تائبون أم لاعبون ؟؟

Inactive User في الجمعة ٢٢ - سبتمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

تائبون أم لاعبون ؟
كلنا نعلم ان التوبة مكونة من عدة عناصر مهمة تبدا بالجهالة ويقصد بها فعل الذنب عن جهل بعقوبته أو فعله أثناء كون الإنسان فى حالة فقدان للعقل والتوازن الطبيعى وهو عندئذ سيكون ذنبا يتيمأ لا يتكرر فإذا تكرر فقد صفة الجهالة وانتقل إلى صفة التعمد والإستباحة:
( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة)
ثم عامل الزمن حيث يجب ان يكون قصيرا ولا يمتد ليشمل عمر الإنسان او معظمه
( ثم يتوبون من قريب) أى بسرعة ولا يغرقون فى الذنوب طيلة عمرهم ثم يتوبون بعد المرض العضال او اثناء قدوم ملك الموت لينتزع نفوسهم فيعلنون توبتهم فيكون جزاؤهم العذاب والذل
ولا ينتظر الإنسان لحظة الموت ليتوب فيها :
( وليست التوبة على الله للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الآن)
وكذلك من يموت على الكفر:
( ولا الذين يموتون وهم كفار)
ومعروف أن التوبة النصوح مكونة من شطرين أساسيين مرتبطين ببعضهما إرتباط الجسم بالقلب وهو إعلان التوبة لله تعالى سرا وبدون وساطة بشرية او كهنوت ثم إصلاح ما أفسدت يداه فى الحياة الدنيا , ولا يمكن الإستعاضة بأحد الشطرين عن الآخر وإلا صارت هذه التوبة نوعأ من اللعب والإستهتار ومن يفعل ذلك يلق اثامأ فكيف يستهزىء المخلوق من خالقه الذى اوجده من العدم بقدرته
والذى بيده ملكوت كل شىء وإليه يرجع كل الأمر
الشطر الاول من التوبة سرى لا يعلمه إلا الله تعالى وهو إخلاص القلب لله تعالى والعودة القوية لصراط الله المستقيم ومنهجه الحكيم حيث يعلن العبد امام خالقه وليس سواه انه قد تاب عن كل ما اقترف من ذنوب وآثام وعاد لكنف مولاه راجيأ غفرانه ورضوانه وهذه المرحلة السرية لا يعلمها غير الله تعالى ولكن الناس سوف تلاحظ تغيرأ واضحأ فى سلوك التائب فبعد ان كان فاحشأ فى القول صار عفيف اللسان وبعد ان كان يأكل أموال الناس بالباطل صار يتعفف عن كل ما هو حرام ولا يدخل فى بطنه إلا حلالأ وبعد ان كان مريبأ فى تحركاته اصبح طبيعيأ وبعد ان كان ينظر لهم بحقد وتعالى صار ينظر إليهم بحب وأخوة ورغبة فى الإقتراب منهم وكسب حب قلوبهم وأصبح يرفض عصيان مولاه فى العلن كما يرفض عصيانه فى السر
ألشق الآخر من التوبة والذى لا يمكن فصله عن الشق الأول هو الإصلاح ( فمن تاب وأصلح000) والمقصود بالإصلاح هنا أن يصلح كل تائب منا ما أفسدت يداه بكل ما أوتى من قوة وبقدر المستطاع وان يبذل قصارى جهده فى عملية الإصلاح هذه فلا يعقل مثلأ وجود تاجر مخدرات كوّن ثروة طائلة من هذه التجارة المحرمة دينيأ وأخلاقيأ واجتماعيأ ثم يأتى بعد ان صار يمتلك مئات الملايين ويعلن توبته ناسيأ ما قدمت يداه من فواحش وجرائم فى حق البشرية وذنوب لا تسقط بمرور الزمان فأضعف الإيمان لمثل هذا الإنسان ان يقدم ثروته كاملة لإنشاء المرافق من تمهيد للطرق إلى مجارى وكهرباء وخلافه ولا يبقى لنفسه اى شىء يذكر من هذه الأموال المحرمة ويبدأ حياته من جديد فى مهنة شريفة يأكل منها بعرق جبينه فإذا كان قد اصابه الكبر أو المرض ولم يعد قادرأ على العمل فعليه ان يعيش على إعانة محدودة تقرها له وزارة الشؤون الإجتماعية ويزهد فيما تبقى من حياته فقد كثرت ذنوبه وفاحت رائحته لعشرات السنين فكيف تصح توبته وتصبح خالصة لله تعالى وهو لا يزال يأكل من كسبه المحرم ومن مال تجارته التى أفنت الشباب واذهبت عقولهم أدراج الرياح وليس كما نرى فى هذا الزمان العجيب حيث يقوم تاجر المخدرات بعد جمع الملايين من دماء الفقراء والمساكين والمساطيل يأتى ليقوم ببناء مسجد او ملجأ للايتام أو يقوم بدور المصلح الإجتماعى فيشترك فى الجمعيات الخيرية أو يقدم موائد فى رمضان يطلق عليها موائد الرحمن تملؤ شوارع المدن بل والقرى بحجة التقرب إلى الله وهى موائد تم جمع أموال معظمها من سحت وحرام فهذه راقصة تكفر عن ذنوبها بموائد الرحمن وهذا تاجر مخدرات يفعل نفس الشىء وهلم جرة ويبدأ فى التطهر الظاهرى ولكنه يستمر فى قصره الذى بناه من حرام ويأكل أفخر الطعام ويلبس أفخر الثياب ويزوج ابناءه وبناته من هذا المال الحرام وهو يعتقد ان الله قد قبل توبته وانه لا يهم ان يتخلص من ماله الحرام فهو لا شك من الواهمين لأن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين مما اقترفوه من مال محرم وكسب من السحت أو الربا او السرقات أو الأعمال المخلة بالدين والأدب والخلق الرفيع
ونفس الأمر ينطبق على اللصوص حيث وجب عليهم إعادة ما سرقوه إلى أصحابه وأن يتخلصوا من أموالهم الحرام ليس بحرقها او رميها فى البحر ولكن بإنفاقها على مصالح البلاد والعباد فهى أموالهم سرقت منهم ثم عادت إليهم بفعل التوبة إلى الله والعودة لكنفه سبحانه وحيث أن الرشوة من أقبح انواع السرقة فينطيق عليها ما ينطبق على السرقات
ألتوبة تستلزم من التائب ان يصنف توبته فإذا كانت من النوع الذى ينهب فيه الناس كأن يبيع لهم القدم موائد فى رمضان يطلق عليها موائد الرحمن تملؤ شوارع المدن بل والقرى بحجة التقرب إلى الله وهى موائد تم جمع أموال معظمها من سحت وحرام فهذه راقصة تكفر عن ذنوبها بموائد الرحمن وهذا تاجر مخدرات يفعل نفس الشىء وهلم جرة ويبدأ فى التطهر الظاهرى ولكنه يستمر فى قصره الذى بناه من حرام ويأكل أفخر الطعام ويلبس أفخر الثياب ويزوج ابناءه وبناته من هذا المال الحرام وهو يعتقد ان الله قد قبل توبته وانه لا يهم ان يتخلص من ماله الحرام فهو لا شك من الواهمين لأن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين مما اقترفوه من مال محرم وكسب من السحت أو الربا او السرقات أو الأعمال المخلة بالدين والأدب والخلق الرفيع
ونفس الأمر ينطبق على اللصوص حيث وجب عليهم إعادة ما سرقوه إلى أصحابه وأن يتخلصوا من أموالهم الحرام ليس بحرقها او رميها فى البحر ولكن بإنفاقها على مصالح البلاد والعباد فهى أموالهم سرقت منهم ثم عادت إليهم بفعل التوبة إلى الله والعودة لكنفه سبحانه وحيث أن الرشوة من أقبح انواع السرقة فينطيق عليها ما ينطبق على السرقات
ألتوبة تستلزم من التائب ان يصنف توبته فإذا كانت من النوع الذى ينهب فيه الناس كأن يبيع لهم المخدرات أو يسرق اموالهم أو يتعامل معهم بالربا فيكون الحل بإعادة الحقوق لأصحابها كما أسلفنا وقد يقول قائل أن هناك لصأ او تاجر مخدرات قد انفق كل ما معه من أموال على كثرتها وصار بلا مال فماذا يفعل فنقول طبعأ يتوب وهو ليس محتاجأ لمن يفتش على ماله فمن الطبيعى أن من يعود لخالقه راجيأ رضاه وغفرانه لن يستبدل السرقة بالكذب على الله وعباده فينكر ما عنده من مال حرام معتقدا ان الله سيتغاضى عن ذنوبه رغم إصراره على تكملة حياته من المال المحرم فهو واهم لأن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور
أما الجرائم التى فيها ظلم وافتراء على خلق الله كحاكم مثلأ يعذب شعبه بالقوة والجبروت ويلقى بالأبرياء فى السجون بغير محاكم ويقتل منهم الآلاف فى مقابر جماعية أو يأمر جنوده بإستئصال قرى بل ومدن عن بكرة ابيها ثم يأتى بعد ذلك يحمل كتاب الله بين يديه مدعيأ التقوى والورع والخوف من الله العلى الكبير فأى توبة يتوبها امثال هؤلاء الفجرة الفسقة الذين عذبوا وقتلوا وأحرقوا ودمروا وسجنوا الملايين ظلمأ وسرقوا الأموال وانتهكوا الأعراض وسلبوا الحريات وداسوا على الكرامة الإنسانية وبغوا فى الأرض بغير الحق فإنما بغيهم على أنفسهم ولعنهم الله وأعد لهم عذابأ عظيمأ
وللفنان التائب –بمعنى الممثل --- نقول له كما أسلفنا فى مقال سابق عن أى شىء تتوب؟ هل تتوب عن جميع أعمالك من أفلام ومسلسلات وغيرها ؟ أم تتبرأمن بعضها وتتمسك بالبعض الآخر؟ الا يمكن ان تتوب عن الفن الشرير الذى ينشر الرذيلة والتعرى والخلاعة وتستبدله بفن راق يحث على مكارم الأخلاق وتتبنى نشر الهدى بدلأ من الضلال ونشر الحشمة بدل من التعرى والسفور ونشر المحبة بدلأ من الحقد والكراهية ونشر النور بدلأ من الظلام ونشر معالم الكرامة الإنسانية بدلأ من الذل والتخبط ونشر السلام بين الشعوب ونبذ الفرقة والتمزق اليس ذلك بأفضل لكم ايها التائبون من إخلاء الساحة الفنية لقوم سيجربون حظهم فى الضلالة أولأ ثم يتوبون مثلكم بعد فوات الأوان ؟؟ أنتم الآن تائبون والطبيعى أنكم تائبون عن الضلال والشر فلماذا لا يستبدل ذلك بأعمال تصلح فى الحاضر ما أفسدتموه بأعمالكم الخليعة فى الماضى ؟
ومن العجب العجاب اننى عندما اقلب مفتاح الريموت كونترول لأشاهد بعض القنوات فإننى أرى ممثلأ معينأ يقوم بدور صحابى جليل فى مسلسل او فيلم يعرض على قناة معينة فإذا غيرت القناة إلى اخرى وجدت نفس الممثل يلبس المايوه على البلاج وأمامه نساء عاريات بالمايوه ايضأ 00 نفس الممثل يا سادة فهل هذا يليق وهل تتجزأ الأاخلاق ؟ونحن نعلم أن الشيطان الرجيم عندما تسبب فى إخراج آدم وحواء من الجنة كان بسبب انه ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما أليس كذلك؟
وهناك ذنوب لم يعلمها إلا الله ولم يطلع عليها سواه مثل الأحقاد والضغائن الخفية والغل والحسد وكلنا يعلم ان الله الأحد سيحاسب الناس على ما يجول فى نفوسهم من خير أو شر:
(إن تبدو ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء)
وغيرها من الذنوب التى لم يعلمها إلا الله تعالى مثل الزنا وما شابهه فموقفها توبة نصوح لمالك الملك لا يعود بعدها المخطىء إلى المعاصى أبدا ما دام حيأ وان يعترف المذنب بجريمته ويصلح ما أفسدت يداه بأن يتزوج من اخطأ معها ويصر على أن يطهر نفسه من كل رجس ودنس وأن يعيش فى كنف الرحمن وأن يصر من أعماق قلبه الا يعود لمثل تلك الذنوب وليس كما يحدث فى الزمان العجاب الذى نعيش فيه حيث ينكر المجرم جريمته ويتنكر الآباء لأطفال انجبوهم من حرام وأحيانأ من حلال كما يهرب الإنسان من فعلته متصورأ أن الله تعالى سيغفر له دون ان يصلح ما افسد ودون ان يعترف بخطئه ويطهر نفسه من رجس الشيطان الا إنهم واهمون
لن يرد الله تعالى عبدأ تائبأ خائبأ ابدا فبابه مفتوح على مصراعيه يقبل التوبة عن عباده حتى من أولئك الذين اسرفوا على انفسهم يجب عليهم الا يقنطوا من رحمة بارئهم لأنه يغفر الذنوب جميعأ ما عدا الشرك الذى يموت عليه صاحبه مصرأعلى كفره
( قل يا عبادى الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعأ إنه هو الغفور الرحيم)
وهكذا نجد أن التوبة إلى الله كائن حى محكوم بزمن وعلم وصحوة وتقوى وإصلاح ولقد جعل الله التوبة مقترنة بكل العبادات وجعل من صفات عباده الأبرار انهم (توابون) اى كثيرو التوبة ولا يكفون عن الإستغفار والعودة لكنف الواحد القهار والتوبة تغير جذرى من الشر إلى الخير ومن الظلام إلى النور ومن الضلال إلى الهدى ومن الكفر إلى الإيمان ومن الشرك إلى عبادة الله بلا شريك ومن الفسق إلى االخشوع لله الأحد ومن العصيان إلى الطاعة ومن النقص إلى الكمال ومن الرذيلة إلى الفضيلة ومن القبح إلى الجمال ومن الكذب إلى الصدق ومن الحرام إلى الحلال ومن الربا إلى التجارة ومن الفجور إلى الخضوع لله الكبير المتعالى , فالتوبة ليست كلمة طائرة تقال وتنسى فليس مع الله العظيم يلعب العقلاء واصحاب الفطنة والذكاء فلم يكن العلى القدير من اللاعبين – حاشا لله --- ولكن الحقيقة ان الكثيرين من التائبين لاعبون 0

اجمالي القراءات 11945