حين تناولت دجاجا مشويا حلالا زلالا على ضفاف نهر الدانوب
دجاج صربي حلال

أبو أيوب الكويتي في الأحد ٢٨ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

أعزائي القراء أهلا بكم ...                                                                                                                                                                         أوثق في مقالي المقتضب هذا تناولي لوجبة غداء مع مرشدي السياحي السيد ديميتري جورجيفيتش على ضفاف نهر الدانوب ذلك النهر الخالد أطول أنهار أوروبا. 

كان ذلك في صيف العام 2018 حين عزمت قضاء عطلة الصيف في بلاد البلقان. بعد جولة في مدينة نوفي ساد الجميلة برفقة مرشدي السياحي للتعرف على معالم هذه المدينة الرائعة وهي بالمناسبة تعد واحدة من أكبر مدن جمهورية صربيا وأشهرها قررنا أن نتناول وجبة الغداء في مطعم فاخر بجوار كنيسة أورثوذكسية على ما أتذكر يقصده العرسان الصرب لتناول الوجبات اللذيذة بعد عقد القران لأن ما يميز ذلك المطعم هو وجود شرفات خاصة به تطل على نهر الدانوب خاصة للعرسان . بالصدفة وجدنا عروسين يحتفلان بعقد قرانهما بصحبة عائليتهما وكان الجو في المطعم ماتع ومرح يزخر بأجواء عائلية مثالية بسبب هذا الاحتفال الجميل من بعد عقد القران في الكنيسة المجاورة وبصراحة لفت انتباهي جمال المكان وجمال الموسيقى الهادئة في أروقة المطعم ولفت انتباهي أناقة ولباقة وأدب واحترافية النادل الصربي (اليوغسلافي) بصراحة حاجة تفرح. 

بعد ما متعت ناظري بهذه المناظر الجميلة قررنا أنا وديميتري أن نجلس على طاولة بجوار شرفة خاصة كانت محجوزة للعروسين لنسترق النظر ههههههه وكانت طاولتنا تطل على النهر وكانت أشعة الشمس الذهبية ترسم لوحة جميلة بانعكاسها على قطرات مياه نهر الدانوب وسط موسيقى هادئة جميلة من التراث اليوغسلافي.

طلب صديقي ديميتري طبقا من لحم الخنزير وبالمناسبة الأكل الصربي 90% منه يتكون من لحوم الخنزير. أما أنا فقد طلبت فخذ دجاج مشوي مع قطع من البطاطس المشوية متبلة على الطريقة الصربية اللذيذة ولكن قبل ذلك قد كنت حسمت قراري بأن آكل مما أحله الله لي وأستفيد من دروس دكتوري ومعلمي العزيز الدكتور أحمد بأن لا أحرم ما أحل الله لي ولا أتجرء على حق الله بالتشريع فلن أكون ملكيا أكثر من الملك الله سبحانه جل في علاه.

كنت قبل ذلك حين كنت أدرس في المملكة المتحدة اتلقى التحريم على مسامعي من بعض الاصدقاء بأنه حرام علينا أن نأكل اللحوم في بريطانيا وحين كان يجادلهم صديق لي من سلطنة عمان بالقرآن العظيم بهذه الآية العظيمة ((اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم)) كان يتصدى له آخر بأن أكل اللحوم في أوروبا والمملكة المتحدة حرام لأن وبحسب تفسير عنده بأن أهل الكتاب الذين طعامهم حل لنا أنما المقصود بهم هم أهل الكتاب من قبل بعثة سيدنا محمد عليه السلام لأنه من بعد بعثة محمد عليه السلام من لم يقبل بالاسلام منهم فانما هو كافر فكل أهل الكتاب الآن هم كفار لأنهم لم يؤمنوا بمحمد عليه السلام.

وهذا مردود عليه باجتهاد مني لا أجزم انه صحيحا لأننا تعلمنا في مدرسة الدكتور أحمد بأن رأينا واجتهادنا ليس دينا واننا لا نملك الحقيقة المطلقة ولكن هذا الاجتهاد جعلني اتناول وجبة الدجاج اللذيذة بنهم ولا أعير بالا لفتوى صديقي بتحريم اللحوم في أوروبا. الرد يتلخص في آيتين من القرآن العظيم

قال تعالى: ((لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون))

وقال تعالى أيضا: ((اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم))

نلاحظ بأن اللعن في الآية الأولى قد طال "الذين كفروا" من بني اسرائيل وليس كل بني اسرائيل بالمطلق أي أن ذلك اللعن مخصص في فئة عصت وتعدت على حدود الله أما الفئة الأخرى من بني اسرائيل لم تلعن لانها لم تعصي ولم تكفر وكلا الفرقتين بالمناسبة هم من"أهل الكتاب"

الآن نعرج على الآية الثانية البينة الجلية والتي تخبرنا بتشريع الله لنا بأن طعام الذين أوتوا الكتاب ((الذين هم أيضا بالضرورة "أهل الكتاب")) كله بالمطلق حل لنا بلحومه وحبوبه وبيضه وأسماكه ((عدا ماحرم الله علينا من لحم الخنزير طبعا والمحرمات الأخرى من الطعام المنصوص عليها في القرآن العظيم)) ولم يستثنى الله عز وجل طعام الذين كفروا من أهل الكتاب ولم يحل لنا طعام الذين آمنوا فقط من أهل الكتاب لأن الايمان القلبي لا يعلمه الا الله جل في علاه وانما من رحمة الله تعالى بنا أنه أحل لنا طعام أهل الكتاب كافرهم ومؤمنهم صالحهم وطالحهم ولم يخصص طعام الذين امنوا من اهل الكتاب دون الذين كفروا من اهل الكتاب وانما من وسيع رحمته عمم وبذلك يدخل في دائرة هذا التشريع الإلهي في الطعام من كانوا من اهل الكتاب قبل بعثة سيدنا محمد وأيضا من قد جاؤوا بعده على مقياس صديقي الذي يحرم اكل اهل الكتاب الذين جاؤوا بعد سيدنا محمد.

بناء على هذا توصلت الى نتيجة بأن أتناول الدجاج واستمتع بعطلتي في البلقان ولن يحاسبني الا الله سبحانه فهي مسؤولية شخصية ونحن نختار لأنفسنا ولكن يبقى الحساب يوم الدين وهذا ماتعلمته في مدرسة الدكتور أحمد. 

شكرا جزيلا وأنصحكم بزيارة البلقان الجميل

تحياتي

سالم قنبر الحسين ... بتاع كورروشن

https://www.youtube.com/watch?v=IglWKr8wWcE

اجمالي القراءات 3893