الأعتداء على الأشهر الحرم

ابو مهند باجابر في الثلاثاء ٢٨ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

لما نقضى المشركون العهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان هذا تزامنا مع اقتراب دخول الأشهر الحرم نزلت الآيات في سورة التوبة مع بداية موسم الحج  تعلن البراءة التامة من الله ورسوله للذين نقضوا العهد.

 

سورة التوبة هي السورة الوحيده التي لا تبدا بالبسمله لان البسمله فيها " الرحمن الرحيم" وهؤلاء ناقضوا العهد لا رحمه لهم ولاشفقه لان الله سبحانه وتعالى غضب عليهم وتوعدهم بالويل والثبور.

 

ومع كل هذا الغضب الالهي فان الله سبحانه وتعالى اعطاهم مهله اربعة شهور لانها الأشهر الحرم ولا ينبغي القتال فيها وتوعدهم بالقتل بعد انقضاء هذه الأشهر.

 

كل هذا التعظيم لهذه الأشهر الحرم مع ان المشركين هم من اعتدوا وهم من تآمروا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين منذ بدا الرسالة, فان الأشهر الحرم لها مكانتها ولا يجوز فيها القتال باي صورة من الصور.

 

لكن ماذا لو هجم الكافرون على المسلمين ماذا عليهم ان يفعلوا؟ هل يبقوا صامتون؟

 

بالتأكيد لا لان الإسلام دين متزن وعقلاني فا في حالة الاعتداء في الأشهر الحرم وجب على المسلمين رد هذا الاعتداء بدون الاستمرار في القتال. فلو اطلق الكافرون صاروخ فان الواجب على المسلمين اطلاق صاروخ بالمثل بدون الاستمرار في القتال ولو كانت هناك حرب بين المسلمين والكافرين فالواجب هو إيقاف القتال وإعطاء هدنة مدتها أربعة اشهر (الأشهر الحرم) كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين ناقضي الميثاق.

 

يقول تعالى: "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"

 

كفار قريش كانوا ارحم باكثير من كفار اليوم لان كفار قريش كانوا يحلوا الشهر الحرام سنة ويحرموه السنة التي بعدها. اما كفار اليوم فانهم يحلوا القتال في كل الأشهر الحرم بدعوا انه لا يجور الابتداء بالقتال في الأشهر الحرم فمتى أصلا كان الابتداء بالقتال جائز في الإسلام بل وانهم يحرموا الحج في الأشهر الحرم ويجعلونه يوم واحد (يوم عرفه)

 

قال تعالى: " وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ"

 

والاية واضحه جدا بحرمة القتال في الأشهر الحرم

 

قال تعالى: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"

 

بل وزاد كثير من اهل التراث والمرويات على كفار قريش بدعوا ان آيات حرمة القتال في الأشهر الحرم منسوخه بالاية التالية:

 

قال تعالى: " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"

 

قالوا هذه دعوه لفتح جميع الجبهات مع المشركين وقتالهم وباقي الايات قد نسختها هذه الاية.

 

مع العلم لو تدبرنا قليلا الاية لوجدنا التالي:

 

كلمة " قاتلوا" فعل امر وليس فعل مضارع بمعنى ان الله سبحانه وتعالى امر المسلمين المسالمين الذين لم يحملوا سلاحا ودعوتهم سلمية باقتال المشركين المعتدين الذين تجمعوا واعتدوا عليهم. ثم كلمة " كافه" أي المثل بالمثل " كافه كما يقاتلونكم كافه" الاعتداء والرد على الاعتداء حتى ولو في الأشهر الحرم اما الاقتصاص ومحاكمة المجرمين فهذا لاحقا بعد انتهاء الأشهر الحرم كما تقول الاية الكريمة " فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"

 

كلمة "يقاتلونكم": فعل مضارع مستمر أي ان المشركين مستمرون في القتال حتى في الأشهر الحرم فوجب على المسلمين رد هذا الاعتداء بالمثل " كما يقاتلونكم كافة".

 

كفار اليوم استحلوا الشهر الحرام قرون وحرموا حج بيت الله قرون ما عادا في يوم واحد وهذا هو النسي المذكور في الاية الكريمة:

 

"إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"

 

النَّسِيء : من كلمة نسي  وهو تجاهل الشئ سواء عن قصد او عن غير قصد

 

قال تعالى: " نسوا الله فنسيهم" وقال " وما كان ربك نسيا"

 

زد على خرافاتهم انهم قالوا وادعوا ان كفار الجاهلية كانوا يتلاعبون بالاشهر الحرم فيضعوا مثلا شهر محرم بدال شهر شعبان وهكذا مع ان الاية واضحه جدا " يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا"

 

وقالوا أيضا في رواية مكذوبه عن النبي صلى الله عليه وسلم  "أَنَّهُ خطب الناس يوم النحر في حجة الوداع ، فكان مما قال : (إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ ، شَهْرُ مُضَرَ ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) . البخاري ومسلم

 

ولا ادري اين عقول هؤلاء وكيف تمطلي هذه الكذبة الشديدة الوضوح على ناس متعلمون ولديهم من الشهادات والعلم الوفير بمثل هذه الأكاذيب.

 

فاذا كان الزمان استدار كما يقولون وكانت هذه الرواية المزعومه في حجه الوداع فاذن خلال كل السنين التي مضت فان النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين كانوا يصومون في غير شهر رمضان ناهيك ان الأشهر الحرم متواليه وليس هناك شهر مفترق بدليل الاية والمده اربعه اشهر " فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"

 

https://www.youtube.com/watch?v=YtfH6sUe2Yw&t=9s

 

 

 

 

اجمالي القراءات 5072