(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖفَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚوَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
الدخول في دين الله.

يحي فوزي نشاشبي في الجمعة ٠٨ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

                      بسم الله الرحمن الرحيم

                    ***** 

                        الدخول  في  دين الله

من حين  لآخر نطلع على " فيديوهات " عبر الإنترنيت  لأفراد، وربما جماعات، اهتمت بالإسلام، وبلغ بها الإقتناع درجة نية الدخول في دين الله. وهكذا نرى ذلك الشخص واقفا وسط جموع، من : إمام  مسجد  مثلا، أو أستاذ، أو مرشد، وهو يلقنه الشهادة، والمعني باذلا قصارى جهوده لينطق بها نطقا واضحا مفهوما وصحيحا، لا سيما عندما نعلم أن ذلك المعني يكون غالبا ذا لسان أعجمي، تصعب عليه أيما صعوبة مخارج بعض الحروف، منها مثلا حرف الحاء، وحرف الهاء، وحرف الغاء، والراء، إلخ...

 

وأما عن سبب اللجوء إلى تدوين هذه الملاحظات فلأنها تفرض نفسها في كل مرة، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر ما يلي:

01)لأن المعتقد هو أن الإدلاء بأية شهادة والتصريح بها هي مسؤولية، وأيما مسؤولية، لاسيما عندما تتعلق بنية الإعتراف بوحدانية الله سبحانه وتعالى، والمفروض من أول شروطها أن يكون الشاهد واعيا وفاهما وعارفا فحوى ونص ما يتلفظ به، وما هو ذاهب إليه ومتحمله، وهنا تحضر الآية رقم: 18 في سورة : آل عمران. (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ َلا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ). وبدون هذا، تتحول عبارات الشهادة عندما تفرض على ذلك الشخص الذي لا يعرف شيئا عن اللغة العربية – ستتحول إلى نوع من طقوس غريبة غير مفهومة أو إلى تمتمات  تكون أقرب من طلاسم.

02)وما دام الله  العلي العظيم هو صاحب الآيات، ومن آياته اختلاف ألسنتنا، وهو الذي صرح في حديثه المنزل أنه ما كان ليرسل رسولا إلا بلسان قومه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖفَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚوَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) سورة ابراهيم ىلآية 04.

 ثم الآية الأخرى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) 43/ النساء.

 

03)بل إن ذلك الإنسان الذي هداه الله، واهتم، وقرر دخول دين الله يستحيل أن يكون بلغ ذلك الإقتناع لولا كونه أولا علم ووعى وفهم ما هو مقدم عليه، وعليه، فإن بيت القصيد هو الفهم وليس اعتقال لسانه المسكين وليّـه ليّا، وحمله على التلفظ بما يشبه لغة عربية  باهتة، وكأنها تنتمي إلى أصحاب كهف من كهوف كوكب غريب، وبالتالي فالمقصد هو الفهم، وبأىة طريقة كانت، أولغة كانت، ما دامت الطرق والألسن كلها آيات من آياته سبحانه وتعالى.

04)وما دام ذلك كذلك، ألا يمكن أن يكمن الصواب في أن ترجمة عبارات التشهد والإدلاء بالشهادة، ترجمتها بلسان فصيح، أي بلسان ذلك المهتم؟ مصداقا لقوله (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ...) ؟ ثم بعد ذلك، المجال يبقى مفتوحا ومفسوحا للمعني إذا رغب أن يجتهد لاحقا في سبيل تعلم ذلك اللسان الذي أرسل الله به عبده ورسوله محمدا  إلى قومه – عليه الصلاة والتسليم - 

05)وقد يتبادر إلى المرء، عندما يشاهد مثل هذه المشاهد التي ترينا عملية أو احتفال استقبال شخص عزم على اعتناق الدين الإسلامي  بالطريقة المشار إليها أعلاه، قد يتبادر إلى ذهن الملاحظ أن في الأمر نوعا من تكلف وحرج وإحراج، بل وحتى تخوف، وليس بسبب فرض اللغة العربية على من لا  يعرفها، بل بتخوف آخر، وهو أن يكون ذلك الشخص دخل في دين الله من باب ضيق مفعم بتساؤلات وحتى تناقضات لا علاقة لها بالدين أصلا. ولأمر ما فإن ذلك الشخص الأمريكي المسمى (جيفري لانغ) بعد أن اقتنع الدين الإسلامي، وهو عالم في الرياضيات، بعد أن درس واجتهد وتفحص بكل ما أوتي من إرادة وإخلاص، خلص إلى هذا التصريح الذي ما زال مؤشرا ذا أهمية لا يستهان بها، ويمكن أن يعتبر تصريح وتساؤل هذا الداخل في دين الإسلام حديثا، (مربط الفرس)، إذ جاء تصريحه متسائلا  : ما دام  القرآن  منزلا من عند الله العلي القدير، وما دام الله لم يفرط  فيه من شئ، فلماذا إذن كل هذه الملحقات التي ألحقت به وكبلته ؟ بل وقد  تحولت  إلى  شريك له ؟ 

********

اجمالي القراءات 4862