بعد فترة هجر للكتابة في الموقع لإحباط خيب أملي

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الإثنين ١٤ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله
بعد فترة هجر للكتابة في الموقع لإحباط خيب أملي حدث لي من قبل بعض الكتاب، أعود إليكم أعزائي القراء من جديد إلى جامعة أهل القرآن لأتعلم من عميدها الدكتور أحمد صبحي منصور و رئيس رواق أهل القرآن الأستاذ فوزي فراج المحترم وغير هما من الأساتذة الكرام ما ينفعني في دنياي و آخرتي راجيا من المولى تعالى أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال.

هناك إشكاليات لم أفهمها، وأود أن نناقشها بكل حرية و صراحة و هي:

1. كم من إمام و خطيب ـ مكحل العينين مرسل اللحية و على رأسه عمامة أو ما شابهها لتميزه وتزكيه عن باقي خلق الله ـ يرفع يديه إلى السماء بعد خطبة الجمعة يطلب من الله أن يدمر أعداء المسلمين ( خاصة اليهود منهم و النصارى). ومن المعروف أن من أوقات استجابة الدعاء أثناء صلاة الجمعة، و الملاحظ أن الذين يدمرون و يشردون و يعانون من الفقر و الذل و الهوان هم غير الذين يطلب الإمام من الله تدميرهم و تشتيتهم، فمن هم الذين يقتّلون و يشردون و يضطهدون هل هم غير المسلمين أم هم المسلمون؟؟؟!!!
يقول تعالى : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ. ق. و يقول سبحانه: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ(51). الأنفال. صدق الله، لأنه سبحانه و تعالى لا يظلم عباده، و هو يجزي من يعمل صالحا...

2. أين نجد روح الإسلام وتطبيق تعاليم السلام المؤمن المهيمن؟
لا يختلف اثنان أن روح الإسلام وتطبيق تعاليم السلام غير موجود عند المتشبثين بالمظهر الإسلامي فقط، من عمارة للمساجد وتكرار للحج و العمرة و تلاوة لكتاب الله دون فهم وتدبر في آياته و العمل بما فيه من أمر واجتناب ما فيه من نهي، و من أوامر الله تعالى قوله:
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(20). العنكبوت.
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(137). آل عمران.
لكن مع شديد الأسف لو أراد (عربي) أن يسير في الأرض ـ في دولة عربية ـ لينظر كيف كان عاقبة المكذبين المجرمين المشركين فإنه يجد صعوبة في تحقيق مبتغاه و الامتثال لأمر الله تعالى، بينما لو أراد أي إنسان أن يسير في أرض غير عربية، ودين دولتها غير الإسلام، فإنه يجد كل التسهيلات و الترحيب والوفاء بالوعود واحترام للوقت وضبطها بالثانية ـ لأن كل شيء عندهم بحسبان ومقدار ـ و زد على ذلك تعاملهم مع بعضهم البعض ومع الناس كافة دون تمييز ولا تمايز فقيمة الإنسان عندهم هو ما يحمل في عقله و ما يقدم من خدمة للإنسانية و لوطنه بغض النظر عن ملته و أصله و فصله ونسبه وانتمائه العقيدي.

في الآونة الأخيرة فكرت أن أزور أرض مصر و طلبت تأشيرة الدخول إليها فانتظرت أكثر من أسبوع كامل للحصول على التأشيرة و لم أحصل عليها، رغم الاستقبال الذي حظيت به من طرف القنصل نفسه و وعده بتقديم التأشيرة لي بعد يومين، لكن كل ذلك كانت وعودا غير منفذة، حينئذ قررت استرجاع جواز سفري من السفارة و تغيير وجهتي إلى بلاد أروبية بدأ بفرنسا ثم النرويج و تحديدا أصلو البلد الذي كنت أتمنى من زمان زيارته، و عند وصولي بكل سهولة واطمئنان إلى أصلو أحسست بالأمان و هو أهم ما يطلبه الإنسان، زد على ذلك الإحسان و اللطف والابتسامة الظاهرة على كل الوجوه بدءا بمضيفي الطائرة ولاسيما شرطة الحدود المرحبة بكل الناس. أي إنسان تتحدث إليه في الشارع أو في أي مكان، و ترى الناس يسيرون في الشوارع هادئي البال، فلا ترى فيها رجال أمن و لا حواجز و لا أسلحة ثقيلة و لا خفيفة، ولا أبواب مصفحة بالحديد ولا نوافذ تشبه مظهر السجون، و كل إنسان يعمل عمله بإخلاص و إتقان ـ رغم أنهم لم يلقنوا أي حديث عن إتقان العمل ـ لأن العمل أي عمل كان هو عندهم مفخرة و من سنة الحياة، و إليكم بعض المقارنات بين بلاد المسلمين العرب وبلاد غيرهم و لأتحدث عن العاصمة أصلو كمثال.

3. نزلت في المطار و خرجت من الطائرة و لم يستغرق ذلك مني إلا بضع دقائق التي انتظرت فيها حقيبتي، فلم يتحدث إلي أمن الحدود و لا الجمارك و خرجت من المطار فوجدت الباص الذي يحمل حوالي 70 راكبا و لم نكن فيه إلا حوالي عشرة أشخاص فقط فتحرك متجها إلى وسط المدينة أصلو لأن وقت مغادرته للمحطة وصل، ( ولا يهمه إن كانت الحافلة لم تكتظ بالبشر، مثل ما يحدث في كثير من البلاد العربية).
4. عند نزولي من الحافلة في المحطة وجدت مكتبا للإرشادات ووجدت أمامي شخصين يسألان عن حاجتهما، فجاء دوري و طلبت منه أن يدلني على أقرب نزل في وسط المدينة فقدم لي خريطة للمدينة كلها، و أراني مكان وجودي و مكان وجود النزل و كيفية الوصول إليه، و كل ذلك كان مرفقا بابتسامة لا تغادر شفتيه، خرجت من ذلك المبنى الضخم متجها إلى الفندق فدخلته فإذا بمكتب الاستقبال الذي يعمل فيه عباد مكرمون أحسست بالطمأنينة إليهم في الحين، رحب شخص منهم بي مع ابتسامة عريضة وقدم لي غرفة لا ينقصها إلا الحور العين... بينما لو كنت في دولة عربية فسوف يشترط علي ملأ استمارة و تقديم جواز السفر و دفع ثمن الغرفة مسبقا، و لن أحظى بالابتسامة و لا بغرفة تذكرني بنعيم الجنة التي أتمنى أن ندخلها جميعا بالعمل الصالح...

5. و في يوم الغد صباحا ذهبت إلى الطابق الذي يقدم فيه فطور الصباح طلب مني رقم الغرفة فقدمت رقمها و كان 686، قابلتني طاولة فيها كل ما لذ وطاب من أنواع الجبن و السلطات ( وليس السلطات الأمنية ) و المشروبات من قهوة و حليب و عصير خضر و أنواع الخضر الغنية و الأسماك و البيض المسلوق و غير المسلوق، وكل ذلك بين يديك فخذ من حيث شئت و كل واشرب مما لذ وطاب و تشتهي نفسك فكل و لا تسرف، فكان ذلك الفطور يغنيني من الأكل و الشرب إلى آخر النهار، لأن الجو كان ربيعا وبردا و سلاما على إبراهيم. و هذا الفطور الغني يذكرني بمطعم في أطلنطا جورجيا حيث ندفع ,251$ كان ذلك في سنة 1980 فنجد ما لذ و طاب من أنواع المأكولات و المشروبات، فسم الله وكل من حيث شئت...
بينما لو كنت في دولة عربية فإن الفطور يحتوي على قطعة زبدة و معجون وفنجان قهوة و حليب...وأما عن الابتسامة فهي من المستحيلات.

6.الناس في الشوارع: تلاحظ على وجوهم السعادة و الطمأنينة فهم يسيرون باحترام بعضهم بعضا فسائق السيارة يتوقف احتراما للراجلين و الراجلين لا يقطعون الطريق إلا من الأماكن المخصصة لذلك و في الوقت المناسب...
بينما في الدول العربية لا نجد هذا النظام المحترم لا من قبل الراجلين و لا من قبل سائقي السيارات مع كل أسف نعيش الفوضى في كل شيء...
و ما لاحظت في أصلو هو كثرة النساء الحوامل و اللائي يدفعن حاملات الأولاد الرضع فتجد بعض النساء يتبعها ولد أ و اثنان وهي تدفع حاملة الرضع و في أحشائها حمل تنتظر ميلاده، فسألت عن ذلك فقيل لي إن الدولة تمنح الوالدات منحا مغرية لذلك يتوالدون خاصة العرب منهم....
بينما نجد في الدول العربية نقيض ذلك في كل شيء....

7. بما أنني أعجبت بالنظام القائم في هذه الدولة و أعجبت بخلق أهلها، و التي كان من المفروض أننا نحن المسلمين نكون خير أمة أخرجت للناس، فقد وجدت غيرنا يطبقون تعاليم الإسلام السمحاء شبرا بشبر و ذراعا بذراع ويعملون و يعمرون الأرض و يصلحون فبذلك لن يدخلوا جحر ضب لأن المسلمين موجودون فيه و لن يخرجوا منه إلا إذا فهموا معنى الآية التالية و طبقوها، لأنهم في نظري هي المادة التي رسبوا فيها. يقول سبحانه و تعالى:


(( لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )) –الاية 08 - الممتحنة

كما هو ظاهر تمتاز هذه الآية بصفتين أو خلقين أو مبدأين اثنين عظيمين أشار إليهما الخالق العلي القدير ولأمر ما أكد أنه يحبهما، والمبدآن هما :

أ‌) البــر : والمبرور من الأفعال هو ما لا شبهة فيه ولا كذب ولا خيانة ولا غش .
ب‌) القسط: هو العدل والتفاني في سبيل ذلك. أما الذين كفروا ( بالقرآن لأنهم آمنوا بغيره) فيقتلون الذين يأمرون بالقسط... لأن المؤمنين بالله قد أمرهم فقال سبحانه: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. 135 النساء.

وإن الشئ الجميل في كل ذلك والممتاز هو أن الله من خلال هذه الآية الكريمة الودودة يحب أن يعاشر المؤمنون أولئك الذين هم غير مؤمنين معاشرة حسنة إنسانية حضرية لا حرج فيها ولا إحراج ولا تشنج ولا حسرات ولا إذهاب النفس في ذلك ، معاشرة تتألق بالبر والعدل وهذا مطلوب طبعا إزاء أولئك الذين لم يمارسوا أية عداوة ولم يقاتلوا المؤمنين في الدين ولم يخرجوهم من ديارهم.
وعليه فإذا كانت هذه الصفات العالية من بر وقسط مما يحبه الله ويحث إليه لتسود بين المؤمنين بالله وغيرهم من غير المؤمنين.
فمن المفروض أن السؤال الكبير الذي يقفز لا محالة إلى الواجهة لدى كل متدبر هو:
إذا كان ذلك كذلك فما بالك بالأخلاق والصفات والمبادئ التي ينبغي ويجب أن يعاشر بها المؤمنون بعضهم بعضا، أي إخوانهم المؤمنين الآخرين الذين يتميزون عنهم بشتى المظاهر والأساليب الناتجة عن شتى المفاهيم والقناعات والمعتقدات، تلك التي تعبر عنها تلك الأعداد من المذاهب والملل والنحل ؟؟؟
وبالتالي:
أفلا يجوز لكل ذي مذهب أو رأي أن يتمسك بما لديه وبما يطمئن أكثر إليه ويراه صوابا ؟
أفلا يكون من حق كل مذهب أو رأي أوحزب أن يفرح بما لديه بدون التقليل مما لدى الطرف الآخر والحزب الآخر؟ وأن يعود نفسه متعة إنصاف الآخر وتصور فرحه بما لديه ؟
أفلا يكون الواجب على كل مؤمن أن يتصور ويقتنع أن المساعي وإن كانت شتى فمن الممكن جدا أن تكون مصيبة وأن تؤدي أخيرا إلى النجاة ؟
أفلا يمتلئ المؤمن المخلص أسفا وحزنا عندما يلتفت يمينا وشمالا فيرى ما يراه مما يسود المؤمنين من ذلك التناحر والتنافر والتناكر والتكفير المتبادل والغل الضارب أطنابه في الصدور ـ رغم أنهم يطلبون من المولى نزع الغل من قلوبهم، لكنهم لا يجاهدون أنفسهم لذلك. ـ وإصدار الأحكام والأحكام المضادة ؟
أفلا يضحك المؤمن المخلص ضحكة الحزين من حالته عندما يكتشف ويفاجأ بأن صفة البر والقسط التي يحبها الله وأوصى بها ويحب أن تكون هي السائدة بين المؤمن وغير المؤمن، فإذا بها لم تحصل بل لم يحصل شئ منها حتى بين المؤمن وأخيه المؤمن؟
أفلا نكون نحن المؤمنين بمواقفنا التي هي غنية عن التعليق في وضعية من عصى الله مرتين اثنتين ذلك العصيان المركب، فمرة لم نكترث بما يحبه الله وهو ما حثنا إليه ليكون السائد بيننا نحن المؤمنين وبين غير المؤمنين وهو البر والقسط، ومرة أخرى لم يحدث ذلك حتى بيننا وبين إخواننا المؤمنين؟
أفلا تكون هذه المادة هي الأخرى من بين المواد التي رسبنا فيها نحن المؤمنين؟
مع تحيات إبراهم دادي.

اجمالي القراءات 15218