مُلك الغابة
غابة الشرق الأوسط

عبدالوهاب سنان النواري في السبت ٠٧ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

المقدمة:

١- في الغابات الطبيعية كل حيوان يعرف قدره وحجمه جيدا. فالحمار لا يفكر أبدا في مصارعة الأسد، والعصفور لا يجرؤ على منازلة النسر، والنملة لا يمكن أن تقيس وزنها مقارنة بالفيل.

٢- أما في غابة الشرق الأوسط، تلك الغابة المتخلفة فكريا وثقافيا وعلميا، والمتدينة تدينا منحرفا، فالأمر مختلف تماما.

٣- سأحكي لكم هنا حكاية القرد والخنزير، اللذان يعملان باستماتة على تسيد الغابة، والاستئثار بكل مواردها.

 

أولاً- شريعة الغاب:

١- في الغابة الطبيعية يأكل القوي الضعيف والبقاء للأقوى، لذا يعمل كل حيوان على حماية نفسة، معتمدا على قدراته الذاتية كـ : القوة والخفة والسرعة، أو عن طريق التحالفات والعيش في قطيع واحد.

٢- وهذا هو الحال في غابة الشرق الأوسط مع زيادة بسيطة جدا، هي بحث كل حيوان على مسوغ شرعي يمارس من خلاله وحشيته وحيوانيته.

٣- القرود والخنازير كانت ولا تزال من أبرز الحيوانات احترافا في صنع وحياكة المصوغات الدينية، وذلك لحماية نفسها أولا، ولمد نفوذها وسيطرتها أخيرا.

 

ثانيا- التدين المنحرف:

١- ينزل دين الله جل وعلا، كتابا محكما مفصلا لا نقص فيه ولا عوج، كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. دين يدعو إلى السلام والإخاء والمحبة والتسامح والعدل والمساواة .. الخ.

٢- غير أن الأكثرية - والأكثرية كما تعلمون كالأنعام بل هم أضل سبيلا - لا تروق لهم هذه التعاليم الفاضلة، فيعملون على تعطيلها وتبديلها وتشويهها، من خلال لي عنق الآيات واجتزاءها وتوظيفها لما فيه مصلحتهم الدنيوية القاصرة.

٣- كما يقومون باختراع أحاديث ونصوص تشريعية تتماشى مع ما قدموه من مفاهيم قرآنية مغلوطة، لتبدو متطابقة مع القرآن الكريم، وغير مناقضة له.

٤- وهذا ما فعلته القردة والخنازير في الغابة الشرق أوسطية.

 

ثالثا- الاستراتيجية التقليدية:

١- كي تضمن لنفسها مكانة عالية فوق الحيوانات، ولتضفي على نفسها هالة كبيرة من القداسة، انتهجت القردة والخنازير الاستراتيجية التقليدية التي انتهجها اليهود والنصارى من قبل.

٢- وقدمت القردة والخنازير نفسها على أنها شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤة، وأنهم صفوته على خلقه. ما يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. من أطاعها فقد أطاع الله، ومن خالفها فقد ضل وهوى.

٣- وبالطريقة التقليدية نفسها صاغت وحاكت القردة والخنازير ، أدلتها وحججها على حيوانات الغابة .. وإلى التفاصيل.

 

رابعا- حياكة وتلفيق الأدلة:

١- تأسيسا على قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) (الإسراء ٧٠ ) . حاججت القردة والخنازير بقية الحيوانات بأن الله تعالى ، كرم بني آدم على سائر المخلوقات.

٢- ثم أحتجت عليهم بأن الله جل وعلا، اختار من بني آدم بني إسرائيل وفضلهم على العالمين، وذلك بناءا على قوله تعالى: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) (الدخان ٣٢) . وقوله تعالى: (وأني فضلتكم على العالمين) (البقرة ٤٧ + ١٢٢) .

٣- ولأن الله جل وعلا، قال عن بني إسرائيل: (وجعل منهم القردة والخنازير) (المائدة ٦٠) . فقد قدمت القردة والخنازير نفسها على أنها من أصل آدمي مكرم، ومن ذرية إسرائيل المختارة والمفضلة على العالمين، فالسلطة وحكم الغابة لا يكون إلا في البطنين دون سائر البطون.

٤- وبالطبع كتمت وأخفت كل الآيات التي تفضحها ولا تخدم مشروعها التسلطي الاستبدادي الكهنوتي. وفوق هذا قامت باختراع مئات الأحاديث التي تعلي من شأنها وتأمر وتحث على اتباعها وتوليها وطاعتها، باعتبارها صفوة الله على خلقه.

٥- لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل واستخدمت القوة المفرطة لضرب كل من يقف أمام مشروعها الرجعي المتخلف، وأخرجت فريقا من الحيوانات من بيوتها، وظاهرت عليها بالإثم والعدوان.

 

أخيراً:

١- كذبوا الكذبة وصدقوا وآمنوا بها، ثم استماتوا وانتحروا من أجل تطبيقها.

٢- خُدعت الكثير من الحيوانات، وقالت بعض الأسود للقرد: يا سيدي.

٣- والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا ما نجحت القردة والخنازير في مسعاها فهل ستتعامل أسود الغابات الأخرى معها على أساس الأحترام المتبادل، أم أنها ستتعامل معها على أنها قردة وخنازير لا أقل ولا أكثر ؟

اجمالي القراءات 4720