أزمة الخليج
هذا إعلان حرب قطري ضد الإمارات!

محمد عبد المجيد في الإثنين ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في الخصومة فروسية ونذالة، وفي الحروب نُبل وضرب تحت الحزام، وفي العهود توقيعات ممهورة باسم السماء و.. أخرى عليها بصمات الشياطين.
الظاهرة القطرية لم تعد خافية إلا على الساذجين، فالدولة القناة تستضيف بقدر ما تصطاد، وتعطي نكهة إسلامية للانقلابات الداخلية ، فالعائلة تتوارث الطعن من جيل لآخر، ولو كان شكسبير حيـًـا لجعل كل مسرحياته المتعلقة بالمؤامرات في قصر الحُكم بالدوحة، ولنزل غضب هاملت على الجميع.
الدعوة الحقيرة بمقاطعة دولة الإمارات العربية المتحدة موجهة بالأساس إلى دولة الرفاهية والسعادة والشباب، فالمستقبل الحقيقي في فكر الشيخ زايد ولو بعد رحيله، رحمه الله، بعشرات الأعوام.
تفرغت دولة قطر لعدو واحد يتجمع في دول الحصار، لكن ظل المال مساندًا لعزة النفس بالإثم، وقنوات التيارات الإسلامية تتولى جعل تمزيق الخليج يحمل شعار حلال الذي يضعه لصوص محلات المواد الغذائية في أوروبا جواز سفر للعبور إلى زمن حروب القرون الأولى.
تعاني قطر من حساسية الوحدة الخليجية، وترىَ نفسها أكبر قيمة وأصغر حجما من دولة الإمارات التي رفضت الدوحة الانضمام إليها في أوائل السبعينيات.
لا ينسىَ آل ثاني أن الذاكرة البحرينية ممتلئة بقطريات ترفض أن تُنزع من مملكة آل خليفة مما جعل التقارب مع إيران يمنيــًــا حالة تقبيل جيري لذيل توم!
دول الحصار لم تتخذ قرارها في يوم أو شهر أو عام، لكنها كانت تصبر على دعم قطر للمشاكسين والمعارضين والإسلاميين، ثم احتضانهم في الدوحة كملاذ آمن، قرَضاويـًـا، فلماذا انحازت تركيا إلى الدوحة وقررت حمايتها من غزو صنعه خيال الحمدين وتميمهما، ففتحت قنوات الاخوان المسلمين المتتركة النارعلى كل من يمس مركز الجماعة الرئيس في العاصمة القطرية.
من حُسْن حظ دولة قطر أن الكبار في العالم كله يلعبون الورق مرة بالشايب، وأخرى بالولد والمواقف تتغير وفقا لرنين الريال و.. شراء أسلحة سيتم تغيير قطعها في قاعدة العيديد.
كل القيادات الميليشياوية الدينية مرّتْ على الدوحة، والعشر سنوات العجاف من الانقسام الفلسطيني بين رام الله وغزة كان يمكن أن يُختَصر في عدة أشهر لتعود المياه إلى مجاريها؛ لكن وعود الشيخ حمد بن خليفة لتدفق المساعدات على غزة تبخرت في الهواء، فكيف تساعد الدوحة منظومة الوحدة الفلسطينية والشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني يتسوق في تل أبيب؟
ارفع راية الإسلام المسلح، من طالبان إلى حسن الترابي، ومن منتصر الزيات إلى عبد المجيد الزنداني، ومن القرضاوي إلى قناة الشرق فستصبح الدوحة وطنك الثاني قبل أن يلفظك المضيف كما نزع الجنسية عن آلاف من أهالي القبائل الأكثر رسوخا في تربة قطر من آل ثاني أنفسهم.
ينام الحمدان وعيناهما مفتوحتان على الجيران الأكثر سلاما معهما: واحدة تراقب الإمارات، والثانية تتأمل المذهب المشترك مع السعودية في انتظار انقسامه أو..  تمزقه.
الدوحة دولة تنام في فندق وتحارب في الخليج وتطلق النار في أفغانستان وتشتري الإسلام القطري بالنفط والغاز، وتصنع شِبْاكها حول الإعلاميين، ولكل إعلامي صنارته وطـُعمه وطـَعمه.
كل الشائعات الوضيعة عن دولة الإمارات تقوم الدوحة بترويجها في عنكبوتية من الإعلاميين الدهاة والمحترفين، لكن سياسة قطر في وضع السموم نجحت إلى حد كبير بين الجماهير المغيــَّـبة، فتلقي في الأذنين والعينين سبعين خبرًا صحيحا وفقا لوكالات الأنباء العالمية، لكنها تدس بحرَفية عُشرَها بقوة سبعين حصانا، فتؤتي أكـُلـَـها بعد حين.
النفط والغاز يصنعان الهيبة القطرية، كما يظن القطريون، لذا فعندما قام الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بزيارة قطر، لم يصطحبه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى جامعة الدوحة أو معهد بحوث، إنما إلى القصر الأميري ليشاهد عبقرية بناء القصور والأبهة والفخامة ولا يعرف أن الرئيس الأمريكي يكتب الإقرار الضريبي السنوي لكل ما حصل عليه و.. ما أنفقه!
دولة قطر لم يكن مطلوبا منها لحُسْن النية أكثر من إنهاء استضافة رموز التطرف والإرهاب من الجماعات الإسلامية وقياداتها، ثم وقف دعم مراكز التشدد والكراهية، خاصة في أوروبا، فدول الخليج عُرضة لجماعات مسلحة قد يأتيها العون من الاخوان المسلمين أو من قُم وطهران أو اليمن أو غيرها.
كلما تساهلت دول الحصار تراجعت الدوحة عن المصالحة أو التقارب.
قطر تتهم السعودية بأن الأمير محمد بن سلمان قام بزيارة تل أبيب سرًا، رغم أن العلاقات القطرية/الإسرائيلية يعرفها القاصي والداني، فحتى الوساطة بين تل أبيب ونواكشوط كانت الدوحة هي العرّاب الأول لها، وهي التي أصرت على دعوة إسرائيل لحضور المؤتمر الرابع لمنظمة التجارة العالمية في العاصمة القطرية.
قطر ترفض كل الإشارات القادمة من دولة الإمارات والتي دفع بها الدكتور أنور قرقاش عشرات المرات عبر تغريدات ذكية لتتلقفها الدوحة فتقترب مع حفظ ماء الوجه، لكن الأمير الأب والأمير الابن ومهندس السياسة الخارجية ثلاثتهم، تشهد أعمالهم وتصريحاتهم وسلوكياتهم، صراحة أو ضمنا، أنهم أعلنوا الحرب ضد دولة الإمارات العربية المتحدة.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 23 أكتوبر 2017  
اجمالي القراءات 8659