الشيطان وحسابات البشر الخاطئة

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٣ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الشيطان وحسابات البشر الخاطئة

أولا : البداية :الشيطان هو الذى يوقع الانسان فى الحسابات الخاطئة

1 ـ  رفض ابليس أمر الله جل وعلا بالسجود لآدم تكبرا وحسدا ، فطرده الله جل وعلا من الملأ الأعلى ، فتوعّد أن يُضلّ بنى آدم : ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (62) الاسراء ) فقال له رب العزة جل وعلا : ( قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (64) الاسراء ) أى تحول ابليس بعد طرده الى ( الشيطان )، وظيفته أن يخدع بنى آدم ، أو أن ( يغرُّهم ) بالوعود الكاذبة ، وعلى أساس وعوده يقعون فى الحسابات الخاطئة ، يؤمنون بما يغرُّهم به و ( يحسبونها ) حقا .

2 ـ وبدأ الشيطان بإغراء ( بإغواء ) آدم وزوجه . كانا يعيشان فى رغد الجنة البرزخية، يتمتعان بما فيها عدا الشجرة المحرمة . خدعهما الشيطان بأن الأكل من هذه الشجرة يعطيهما الخلود فى الدنيا وما يعنيه هذا من ملكيتهما المطلقة لهذا النعيم.قال جل وعلا:( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) الآعراف )، وأقسم لهما كذبا أنه ناصح لهما : ( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) الأعراف ) وبغروره وخداعه لهما دلهما على الشجرة المحرمة فأكلا منها ، وعندها ظهر جسدهما الطينى وما يعنيه هذا من هبوطهما من الأرض البرزخية وجنتها الى أرضنا هذه المادية ، قال جل وعلا : ( فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) الاعراف ).

3 ـ وتسلط الشيطان على أبناء آدم يمارس نفس الإغراء والغواية .

3 / 1 : أمنية آدم وزوجه بالخلود والملكية الخالدة توارثها أبناء آدم ، فهم دائما يتصارعون حول ملكية الأرض أفرادا وجماعات وحكومات ودولا. ينسى الجميع أن الموت حتمى ولا مفرّ منه ، وأنهم بالموت سيتحولون الى تراب فى هذه الأرض التى يتصارعون ويتقاتلون عليها ، وأن ملكية أى شىء لو دامت لأحد ما وصلت الى غيره . ملكية بعض هذه الأرض وما عليها من زينة هى أول عناصر الابتلاء للبشر ، قال جل وعلا :( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7) الكهف )

3 / 2 : العنصر الثانى هو الحرية المطلقة التى منحها الخالق جل وعلا للبشر فى الايمان أو الكفر فى الطاعة أو المعصية . وبالتالى هم يختارون إما إتباع الحق الذى نزل فى الكتب الالهية أو إتباع الوحى الشيطانى الذى ينسب نفسه بهتانا للوحى الالهى ، وتتأسس عليه أديان أرضية وكهنوت لها يمثّل الشيطان فى الأرض .

4 ـ بهبوط آدم وزوجه قال جل وعلا ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) البقرة ). فأبناء آدم سيصبحون أعداء فى الأرض بتنازعهم على ملكية الأرض ونسيانهم للموت واليوم الآخر ، وإنقسامهم بين إتباع الحق أو الباطل . والمفلحون هم من يتبعون هدى الكتب الالهية ، والخاسرون من يكذب بها .

5 ـ والشيطان جعل من غروره ببنى آدم أنه يجعل له عملاء من البشر يكونون أعداء لكل نبى ، يوحى اليهم الشيطان بأحاديث وروايات وخرافات على أنها وحى إلاهى . والله جل وعلا يسمح بوجود وانتشار هذا الوحى الضال ـ طبقا للحرية المُتاحة للبشر ، والتى على أساسها تكون مسئوليتهم يوم القيامة . وأتباع الكهنوت يعطون آذانهم إصغاءا لهذا الوحى الضال ، يؤمنون به وبه يقترفون به الفسوق والعصيان معتقدين أنهم سيدخلون جنات نعيم . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) الانعام ).

6 ـ وبالتالى فان أغلبية البشر تتخذ الشيطان وليا من دون الله جل وعلا ، قال جل وعلا  فى تعقيبه على رفض ابليس السجود لآدم : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50) الكهف ) ، أى إتخذوا موالاة ابليس وذريته من الشياطين أولياء من دون رب العزة جل وعلا .

7 ـ نجح الشيطان فى غواية بنى آدم بوعوده الغرورة ،عن إيمانهم بوعود الشيطان وغروره قال جل وعلا : ( وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120) النساء )

8 ـ وينجح الشيطان مع البشر بتركيزه على الحياة الدنيا وزينتها بما يجعلهم ينسون الموت ، وعن نسيانهم حقيقة الموت الذى لا مفر منه قال جل وعلا : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)  آل عمران  )

9 ـ وهو يركز أيضا على الحياة الدنيا وزينتها بما يدفعهم الى إنكار اليوم الآخر ، أو صناعة يوم آخر يدخلون فيه الجنة مهما فسقوا . ولهذا جاء تحذير الله جل وعلا بأن اليوم الآخر لا تجزى نفس بشرية عن أخرى ، قال جل وعلا فى خطاب مباشر للناس يحذرهم من الشيطان المخادع الغرور : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان )

10 ـ  ويوم القيامة سيتبرأ الشيطان من وعوده ومن أوليائه ، قال جل وعلا ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) ابراهيم ).

وسيقول رب العزة لهم وهم فى النار : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64) يس ) . وسيقال للمنافقين : ( وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) الحديد ).

11 ـ ويقول جل وعلا عن الكافرين عموما : (إِنْ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (20) الملك ).

ثانيا : الشيطان هو الذى يجعل أتباعه ( يحسبون ) أنهم مهتدون

1 ـ نصل هنا الى أن الشيطان هو أساس تلك الحسابات الخاطئة للبشر الذين إتخذوا الشياطين أولياء من دون الله جل وعلا ، وهم ( يحسبون ) أنهم مهتدون ، قال جل وعلا عن قسمى البشر :( فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) الأعراف )

2 ـ وهو ينجح بأن يبعدهم عن الكتاب الالهى ، وبمجرد أن يبتعد الانسان عن هدى الكتاب الالهى يتلقفه شيطان يقترن به ، أى يكون قرينا له ، يتحكم فى قلبه ويسيطر عليه ، يزين له الحق باطلا والباطل حقا ، ويجعله ( يحسب ) أنه على الهدى ، قال جل وعلا :( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) الزخرف ) هو فى هذه الدنيا لا يرى هذا القرين . سيراه فى اليوم الآخر ، فيتبرأ منه حيث لا يجدى هذا ، قال جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) الزخرف ).

3 ـ ولذا قال جل وعلا يحذّر الناس من خداع الشيطان : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) فاطر ) . بعدها قال جل وعلا عمّن سيطر عليه الشيطان وزين له الباطل حقا والحق باطلا ، وأنه لا أمل فى هدايته : ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر  )

ثالثا : من مظاهر حسابات البشر الخاطئة

الحسابات الخاطئة للكافرين عن اليوم الآخر  

الانسان فى هذه الحياة الدنيا يشاهد الموت يحصد الناس ، وعند موت عزيز له يتذكر الموت ثم لا يلبث أن ينسيه الشيطان الموت . الأمر يختلف مع اليوم الآخر الذى لم يأت بعد فيكون من سهلا الكفر به . والكفرباليوم الآخر نوعان : إنكار صريح ، أو الايمان بيوم آخر مزيف يدخل به الجنة مهما عصى وكفر . قال رجل كافر باليوم الآخر  : (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً (36)  الكهف ) . والنوعان هما من الحسابات الخاطئة للبشر والتى أقنعهم بها الشيطان .

  الحسابات الخاطئة فى إنكار البعث :

  1 : يقول جل وعلا عن إنكار بعضهم للبعث : ( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4 ) القيامة )( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة ). وفى الآيات إعجاز علمى ( آيات علمية ) لمن أراد أن يتدبر من العلماء المختصين .

 2 : وهم فى الناريدور حوار معهم : ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114) المؤمنون ) ثم يأتى بعده هذا السؤال الهائل : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) المؤمنون ). يكفى هذا السؤال الهائل لمن أراد أن يتذكر ويعتبر .!

الحسابات الخاطئة فى صناعة يوم آخر مزيف

 يصنعون يوما آخر بأحاديث الشيطان ووعوده لهم،  بحيث يفسقون ثم يدخلون الجنة بالشفاعات ، وأن فلانا من البشر يشفع وأنه مالك يوم الدين ، وأن رب العزة جل وعلا يبدّل أقواله . يحسبون الله جل وعلا بهذه الصورة التى تصورها أحاديثهم الشيطانية ، ثم يفاجأون القيامة بما لم يكونوا يحتسبون ، حيث يبدو لهم من الواحد القهّار ما لم يكونوا ( يحتسبون ) ، قال جل وعلا : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) الزمر).

الحسابات الخاطئة للمغترين بالدنيا :

1 ـ فى صراعهم حول حُطام الدنيا يحسبون أنهم سبقوا وتفوقوا.يقول جل وعلا: ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59) الانفال )، ويحسبون أنهم بلغوا إعجازا ، وهم لا يدركون أن مآلهم الجحيم ، قال جل وعلا : ( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57) النور )

2 ـ والمغترون بالدنيا يحسبون النعمة التى يرتعون فيها تفضيلا لهم ، ولا يدركون أنه إختبار قد خسروا فيه من البداية ، ذلك أنهم بهذه النعمة يزدادون إثما ، وبعد حياة قصيرة سينتهون الى عذاب مهين ، قال جل وعلا عن حسابهم الخاطىء هذا:( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)آل عمران ).

وقال جل وعلا أيضا :( أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ (56) المؤمنون )

 3 ـ ومنهم من يجمع المال معتقدا أن سيخلد بماله فى هذه الدنيا ، وأن الموت لن يدركه ، وقد توعده رب العزة بالخلود ـ ولكن فى النار ، قال جل وعلا :( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) الهمزة )

4 ـ ومنهم الذين يبخلون بما آتاهم الله جل وعلا من فضله ، يحسبون أن بخلهم خيرا لهم ، ولا يعلمون أن مصيرهم أن يتعذبوا بهذا المال الذى بخلوا به ، قال جل وعلا : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (180) آل عمران )

الحسابات الخاطئة للعُصاة :

1 ـ يرتكب أحدهم المعاصى معتقدا أن الله جل وعلا  لا يراه ، قال جل وعلا : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) العلق). وبعض الصحابة قام بتلفيق جريمة لبرىء، يستخفى من الناس ولا يستخفى من الله جل وعلا ، قال جل وعلا عنهم : ( يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108) النساء )

2 ـ هؤلاء العصاة يحسبون أن الله جل وعلا لا يسمع سرهم ونجواهم ، ولا يعرفون أن ملائكة الأعمال تسجل أعمالهم وأقوالهم بالصوت والصورة ، قال جل وعلا عن حساباتهم الخاطئة :

 ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) الزخرف )

3 ـ يتزايد خداع الشيطان بالعُصاة فيحسبون أنهم كالمؤمنين المتقين ، قال جل وعلا ردّا على هذا الحساب الخاطىء : ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) الجاثية )

الحسابات الخاطئة للمغترين بسهولة دخول الجنة :

1 ـ بعض الصحابة حسبوا أن الجنة مُتاحة لهم بمجرد الايمان بدون عمل صالح ، من جهاد ومعاناة وصبر ، فقال لهم جل وعلا : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) البقرة )، وقال لهم جل وعلا : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران ).

الحسابات الخاطئة لمن يرى نفسه محصّنا من المحن والابتلاءات

1 ـ الانسان إذا أصابته نعمة ظنّها دليلا على أن ربه جل وعلا يحبّه ، وإذا اصابته محنة ظنّ أن الله جل وعلا أهانه : (فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16 ) الفجر ). وبعضهم يعبد الله جل وعلا يحسب أنه بعبادته سينجو من الابتلاءات ، لذا إذا أصابه إبتلاء بالمحنة كفر، قال جل وعلا (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) الحج  ).

2 ـ هؤلاء حساباتهم خاطئة ، لأن هذه الدنيا دار إختبار وإبتلاء ، والايمان مقترن بالابتلاء أو تلك الفتنة ،  قال جل وعلا للناس جميعا فى خطاب مباشر : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت )

3 ـ وقع فى هذا بعض الصحابة . قال لهم رب العزة جل وعلا عن حساباتهم الخاطئة : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) التوبة )

أخيرا : الحسابات الخاطئة للمتدينين المحمديين الذين ( يحسبون ) أنهم يحسنون صُنعا :

1 ـ كان العرب يعبدون الأولياء من عباد الله ويقدسون قبورهم ، وكانوا يحسبون أنهم بهذا يحسنون صُنعا ، قال جل وعلا يصفهم بالكفر :  ( أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) الكهف ) بعدها أمر الله جل وعلا رسوله أن يعلن : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) الكهف ) . هم الأخسرون أعمالا ، بينما هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

2 ـ هذه الآيات الكريمة تنطبق أكثر على المحمديين من شيعة وصوفية وسنية .

3 ـ كم عدد القبور المقدسة للمحمديين ؟ وكم عد أولياؤهم الموتى والأحياء ؟ وكم عدد من يحج اليها ؟ 

اجمالي القراءات 6861