جريمة قتل واغتصاب جماعية تحت غطاء ديني
فلما قضوا منهما وطرا ذبحاهما وتركاهما في العراء

نهاد حداد في الجمعة ٠١ - فبراير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

فكرت كثيرا قبل أن أعطي لنفسي الحق للحديث عن لويزا ومارين ، الطالبتين الاسكندينافيتين اللتين ذبحتا بدون رحمة ولا شفقة ! بطريقة قمة في الوحشية ، ماذا أقول؟ هل من حقي التحدث عن وحشية الوحوش التي لا تقتل إلا لتعيش ومقارنتها بمن يقتل ويشمت ولا غد لما يفعل ؟ هل من حقي المقارنة بين وحوش الادغال الجائعة ووحوش امليل الضالة ؟ 
حتى الوحوش الضارية لاتلهو بفريستها وقد فعل فساق امليل ذلك ! 
وحوش عفنة لا نظافة في قلوبهم ولا في مظاهرهم الوسخة ! 
للقلوب الرحيمة الحساسة أقول توقفوا عن القراءة هنا ، فما سيأتي مقزز مقرف عفن ، لكننا لن نتوانى في وصفه حتى نشم رائحة العفن المقدس ! ونرى بأعيننا المريضة ونسمع بآذاننا اسم نبينا يُلفظ اثناء الذبح ويقرن بهذه الجريمة النكراء حيث يشرعن كل مكبوت مريض لمرضه ويعلق كل فاسد غسيله الدنس على حبله ! 
لويز ومارين ، هذان اسماهما، فانا ارفض اعتبارهما نكرتين، سائحتين وكفى ! بل انسانتين لهما وجود في قلوب اقربائهم وأحبائهم ووالديهم واخوتهم وأصدقائهم! لهن وجود في ذاكرة تلامذة وطلبة اقتسموا معهما طاولات دروس! وجود في ذاكرة اساتذة ومعلمين، وجود في ذاكرة أطباء عالجوا جراحهن ! وجود سيظل محفورا في ذاكرة من عثر على أشلائهن! وجود في ذاكرة كل من اطلع على الفيديو الذي تداوله العالم بأسره ( و بأي حق ؟  ) لفتاة لاحول لها ولاقوة، تصرخ مستغيثة من حرقة السكين ولا مغيث!!! أي منكر هذا وأي عبث وأي لا إنسانية عوملت بها فتاة بريئة في مقتبل العمر ؟ اي ذنب ارتكبتاه سوى انهما صدقتا انه مازال هناك مكانآمن فوق الارض ! 
حين يحلل علماء النفس شخصية القتلة فإن أهم شيء يشيرون إليه هو أن القاتل أثناء ارتكابه الجريمة ينسلخ عن انسانيته كما ينزع صفة الانسانية عن ضحيته حتى يستطيع القيام بفعلته ! وإلا فإنه لن يستطيع القيام بجريمته ! 
ولكن كيف يستطيع أربعة أشخاص أن يحسوا بنفس الشيء في نفس اللحظة وبنفس الجرأة وانعدام الضمير وكذا برود الاعصاب والشماتة في نفس الوقت إلا لو كان لديهم ايديولوجية مشتركة او شماعة مشتركة يعلقون عليها فعلتهم الشنيعة؟ 
أُصبت بعد ذبح داعش لأحد  ضحاياها والذي رأيته على فيديو في اليوتوب بفقر دم حاد بعد رفضي أكل اللحم لعدة شهور وكدت أفقد  حياتي بعدها ومازلت لحد الآن آخذ أدوية بسبب ذلك ،وتعجب الجميع ان ذلك لم يمنعني من رؤية فيديو ضحية امليل ؟  
وبختني احدى صديقاتي التي عايشت مرضي بعد فيديو داعش ! والغريب انني لم اكتف برؤية او سماعي الفيديو مرة واحدة ، بل عذبت نفسي برؤيته مرات ومرات حتى لا انسى ! 
لا يجب ان ننسى! 
تلك الصرخة لايجب ان تُنسى بل يجب ان تبقى وصمة عار في آذان الانسانية! لفتاة لاحول لها ولاقوة ! 
وقع ذلك منذ اسبوع ، والساعة الان الخامسة صباحا ومازال صوت لويزا وهي تصرخ يرن في أذني كنذير شؤم لما يخبؤه الارهاب للانسانية جمعاء! 
فكرت مليا قبل ان اكتب ولكنني لن اتنكر لتلك الصرخة، لتلك الاستغاثة ! لاحتضار الانسانية وتوقف الكون عن الحركة ! 
 مضى الآن شهران على الحادث، ومازلت لم أستطع إكمال الكتابة عن الجريمة، واقسم بالله مازال صوت تلك الصرخة المجروحة يرن في أذني لحد الآن ! ( واذكر انها اربع صرخات متتالية ).
قبل ان استمر، اود ان اشير الى ان ما سيلي له هدف واحد، هو فهم نفسية وايديولوجية وعادات سفاحي امليل ! لن نتحدث عن الغياب الامني الذي ادى الى ترك فتاتين مسكينتين تلقيان مصيرا لايمكن ان تتمناه لاعدى اعدائك ! ولكننا سنترك ذلك لمن يهمهم الامر ! 
للاشارة، فان البرد ليلتها كان قارسا جدا، وهو كذلك بسبب الارتفاع الشاهق لتلك الجبال وكذلك لكون الفصل فصل شتاء طبعا، لذلك فان المرشدين السياحيين اللذين يطلعون الى الجبل يفعلون ذلك فوق بغالهم ! وخوفا على البغال من برودة الليل القارسة، وخوفا من هلاك بهائمهم، فهم يضطرون للنزول من الجبل مساء للعودة الى التسلق في اليوم الموالي ! 
لعلك ايها القارئ الكريم تتساءل عن علاقة هذا بذاك ، ولذلك كل العلاقة ، فالضحية قبل الذبح، كانت عارية الا من الملابس الداخلية، وهي ملقاة على وجهها ! كان السفاحون يرتدون ملابس ساخنة خوفا على انفسهم من البرد الشديد وقساوة الطبيعة، ومع ذلك، لم تهتز فيهم ذرة انسانية لتغطية الضحية قبل قتلها وتصوير بطولتهم الجبانة ! كيف يمكن ان يغيب الضمير والانسانية الى هذا الحد الا اذا كان الجناة يحملون حقدا دفينا للاخر !
كان ذلك الجسد الناصع البياض هامدا جامدا، واظن انها ولاخر لحظة كانت تظن ان الامر سوف يقتصر على الاغتصاب فقط وانهم ربما سيتركونها لحالها بعد ان اشبعوا غرائزهم الحيوانية ! كانت هادئة جدا، ربما تعلمت ذلك في المدرسة، ان لا تثير حفيظة المعتدي عليك حتى لا تثير حنقه فيستمر في تعذيبك ! لاخر لحظة لم تظن انها ستقتل! 
كان احدهم  يقول لشريكه، امسك امسك امسك ! وبقيت هادئة جدا وشجاعة جدا ! ولم تصرخ الا بعد ان احست ببرودة السكين على عنقها ، ولحظتها، لحظتها فقط، لم تكف عن الصراخ والاستغاثة حتى وضع احدهم رجله النجسة الوسخة على وجهها ليفصل العنق عن الحنجرة حتى تكف عن الصراخ، واستمر الصوت المخنوق حينها في الخروج من الحنجرة المفصولة عن الراس في حرقة الم وصوت استمرفي الخروج من الصدر في حشرجة وحرقة لا علم الا لله بها ! 
لم اكن لاصف هذه اللحظة لولا انها ذكرتني بطريقة ذبح اضحية العيد، وكيف ان بعض الجزارين الذين لا يحترمون حتى القربان الذي يقدمونه الى الله فيطؤون على رأس البهيمة لفصله عن الجسد ! حينها تأكدت ، أن هذه ليس اول مرة يذ بح فيها هؤلاء السفاحون ! لقد تمرسوا جيدا على ذبح اضاحي العيد وتعاملوا بنفس الطريقة مع انسانة لاحول لها ولا قوة وكانها بهيمة ! مازلت اذكر لون الحذاء الرياضي الصيني الرخيص الذي كان يرتديه ذلك السفاح، ولك ان تتوقع رائحته القذرة ، حين وضعه على خد تلك المسكينة كي يمنعها من الصراخ ويكسر الحنجرة ! 
القلوب الرحيمة لا قبل لها ولا قدرة لها عالى استحمال هكذا منظر ! 
بعد فصل الرأس ، رمي جانبا ثم اعيد ليوضع على الصدر ثم ليلقى بعد ذلك ككرة متدحرجة وسط الاواني المناثرة هنا وهناك ! 
ماجدوى هذا الوصف المقرف ؟ 
ان نعرف بان تعليم ذبح الاضاحي للابناء لتعليمهم الرجولة لايعلمهم اي شيء سوى انه يجردهم من انسانيتهم ويعودهم على رؤية الدماء فلا يفرقون بعدها بين الانسان او الحيوان ! فان ذلك يجعلهم متمرسين اكثر ومتعودين على الحركات التي يجب فعلها حتى دون التفكير فيها لانها تصبح عادية وحتى ميكانيكية ! مع ان الله عز وجل لم يفرض في القرآن الكريم ذبح الاضحية الا كشعيرة من شعائر الحج وليس كسُنَٓةٍ تتوارثها الاجيال حتى تجردت من انسانيتها ! 
ان الله عز وجل ، حين قدم الحيوان لابراهيم حتى لايذبح ابنه اسماعيل لخير دليل على ان الله عز وجل يرفض قتل الانسان لاخيه في الانسانية ! 
معجزة ابراهيم واسماعيل اكدت بان الله الواحد الاحد تدخل بجلالة قدره ليمنع ذبح الانسان ! وعوض الاتعاض والعبرة ، اصبح الناس بعد ذلك يقدمون القرابين لله عز وجل ظانين انه يفرح لرؤية الدماء وهو القائل جل من قائل : " من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض، فكانما قتل الناس جميعا". 
يا ايها الناس، علموا ابناءكم روح الدين عوض المظاهر ! 
ان يمنع الله ابراهيم من قتل اسماعيل ، لهو اكبر دليل على تحريم قتل البشر لبعضهم البعض ! تلك قصة قرآنية وانجيلية وتوراتية للتفكر والتدبر ، للشعور بالطمأنينة في حضور الخالق ، حتى يطمئن كل انسان على ظهر هذه البسيطة ويقول : ان الله يحبني لذلك حرم قتلي ويجب ان افعل كل شيء لاستحق حب خالقي ! الله يحبك، لذلك افتداك ! فأٓحِسَٓ ايها الانسان بحب خالقك بداخلك، وقدر نفسك تقدير الله لك، وقدر الحياة، حياتك وحياة غيرك، وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وان جنحوا للسلم فاجنح لها ، ولا تظلم ان الله لا يحب الظالمين ! 
يوم يسأل الله هاته الضحية كما سأل الموؤدة اذقتلت ، باي ذنب قتلت؟ ماذا سيجيبون ، بماذا سيجادلون عن انفسهم؟ وباي حق سولوا وسوغوا لانفسهم قتل ابرياء امنين مطمئنين! 
عيد الاضحى ايها الاخوة، شعيرة من شعائر الحج ليس الا، فلا تظلموا الله بتظاهركم بحبه وتفتكوا بملايين الحيوانات كل سنة ظنا منكم بان الله راض عما تفعلون ! ان الله فدى انسانا بحيوان ! اي ان الله قال لابراهيم ، برغم ظنك انني انا من امرتك بقتل ابنك ارضاء لي فلا تفعل فان القتل ظلم عظيم حتى وان ظننت بانك ترضي الخالق ! وكانه عز وجل يقول ، اطعني ياعبدي الا في هذه ! 
لا تقتا انسانا حتى وان كان ذلك ارضاء للخالق، لان الخالق لن يرضى ولا يرضى بذلك، ولك ايها الانسان عبرة كبرى في قصة محاولة ذبح ابراهيم لابنه ارضاء للخالق ! لكن الله أبى ! 
لاطاعة في القتل ! الله يرفض ان يُطاع في القتل لذلك افتدى اسماعيل فتذكروا وتدبروا يا أولي الألباب !  
هذا فقط غيض من فيض ، ولكنني سأخصص مقالا اخر لدراسة سيكولوجية السفاح الذي يبعث غيره لجهنم ليضمن لنفسه الجنة! فهو اذ يقتل، فانه علاوة على حرمانه ضحيته من الحياة يحرمها في ذات الوقت من الجنة التي يتوق اليها هو ! 
الضحية تذهب الى جهنم، والجاني يذهب الى الجنة مع الصديقين والابرار! ياللمفارقة!!
هل يُعقل هذا ؟ كيف تختل الموازين والقيم الاخلاقية الى هذا الحد حتى يضمن السفاح لنفسه الجنة وهو مفسد في الارض؟
ثم يأتي التساؤل المحير، عندما كان أحد السفاحين الثلاثة يصور الجريمة ، كان احدهم يهتف، هذا انتقام لشهدائنا في الهشيم ! وتأتيك لحظة تحاول ان تصدق فيها ان لهؤلاء ا لرعاع السفاحين قضية، لكنك تكتشف بعد ذلك ان مايريدون ان يمرروه كعبادة وجهاد، قد سبقه اغتصاب جماعي للضحيتين ! حينها فقط ، تعرف بان غطاء الدين مهما حاول تبييض وجه الفعل، لا يعدو ان يكون مهزلة سريالية ! 
فهل سمعتم في اي دين او اي ملة مهما كان تطرفها ، ان الالهة تتلذذ بالاغتصاب؟ هل تستطيع ان تفكر للحظة واحدة، ان احد الآلهة البالغ عددها اربعة آلاف المعبودة فوق كوكب الارض، يتلذذ بالاغتصاب ؟ ام ان الجهاد في سبيل الله لايمكن ان يكون خالصا دون تفريغ احط المكبوتات والنزوات ؟ هذا ان كان جهادا؟ 
ماجدوى الاغتصاب اذن اذا كان القتل هنا ابتغاء لمرضاة اله ؟ اله لا وجود له الا في خيالاتهم المريضة! 
لان الله الذي اعرفه واعبده ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ! والاغتصاب فحشاء ومنكر وبغي ! 
اجمالي القراءات 6042