من حقوق اليتامى المنسية فى بلاد المسلمين .

عثمان محمد علي في السبت ٠٥ - يناير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

لليتيم فى الدولة الإسلامية حقوق يجب حفظها ومراعاتها وعدم التعدى عليها .وقد جاءت تشريعات أو لنقل أوامر من الخالق جل جلاله  للقائمين على المجتمعات  تحثهم على حفظ حقوق اليتامى المادية (فى المواريث  والممتلكات ) والمعنوية ( فى الرعاية والتربية وامتحانهم  حين يبلغوا رشدهم  فى هل أصبحوا  ناضجين  قادرين على تحمل المسئولية والاعتماد على أنفسهم أم لا  ) .فقال ربنا سبحانه وتعالى مُحذرا ومُنذرا من يعتدون على أموال اليتامى بالعذاب الأليم فى الآخرة فى قوله تعالى  (ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)= النساء 10

وأنا هُنا لا أقصد المعنى العام الذى يتبادر إلى ذهن القارئ من أول وهلة فى أنه ربما يكون التحذير لأهل اليتامى وأقاربهم  والمُحيطين بهم من أكل ميراثهم فى تركة إبائهم وأمهاتهم بالباطل . لالالالا  فهذا شيء مفهوم ومعروف من خلال الآية الكريمة  وما وردت فيه من سياق فى آيات تقسيم وتوزيع أنصبة المواريث . ولكن ما أردت الإشارة إليه هو حقوق اليتامى فى موارد  المجتمع وثرواته الطبيعية التى جعلها ربنا سبحانه للناس جميعا بما فيهم اليتامى فى قوله تعالى (هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ) ، وهذه الثروات مثلا تتمثل فى ( البترول – الأرض التى تبيعها الدولة أو تُخصصها لرجال الأعمال بأبخس  الأثمان – المناجم – الثروات المعدنية – عوائد المشروعات العامة مثل قناة السويس وشركات القطاع العام والحكومى  وهكذا وهكذا وهكذا ) . قد يقول قائل إن كل أموال وأرباح كل تلك الثروات تعود إلى خزينة الدولة أو الإمارة أو المملكة و تقام بها مشروعات يستفيد منها اليتامى مع بقية الشعب  . نعم هذا صحيح ولكن الحقيقة التى نعرفها جميعا ،والتى نهرب منها بالرغم من انه من الواجب والضرورى والحتمى أن نواجهها ولا نهرب منها هى أن توزيع هذه الثروات ليس توزيعا عادلا وأن سادة الدولة أو الإمارة أو المملكة وأسيادها ،وعائلاتهم وملأهم وكهنوتهم  وحاشيتهم وأتباعهم وهم 1 أو 2% من السكان يحصلون على 99% من اموال هذه الثروات ،فى حين لا يتبقى لباقى ال 99 % من السكان سوى 1% !!! وسأعطيكم مثالا بسيطا على هذا . فى مصر مثلا لو أُصيب  مسئول من المسئولين أو احد اتباعه بوعكة صحية بسيطة فى رموش عينيه  يسافر فورا للعلاج  على نفقة الدولة وعمل الفحوصات والاطمئنان على  صحة سعادته  فى أفخم وأعظم مستشفيات العالم الأول ،اما لو أُصيب طفل يتيم  من أى قرية من القرى بمرض لعين خبيث ومزمن  فحتما سيموت لأنه هو وعائلته لا يملكون ثمن  علاجه وحجزه   ليلة واحدة فى مستشفى خاص فى القاهرة أو حتى فى مدينته التابعة لها قريته . ولكم فى ثروات ( مبارك وآل مبارك ووزراء وخدم مبارك  ومن تبعهم بسوء إلى  يومنا هذا ) خير دليل ....    أما عن أمراء وملوك الخليج وعائلاتهم  فحدث ولا حرج فثروة الأمير منهم تبدأ بمئات المليارات وربما تقترب من التريليون ، وكل هذه الأموال  التى يسرقونها ويكنزونها هى من عوائد  الثروات الطبيعية الموجودة فى بلادنا الإسلامية اسما ، والتى هى ملك لشعوبها  وعلى رأسهم اليتامى منهم .

ومن هُنا أرى أن - إن الذين يسرقون و يأكلون أموال وعوائد  ثروات بلادهم  بالباطل ظُلما عدوانا   فإنهم طبقا للآية الكريمة يأكلون حقوق اليتامى فيها  (( دون أن يشعروا أو دون أن يخطر على بالهم هذا أبدا ابدا ) ) وبالتالى فإنهم يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا   إن لم يتوبوا ويُعيدوا هذه الحقوق والأموال لأصحابها . ويُصبحوا  ممن قال الله لهم  ((وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون )) أى لا تأكلوا من رزق الله لكم إلا ما كان حلالا طيبا . يعنى بالحلال فقط حتى لو كان قليلا وبسيطا.

 

((فستذكرون ما اقول لكم وأفوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد )) صدق الله العظيم 

اجمالي القراءات 4476