مفهوم النبأ وتفصيل نبأ النبي وزوجتيه
في البحث عن الإسلام – بين الوحي والرؤيا الجزء الرابع – مفهوم النبأ وتفصيل نبأ النبي وزوجتيه

غالب غنيم في الأحد ٠٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في البحث عن الإسلام – بين الوحي والرؤيا الجزء الرابع – مفهوم النبأ وتفصيل نبأ النبي وزوجتيه

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين

(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36

وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وبعد،
______________

مقدمة :

في هذا الجزء من البحث سنقوم بتفصيل مفهوم النبأ وأنّ النبأ هو جزء من الوحي القرءانيّ أي عادة ما يكون جزء من رسالة الرسول إن لم يكن نبأ ً حِسّيّاً، وهذا بسبب بعض الآيات التي يفهمها البعض بشكل غير سليم، فيظنّ البعض أنّه هنالك وحيٌ آخر للنبي عليه السلام، ولم يتم تبليغنا به، فيتّكؤون على التراث، وهذا بحد ذاته لا مرجعية له في القرءان الكريم، وينفيه القرءان الكريم جملة وتفصيلاً، والذي نصّ بصراحة في أكثر من موقع على عدم وجود وحي غير القرءان الكريم، كما بيّنتُ سابقا في الجزء الأول من هذه السلسلة.

وهنا يخلط البعض بين الوحي الذي يتم إيحائه للرسول على شكل نبأ من بقية انواع الوحي مما جاء في القرءان الكريم من قصص وحكمة وعبرة ووعظ وغيره! فالقرءان كله جاء بنبأ عظيم للناس، ليَفْصِلَ بينهم فيما هم فيه مختلفون، فكان الوحيُ بالنّبأِ للرسول، حصرا في القرءان الكريم، أي أن أيّ نبأ أوحي للرسول، ونبّأه الله تعالى به، فقد تم ذكره حصرا في القرءان الكريم، وليس في وحي خاص للنبي لم يقم بتبليغه لمن حوله، أو بلغنا من قصص قَصَّهُ فلان عن فلان عن فلان كما يدّعون!

فالنبأ قطعا يأتي الرسول وحيا، ويتم تَنْبِيء الرسول به قبل أن يُبَلّغُه الرسول إيّانا بالطبع، ومنه هو وحي محض، ولنأخذ على سبيل المثال أكبر نبأ تم تبليغنا به من بعد أن بَلَغَ النبيّ وحيا في القرءان الكريم :

(
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ* ٱلَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) النبأ – 1:3، ولنبحث عن هذا النبأ وتفصيله، فسنجده في هذه الآيات بكل وضوح ( قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ مُنذِرٌ
وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُ ٱلْوَٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ  * رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّٰرُ  *
قُلْ هُوَ نَبَؤٌا۟ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) ص – 65:68 ، فيتضح مباشرة لنا النبأ، وبأنه وحيٌ نزل في القرءان الكرم وهو رسالة التوحيد، فالنبي تم إنباؤه بنبأ عظيم وهو أنه لا إله إلا الله، وهذا الذي حتى يومنا هذا الناس فيه مختلفون، بمرجعياتهم البشرية من دون الله، ممن يحللون ويحرمون حسب أهوائهم، ويعيثون في الأرض فسادا بتكفيرهم غيرهم.

فالنّبأ في نهايته، هو الخبر عن غيب، وعملية التنبّؤ هو إخبارِ الخبر الغيبي، وهذا بكل يسر نفهمه من قول يوسف لصاحبيه، كما شرحت في الأبحاث السابقة، وأعيد هنا لأهميّة الإستدلال بها للوصول الى مفهوم النّبأ (
قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَابِتَأْوِيلِهِۦ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبِّىٓ إِنِّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ كَٰفِرُونَ ) يوسف – 37 ، فهو سيخبرهما بالطعام الذي سيأكلانه قبل أن يأتيهما ويعلما به.
 
______________

أنواع الأنباء :

بالطبع ليس كل نبأ هو وحي، إلا إن كان مختصّا بالنبي محمد عليه السلام، فقد يكون الخبر – النّبأ – من الغيب الذي لن يعلمه البشر جميعا حتى يأتي تأويله يوم يبعثون جميعاً ثم ينشرون ويجمعون الى الحساب:
(
يُنَبَّؤُا۟ ٱلْإِنسَٰنُ يَوْمَئِذٍۭ بِمَا قَدَّمَوَأَخَّرَ ) القيامة - 13

وقد يتم تفصيله مباشرة كما في آية النبأ العظيم أو كما هنا في قوم صالح والناقة :
(
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌۢ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ) القمر - 28

وقد يكون من أخبار الماضي التي تم ذكرها لنا :
(
وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلْأَنۢبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) القمر - 4

ومنه بكل بيان نرى أن النبأ هو خبر له علاقة بالغيب ماضيا أو مستقبلا بشكل عام، وقد يكون خبر صادق وقد يكون خبر كاذب، فإن كان من إنسان فعلينا التأكد من صحته وصدقه :
(
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۢ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوٓا۟ أَن تُصِيبُوا۟ قَوْمًۢا بِجَهَٰلَةٍفَتُصْبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَٰدِمِينَ ) الحجرات – 6 ، ولنلاحظ هنا فرق الرسم بين نبأ البشر ونبأ الله، فهما مختلفان رسماً (نَبَؤٌا) و (بِنَبَإٍ).

أما أنباء الغيب فهي لا تأتي الرسول إلا وحيا قرءانا :
(
ذَٰلِكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوٓا۟أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) يوسف - 102

وأكبر دليل من القرءان الكريم، أن النبيّ محمد عليه السلام، لا يعلم من نبأٍ إلا ما يوحى إليه من القرءان، فإن طُلِبَ منه التنبؤ انتظر الوحي حتى يجيب، هو قوله تعالى :
(
وَيَسْتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِى وَرَبِّىٓ إِنَّهُۥ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ) يونس - 53

وخير سورة تنبيء عن المنافقين هي سورة المنافقين، ولكن في سورة التوبة، جاء النبي من اخبارهم المباشرة التي يفعلونها من وراء ظهر النبيّ، ليعرفهم ويعرف نفاقهم، فبعد أن عرّفهم الله تعالى له، ونبّأه عنهم فيها، أجابهم النبي :
(
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ
قُل لَّا تَعْتَذِرُوا۟ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَاٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) التوبة - 94
______________

موضوع البحث – قصّة نبأ النبي وزوجاته:

أخيرا نأتي إلى الآيات التي يعاجز فيها من يقول بوحي آخر!
( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُمَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَٰنِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلَىٰكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ  * وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَٰجِهِۦ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِۦ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُۥ وَأَعْرَضَ عَنۢ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتْ مَنْ أَنۢبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ  * إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوْلَىٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ  * عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوَٰجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَٰتٍ مُّؤْمِنَٰتٍ قَٰنِتَٰتٍ تَٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٍ سَٰٓئِحَٰتٍ ثَيِّبَٰتٍ وَأَبْكَارًا ) التحريم – 1:5

وأخص البحث في الآية الثالثه،حيث أسرّ النبيّ، ولكنني احببت أن أذكر السياق كله حتى يتأنى لنا فقه وتدبر وتفكيك الموقف جيدا، لنجمعه من جديد:

أولا الحدث حصل بين النبي واثنتين هما أزواجه، ليس أكثر، وهذا سهل معرفته من مساق الحوار، في بداية ونهاية الآيات، ففي البداية استخدم الله مفردة بعض، لتدل على القلّة من القليل، وفي نهاية الحوار يتم خطاب الله تعالى لهما  - اثنتين - بقوله تعالى لهما (إِن تَتُوبَآ  )، ومنه، كلمة بعض أزواجه هي من التبعيض للقليل فقط وليس الكثرة، أي لإحداهن.

والآيات سبب نزولها هو تخطّي النبي لحدوده في الحياة، ولِمَا أنزل الله، فالله تعالى يعاتبه كشخص النبيّ وليس الرسول، لأن ما حدث لم يكن تبليغ رسالة، بل حادث يوميّ يمرّ فيه أي إنسان، ولكن بحكم أن هذا الإنسان نبيّ رسول، ويعلم حدود الله وما حرّم ، فقد نزل العتاب الشديد، وكذلك التصحيح لموقفه وتنبيهه بعدم تخطّي حدود الله أيّا كان السبب، وفي نفس الوقت، ينبّؤه بخبر ما سنقرأه، وكل ذلك لأنه حرم على نفسه ما قد أحله الله تعالى له، وتفصيل الخبر والنبا الذي هو هنا جزئيا مفصّل، وكامل تفصيله في سورة الأحزاب بكل دقائقه (الأحزاب، 33 -   1:6 ، 28:38).
فمن السياق، نعلم أن النبي كان يريد إرضاء أزواج له في أمر ما، ويبدوا أن النبي حَلَفَ يمينا، أن لا يفعل أمرا ما، هو ليس محرّما عليه أصلا، وحرّمه على نفسه إرضاءا لهما، وهذا نفهمه من قول الله تعالى أنه فرض لنا كيف نتحلل من الأيمان، أي كيف نكفر عنها، وعقّب على ذلك سبحانه بكونه غفور رحيم وأنه وضع احكامه في التحليل للأيمان عن علم وحكمة.

في الآية الثالثة، يخبرنا الله تعالى عن الحدث في بيت النبي عليه السلام، وهذا ما يجب علينا من الآن الأخذ به وفهمه، فلقد تم إخبار النبي بالنبأ الذي نحن نقرأه الآن في القرءان وحياً، ولم يَبقَ نبأ ً خاصاً بالنبي وحده، بل اصبح من أخباره والقصص عنه التي تم تبليغنا نحن بها!
 
فمن الآيات يبدوا أن النبي قال لبعض أزواجه، أي لإحداهن بالتحديد، خبرا هو قام باتخاذه بنفسه سرا (
وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا)، ويبدو أنها لم تصبر، فنبّأت به الأخرى، أي الثانية، أي أخبرت به الأخرى (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ)، ويبدو أن من راجعته منهما، هي الثانية، أي التي لم تكن تعلم الخبر، فأظهرته على النبي فراجعته فيه (وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ )، فالله أظهره عليه وهو سرٌّ عن طريق الثانية التي راجعته فيه، حتى يتعلّم النبيّ بأنه لا يحق له أن يحرّم ما أحلّ الله، وبانّه مراقبٌ مباشرة ودوماً من الله تعالى بحكم كونه نبيّاً رسولاً، فأقرّ النبي ببعضه واعرض عن بعضه، اي انكر جزء مما قالته واخبرته به (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ)، وهذا أمر طبيعيّ حين يتفشّى خبر ما، فيزداد حجمه عمّا هو أصلاً.

وهنا تمّ الإيحاء للنبيّ بالخبر كلّه جملة وتفصيلا، ومعاتبته به (
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُمَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَٰنِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلَىٰكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ  )
وحينذاك أنبأها النبي بالخبر الحقّ الذي أوحي إليه (
ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ)، فقاله لها كما هو، فاستغربت منه بسبب اختلاف ما تم إخبارها به، فالأولى أخبرتها بأمر آخر - وهو الخبر الأول الذي أخطأ فيه النبيّ وحلف يميناً! أي بأنه لن يتزوّج وحرّم تلك الزيجة على نفسه – بينما الآن يخبرها بغير ذلك! فارادت التأكد فسألته كيف ؟ أي من أين لك بهذا النبأ الجديد؟ (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا)فأجابها بأن الله تعالى أنبأه به (قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ).

فما هو ذلك الخبرالجديد؟ هو ما بدأت به السورة! (
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ).

فزوج النبي الأخيرة لم تصدق انه قد تمّ تحليل ما حرّمه على نفسه، فقال لها ان الله تعالى هو من أخبره بذلك.
بل وتم تفصيل النبا تفصيلا كاملا في القرءان الكريم (الأحزاب، 33 -   1:6 ، 28:38) في زوجة دعيِّه زيد.

ومن هنا، وكما يبدو من الآيات، أنهما الإثنتين غضبتا من الخبر الأخير، اي أنه يحقّ له أن يتزوّجها، بل وفي سورة الأحزاب كان شبه أمر من الله، (
زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَىْ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِىٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمْ)، ولهذا في نهاية السياق يحذر الله الإثنتين ويعظهما أن تتوبا إلى الله تعالى، وأن لا تظاهرا على الرسول، أي برفضهن ما أوحي إليه من تحليل له.

والآيات في سورة الأحزاب بكل بيان تبدأ بما بدأت سورة التوبة، من أن الأيمان التي تتخذونها لا تعني حكم الله بل قولنا بأفواهنا وأن أدعيائنا – من نتبناهم – ليسوا أبناءنا. ثم يتم تفصيل الحدث عن زيد وزوجه وما أخفى النبي في نفسه (
مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِۦ وَمَا جَعَلَ أَزْوَٰجَكُمُ ٱلَّٰٓـِٔى تُظَٰهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَٰهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى ٱلسَّبِيلَ) الأحزاب – 4  وكذلك ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِىٓ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌمِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَىْ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِىٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْا۟ مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولًا) الأحزاب – 37 .
هذاهو تفصيل الحدث – النّبأ – كاملا في القرءان الكريم، هو واضح كلّ الوضوح ومفصّل تماماً، ولا وحي ثانٍ له، ولا قصص ولا تراث لكي نفقهه ونفهمه، بل بكلّ جرأة أستطيع القول أن النبيّ كذبوا عليه في التراث فجعلوا له احد عشرة زوجة، بينما القرءان هنا قول الحقّ يفنّد كل افترائهم، وما كان له سوى اثنتين ثالثتهما من فرضها الله عليه لحكمة، ولا نعلم من هنّ الاثنتين وطبيعة زواجه بهما، حتى اللحظة، ومن هنا، بقي علينا تفصيل حادثة الإفك، التي هي كاملا مفصّلة كذلك في القرءان، والتي لا علاقة لها بالنبأ الإلهيّ بل البشريّ، ولهذا لن أتعرض لها الآن، وهي أمر سهل فقهه، فقد تعرضت لها بشكل عامٍّ في بحث سابق عن الزنا، ولربما يوما ما أفصله كاملا في بحث لوحده بإذن الله، لما في التراث من افتراء عظيم على أزواج النبيّ فيه !


إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه –فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم

 

اجمالي القراءات 8840