النقاب فى غرفة العمليات جريمة طبية وليس حرية شخصية

خالد منتصر في الثلاثاء ٠٢ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

عتابى كبير على جريدة «الوطن»، التى أتشرف بالكتابة فيها وأعرف اتجاهها التنويرى الواضح، صُدمت بشدة عندما قرأت عن موضوع الطبيبة المنتقبة، التى تُجرى جراحة فى غرفة عمليات داخل مستشفى قصر العينى، وكأنه إنجاز ثورى يستحق جائزة نوبل، قالت فى العنوان إنها ستكون أول جراحة سيدة، وزفت لنا البشرى بين ثنايا الخبر بأنها سترفع شعار «طبيبة جراحة للسيدات فقط»!، وقبل مناقشة منطقية الخبر ومعقولية ما تقوله الطبيبة وكيفية بيان أن ما حدث داخل غرفة العمليات فى قصر العينى هو خروج على القوانين واللوائح، ولا أريد أن أقول جريمة، قبلها يجب الرد على كم المغالطات فى تصريحات الطبيبة التى لشخصها كل الاحترام، لكن لتصرفها داخل غرفة العمليات كل النقد والاستنكار، الطبيبة المنتقبة تقول إن «زيها الإسلامى يمنعها من التواصل مع الرجال، وإن فيه عمليات كتير للسيدات ماينفعش يعملها غير طبيبة ست زيهم، ولاحظت أن مجال الجراحة نادراً ما يوجد فيه طبيبات سيدات»!!، أولاً أطمئن زميلتنا المنتقبة بمعلومة بسيطة، وهى أن الطبيبات الجراحات صِرن يُمثلن أغلبية فى نيابات بعض الأقسام، وزيارة منكِ إلى قسم جراحة التجميل فى قصر العينى الذى تعملين فيه ستجدين أن 70% من النواب من قبيلة تاء التأنيث!، فضلاً عن أقسام جراحات النساء والعيون، ولا ننسى أن د. ألفت السباعى، خريجة قصر العينى، تعمل فى مجال جراحة الذكورة، ثانياً: الكلام عن عمليات سبيشيال للسيدات ونقل الطب من خانة العلم لخانة الفقه والحديث، عن تحريم كشف جسد المرأة على الطبيب الذكر والطبيبة الكتابية.. إلخ، سيجرنا إلى المربع رقم صفر، وأزمنة العصور الوسطى، التى من المفروض أننا قد تجاوزناها، ثالثاً: لماذا اخترتِ كلية الطب أصلاً إذا كانت ستمنعك من التواصل مع زملائك الرجال؟!، وهل ستطالبين بإلغاء مادة الأمراض التناسلية مثلاً من المنهج، وعدم امتحانك فيها، لأنها خادشة للحياء، وتتعارض مع صحيح الإيمان؟، أما العجيب والغريب فهو تصريحها بأن الكمامة على النقاب ستُعرضها للأمراض، وبأن الزملاء الأطباء نصحوها بتغيير النقاب بعد خروجها من غرفة العمليات حفاظاً على صحتها!، ونحن نحترم خوفك على صحتك، فهو من حقك، لكن أين خوفك على صحة المريض المخدر المسجى أمامك على طاولة العمليات، الذى لم تذكريه على الإطلاق أثناء حوارك؟!، هل لا تعرفين يا زميلة المهنة السامية المعايير التى وضعتها هيئة الاعتماد الدولية «JCI» لملابس غرفة العمليات المعقّمة «dress code»، القناع أو الكمامة أو الماسك المعقم الـ«disposable»، الذى ينزع من الحافظة مرة ثم يتم التخلص منه بعد الجراحة، شىء مختلف عن النقاب، الذى يحمل ما فيه القسمة والنصيب من الشارع، كمامة العمليات ليس غرضها منع فتنة الوجه، لكنها لمنع الضرر والعدوى عن المريض، ومن ضمن المعايير والاشتراطات المتفق عليها عالمياً التواصل الإنسانى بين الجراح ومريضه أو مريضته، ومعرفة تفاصيل العملية منه قبل الجراحة، كيف سيتم هذا التواصل الإنسانى وبين الجراح والمريض لثام أسود؟!، سيُعتبر ارتداء النقاب حرية شخصية لزميلتنا العزيزة إذا كان الأمر فردياً داخل المنزل، أما أن يتعلق بمريض يحتاج التواصل ويحتاج الإتقان المفتقد فى حالة النقاب الذى وصفتيه أنت بلسانك بأنه يضيّق مجال الرؤية أمام الجراح، هنا نقول لك إن ارتداءه ليس حرية شخصية لك كطبيبة، والقانون يقول ذلك ويؤيد، وبما أننا دولة قانون لا دولة فتوى، وبما أننا لم نصبح بعد طالبان أو تورا بورا، فلا بد أن نسأل عميدة «قصر العينى»: ألم تطلعى الأطباء على القرار الصادر من «د. جابر نصار» بمنع النقاب فى المستشفى وفى التدريس أيضاً، وهذا القرار أيدته عدة أحكام من القضاء المصرى، فإذا كنا نريدها فوضى وجهجهون يا سيادة العميدة، وفى نيتنا أن نلقى بالقانون فى سلة المهملات، فياريت تعطونا خبراً حتى نرفع لافتة «كلية طب القاهرة» إلى كلية طب قندهار!.

اجمالي القراءات 4056