لن تنظروا إليهم بنفس الطريقة منذ اليوم
شهرمانو ، سبية سيد شباب أهل الجنة

نهاد حداد في الخميس ٢٣ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 
  عندما أُخِذت بنات كسرى الثلاث سبايا إلى المدينة وعرضن للبيع في سوق الحرة, وبعد ان قام النخاس (تاجر الرقيق) بعرضهن للبيع ولمس احداهن بيده صفعته وقيل كسرت انفه.
 
فقال علي بن ابي طالب لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وقيل انهما كانا حاضران : هؤلاء النسوة لا يصلحن للبيع. فقال عمر له. اذن فماذا توصي: فقال علي: ارى ان يجعلن من عطايا بيت المال, وفعلاً فقد اعطيت واحدة للحسين بن علي رضي الله عنه وهي ام زين العابدين.
والذي انقطع نسل الحسين رضي الله عنه إلا منه ، واما بقية البنات فاحداهن كانت من نصيب عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأخرى على ما اذكر لعبد الله بن عمر -وهذا يعني ان الحسينيين يربطهم نسب بالزبيريين وكذلك بابناء الفاروق رضي الله عنه . 
أناس عاشوا سويا ، سبوا سويا ، وتقاسموا السبايا سويا ، ولم ينب المسلمين مما تركوه إلا حربا طائفية تُغَلِّبُ أحدهم على الآخر ! 
فهل كانوا فعلا أعداءٓ ؟ 
كنت مازلت حديثة عهد بأهل القرآن ، وكان مايزال في نفسي بقايا زمن  " الجاهلية " ، فقرأت انتقادا للدكتور أحمد صبحي منصور لرابع الخلفاء الراشدين ، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، فحز ذلك في نفسي ، وسَكَتُّ على مضض ، فكل المسلمين ، سنة كانوا أم شيعة ، يحتفظون لصهر رسول الله عليه السلام بمكانة جليلة في الانفس ، خصوصا ، حين نعرف ، أنه عل عكس باقي الخلفاء ، لم يغز ولم يقم بأي فتوحات ! 
كم كنت بليدة ، لماذا يفعل ، وقد استفاد اكثر من غيره من تلك الفتوحات ؟ من منا لن يحسده على هكذا حظ . 
يُقاتل الآخرون ويغزون نيابة عنا ، ونُعفى نحن من ويلات الحرب ، وحين تأتي الغنائم والسبايا ، نستفيد كغيرنا وأكثر من غيرنا من منهوبات البلدان المغزُوَّة ! 
طبعا حين أقول من مِنَّا؟  لا أقصد ذلك حرفيا ، بل أقصد أنه كان أكثر حظا من غيره ، فقد كان على غرار عمر ، يأمر وينهى ، ربما لم يكن مطاعا ، ولكنه استفاد دون تحريك ساكن من كل ما أدرته الحرب على الخليفة عمر نفسه ! 
وكان أن كانت له كلمته في تقسيم سبايا حرب فارس ، بل بنات ملك فارس شخصيا على كل من ابنه الحسين وابن  عمر دون نسيان الزبير! 
إذ يبين لنا هذا بجلاء ، كيف كانوا يُراؤون بعضهم ويحتفظون بأجمل وأحسن السبايا لأنفسهم وأبنائهم ! 
واليوم ، كلما رأيت دمعة على خد طفل من سوريا والعراق ، ضحايا حروب أهلية طائفية طاحنة ، لا أملك إلا أن أحتسب لله ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، عوض أن ألعن جهلنا الذي جعل كلا منا يقتل الآخر تقديسا لذكرى رجال لو قدر لهم اليقظة من قبورهم اليوم ، لضحكوا على ذقوننا كما ضحكوا من قبل ، بالاجتماع على الغنائم والأموال تماما كالتتار والمغول ، أو غيرهم من ملوك الأزمان الغابرة الذين قتلوا وسبوا ونهبوا ، ولم يتركوا إلا حقدا ودمارا للأجيال التالية ! 
تذكرني قسمة علي أعلاه بقصص كليلة ودمنة التي تناولها Jean de La Fontaine في كتابه ، Les fables 
كيف كان الأسد وحاشيته يقتسمون الولائم بينهم ويتركون الفضلات لأضعف الحيوانات ! هذا إن تركوها ! 
أو حين مرضت الحيوانات بالطاعون ، فظنوا بأن هذا المرض عقاب من السماء فاعترف كل منهم بذنوبه وكانت عظيمة ، فجاء الحمار ، ولأنه حمار ، فاعترف بأنه قضم قضمة عشب من حديقة رجل دين ، فما كان من الحيوانات إلا أن انهالت عليه ومزقته ، إذ يمكن غفران الذنوب كلها ، والسرقات والنهب والسلب والسطو ، لكن ، لا يمكن غفران قضم قبضة عشب من حديقة كنيسة ! 
ولأن شر البلية ما يُضحك فقد ذكرني هذا بعدالة الصحابة الكرام وعلى رأسهم الفاروق ! سرقوا ونهبوا وقتَّلوا ، لكنهم قطعوا يد السارق ( الفقير المحتاج ) في ربع دينار ! 
رحم الله أبا العلاء المعري حيث قال : 
تناقُض ما لنا إلا السّكوتُ لـه ... وأن نعوذَ بمولانا من النّارِ 
يدٌ بِخَمْسِ مِئِين عَسجد فُديت ... ما بالها قُطّعت في ربع دينارِ ! 
ما أكثر شساعة الفرق بين يد إذا قطعت في غير حد ،  حددوا لها خمس مئة دينار فدية ، ويد قطعت في ربع دينار ! 
أم ثكلى ، تجر أذيال الخيبة بين حدود دول أوروبية أصبحت تلفظ أبناء المسلمين بسبب دينهم ، أطفال لفظهم البحر وآخرون تغذت بهم الأسماك ، أزيديات يغتصبن أمام أنظار العالم ، رؤوس تقطع وشيوخ لم يعد لهم حول ولا قوة ، هذا ماجنيناه من تقديس أجداد تمتعوا حتى الثمالة بالسبايا والعبيد والأموال والأولاد والقصور والثرايا ، وتركوا لنا تراثا عفنا ما زلنا نعاني من ويلاته ! 
السيّدة شهر بانو بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفرس 
ولقبها شاه زنان ، ومعناه ملكة النساء . 
السيدة شهر بانو هي جدّة ثمان من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وزوجة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأُمّ الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وحفيدة كسرى ملك الفرس . 
ولم يكن بعض أهل المدينة يرغبون في نكاح الجواري*  حتّى ولد الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) فرغبوا فيهنّ ، وكان يُقال للإمام السجّاد ( عليه السلام )  ( زين العابدين ) ابن الخيرتين ، فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس . 
زواجها من الإمام الحسين ( عليه السلام ) : 
لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطّاب رضى الله عنه بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيداً ( هههههههه متى استعبتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار، يا لغباءنا ) فقال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أكرموا كريم كلّ قوم ) . 
فقال عمر : قد سمعته يقول : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم . 
فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي فيهم ذرّية ، وأنا أُشهد الله وأُشهدكم أنّي قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله ) . 
فقال عمررضى الله عنه : قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصّني وسائر ما وهب لك . 
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( اللهم اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إيّاهم ) . 
فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( هنّ لا يكرهن على ذلك ، ولكن يخيّرن ما اخترنه عمل به ) . 
ههههه وقد اخترن الحسين والزبير وابن عمر ! 
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ! 
هل تتخيلون بنات كسرى مقيدات مذلولات تحت الشمس المحرقة ونيران أنظار باعة أسواق النخاسة ، ينظرن وسط الجمهور الغفير ، مشيرات بأصابعهن إلى المختارين الثلاثة ؟
طبعا ، كما قالوا عن الناقة وبناء المسجد ، خلوا سبيل الناقة ، فإنها مأمورة ! 
وخلوا بنات كسرى ، فهن ملهمات ( مأمورات) لاختيار آزواج سيقتسمون معهن جنة الخلد ! 
ألم يقولوا عن الحسين سيد شباب الجنة ، مع أنه توفي بعد سن الستين ؟ أو لم يقتل بن عمر انتقاما لموت أبيه أناسا ظلما وعدوانا فلم يجرؤ عثمان على عقابه أو القصاص منه ؟ فالقصاص يُفرض على الفقراء والحدود للفقراء دون غيرهم ! 
أو لم يتسبب ابن الزبير في حروبه مع الحجاج وعبد الملك بن مروان في هدم بيت الله ، واغتصاب آلاف العذارى ؟ 
توفّيت السيّدة شهر بانو في الخامس من شعبان 38 هـ بالمدينة المنوّرة ، وذلك في نفاسها ، أي حين ولادتها للإمام زين العابدين ( عليه السلام ) .
وهكذا ، ضمن الشيعة احسن نسب ، واستمر العمريون في الفخر بأنساب قريش ومعاوية ويزيد ، ونحن اليوم نلعن TRUMP على عنصريته تجاه العرب والمسلمين ! 
أو لم يكن العرب ومازالوا ، أكثر الناس عنصرية في التاريخ ! 
هؤلاء من نسل الملوك والانبياء ، وأولئك من نسل الصحابة وابناء عمومة النبي ، فماذا بقي لغيرهم غير العبودية والذل ، ومع ذلك ، يضحكون علينا بأن لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى ، ويفخرون علينا بانتمائهم القبلي لخير الخلق ! 
رحم الله شهر بانو ، أخذ الله روحها قبل أن تعرف ذل الضرائر وملكات يمين الحبشة واليمن ! 
ملحوظة لذوي الألباب ، مرت إحدى الجمل أعلاه دون نقاش حين قال علي بن أبي طالب : " هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الإسلام " 
ما دام هؤلاء ألقوا السلم ورغبوا في الإسلام ، لماذا استعبدتم رجالهم واستحييتم نساءهم ونهبتم أموالهم ، ومع ذلك تلعنون فرعون ! فهل فعل إلا مافعلتم بل إنكم تجاوزتم ظلم فرعون وقارون وهامان ! 
مع أن الله عز وجل يقول في كتابه الحكيم " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ! "
فانظروا كيف جنح علي وعمر للسلم ، وان جنحوا للسلم ففرقوا نساءهم على أبنائكم وحسنوا النسل كي تباهوا به الأمم ! 
قال علي : ( هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي فيهم ذرّية ، وأنا أُشهد الله وأُشهدكم أنّي قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله ) ! 
وعتقهن استنكاحهن لابناء عمر وعلي والزبير ! 
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ، هل أعتقت بنات كسرى لوجه الله فعلا أم لأجل عيون الحسين ؟ 
* ملحوظة : لم يكونوا يرغبون في نكاحهن معهناه لم يكونوا يتزوجونهن بل كانوا يطؤونهن أو يقعون عليهن على حد تعبيرهم على اعتبارهن ملكات يمين ! حيث لم يكونوا يحصنونهن بالزواج بل سموهن امهات الاولاد حين كن ينجبن ! 
اجمالي القراءات 9006