و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين
القران الكريم منهج حياة .. التعامل مع الإساءة .

سعيد علي في الإثنين ٣٠ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 الدعوة إلى ( لا إله إلا الله ) هي أرقى الدعوات و في سبيلها يتعرض الداع إلى شتى الإساءات و لأنه بشر و له طاقة محدودة في التحمل فقد لا يتحمل الإساءة و قد يخرج عن إطار كظم الغيظ و العفو عن من أساء له فيصبح ريشة ضعيفة تتقاذفه رياح الشيطان !! و هو في مرحلة التقاذف هذه قد يسقط في بئر الظلم و الكبر و الاستعلاء !! .

الإنسان بطبيعته ضعيف يقول جل و علا : ( و خلق الإنسان ضعيفا ) و قد أصطفى الحق جل و علا من الناس رسلا و هؤلاء الرُسل عليهم السلام هم صفوة الناس يقول جل و علا : ( الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس إن الله سميع بصير ) و هم بشر يسري عليهم قانون البشرية الإلهي فهم يغضبون و يتأثرون و يتألمون و قد تكون ردود أفعالهم ( خاطئة ) لأنهم بشر فنبي الله يونس عليه السلام ذهب مغاضبا و ظن أن الله جل و علا لن يقدر عليه و ما إن هدأ و عرف بالخطأ الكبير الذي وقع فيه دعا ربه جل و علا في الظلمات أنه من الظالمين و هذا اعتراف هائل لا يعترف به إلا من كان قلبه عامر بالإيمان يقول جل و علا عنه : ( و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) و عيسى عليه السلام هذا النبي الطاهر تحمل ما تحمل من ظلم كبير و قسوة هائلة و تلفيق لا يطاق بعد أن رفعه الله جل و علا يجيب على سؤال الحق جل و علا يوم القيامة بأسلوب روعة في الثبات أمام الحق جل و علا و يدرأ الظلم الذي لحق به من الناس فيجيب عن سؤال الحق جل و علا : ( أ أنت قلت للناس أتخذوني و أمي إلهين من دون الله ) ؟ فيجيب عليه السلام بثبات و خشية و خوف من ربه جل و علا : ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم و أنت على كل شئ شهيد ) .

القران الكريم منهج حياة .. حياة كريمة هانئة طيبة .. نتذكر هنا أن المستقبل الحقيقي ليس هنا ! المستقبل الحقيقي يبدأ بعد الموت لذا ما الضير إذا ما تحملنا كل الإساءات طالما أنها ستكتب لنا في بند الصابرين و المهم هنا هو ضبط أعصابنا و تعويد أنفسنا على عدم رد الإساءة و كظم غيظنا بل و نعفو عن من أساء لنا يقول جل و علا في حق : ( الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ) لنتأمل ( و الله يحب المحسنين ) فأي إساءة أو ظلم أو اعتداء قابلته بكظم الغيظ و عفوت عن من أساء لك يتصاغر و يتقازم أمام النتيجة العظيمة و الجائزة الكبيرة و هي و الله يحب المحسنين .

و لأنه منهاج حياة فقد أباح الحق جل و علا أن تجهر بالسوء من القول على من ظلمك بالرغم أنه جل و علا لا يحب الجهر بالسوء من القول و لكن في حالة الظلم فقد أباح لك ذلك يقول جل و علا : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم و كان الله سميعا عليما ) و لأنه سميع عليم فهو يسمع قهرك و معاناتك و يعلم ما تتعرض له من ظلم فوكل أمرك إليه وحدة جل و علا و قل حسبي الله و نعم الوكيل .

يتعرض من أختار القران الكريم مصدرا وحيدا للتشريع لشتى الإساءات من سب و شتم و قذف و تلفيق و سرقة أفكار و بحوث و نتائج تعبوا فيها و اجتهدوا و سهروا و تدبروا و أمضوا الأوقات الطويلة في التدبر و التفكر و خرجوا بنتائج عظيمة و غير مسبوقة لا لشئ سوى أنهم يقولوا : لا إله إلا الله .

هدئ من روعك .. خذ نفسا عميقا .. قل : الحمد لله .. قل : حسبي الله و نعم الوكيل .. فر إلى كتاب الله و أقرأه بهدوء و خشوع بعد الاستعاذة من الشيطان الرجيم .. تتبع أول الآية و قف عليها و أرجع لما قبلها و واصل لما بعدها ستجد نفسك أمام تسلسل بديع في الأحداث و ما أجمل كلمات ربي عز و جل .

  

   

اجمالي القراءات 5437