همسة فى الأذن

محمد حسين في السبت ١٢ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مسلسل المسخرة فى امتنا لا يتوقف ... ومن الصعب التكهن فى اى وقت قريب سوف يتوقف ، فالوضع العام كئيب مهما اختلف معى مرددوا المقولات التى تحث على التوقف عن مثل هذا النظرة العمومية التشائمية.  وسخط المواطنون فى امتى على حكوماتهم لا ادرى من اين أأتى له مبررا ، فالحكومات ما هى الا نتاج شعوبها ، ناهينا عن المطبلاتية والمزمراتية ، فالشعب كالمرأة "الحبلى" تحمل وليدا غالبا ما يكون له نفس الخلق والطباع. وبما ان المثل الشعبى يقول "اقلب القدرة على فمها" ، فالحكومة اذن æig;ليدة الشعوب. فمثلا اذا ذهبنا بالتخيل الى موقف "العربجية" واذا فرضنا انهم اتفقوا على ان يكون لهم فى يوم من الايام نقابة او منظمة ترعى حقوقهم وان يكون لها رئيسا ، سواء انتخبوه ام فرض عليهم ، فلا اعتقد ان هذا الشخص سيكون دكتورا او فيلسوفا ، بل من المنطقى انه سيكون عربجيا مثلهم. وسيبدأ التعامل معهم من منطلق المبدأ "العربجى" -مع الاعتذار لاخواننا العربجية وكامل احترامى لهم. واذا تصفحنا معا احوال شعوبنا واخذنا عينة من البشر وعرضنا فكرة للحوار سيكون لكل منهم وجهة نظر ، واكاد اجزم ان كل منهم سيتعامل مع الاخر على ان رأيه هو على صواب والآخر "بيخرف" ، وهنا يكون التناقض. فمع العلم بأن كل فرد فى امتى من الشعوب يحلم بالديموقراطية ، الا انه ديكتاتور بالفطرة ، ولننظر الى نواة المجتمع العربى التى هى الاسرة او الشارع او الحارة او اى نواة صغيرة او صورة مصغرة للمجتمع ، ستجد فردا ما يريد ان يتحكم فى مصائر الآخرين ، سواء كان الاب فى الاسرة "وساعات الام" او البلطجى فى الشارع او "الصايع" فى الحارة والمدير فى العمل والمدرس فى المدرسة ...الخ. ولكن مع كل هذا يخرج كل منهم الى نطاق اكبر ويردد وينادى ويطالب بالديموقراطية. 

فى اى برنامج على القنوات التليفزيونية ترى مقدم البرنامج وقد دعا اثنين من المتحاورين وبعد بداية محترمة وكلمتين انجليزى "اوف كورس واكزاكتلى" ، وسواء كان الحوار دينى او ثقافى او اجتماعى او رياضى ، ينقلب الحال بعد فاصل الاحترام "اللى الناس مش واخدة عليه" الى شلة "بلطجية" كل منهم يصرخ فى وجه الآخر ويلقى بالرزاز من فمه على وجه الاخر ، "وشوية وفاضل كل واحد فيهم يتف فى وش التانى" ويحاول كل منهما اثبات وجهة نظره الشخصية بالقوة ويبدأ بالسب فى الاخر ويطلع كل منهم المشاهدين والمستمعين على ملف الآخر "الوسخ". وينقلب الحوار الى "حمار" هذا ينهق وهذا يرفس والدنيا تتقلب وتأتى اتصالات تليفونية تقوم بفاصل من الردح تارة ، وتارة اخرى فئة تقوم بالتسخين "علشان العملية تحلو" والبرنامج يتغير والبرنامج ينقلب الى فاصل من "المتففة" والناس فرحانة واهى حاجة تسلى. ثم يخرجون وينددون ويطالبون بالديموقراطية واحترام الرأى الآخر، ومسلسل المسخرة لا يتوقف!!!

ولنأخذ انفسنا ونذهب الى منتدى من المنتديات على الانترنت ونحاول التصفح فى المواضيع الساخنة ولنرى كيف بدأ وكيف انتهى. تجد موضوعا ، على سبيل المثال ، عن استفسار واضع الموضوع عن شيئا من الاشياء او مقارنة بين الرئيس فلان ومن سبقه او بين شخصيات معينة ايا كان مجالهما سواء ان كان سياسيا او فنيا او رياضيا او "لولبيا" او عن افكار فلان او علان ، ستجد "ان كان منتدى محترما!!" تنويها من واضع المقال فى السطر الاخير او اوله عن احترام الرأى والرأى الآخر ، يرجو من الاعضاء ان يكون الحوار حضاريا وان نلتزم السلوك الحضارى فى النقاش. ومن ثم يبدأ النقاش بالاحترام والكل يحاول جاهدا ان يصب اعتى المصادر واللغويات فى تعليقه او رأيه ، وهكذا حتى يبدأ حبل الهيافة والبذائة ان يسحب الكل من عنقه ويبدأ فاصل آخر من سب كل منهم الآخر بالغباء وعدم الفهم والجهل والقصور واللاوعى ، والى هنا والعملية محترمة شوية ، ثم ينفرط الحبل ليبدأ فاصل آخر من الردح والشتم ولو كان بود كلا منهم ان يضرب الاخر "بالشبشب" على ام رأسه. ثم يخرجون ويطالبون ويسألون الديموقراطية واحترام الرأى الاخر ، ومسلسل المسخرة بعيدا عن ان يتوقف!!!
واقول ان هذا هو مبلغ الحوار فى مجتمعاتنا ، او بمعنى اوضح ، هذا هو ارقى الاساليب فى التحاور ، ولا داعى لان نذهب الى ما هو اسفل من ذلك ... علشان الفضايح. 

ومع هذا - وهذا هو الوضع العام فى امتى- نتمنى ما نمنعه ، نسأل ما لا نعطيه ، نرفض ما نبيحه نحن داخل انفسنا. وانا لا اعطى الحق ولا احاول ان اجد المجال او المبرر "لفرقة البلطجية" الحاكمة لمجتمعاتنا ، ولكننى اقولها جهرا ، ان كان الشخص حليما سيفرض على الآخر حلمه ، وان كان الشخص محترما سيفرض على الاخر احترامه واذا كان الشخص نفسه ديموقراطيا سوف يفرض على الاخرين ان يتعاملوا معه بنفس المبدأ، وهذا رأيى عن قناعة والكل له حرية القول والرأى. ولهذا لا يجب ان نقارن انفسنا بالآخرين فى الغرب ، فالآخرين فى الغرب يعرفون حقوقهم ويتعاملون كل مع الآخر باحترام الرأى فيما بينهم ويقدرون هذا الحق ولا يفكروا فى الزود عنه لانه اصبح منطق ثابت ومبدأ من مبادئ الحياة لا يمكن باى حال من الاحوال بان يمس او يتم النقاش فيه ، فتجد من يحكموهم يجب ان يحترموا هذا لانهم نتاج نفس الشعوب وكل حاكم فيهم وليد شعبه ، فإن انحرف هنا او هناك تجد له "فى كل خرابة عفريت" ، وهذا لا يعنى انه لا يوجد فساد ، ولكن الفساد نسبى يختلف حجمه مع اختلاف درجات ثقافة الشعوب. وحكوماتنا ماهى الا مرآة للوضع العام داخل شعوبنا ، فإذا فسد الشعب كان النتاج حكومة فاسدة ، واذا صلح الشعب كان العكس منطقيا صحيحا. اما اذا كان التناقض والشيزوفرينيا هى سمة من سماتنا فى ان نسعى الى شئ لا نعيه ولا نقدره ولا نمارسه بانفسنا ، فسيكون الناتج منظومة فاسدة متناقضة على نفس المستوى وبشاعتها لا تفرق فى هذا الوقت ، لانها فى النهاية حلقة من حلقات المسخرة فى مسلسل المسخرة الذى ينطق بكينونته فرضا ليس له ان يتوقف!!! 

*******
* جمعية حقوق المرأة .... جمعية حقوق الإنسان ... جمعية الرفق بالحيوان ... مصلحة المجارى العامة ... ايه يا جدعان فى ايه الناس دى عندنا ؟!! امال ايه يا ريس انت مش عايش فى الدنيا ولا ايه ؟ وهما بيعملوا ايه الناس دى ؟ "فى الواقع يا سيدى ...." واقع ايه ياعم حوش اللى وقع منك ... ثم ركب الناقة وشرخ .... اى والله وشرخ !!! 

* طالعت فى الجرائد المصرية ، التى للأسف ادمنتها ولا استطيع الاقلاع عنها ، عن قضية نواب القروض بعد ان تم وقف تنفيذ احكامهم وقد اتفق الاطراف على ان يدفعوا المبالغ التى اخذوها "واخذوها هنا تعنى سرقوها بس بعد النيولوك" من البنوك ، والتى هى فى الواقع اموال الناس الغلابة واللى مش غلابة. وكنت انا وصاحبى نتحاور كعادتنا وقد سألته: مش الناس دى سرقت الفلوس دى فى الاصل؟ فرد على صاحبى: اى نعم بس هيدفعوها تانى ، فقلت له: طيب ما يطلعوا الحرامية اللى فى السجون ويخلوهم يدفعوا الفلوس اللى سرقوها .... فسكت صاحبى وهو يحاورنى كعادته ، وهى عادة سيئة به ولكنى اعتدت عليها !!! 

*حال المواطن فى امتى وحكومته يتلخص فى مقولته لها "خايف اقول اللى فى قلبى ... تقوم تضربنى على قفايا" ... فترد عليه حكومته "الكلب ومايريد" ... مع الاعتذار لنوابغنا من الفنانين على التحريف !!!

وللحديث بقية

اجمالي القراءات 11453