الإضطهاد الدينى ومحاكم التنفتيش وأنه لا وجود للكهنوت الدينى ولا للسلطة الدينية فى دولة الاسلام . قال جل وعلا : (  قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿الزمر: ٤٦﴾ :

5 ـ فيما يخص موضوعنا ( أنه جل وعلا وحده هو الفاطر الولىُّ المعبود المُستعان به .

5 / 1 : قالها يوسف عليه السلام وهو فى أوج سلطانه : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿يوسف: ١٠١﴾ يوسف )

5 / 2 : وأمر الله جل وعلا خاتم النبيين عليهم السلام ان يعلنها : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗقُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴿١٤﴾ الانعام ). الله جل وعلا هو وحده الولى فاطر السماوات والأرض ، وهو وحده الذى يطعم غيره ولا يطعمه غيره ، بينما الأولياء المزعومة فهى مخلوقة وتحتاج لمن يطعمها .  

الأنبياء والمؤمنون يعلنون إيمانهم بالله جل وعلا الذى ( فطرهم ) أى خلقهم من لا شىء ، وهم بذلك يعلنون التحدّى للمشركين وآلهتهم .

1 ـ قالها هود لقومه عاد (يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٥١﴾ هود   )

2 ـ وقالها ابراهيم لقومه :

2 / 1 : ( إنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٧٩﴾ الانعام  )

2 / 2 : ( قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٦﴾ الانبياء )

2 / 3 :( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴿٢٦﴾ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴿٢٧﴾ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿٢٨﴾ الزخرف)

3 ـ وقالها السحرة لفرعون يتحدُّونه :( قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٧٢﴾ طه )

4 ـ وقالها الرجل المؤمن لقومه فى القرية الظالمة التى كذبت ثلاثة من الرسل : ( وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴿٢٢﴾ يس )

ثانيا : الفطرة : لا تبديل للفطرة

1 ـ خلقنا الله جل وعلا من لاشىء . قال جل وعلا : ( هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴿١﴾ الانسان ). وقال جل وعلا للنبى زكريا : ( وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴿٩﴾ مريم ). أنت قبل مولدك بأعوام لم تكن شيئا مذكورا.

2 ـ بدأ خلق الأنفس كلها مرة واحدة فى البرزخ ، ثم خلق آدم وحواء ، ونفخ النفس فى جسد آدم ثم نفخ النفس فى جسد حواء ، ثم يتم نفخ كل نفس فى الجنين المخصص لها ويولد ذكرا أو انثى ، ثم يقضى الفرد العمر المقدر أن يعيشه فى هذه الأرض ثم يموت بأن تعود النفس الى البرزخ الذى أتت منه .

3 ـ ولأنه جل وعلا قد خلقنا من لاشىء ، فالمعنى أنه ( فطرنا ) . هو جل وعلا قد ( فطر) أنفسنا كلها حين خلقها على أنه ( لا إله إلّا الله ) وأخذ على الأنفس العهد بهذا . قال جل وعلا : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ) ﴿١٧٢﴾ الاعراف). إنها الفطرة المأخوذة من الفعل ( فطر ).  

4 ـ هذه الفطرة  هى الاسلام أو الدين القيّم الذى قال عنه الفاطر جل وعلا يأمر خاتم النبيين : (  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ الروم ) .

5 ـ هذه الفطرة متأصلة في البشر مهما بلغ ضلالهم ، وهى تستيقظ عندما يتعرض الانسان لخطر الموت فيصرخ مستغيثا بربه . والأمثلة كثيرة فى القرآن الكريم ، منها :

5 / 1 :(  هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴿٢٢﴾ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٣﴾يونس )

5 / 2 : ( قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٦٣﴾ قُلِ اللَّـهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴿٦٤﴾ الانعام)

6 ـ وأى ملحد متجرىء على ربه منكر له  وهو مستريح ، فإذا وقع فى مرض ( أو وقفت شوكة فى حلقه) سيصرخ ما إستطاع متضرعا لربه جل وعلا. ومهما بلغ كفره فلن يصل الى فرعون موسى الذى حين أدركه الغرق آمن ( فى الوقت الضائع ) : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠﴾ يونس ) . الكافر يجحد الفطرة ، وهو يعلم بوجودها فى قلبه .

الشيطان يغير الفطرة ( لا إله إلا الله ) الى كفر

1 ـ  تبديل الفطرة يعنى إنكارها بدرجة 100 % . أى إنكار وجود الله جل وعلا. أما تغيير الفطرة فهو تغييرها بدرجة كذا فى المائة . الله جل وعلا أكّد أنه ( لا تبديل لخلق الله ) ، بينما جاءت إشارة الى أن الشيطان يغير الفطرة . الشيطان لا يستطيع إقتلاع الفطرة من داخل الانسان ، فلا يمكن لأى إنسان مهما بلغ كفره أن ينكر وجود الله جل وعلا ، ولكن الشيطان يجعله يغير فطرته بأن يؤمن بالله جل وعلا ويؤمن معه بآلهة أخرى وأولياء آخرين .  

2 ـ معنى الكفر ليس إنكار وجود الله جل وعلا ولكن تغطية الفطرة النقية بالايمان بأولياء وآلهة مع الله جل وعلا . فالكفر يعنى التغطية ( كفر ) يعنى ( غطّى ) ومنها ( الكفارة ) التى تغطى الذنب ، والزارع ( كافر ) بمعنى أنه يغطى البذور بالتراب . قال جل وعلا : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ )  ﴿٢٠﴾ الحديد ) . ولهذا ففى الكفر إيمان بالله ولكنه إيمان قليل لا يأبه به رب العزة جل وعلا إذ يؤمن الكافر بالله جل وعلا ويؤمن بآلهة وأولياء معه . قال جل وعلا : (  بَل لَّعَنَهُمُ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ ﴿البقرة: ٨٨﴾  ( وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿النساء: ٤٦﴾. هنا إيمان قليل يعبر عن كفر يستحق صاحبه اللعنة . فالكفر هو تغيير للفطرة .

إتخاذ الشيطان وليا معبودا من دون الله جل وعلا

1 ـ الشيطان هو الذى يفعل هذا ببنى آدم . هذا ما أعلنه الشيطان : ( وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿  ١١٨﴾   وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ ). تغيير حلق الله أى جعل الفطرة كفرا بالايمان بالله جل وعلا وإتّخاذ أولياء معه .

2 ـ هذا الذى تتغير فطرته بأن ( يتخذ مع الله جل وعلا أولياء وآلهة  ) يكون فى الحقيقة قد إتخذ الشيطان وليا معبودا ، فبقية الآية تقول : (ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا﴿١١٩﴾  النساء ).

 3   : فى خاتمة قصة آدم وهبوطه من الجنة وزوجه قال جل وعلا:

3/ 1  : يحذّر بنى آدم من مكر الشيطان : ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ) بعدها قال جل وعلا : (  إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾ الاعراف )

3 / 2 : يحذر بنى آدم من موالاة عدوهم الشيطان : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗأَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴿٥٠﴾ الكهف )

4 ـ : وقد قال جل وعلا عن الضالين : ( وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ) ثم قال عنهم : ( إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴿الأعراف: ٣٠﴾ . فالشيطان يُقنع أولياءه أنهم مهتدون ، فيحسبون أنهم مهتدون .

5 ـ ولهذا حذّر رب العزة جل وعلا المؤمنين من إتخاذ الشيطان وليا فقال : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴿فاطر: ٦﴾.

6 ــ ووعظ رب العزة جل وعلا المؤمنين بأن يخافوه جل وعلا وحده ، لأنهم إذا لم يتقوا رب العزة سيصبحون أولياء للشيطان وسيخيفهم الشيطان من كل شىء ، فهكذا يفعل الشيطان بأوليائه . قال جل وعلا : ( إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٥﴾ آل عمران )

7 ـ الشيطان يدفع أولياءه للكفر العقيدى بعبادة البشر والحجر ، ويدفعهم للكفر السلوكى بالاعتداء الحربى على المسالمين . والذين يعتدون على من لم يعتدوا عليهم يكونون أولياء الشيطان ، وهذا ينطبق على قريش حين كانت تعتدى على المؤمنين فى المدينة ، وينطبق على خلفاء قريش ( الفاسقين ) الذين قاموا بالفتوحات الشيطانية . وهذا هو الفارق بين الذين يقاتلون دفاعا والذين يقاتلون معتدين ، فالمعتدون يقاتلون فى سبيل الطاغوت وهم أولياء الشيطان . قال جل وعلا :  ( الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴿٧٦﴾ النساء ).

أخيرا :

1 ـ حين أخذ الله جل وعلا عهد الفطرة على الأنفس البشرية حذرهم وهم فى عالم البرزخ مقدما ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴿١٧٣﴾ الاعراف ). حذرهم رب العزة مقدما من عودتهم اليه يوم القيامة ضالين وقد إتخذوا الشيطان وليا ، ويعتذرون بالغفلة وإنهم وجدوا آباءهم هكذا فساروا على ما كان عليه السلف : (  أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ )

2 ـ وسيتحقق هذا يوم القيامة حيث سيقول لهم رب العزة جل وعلا يؤنبهم : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٦٠﴾ وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚهَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖأَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴿٦٢﴾ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴿٦٣﴾ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿٦٤﴾ يس )

3 ـ إذا كان بنو آدم لا يرون الشيطان وقبيله . فكيف يتخذونه وليا ؟

اجمالي القراءات 4179