الجهل-الغلو-اتباع الهوى
الثالوث المدمر

عبدالوهاب سنان النواري في الأربعاء ٢١ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

المقدمة:

١- أشرنا في عدة مقالات إلى خطورة الجهل والغلو واتباع الهوى، وذلك في إطار مراجعتنا لبعض الإخوة. أولئك الغلاة الذين جعلوا القرآن عضين، وأرادوا له بأن يكون مستنقعا فكريا لا ينجو من دخل في تفصيلاته المستحيلة الإثبات - حسب منهجهم الأعرج الأخرق.

٢- استراتيجيتهم في ذلك استراتيجية عديم الشريعة - الذي لا يفقه شيء في الشريعة والقانون - الذي يجيب على أي سؤال يطرحه عليه القاضي بقوله: (أنا منكر) . وهو حال محزن ومضحك في نفس الوقت ، حال يذكرنا بنكتة قديمة خلاصتها: أن مغترب جديد في الولايات المتحدة الأمريكية يجهل اللغة الانكليزية، كان رده على كل من يحادثه من الأمريكيين بكلمة: (No) .

٣- وكان على هؤلاء الإخوة أن يتعلموا قبل أن يتكلموا، كان عليهم أن يتريثوا ولا يجازفوا بتصريحات جعلتهم محشورين في الزاوية. كان عليهم أن يعقلوا قوله تعالى: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما) (طه ١١٤) .

٤- وإلى التفاصيل.

 

أولاً- الجهل:

١- حرم ربي الحديث في الدين بجهل في العديد من الآيات القرآنية ، وفي ذلك يقول سبحانه: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (الأعراف ٣٣) .

٢- أما الشيطان الرجيم فحريص على أن يتحدث الناس في الدين بجهل، وفي ذلك يقول سبحانه: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (١٦٨) إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (١٦٩) (البقرة) .

٣- لماذا ينهانا الله (جل وعلا) عن الحديث في الدين بدون علم ؟ ولماذا يحرص الشيطان الرجيم على دفع الجهلة إلى التحدث في الدين؟

٤- لأن الحديث في الدين بغير علم، ضلال وصد عن سبيل الله، ضلال عاقبته الخزي في الحياة الدنيا، والعذاب في الآخرة، واقرأ في ذلك قوله تعالى: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد (٣) كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير (٤) (الحج) . واقرأ في ذلك قوله تعالى: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (٨) ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق (٩) (الحج) .

٥- والملاحظ أن الله جل وعلا ، قدم العلم على الهدى والكتاب المنير، في الآية السابقة من سورة الحج، وللأهمية فقد تكرر المعنى حرفيا في سورة لقمان، وفيها يقول الحق تبارك وتعالى: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) (٢٠) .

٦- لذلك حث الحق تبارك وتعالى على تحصيل العلم في كثير من آيات القرآن الكريم، وحسبنا قوله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) (الزمر ٩) .

 

ثانياً- الغلو:

١- الغلو قرآنيا وسياسيا واجتماعيا مرتبط بالجهل واتباع الهوى. كما أنه قد يأتي طمعا في تحصيل منفعة دنيوية زائلة. ونحن لا نستبعد وجود مأجورين غُلاة وظيفتهم تشويه القرآنيين خدمة لأعداء القرآن.

٢- عن ارتباط الغلو بالجهل والتقول على الله بغير علم، يقول الحق تبارك وتعالى ، مخاطبا أهل الكتاب، وهو تعليم لنا أيضا: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) (النساء ١٧١) .

٣- وعن ارتباط الغلو باتباع الهوى، يقول الحق تبارك وتعالى، مخاطبا أهل الكتاب، وهو تعليم لنا أيضا: (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) (المائدة ٧٧) .

٤- يكتب هؤلاء المرتزقة، كتابات تشوه دين الله تعالى، وتجعلنا موصومين بالجهل والسفه، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.

 

ثالثا- اتباع الهوى:

١- يؤكد الحق تبارك وتعالى بأنه لا يوجد أضل ممن يتبعون الهوى، مع الحكم عليهم باستحالة هدايتهم لأنهم قوم ظالمين، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) (القصص ٥٠) .

٢- لقد وصل بهم الجهل والظلم لله تعالى إلى درجة أنهم جعلوا من الهوى آلهة تعبد من دون الله تعالى، لذلك استحقوا الحرمان من الهداية، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا (٤٣) أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا (٤٤) (الفرقان) . ويقول أيضا: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) (الجاثية ٢٣) .

٣- لذلك حرم علينا الحق تبارك وتعالى، مسايرتهم وموافقتهم وطاعتهم على الاطلاق، وفي ذلك يقول سبحانه: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) (الكهف ٢٨) .

٤- وقد ضرب لهم رب العزة أسوء الأمثال، فوصفهم كما تقدم بالأنعام، وشبههم كما سيأتي بالكلاب، ووصفهم بالغاوين، وفي ذلك يقول سبحانه: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين (١٧٥) ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (١٧٦) (الأعراف) .

 

أخيراً:

١- الإخوة الغلاة: لا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا.

٢- الإخوة الغلاة: ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون.

اجمالي القراءات 4716