القاموس القرآنى : العهد

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٤ - يونيو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

القاموس القرآنى : العهد

أولا : ( عهد الله جل وعلا للبشر ) : العهد الالهى بمعنى الأمر والنهى :

1 ـ البداية من أخذ الله جل وعلا العهد على الأنفس البشرية حين فطرها على أن تؤمن به جل وعلا وحده إلاها لا شريك له، وحتى لا يأتون يوم القيامة يوم لقائه جل وعلا ويتحججون بأنهم كانوا غافلين أو أنهم تابعوا آباءهم فى الشرك ، قال جل وعلا : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) الاعراف ). ويوم القيامة سيذكّر رب العزة أصحاب جهنم بهذا العهد ، سيقول لهم : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) يس ).

2 ـ وعليه ، فإن ( العهد الالهى ) يعنى أوامر الله جل وعلا للناس .

2 / 1 : والبداية فى نهى آدم وزوجه عن الأكل من الشجرة المحرمة ، فعصيا ربهما . قال جل وعلا : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115) طه). عهدنا أى أمرنا ونهينا . (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (35) البقرة)

2 / 2 : وأمر الله جل وعلا ابراهيم واسماعيل عليهما السلام بتطهير بيته الحرام ، قال جل وعلا : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة )

2 / 3 : وزعم بعض أهل الكتاب أن الله جل وعلا ( عهد اليهم أى أمرهم ) ألا يؤمنوا برسول حتى يأتيهم بقربان تأكله النار : (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) آل عمران )

3 ـ هناك من البشر من ينقض العهد الالهى

3 / 1 : وصفهم رب العزة بالفاسقين .

3 / 1 / 1 ، قال جل وعلا عن الكافرين بالقرآن الكريم :( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (27) البقرة )

3 / 1 / 2 : وقال جل وعلا عن الكافرين فى الأمم السابقة الذين لم يحفظوا عهد الله جل وعلا : ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)  الاعراف )

3 / 2 : وحكم الله جل وعلا عليهم باللعنة أى الطرد من رحمته وبدخول الجحيم ، قال جل وعلا:( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) الرعد )

3 / 3 :  وطلب ابراهيم أن تحظى ذريته بأن يكونوا أئمة مثله وجاء الرد من الله جل وعلا أنه لا ينال عهده الظالمين : (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة  )

4 ـ وهناك من البشر من يحفظ العهد الالهى ويفى به إيمانا وعملا صالحا . قال عنهم جل وعلا : (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)  الرعد )

4 / 1 : إن الذى يفى بعهده مع الله جل وعلا فإن الله جل وعلا يفى بعهده معه ، ويدخله الجنة . قال عنهم رب العزة جل وعلا : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً (86) ( لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (87)  مريم ). فالمتقون بإيمانهم وعملهم الصالح إتخذوا عند الرحمن عهدا ، ولهذا فإن الملائكة التى تحمل أعمالهم الصالحة تكون تلك الأعمال شفيعا لهم ، وبهذا يملكون الشفاعة بما قدموا من عمل صالح يكونون به ( صالحين ) لدخول الجنة .

4 / 2 . وتكرر هذا تأكيدا على أن من يحفظ عهده مع الله يفى الله جل وعلا بعهده معه .

4 / 2 / 1 : قال جل وعلا لبنى اسرائيل: ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) البقرة )

4 / 2 / 2 : وقال جل وعلا للمؤمنين : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة  ) . هنا العهد بمعنى الوعد ، ومن يحفظ عهده مع الله جل وعلا فالله جل وعلا يفى بعهده . ومن أوفى بعهده من الله ؟!

4 / 3 : من البشر من لا يتخذون عند الله جل وعلا عهدا ، أى لا يطبقون أوامره ونواهيه . منهم الكافرون الذين يفترون على الله جل وعلا كذبا ، منهم من :  

4 / 3 / 1 : زعم أنهم إذا دخلوا النار فسيخرجون منها ، وجاء الرد عليهم : (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَاتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82 ) البقرة ) . يهمنا هذا التقريع لهم : (قُلْ أَاتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80)). فالذى يتخذ عند الله جل وعلا عهدا هو الذى عاش حياته مؤمنا تقيا .

4 / 3 / 2 : وزعم أحدهم فى عصر النبى أنه إذا مات سيدخل الجنة ويعطيه الله جل وعلا مالا وولدا . ومع انها مجرد كلمة قالها فقد نزل الرد عليها ، قال جل وعلا : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (78) كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّاً (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً (80) مربم). يهمنا قوله جل وعلا : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ). هو كافر وليس مؤمنا تقيا إتخذ بإيمانه وتقواه عهدا عند الرحمن جل وعلا .   

 ثانيا : عهد البشر مع الله جل وعلا بمعنى البيعة والنذر أواليمين (الحلف بالله جل وعلا ).

بعض الناس يعاهد الله جل وعلا أن يفعل شيئا ، وهذا قد يكون نذرا،وقد يكون بيعة،وقد يكون حلفا وقسما برب العزة جل وعلا . وفى كل الاحوال يجب الوفاء بما يعاهد به الله جل وعلا. ومن الوصايا العشر قوله جل وعلا  : (وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) الانعام ).

1  ـ ويأتى العهد مع الله جل وعلا بمعنى البيعة على القتال فى سبيل الله جل وعلا .

1 / 1 : وحدث هذا فى موقعة الأحزاب . تعاهد أهل المدينة على القتال وأشهدوا الله جل وعلا على هذا ، أو تبايعوا على القتال . وعندما حوصرت المدينة وزلزل أهلها زلزالا شديد ، تخاذل المنافقون ، فقال جل وعلا عنهم : ( وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً (15) الاحزاب ) بينما صمد المؤمنون وصدقوا ما عاهدوا الله جل وعلا عليه ، فقال جل وعلا فيهم :( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) الاحزاب) .

1 / 2 : وقبيل ما يعرف بصلح الحديبية تعاهد المؤمنون وبايعوا النبى على القتال ، وكان هذا تحت شجرة هناك ، قال جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (10)  الفتح ) وقال جل وعلا فيها : (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) الفتح ).

1 / 3 ـ وعاهد قوم فرعون موسى إن كشف الله جل وعلا عنهم عذاب الرجز سيؤمُننّ له وسيرسلون معه بنى اسرائيل ، فلما كشف الله جل وعلا عنهم الرجز ( الدمامل المتقيحة ) نكثوا العهد ، فعوقبوا بالغرق فى البحر. قال جل وعلا : (  وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) الاعراف ).

2 ـ وقد يكون العهد مع الله جل وعلا نذرا ، كأن ينذر أحدهم إن أعطاه الله جل وعلا كذا فسيلتزم بكذا . أى نذر معلق . أو قد ينذر لله جل وعلا شيئا من العبادات نذرا مطلقا بدون تعليق . وفى كل الأحوال يجب الوفاء بالعهد أو النذر . وحدث أن أحدهم فى عصر النبى عليه السلام عاهد الله فى سريرته لو أغناه الله جل وعلا بالمال فسيتصدق وليكون من الصالحات ، فأنعم الله جل وعلا عليه بالمال ، فنكث العهد مع الله جل وعلا ، فعاقبه الله جل وعلا بنفاق فى قلبه يستمر معه الى يوم الحساب ، قال جل وعلا :  (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) التوبة )

3 ـ ومنه أن يحلف أحدهم بالله جل وعلا أنه سيفعل كذا :

3 / 1 يحدث هذا فى التجارة ، يقسم البائع بالله جل وعلا وبعهد الله جل وعلا إنه إشترى بكذا ، يستخدم الحلف بالله جل وعلا وعهد الله جل وعلا فى خداع الناس .

3 / 2 : الأفظع ليس مجرد بيع سلعة بل الركوب على شعب ما وحكمه بإستخدام دين الله الاسلام وإسم الله العظيم كما يفعل الاخوان المسلمون والذين يخلطون الدين بالسياسة ، يزعمون أنهم وحدهم من دون الناس هم المُختارون من الله لحكم الناس . وقد فصلنا هذا فى كتابنا ( تحذير المسلمين من خلط السيساة بالدين ) وهو منشور هنا .

3 / 3 ونستشهد بقوله جل وعلا : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) النحل )( وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (95) النحل )

4 ـ أولئك سيكونون خصوما لرب العزة جل وعلا يوم القيامة ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) آل عمران )

ثالثا : عهد البشر مع البشر بدون إقحام إسم الله جل وعلا .

1 ـ وهنا أيضا يجب الوفاء بالعهد مع البشر .

1 / 1 : جاء هذا أمرا فى قوله جل وعلا : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً (34) الاسراء  )

1 / 2 : وجاء ضمن صفات الأبرار المتقين فى قوله جل وعلا : ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) (177) البقرة )

1 / 3 ـ وضمن صفات المؤمنين المفلحين فى قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) المؤمنون )، ( (32) المعارج)

2 : وبعض أهل الكتاب كان يفى بعهد وأمانته ، وبعضهم كان لا يفعل ذلك ، قال جل وعلا : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) آل عمران )

3 ـ ولأن الاسلام دين السلام فقد كان النبى يعقد معاهدات سلام وعدم إعتداء مع القبائل العربية .

3 / 1 : بعضهم كان ينقض العهد ويعتدى على المؤمنين ظلما وعدوانا : قال جل وعلا عن ناقضى العهد من الكفار:(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56)  الانفال )

3 / 2 : وبعضهم ادمن نقض العهد ، قال عنهم جل وعلا : ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100) البقرة )

3 / 3 : ونزلت سورة التوبة تعلن براءة من ناكثى العهد إن لم يتوبوا , وتعطيهم مهلة الأشهر الأربعة الحرم : ( التوبة 1 : 8 )  

اخيرا : العهد بمعنى العصر والزمن

تقول فى ( عهد النبى ) بمعنى ( فى عصرالنبى ) و( فى وقت النبى)  و( فى زمن النبى ). وبهذا المعنى نفهم قوله جل وعلا : (فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)  طه ). ( أفطال عليكم العهد ) يعنى طال عليكم الوقت . 

اجمالي القراءات 4270