أكذوبة لعن الله قوما حكمته امرأة

مولود مدي في الإثنين ٠٥ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

من يبحث في الفقه الاسلامي و يحاول فهم طريقة تعامل هذا الفقه مع المرأة سيخرج بنتيجة أن جل الفقهاء الذين صاغوا ذلك الفقه, اختلفوا فيما بينهم أكثر مما اتفقوا لكنهم وقفوا وقفة رجل واحد في الاتفاق على دونية المرأة, و وقالوا بأنها من " حبائل الشيطان" وبأن " كيدهن عظيم" وبأن أكثر أهل النار من النساء .., يقولون أن الاسلام كرّم المرأة وقضى على الكثير من عاداة الجاهلية التي تعتبر البنت عارا ويجب وأدها خوفا من الفقر الخ .. لكن الفقهاء هم من حطّوا من قدرها و هبطوا بها الى درجات وضيعة, فيروجون لكتبهم لفقه السبي و ملك اليمين و جعلوها أداة للتناسل و تحقيق المتعة وفقط, لذا تجد أن جل فقههم تناول الجانب الحسي من المرأة أي جسمها, فكان الفقهاء يقدّمون للسلاطين كل ما لذ وطاب بما يتعلق بالمرأة أي على شاكلة كتب " الايروتيك " لكن بما يرضي الله!, و كان منهم جهابذة قضوا أكثر من عشر سنوات ليكتبوا في الحيض و النفاس...

من العجيب على الفقهاء أن ينظر الفقهاء للمرأة نظرة احتقار و دونية و تخوّف و كأنها أتت من كوكب أخر فحرّموا حتى مصافحتها, لأن ذلك بزعمهم يؤدي الى الفاحشة, فكلما أثير موضوع المرأة و الا سمعت من طرف الفقهاء كلمات " الحجاب " و " الزنا " الخ, فستحس أن الفقهاء أصيبوا بعيب خلقي بحيث أن منطقة العقل لديهم تقع في جهازهم التناسلي .. كما بلغ الأمر الى اعتبارها من نواقض الصلاة بأحاديث موجودة في الصحاح, و ايضا الاستعاذة من شرّها " إذا أفاد أحدكم المرأة أو الجارية أو الدابة، أو الغلام، فليقل أسألك من خيرها، وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها، وشر ما جبلت عليه " (خلق أفعال العباد للبخاري 1/59), في القرأن يتحدّثون عن التكريم, و بعد ذلك يتمسكون بالأحاديث التي تساوي المرأة بالدّابة!؟, وفي الأخير هم أناس لا يستطيعون التخلص من التربية التي تربوا عليها في الصحراء و التي علّمتهم أن المرأة عبارة عن شيء موجّه للاستهلاك وفقط, و الدليل تأثر البخاري بالتقاليد العربية الجاهلية التي تعتبر المرأة شؤما " إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار "..(صحيح البخاري 2858)..ومعلوم أن الشؤم نزعة بدوية تجاه كل ما هو غير كامل كالأعور والأعمى الخ.

من يتتبع الفقه الإسلامي يراه مصطبغا بصبغة ذكورية خالصة منذ النشأة وحتى الآن، وهذا يعود الى التكوين الفكري والسيكولوجي للفقهاء, فكانت البداية الجام العامة عن الخوض في الفقه ومناقشة مسائلها فحرّموا الاعتراض على أراء الفقهاء و اخترعوا خرافة " لحوم العلماء مسمومة ", ثم شرعنة هيمنة الذكور على الاناث باختراع ترّاهات مثل " المرأة ناقصة عقل " وقالوا أنها لا تصلح لادارة شؤون القضاء و الرئاسة بحجة ضعفها و عندما أدركوا ضعف حجّتهم عادوا الى عادتهم القديمة و هي التشريع عوض الله, وبدون اي نص قرأني واضح و قطعي الدلالة, وكالعادة كان استدلالهم على عدم جواز ادارة المرأة لشؤون المسلمين هو " حدّثنا فلان بن علان ", وبالضبط الحديث المقصود هنا ه ( عن أبي بكرة، قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله  بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس، قد ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»..(صحيح البخاري 4425) ), و هذا الحديث في صحيح البخاري منسوب لأبي بكرة "نفيع بن الحارث", لاحظوا قوله "  بعد ما كدت أن ألحق (بأصحاب الجمل) فأقاتل معهم " يعني ان الرجل يحمد الله على عدم لحاقه بأصحاب الجمل وهو الجيش الذي تقوده عائشة الذي سيهزم, المريب هنا تستّر الفقهاء عن قيادة عائشة لجيش بأكمله ثم يأتون ليملئوا كتب الفقه بالفتاوي التي تحرّم منصب القيادة على المرأة, لو قالوا أن عائشة هي زوجة النبي وهي ليست كسائر النساء و افترضنا صحة فتواهم  فسنرد أن الشريعة تطبّق على الجميع ولاقيمة لألقاب " أم المؤمنين أو أب المؤمنين أو جد المؤمنين " في الشريعة و القرأن لا يعترف بالألقاب و لا بالمكانة بل بالاعمال, الناس متساوون أمام الله و شرعه مهما كان جنسهم, فاما ان تطبّق الشريعة على الجميع دون استثناء و الا لا داعي لملء رؤوسنا بالترّاهات .. و المشكلة الأخرى هي أنها كيف لحديث له وزن ثقيل في الفقه الاسلامي مثل هذا الحديث أن تتم روايته من طرف صحابي واحد ؟!, أين كان عمر بن الخطّاب و أبو بكر و غيرهم أم ان الراوي انتظر حدوث الفتنة لكي يخبرنا به ؟؟ أكيد أن الاخوان و السلفيين و جميع أنصارالاسلام السياسي  يستدلون بالحديث على عدم ولاية المرأة رغم أن الحديث آحاد مروي عن أبي بكرة فقط, ونحن نعرف جيّدا اختلاف المذاهب السنّية في الأخذ بخبر الأحاد فمنهم من أجاز الأخذ به و اعتباره مصدرا للتشريع ومنه من رفض ذلك, لكن عندما تعلق الأمر بالمرأة اتفقوا جميعا على رأسها فجأة و دون معارضة أحد منهم!! ..

لقد بلغ الهوس بالمرأة من طرف فقهاء الانحطاط باعتبار جسد المرأة عورة كله لما في ذلك من فتنة للرجل, فحصروا الغريزة الجنسية في الرجل فقط و كأن المرأة ليس لديها رغبات جنسية يعني أنها عضو مستقبل وفقط ..أنا لا أُرجِع السبب في ذكورية الفقه الإسلامي و هوسه بجسد المرأة إلى الإسلام نفسه, إذ ليس في الإسلام ما يمنع المرأة أبدا من تولي تلك المهمة، فليأتي لنا الشيوخ بنص قرأني يحرّم تولي المرأة الرئاسة أو القضاء او أي منصب قيادي, و انما عقلية المجتمع العربي البدوي المتأثرة بالبيئة الصحراوية القاحلة التي كانت ترى المرأة كسلعة و كمجرد خادمة لسيّدها فكيف يقبل العربي البدوي أن يتزعّمه خادمه ؟, انهم يريدون استعادة تاريخهم العزيز الذي امتلأ بملك اليمين و الجواري.

ان الذين يتمسكون بمثل هذه الأحاديث و يصرّون على استصغار قدرات المرأة و دونيتها, سنذكرهم بأن القرآن تحدث عن ملكة سبأ وهي امرأة فأثني عليها وعلى ولايتها للولاية العامة؛ لأنها كانت تحكم بالمؤسسة الشورية لا بالولاية الفردية، وذم القرآن الكريم فرعون مصر وهو رجل لأنه انفرد بسلطان الولاية العامة وسلطة صنع القرار,  فلم تكن العبرة بالذكورة أو الأنوثة في الولاية العامة وإنما العبرة كانت بالشورى و عدم الانفراد بالرأي, لكنهم تجاهلوا كل هذا و ذهبوا الى " قال و حدّثنا " و الأحاديث المبتدعة من طرف اشباههم و سلفهم " الصالح الطاهر ", و لكي يرضوا غرورهم قالوا بأن السنّة " قاصدين الحديث " هي ناسخة للقران في محاولة يائسة لتمرير فتاويهم المخزية المعادية للمرأة و الانسانية..

خلاصة القول أن الحديث مطعون فيه تاريخيا وفقهيا وعقليا ودينيا، فالمرأة كالرجل لها كل مقوّمات القيادة و الزعامة، أما النجاح فهو عامل يرتبط بالقدرات الذاتية لا بالجنس, لكن الفقهاء وضعوا الجنس كمعيار للحكم على المرأة, وهذه عنصرية لا تقل عن عنصرية النازيين و الفاشيين الذين يضعون الناس ومؤهلاتهم حسب النوع.

اجمالي القراءات 40022