( 20 ) أئمة سنيون يعترفون أن الأقصى مبنى على أطلال الهيكل الاسرائيلى

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٢ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

( 20 ) أئمة سنيون يعترفون أن الأقصى مبنى على أطلال الهيكل الاسرائيلى

أولا : الأصل الاسرائيلى للمسجد الأقصى .

1 ـ  "الهيكل" في اللغة العبرية يعني : " بيت الإله" . وقد ورد فى سفر الملوك ( إصحاح 5:6 ) أن سليمان أتم ما بدأه أبوه ( الملك داود ) ، وكان داود  هو الذي نقل تابوت العهد والألواح المنقوش عليها شريعة موسى ( الميثاق ) الى مدينة اورشليم ( القدس ) . أما سليمان فبنى الهيكل في أورشليم ووضع فيه التابوت والأحجار وجعل المكان معبدا لله. ويذكر سفر الملوك الأول (الأصحاح 6-9) أن بناء الهيكل استمر 16 عاما (من السنة الرابعة بعد توليه العرش وحتى السنة العشرين) وأنه تم بالاستعانة بحيرام ملك صور الفينيقي الذي باعه الأخشاب وأرسل إليه كبار صناعه.

2 ـ وطبقاً لما ذكرته المصادر التاريخية، فقد تم بناء الهيكل وهدمه ثلاث مرات، فقد تم تدمير مدينة القدس والهيكل عام 587 ق.م على يد نبوخذ نصر ملك بابل وسُبى أكثر سكانها، وأعيد بناء الهيكل حوالي 520-515 ق.م وهُدم الهيكل للمرة الثانية خلال حكم المكدونيين على يد الملك أنطيوخوس الرابع بعد قمع الفتنة التي قام بها اليهود عام 170 ق.م، وأعيد بناء  الهيكل مرة ثالثة على يد هيرودوس الذي أصبح ملكاً على اليهود عام 40 ق.م بمساعدة الرومان. وهدم الهيكل للمرة الثالثة على يد الرومان عام 70 م ودمروا القدس بأسرها.وحملت مدينة القدس إسم ( بيت همقدش) بالعبرية ، وتحول فى اللسان العربى الى بيت المقدس .

3 ـ خلال تاريخها الطويل، تعرضت القدس للتدمير مرتين، وحوصرت 23 مرة، وهوجمت 52 مرة، وتمّ غزوها وفقدانها مجددًا 44 مرة. استوطن البشر الموقع الذي شُيدت به المدينة منذ الألفية الرابعة ق.م، الأمر الذي يجعل من القدس إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم. إلا إن موقعها الدينى بدأ بفتح الملك داود لها وجعلها عاصمة لمملكة اسرائيل حوالى الف عام قبل الميلاد . ثم إكتسبت طابعا مسيحيا طبقا للمعتقد النصرانى بأن المسيح صلبوه على أحد تلالها حوالى 30 ميلادية حسبما يزعمون .

4 ـ إلا إن التغيير الأكبر للقدس ( بيت المقدس ) قد حدث بالفتح العربى ، إذ وقعت فى ايديهم ضمن فتوحاتهم التى توسعت شرقا وغربا فى المرحلة الأولى من الفتوحات فى عصر أبى بكر وعمر وعثمان . بهذه الفتوحات توطدت تبعيتها للعرب و ( المسلمين ) حوالى 14 قرنا ، فهى تقع فى نقطة المنتصف تقريبا لفتوحاتهم التى إمتدت من أواسط آسيا الى جنوب فرنسا ، وبالتالى فى منتصف ما يعرف بالعالم الاسلامى .وخلال قرون طويلة تم صبغها بالصبغة العربية واصبحت معلما مقدسا من معالم الأديان الأرضية للمسلمين. بل واصبح الفاتحون العرب من الخلفاء الأوائل كائنات مقدسة .

5 ـ كان هيكل سليمان الأول قد تم تدميره ، ثم أعيد بناء الهيكل الثانى فى نفس الموقع عام 516 قب الميلاد ، ثم دمره الرومان عام 70 ميلادية . وظلت قواعده باقية ، ومنها الصخرة الاسرائيلية والحائط ، الى أن أسس علي هذه القواعد الخليفة عبد الملك بن مروان  المسجد الذى سماه (الأقصى  ) وجعل عليه قبة الصخرة حوالى عام 691 . وبهذا أصبح ( هيكل سليمان ) شبحا فى طيات المسجد الأقصى ، وسلب منه المسجد الأقصى هالات التقديس ، وصار له أتباع جدد يقدسونه يخترعون له الأحاديث ويضعون التشريعات والطقوس فى عبادته والحج اليه .، وتعاظم هذا التقديس بمرور القرون حتى أصبح لدى المحمديين من الثوابت أو من المعلوم من الدين بالضرورة ، مع أنه مبنى على خرافات وأكاذيب شأن كل ملامح الديانات الأرضية التى تقدس البشر والحجر .

6 ـ الجديد هنا هو السرقة ، فقد سرق المسجد الأقصى الهيكل الاسرائيلى وحتى الحائط المقدس الباقى من أطلال الهيكل والذى إعتاد الاسرائيليون البكاء عنده ( حائط المبكى ) جعله المحمديون حائط البراق ، تأسيسا على اسطورة المعراج والتى يزعمون فيها أن النبى محمدا صعد الى السماوات من هذه النقطة يركب البراق ، وقالوا انه دابة اصغر من الفرس وأكبر من الحمار .!  يعنى ( سيسى .! )

ثانيا : لا وجود مطلقا  للمسجد الأقصى فى تاريخ الطبرى فى الحديث عن فتح بيت المقدس

1 ـ تاريخ الطبرى ـ وهو عمدة المصادر التاريخية ـ لم يذكر مطلقا مسمى المسجد الأقصى فى سنوات الفتح العربى للشام . أى  إنه لم يكن موجودا عندما زار عمر بن الخطاب مدينة القدس وتسلمها عام 16 هجرية . يعنى لو كان الاسراء الى ما يسمى بالمسجد الأقصى فى القدس لكان الهتاف عاليا مدويا لفتح القدس وصولا الى المسجد الأقصى المذكور فى القرآن . ولكان ذلك المسجد أول مكان يبادر عمر بن الخطاب بالتوجه اليه. لكنه لم يكن موجودا  أصلا .

2 ـ يروى الطبرى فى ظروف فتح بيت المقدس ( القدس ) عام 636 / 637 أن الخليفة عمر سافر بنفسه الى القدس ( ايلياء كما كان يطلق عليها الرومان ) ليتسلم مفاتيحها . وذكر إن عمر صلى فى مسجد ومحراب داود ، أو ما تبقى من هيكل سليمان . يقول الطبرى:( افتتحت إيلياء ( القدس ) وأرضها على يدي عمر في ربيع الآخر سنة ست عشرة . وعن أبي مريم مولى سلامة قال : " شهدت فتح إيلياء ( القدس ) مع عمر رحمه الله فسار من الجابية فاصلا حتى يقدم إيلياء ثم مضى حتى يدخل المسجد ثم مضى نحو محراب داود ونحن معه فدخله ثم قرأ سجدة داود فسجد وسجدنا معه .). لو كان هناك المسجد الأقصى لصلّى فيه ، لكن كان هناك محراب داود من بقايا الهيكل فصلى فيه .أى إحتاج عمر الى مكان يصلى فيه أو الى مسجد ، فصلى فى محراب داود ( الاسرائيلى ) . يقول الطبرى ثانيا : ( ثم قصد المحراب محراب داود عليه السلام وذلك ليلا ، فصلى فيه . ).

وأراد عمر بناء مصلى فى المكان فاستشار كعب الأحبار الحبر الاسرائيلى الذى أسلم ـ اين يبنى هذه المصلى فأشار عليه كعب أن يبنيها على الصخرة الاسرائيلية الباقية من الهيكل ، فرفض عمر وأتهمه بميوله اليهودية . قال الطبرى عن عمر  : ( فقال : " علي بكعب. "  فأتي به فقال : أين ترى أن نجعل المصلى ؟  فقال : " إلى الصخرة. "  فقال : " ضاهيت والله اليهودية يا كعب. " . ).

ثالثا : إنتقاد ابن تيمية وابن القيم لتقديس صخرة الأقصى

1 ـ تسيد التصوف العصر المملوكى ، وانتشر تقديس الأحجار من قبور ومشاهد ، ونالت صخرة الأقصى الكثير من التقديس تجلى فى أحاديث كثيرة و طقوس . وأفزع هذا ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، إذ رأوا فى هذا نوعا من تقديس لأشياء إسرائيلية الأصل .

2 ـ قال ابن تيمية فى ( مجموع الفتاوى : كتاب الزيارة ): ( أما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظّمون الصخرة، وما يذكره بعض الجهال فيها من أن هناك أثر قدم النبي  ، وأثر عمامته، وغير ذلك، فكله كذب، وأكذب منه من يظن أنه موضع قدم الرب، وكذلك المكان الذي يذكر أنه مهد عيسى  كذب، وإنما كان موضع معمودية النصارى، وكذا من زعم أن هناك الصراط والميزان، أو أن السور الذي يضرب بين الجنة والنار هو ذلك الحائط المبني شرقي المسجد، وكذلك تعظيم السلسلة أو موضعها ليس مشروعاً . ) وقال ابن تيمية عن هذه الصخرة الاسرائيلية : (كانت قبلة، ثم نُسخت، وهي قبلة اليهود، فلم يبق في شريعتنا ما يوجب تخصيصها بحكم، كما ليس في شريعتنا ما يوجب تخصيص يوم السبت). هنا إعتراف من ابن تيمية بأنها قبلة اليهود .

 3 ـ وإنكر ابن القيم الجوزية أحاديث التقديس  لهذه الصخرة الاسرائيلية فى كتاب ( المنار المنيف فى الصحيح والضعيف ). قال : ( وكل حديث في الصخرة فهو كذب مفترى، والقدم الذي فيها كذب موضوع مما عملته أيدي المزورين، الذين يروجون لها ليكثر سواد الزائرين، وأرفع شيء في الصخرة أنها كانت قبلة اليهود، وهي في المكان كيوم السبت في الزمان، أبدل الله بها هذه الأمة المحمدية الكعبة البيت الحرام. ). هنا إعتراف من ابن القيم بأنها قبلة اليهود .  

4 ـ وصرح ابن تيمية أن تعظيم الصخرة ، وروايات فضلها ، إنما ظهرت بعد بناء عبد الملك ابن مروان القبة عليها . قال : حتى صار بعضها الناس ينقل الإسرائيليات في تعظيمها . وعن ان تسميته بالأقصى جاءت مستحدثة من عصر عبد الملك بن مروان وليس لها أصل سابق قال ابن تيمية في مجموعة الرسائل الكبرى 2/61 ( فالمسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام ) أى يعترف بأصله الاسرائيلى .!. وقال عن الصلاة فى المسجد الصغير الذى بناه عمر بن الخطاب ولم يكن اسمه المسجد الأقصى : ( ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذي بناه عمر، وأما الصخرة فلم يصل عندها عمر ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة ، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان ...) مروان هذا هو الحليفة والد عبد الملك بن مروان . أى الى عهد مروان لم يكن المسجد الأقصى معروفا . كان المعروف فقط هو المسجد الصغير أو المصلاة التى بناها عمر . وكانت الصخرة الاسرائيلية موجودة ، ولم يكن يلتفت اليها أحد . قال ابن تيمية : (  وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة فإنها قبلة منسوخة ... وإنما يعظمها اليهود وبعض النصارى) . وقال أيضا : ( كانت الصخرة مكشوفة ، ولم يكن أحد من الصحابة ، ولا ولاتهم ولا علماؤهم يخصها بعبادة..

وقد حذر ابن تيمية من تقديس الصخرة الاسرائيلية ومن الطواف بها ومن سوق الهدى قربانا لها وحكم بقتل من يفعل ذلك .

اجمالي القراءات 9883