داعش تمثل المذهب السني

سامح عسكر في الجمعة ٠٢ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

داعش تمثل مذهب السنة بوضوح لكن دون تطوير أو عصرنة

لذلك قلنا لابد من تجديد الفكر الديني اﻹسلامي وخصوصا السني لاحتواءه على كل قواعد وفتاوى داعش اﻹجرامية

عاوز أمثلة؟ 

أنظر لردة فعل المشايخ تجاه مسلسل غرابيب سود وهو مسلسل مصري يعرض اﻵن في رمضان..إنه ينقل أفعال وأقوال داعش بالحرف فشعر الشيوخ باﻹهانة، أنظر لردة فعلهم تجاه أفلام ومسلسلات عادل إمام عن اﻹرهاب واتهامهم له بتشويه الدين..بينما كان يسخر من أفكارهم ويكشف ثقافتهم للعامة..

أنظر لفتوى الداعية سعاد صالح حول الغنائم واستحلال فروج السبايا في المعارك..أنظر لتكفير سالم عبدالجليل للمسيحيين وصبري عبادة للشيعة وخالد الجندي لمنتقدي صحيح البخاري..أنظر لفتوى الشيخ مبروك عطية بوجوب حرب الكفار..كل هؤلاء سعاد وسالم والجندي وعطية محسوبين على دعاة الوسطية بينما أفكارهم تطابق بنسبة كبيرة أفعال وسلوكيات داعش..

أقولك؟

أنظر للشيخ عمرو خالد ومن يسموهم دعاة جدد في دعم الثورة اﻹرهابية في سوريا..وكيف حشدوا الناس لصالح مقاتلي القاعدة في حماة وحمص وحلب وإدلب قبل انشقاقهم إلى داعش والنصرة..أنظر جمعهم للتبرعات لصالح الجيش الحر قبل أن ينشق إلى جيش إسلام وأحرار شام وكتائب زنكي وغيرها..

أنظر للسلفيين وتحريضهم لاقتحام الكنائس وقتلهم زعيم شيعة مصر وسحله في الشوارع..أنظر لقتلهم فرج فودة والتحريض ضد ابراهيم عيسى ونصر أبو زيد وإسلام بحيري..أنظر لتكفيرهم كل من حاول تجديد الدين والثورة على أصول المذهب السني كالشيخ محمد عبده وعلي عبدالرازق وغيرهم..

أنظر لفتوى الحويني بضرورة غزو الأمم وإعادة عصر الفتوحات..أنظر لفتوى محمد حسان عن إلغاء القرآن لصالح الحديث..وعن خطب حسين يعقوب بأن الصلاة واللحية والنقاب والسواك هي كل الدين...بينما هذه أفكار داعش بالحرف..أنظر لإيمان عامة السنة اﻵن بالخلافة والشريعة والحدود..رغم تطبيق داعش لها وثورتهم على الشكل الحقيقي ﻹيمانهم دون علم

أنظر لرؤية الشيوخ للفن والموسيقى والجمال..إنهم معدومي الذوق واﻹحساس بالدنيا..هذا بالضبط شعور المتطرفين..لذلك ثار الدواعش على الدنيا كونها في نظرهم بيئة تحض على الفساد والرذيلة...أستثني قلة قليلة من الشيوخ جددت هذه النقطة ونجحت في تأليف دينها على مستجدات العصر والفطرة السوية.

أنظر لاعترافات إرهابيي سيناء وكيف أن شيوخ السنة والسلفية بالخصوص هم مثلهم اﻷعلى..أنظر للكتب التي وجدها الجيشين السوري والعراقي في أوكار اﻹرهابيين..كلها كتب سنة ولشيوخ مشاهير ما زالت تحتفي الدولة بهم في مناسباتها العامة..

لن يهرب أكثر المسلمين من الواقع ، داعش تمثل دينكم دون مواربة أو نفاق..هي فقط أخذت المبادرة لتطبيق ما تقولونه على المنابر وتحضون عليه في مجالسكم الخاصة..لذلك هم أصدق منكم في الحقيقة..قالوا وعملوا..بينما أنتم تقولون ولا تعملون..

لكن ليس معنى القول بأن داعش تمثل مذهب السنة أن كل المذاهب الأخرى على حق أو أنها تدعو للسلام والرحمة
، هذا غير صحيح..

المذاهب في الإسلام نشأت غالبا ردود أفعال إما سياسية أو فكرية، أشخاص حصلت لهم كوارث وتجارب سيئة فتحزبوا إما سياسيا أو فكريا ، لكن يبقى الخط العام الذي يجمع كل مذاهب المسلمين يدين بالتفسير المعتاد للقرآن عدا ثلاثة مذاهب هي الزيدية والإباضية والمعتزلة، هذه الثلاثة مذاهب نشأت فكريا ولم تتأثر بدنس السياسة وأدرانها في العصرين الأموي والعباسي، ربما لأن أصحابها لم يتأثروا بهوى المجموع الذي كان يصارع على الخلاف الأزلي بين الصحابة وآل البيت، يعني لم يتأثروا كثيرا بأفكار السنة والشيعة أصحاب الغالبية العظمى..

لو حصرنا أعداد المنتسبين لهذه المذاهب الثلاثة الآن تجدهم 2% على أقصى تقدير، باقي المسلمين متحزبين بين السنة والشيعة ، والسياسة أصل لا غنى عنه لديهم، لذلك دعاوى العلمانية يكرهونها إلا إذا انسلخ المسلم من الخط العام للمجموع أو ثار على قواعد وثوابت المذهبية..

السنة بحاجة لإعادة النظر في ثوابت مذهبهم التي هي بالأصل ثوابت داعش، وقلت مذهبهم لأن هناك ثوابت إسلامية في طبيعتها جيدة..كذلك الشيعة محتاجين للثورة على بعض ثوابت مذهبهم الخاصة بالسياسة كالإمامة بالنص والمهدي المنتظر وقتل المرتد، هذه سياسة متجذرة في أصول المذهب الشيعي..يجب مراجعتها ، فالإمامة والمهدي وقتل المرتدين..أنت تتحدث عن سلطة دينية لها حق عقاب المخالفين.

بالمناسبة: كان فيه سؤال طرح منذ فترة لكن لم أجد له إجابة واضحة وهو، كيف أن عقيدة المهدي أصل شيعي ولكن كل مدعي المهدوية سنة؟!...هذه إشكالية أظن لها علاقة بعلم الاجتماع..مش معقول أن فكرة ما لشخص يعتقنها عدو له ثم يتحمس لها دون اعتراض أو تداخل الشخص الآخر..هذا غريب، ولو كان التفسير بأن مهدي الشيعة في سرداب أو فرع للنسب الهاشمي فما أسهل من خروج شخص الآن وادعائه بأنه المهدي المسردب، ولو على النسب فإذا كان الشيوخ طلّعوا نسب للملك فؤاد أنه هاشمي –رغم أصله الألباني- ألا يصعب عليهم تزوير نسب لهذا المدعي؟؟!

تفسيري الوحيد لهذه الإشكالية –لكنه تفسير غير كامل- أن النزعة السلطوية الحاكمة لمذهب السنة أثرت على منتسبيه، وبما أن عقيدة المهدي سياسية سلطوية وجدت لها رواج وتأثر كبير ورغبة من السنة، بينما الشيعي في الأصل معارض متمرد وفكرة المهدي له تكاد تشبه فكرة عودة المسيح الخيالية عند المسيحيين، وهو اتجاه طوباوي أثر في قساوسة العهد الأول مثلما أُثر في بعض المرجعيات الشيعية..

أخيرا: مشكلة المسلمين الآن في السياسة، وهي مسئولية عند المؤمنين بتداخل الدين معها ، وهم السنة والشيعة تحديدا، أما بقية المذاهب فهي قادرة على التعايش والمراجعة وعدم الصدام أكثر..ولو أنني اخترت مذهب إسلامي لاخترت المعتزلة تحديدا فمساحة العقل فيه أكبر واتساقه مع الواقع والإنسانية مميز.
اجمالي القراءات 10067