من وحى الموقع4
معنى إيتاء الزكاة

مصطفى اسماعيل حماد في الإثنين ١٤ - يناير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تعبير إيتاء الزكاة لايعنى فى ذاكرة الأمة سوى تقديم الصدقة فهل هو حقا لا يعنى إلا ذلك؟

هناك آيتين كنت أقف عندهما دائما ,الأولى بدايات سورة (المؤمنون) حيث يأتى تعبير فعل الزكاة قبل المحافظة على الصلاة واجتناب الفواحش ورعاية الأمانات فكان فى النفس شيء، إذ كيف يكون مجرد تقديم بعض المال أفضل عند الله من العفة والوفاء بالأمانات بل والمحافظة على الصلوات؟هذه واحدة .والثانية بدايات سورة فصلت حيث يقول جل شأنه (وويل للمشركين الذين لايؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون) ومع إيمانى بأهمية الصدقة ودورها فى تزكية النفس(خذمن أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)إلا أننى كنت أستكثر أن يأتى عدم التصدق مقترنا  بالشرك والكفر فى مرتبة واحدة.

وبتدبر كتاب الله تعالى تبين لى أن مفهوم إيتاء الزكاة أكبر بكثير من

مجرد تقديم الصدقة بل هو يعنى تزكية النفس  بإخلاص الدين لله وحده وإفراده بالعبودية والطاعة واستحضار عظمته وجلاله فى كل حين (قل إن صلااتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين)

 ،يقول تعالى فى سورة البقرة: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖوَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖوَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴿١٧٧ويقول تعالى فى سورة المائدة وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖوَقَالَ اللَّـهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖلَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚفَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١٢وفى سورة المزمل إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚوَاللَّـهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚعَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖفَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚعَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙوَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ ۙوَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖفَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚوَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚوَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚوَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ ۖإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٢٠

 تضمنت بداية آية البقرةإيتاء المال لكل محتاجى الصدقة فما معنى العطف بعد ذلك بإيتاء الزكاة إذا كان هذا الإيتاء لايعنى إلا تقديم الصدقة؟؟ألايعد هذا تكرارا مخلا ببلاغة القرآن الكريم؟وفى آيتى المائدة والمزمل وردتعبير إيتاء الزكاة مشفوعا بإقراض الله قرضا حسنا بل فى سورة المزمل جاء بعده مباشرة فهل من المعقول أن يقول جل شأنه قدموا الصدقة وقدموا الصدقة ؟.

وفى سورة المائدة يقول تعالى:إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴿٥٥إذا كان إيتاء الزكاة لايعنى سوى تقديم الصدقة فكيف يستطيع المرء الراكع الخاشع أن يقدم شيئا؟

وهناك دليل خفى فى سورة المجادلة ولكنه دليل دامغ ولنتدبر الآيتين التاليتىن حيث يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚفَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٢أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚفَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ۚوَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٣
هنا يأمرنا الله تعالى أن نتصدق عند مناجاة الرسول وإن لم نجد فإن الله غفور رحيم ,فى الآية التالية (أأشفقتم أن تقدموابين يدى نجواكم صدقات فإذلم تفعلوا-إذن ليس هناك تصدق-وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)،هل يقبل العقل أن يكون الله تعالى قد تاب عليهم ورفع عنهم هذا التكليف ثم يعيد الأمر إليهم بالتصدق فى نفس الآية؟إنهم يصورون الله جل وعلا كمن يأخذ بالشمال ما سبق ومنحه باليمين أسغتفر الله ،وتعالى جل شأنه عما يقولون علوا كبيرا.

مما يسبق يتبين أن مفهوم التصدق لا يمثل سوى جزء يسير من المفهوم الأعم (إيتاء الزكاة)


 

اجمالي القراءات 7065