( الأشراف ) عُنصرية بغيضة وكُفر مقيت .!!

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٠ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 ( الأشراف ) عُنصرية بغيضة وكُفر مقيت .!!

مقدمة

جاءنى هذا السؤال : ( فضيلة الشيخ، واضح من كتاباتكم انكم تنتقدون الخلفاء الاربعة المسمون بالراشدين ومنهم علياً فسؤال هنا، هل لـ آل محمد حق علينا؟ ان كانو علي وذريته ام من هم مسمون بالاشراف في وقتنا الحالي مثل عائلة حاكم الاردن مثلا؟ فجمهور الشيعة يقدسونهم تقديس يذهب الانسان بالكفر والعياذ بالله وبعضهم يعتبرهم معصومين ومعروف عندهم من هو "سيد" بلبس العمامة السوداء. وأهل السنة يشركونهم بصلاة في قولهم اللهم صل على محمد وآل محمد وفي بداية دروسهم وخطبهم وكتبهم. فما حقهم علينا من منطلق قرآني؟ وهذا يجرنا الى السؤال الاتي، هل يجوز قول اللهم صل على محمد وآل محمد؟ فضلاً عن تكلمتها بقولهم "وآله وصحبه أجمعين"؟ وأشكر فضيلتكم على أجوبة اسألتنا وفتح باب التعليق عليها ايضاً، فنادراً ما نرى هذا الشيء . ).وأقول:

أولا :  

1 ـ تقديس من يُسمّى بأهل البيت أو آل البيت كفر عقيدى قلبى لا شك فى ذلك . فلا تقديس إلا لرب العزة جل وعلا ، ولا عُلُوّ إلا له سبحانه و ( تعالى ) ( جلّ وعلا ).! ، ومن يقدّس بشرا فقد كفر كفرا عقيديا قلبيا ، حتى لو كان هذا البشر نبيا .

2 ـ  إذا لم يكن للنبى ــ اى نبى ـ أى نوع وأى درجة من التقديس ، فكيف يكون لأقاربه ؟

النبى ــ أى نبى ـ ينطبق عليه نفس ما ينطبق على كل الناس يوم القيامة ، سيفرّ من أقرب الناس اليه : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس )، ولن يغنى عن والديه ولا عن اولاده شيئا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)  لقمان ) إذ لا نفع للأنساب يومئذ: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) المؤمنون ) . وفى الدنيا فإن من أقارب الأنبياء من كفر ومات كافرا مثل والد ابراهيم وابن نوح وأبى لهب وزوجتى نوح ولوط . والنبى محمد عليه السلام تعرض الى اللوم لأنه إستغفر لعمه أبى لهب بعد أن تبين له أنه من أصخاب الجحيم (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)   التوبة ). والنبى فى حياته لم يكن يستطيع أن يهدى أقرب الناس اليه ، ولا شك أنه حاول ذلك وفشل لأن الهداية مشيئة شخصية فردية ، ومن يشاء من البشر الهداية يهده الله جل وعلا . لذا قال له ربه جل وعلا  للنبى وهو فى مكة : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)  يونس ) (  إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص )

3 ـ  آل البيت للنبى محمد هن زوجاته طبقا لما جاء فى سورة الأحزاب: (  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) ) هنا تشريع خاص بأزواج النبى لا يسرى على غيرهن ، كما لا يسرى على غيرهن لقب ( أهل البيت )، ويكفى ما جاء عن تبشير زوجة ابراهيم عليه السلام : (قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود ) لم يكن موجودا وقتها من أسرة ابراهيم وفى بيته سوى زوجته ، فهى ( أهل البيت ).

4 ـ كتبنا فى معنى ( الصلاة على النبى ) وكيف تحولت الى كفر فى معتقدات المحمديين .

ثانيا :

1 ـ مصطلح الأشراف ومشتقاته ( شرف ) و ( شريف ) وغيرها لم يرد مطلقا فى القرآن الكريم ، ولم يعرف فى تاريخ (المسلمين ) وتراثهم إلا فى العصر العباسى الثانى .

2 ـ  إنتشر  دجل الزعم الانتساب لذرية ( على بن أبى طالب ) والتلقب بلقب ( الأشراف ) منذ العصر العباسى الثانى بعوامل مختلفة :

2 / 1 : عوامل سياسية ودينية : صراع العلوييين مع الأمويين ثم العباسيين رفع مكانتهم الى بؤرة الشعور الدينى خصوصا مع تأسيس دين التشيع على هامش هذا الصراع السياسى / الحربى . ومن ثم شاع وذاع أنهم ( آل البيت ) ثم تأسيس دول شيعية بقادة يزعمون الانتساب الى ( آل البيت ) مثل الفاطميين والأدارسة وغيرهم .

2 / 2 : وعلى هامش هذا الصراع السياسى الحربى تم إفتراء عقيدة ( المهدى ) المنتظر ، والتى بدأ بها الشيعة الكيسانية ثم تلقفها منهم العباسيون وبها اقاموا دولتهم ، وأصبحت لها أحاديث يؤمن بها الشيعة والسنة والصوفية ، وأصبح زعم ( المهدية ) من مؤهلات الطموحين للسلطة تنشر الثورات والفتن والفساد فى الأرض فى صراع دموى على السُّلطة يستخدم الدين ، وهو لا يزال سائدا بين المحمديين حتى اليوم مقترنا بالمذابح التى ضجّ منها العالم . زعم المهدية إستمر من العصر العباسى وحتى العصر الحديث ، لا فارق بين العرب والفرس والسودانيين .  ومن يزعم المهدية لا بد أن يدعم زعمه بزعم آخر هو الانتساب لما يسمى بآل البيت ، وبالتالى يكون من ( الأشراف )

2 / 3  : طلبا للجاه والثروة و بعيدا عن الطموحات السياسية ومحاذيرها ساد الزعم الانتساب لذرية ( على بن أبى طالب ) والتلقب بلقب ( الأشراف ) أبتداءا من العصر المملوكى ، عصر سيادة التصوف، و فيه دخل غير العرب فى دجل الانتساب لذرية ( على بن أبى طالب ) والتلقب بلقب ( الأشراف ) لأن التصوف الذى ساد هذا العصر  شجع ملايين الناس فى ( العالم الاسلامى ) على الزعم بأنهم ( أولياء الله ) ، ومن مستلزمات الولاية الصوفية أن يكون الولى الصوفى منتسبا الى ( آل البيت ). وبتوالى الزمن وإنتشار التصوف السُّنّى بالذات وتكاثر أوليائه فى كل ناحية إنتشر الدجالون محترفو الولاية الصوفية ، وشاع فى العصر المملوكى إصطناع شجرة النسب ( لآل البيت )، ثم أضافوا الى الأشراف من يزعم النسب لأبى بكر وعمر ، وصار معترفا بالسادة البكرية والسادة العُمرية فى العصر العثمانى .

وفى العصر المملوكى تفاقم الأمر  وتحول الى صراع فى زعم النسب لآل البيت ولقب ( الأشراف )  طلبا للحصول على مميزات هذا اللقب ، إذ صار للأشراف نقابة وأوقاف وجاه ونفوذ ، وهذا التكالب على لقب ( الأشراف ) دفع ببعض السلاطين المماليك الى تكوين لجان للبحث عن منتحلى ( النسب الشريف ) وشطب المنتحلين منهم ، وهم كلهم دجالون بلا ريب . ومن الطريف شيوع لقب ( الشريف العجمى ) فى التاريخ المملوكى ، أى يأتى الى مصر  شيخ صوفى إيرانى يحمل معه النسب لآل البيت ولقب ( الشريف ) ، ويتم الاعتراف به . وهو ليس عربيا اصلا . والأشراف الإيرانيون الآريون المنتسبون الى النبى محمد هم الآن فى ايران أكثر من ( الهمّ على القلب ).!!.   

2 / 4 : وإنتقلت العدوى الى مجتمعات المسلمين فى جزر جنوب شرق آسيا ( اندونيسيا ) حيث كانت التجارة البحرية قائمة بين اليمن وتلك الجزر ، وبها إنتشرت أديان المسلمين الأرضية هناك من تشيع وسُنة وتصوف ، إذ زعم بعض العرب اليمنيين أنهم أشراف ، وأقاموا فى تلك الجزر وإختلطوا بسكانها ينشرون فيها أديانهم الأرضية باسم الاسلام ، وعاشوا فى جاه يحملون لقب ( الأشراف ) ، وجاراهم غيرهم من زعماء اهل البلاد الأصليين أو ممن يطمح فى الجاه والزعامة فتكاثر الأشراف من الجنس (الأصفر ) لا يعرف العربية ، ولكنه من ( الأشراف )، ويتوارث أبناؤه هذا اللقب وذاك ( الشرف ) وما يتبعه من جاه وثروات .!

2 / 5 :كما تكاثر بنفس الطريقة الأشراف فى جنوب مصر وشمال السودان ، قبائل أفريقية إختلطت ببعض العرب فى مصر فزعمت أنها من الأشراف ، ولا يزالون موجودين فى مصر ، وقد توارثوا فى الصعيد فى مصر جاها وثروة وسُلطة بهذا الدجل .  وانتشر معها دجل الزعم بالانتساب الى (على بن أبى طالب ) وكون هذا من ( الأشراف ).

2 / 6 :  هذا مع العلم بأن المصريين أنفسهم ليسوا عربا على الاطلاق ، هو تعريب باللسان و ( اللغة ) وليس بالعنصر . المصريون من محمديين ومسيحيين هم مصريون فقط  ، عاش أجدادهم  ملتصقين بالنيل قبل ظهور العرب بعشرات القرون . وحين إحتل عمرو بن العاص مصر و جبى الجزية على الرءوس بلغ ما جمعه 12 مليون دينار ، وكان يدفع الجزية القادرون من الذكور ومعفى من دفعها النساء ورجال الدين ، أى كان يدفعها ثلث المصريين فحسب ، يدفع أحدهم ما بين دينار الى ثلاثة دنانير ، أى بلغ عدد سكان مصر وقتها حوالى 12 مليون فى وقت لم يبلغ فيه عدد العرب الغُزاة سوى 12 ألفا . ومهما تزايد عددهم فى القرون اللاحقة فقد عاشوا على حواف العمران المصرى سادة وحكاما ، وقد عزفوا عن الاختلاط بالمصريين ترفعا وغطرسة . وحتى القبائل الصحراوية الوافدة لصعيد مصر حتى من شمال أفريقيا من الهوارة وغيرهم كانوا ولا يزالون يحتقرون ( الفلاحين ) المصريين .! ولا يتورع بعضهم عن إنتحال الانتساب للنبى وكونهم من الأشراف .

2 / 7 : ويتقرب دجالو الأديان الأرضية الى السلطان بجعله من الأشراف وإلحاق نسبه الى النبى . وهى عادة سيئة لا تزال تعيش حتى الآن . وشيوخ الأزهر جعلوا للملك فاروق نسبا للنبى بلا خجل . الملك فاروق من نسل محمد على باشا الألبانى ،وليس فى جداته من هى عربية أو مصرية سوى واحدة ، جعلوها من نسل النبى . وعليه فقد أطلق الملك فاروق لحيته وظهر بمظهر التدين أملا فى أن يكون خليفة للمسلمين ، ثم ضاق بلحيته وحلقها وقال إن السيدة زينب ظهرت له فى المنام وقالت له: ( دمّك تقيل يا فاروق باللحية ).!!. فحلقها طاعة للسيدة زينب .! وهناك دعوات أزهرية لإلحاق الرئيس السيسى بالأشراف .   

وكم ذا بمصر من المُضحكات    ولكنه ضحك كالبكا ..!

هيا بنا نبكى .!!

3 ـ الطعن فى نسب الأشراف قديم خصوصا مع دخوله فى أتون الصراع السياسى والحربى ، وإستمر الجدل قائما حول صحة نسب الفاطميين من العصر العباسى الى العصر المملوكى ليفتى فيه ابن خلدون فى المقدمة .

وحاليا يوجد الطعن فى نسب ( الأشراف ) ( أجداد ملك الأردن الحالى ) الذين سيطروا على الحجاز فى العصر العثمانى المتأخر ، هل جدهم هو ( عون ) الهاشمى أم ( جدعون ) اليهودى .!. وقد  كان آخرهم الشريف ( حسين ) الذى تحالف مع إنجلترة ضد الدولة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى . ثم خسر سلطانه أمام عبد العزيز آل سعود ، وإحتل ابن سعود الحجاز ، وهرب الشريف حسين الى قبرص ملوما محسورا ، ثم عوضت انجلترة أبناءه  فخلقت لابنه عبد الله إمارة شرق الأردن لتكون عضدا لاسرائيل ، وقام عبد الله بن حسين بهذا الدور فخان العرب وتنازل لاسرائيل عن ( اللد والرملة )، وسار ابنه (الملك حسين ) على نفس الطريق ، وكوفئت الأسرة بتحويل إمارة شرق الأردن الى ( المملكة الاردنية الهاشمية ) . أيضا قامت إنجلترة بمكافأة  إبنى الشريف حسين بتملك العراق وسوريا ، وأطيح بهما فيما بعد بانقلابات عسكرية .

4 ـ يثبت التاريخ أن هؤلاء ( الأشراف ) كانوا من (أسوأ ) الناس . العلويون فى العصر العباسى كانوا الأسوأ  فيما إقترفوه من إنتهاك للكعبة  وقتل لحجاج البيت الحرام فى مكة وفى الطريق الى الحج طيلة العصر العباسى . وبعون الله جل وعلا سنعرض لهذا فى كتاب قادم عن إنتهاك حُرمة الحج . وتاريخ الشريف حسين فى الحجاز يؤكد نفس المسيرة فى الظلم والقهر بحيث إنفض عنه معظم سكان الحجاز وإنضم بعضهم الى ابن سعود مع ما إشتهر به إخوان آل سعود من وحشية منقطعة النظير .

ثالثا

1 ـ مفهوم ( الأشراف ) يحوى عُنصرية بغيضة  يرفضها الاسلام .

2 ـ  الله جل وعلا لم يخلقنا صنفين أحدهما ( أشراف ) والآخر ( محرومون من الشرف ) . الله جل وعلا خلقنا من أب وأم وجعلنا رب العزة إخوة وأخوات متساوين  و شعوبا وقبائل لنتعارف طبقا لما جاء فى سورة الحجرات الآية 13(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) . الله جل وعلا قرّر مساواة البشر الأبيض والأصفر والأسود ، والمحمديون نشروا إفك ودجل ( الأشراف ) فى العالم كله ، بين الشعوب الآرية والصفراء والسوداء ، بالتفرقة بينهم ظلما وعدوانا.!!

3 ـ  وهذه العنصرية الشوفونية البغيضة نتهم بها الغرب ، وبهذا نكيل بمكيالين لأن عنصرية النازية مثلا لا ترفع شعارا دينيا ، ولكن عنصرية المحمديين فى موضوع ( الأشراف ) أضل سبيلا ، لأن المحمديين ــ إختلفوا فى كل شىء ـ ولكن إتفقوا فى أن أضفوا علي عنصريتهم جانبا دينيا من ملامح كفرهم بالله جل و علا وتقديسهم البشر ، فجعلوا آل البيت ( عندهم ) أشرافا ، بمعنى حرمان بقية البشر من الشرف . هذا ظلم وإفك وبهتان  ، هو ظلم للبشر وظلم لرب العالمين ألذى أنزل دين الاسلام قرآنا يأمر بالعدل والاحسان فجعلوه دينا للظلم والإجرام .

رابعا :

1 ـ فى جعل ( الأشراف ) عنصرا من أديانهم الأرضية لم يكتفوا بزعم أن ( آل البيت ) هم نسل (على ) بل جعلوا مصطلح ( أولى القربى ) خاصا بمن أسموهم ( آل البيت ) ، وخصّصوا لهم حقوقا لا أساس لها فى الاسلام ، وأضاعوا حقوق ذوى القربى فى شريعة الاسلام  .  

2 ـ يزعمون أن ( آل البيت ) هم ذوو القربى  للنبى محمد فى قوله جل وعلا : (  قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (23) الشورى  ). منطقيا هذا ينافى الحقيقة التى تكررت فى القرآن الكريم فى أن النبى لا يسأل أجرا له ،  لأن أجره على الله فكيف يسأل توجيه الأجر لأقاربه ؟ ثم إن من أقاربه ( أبا لهب ) الذى حكم الله جل وعلا بدخوله النار . ثم إن القرابة إنتهت بمرور القرون ، ولا يمكن حصرها حتى فى القرن الأول الهجرى . ولا يمكن تحديدها هل هم العلويون فقط ( ذرية على ) أم الى جانبهم ( الطالبيون ) ( ذرية أبى طالب ) أم ( العباسيون ) الذين يزعمون أنهم الأقرب عصبا ؟ أم عموم ( الهاشميين )؟

وقرآنيا فإن الآية الكريمة (  قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (23) الشورى  ). يفسرها قوله جل وعلا : (  قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ ) (47) سبأ ). أى إن ذوى القربى تعنى أقرباءكم أنتم ، وليس أقارب النبى.! .

3 ـ هذا يذهب بنا الى تصحيح مفهوم ذوى القربى وحقوقهم ، وأنهم أقارب المؤمنين وليس أقارب النبى محمد . هنا تشريع فى التكافل الاجتماعى أهمله شرائع المحمديين الأرضية بسبب أكذوبة ( آل البيت ) ودجل ( الأشراف ) . ونراجع الآيات القرآنية الخاصة بذوى القربى لنرى عظمة التشريع القرآنى فى الرعاية الاجتماعية :

4 ـ قبل نزول القرآن وفى عهد موسى عليه السلام أخذ الله جل وعلا العهد والميثاق على بنى إسرائيل ، ومن بنوده الاحسان الى ذوى القربى ، قال جل وعلا  : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83) البقرة ). فهل كان الميثاق المأخوذ على بنى اسرائيل فى عصر موسى يعنى ( الأشراف ) من المحمديين ؟!!

5 ـ هو نفس التشريع الذى جاء لنا فى القرآن الكريم فى الاحسان لأقاربنا فى قوله جل وعلا : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً (36) النساء ) وقوله جل وعلا : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة ) ، وقوله جل وعلا :. (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)   النحل ) وقوله جل وعلا : (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)  النور )

6 ـ ويضاف اليه حقوق ذوى القربى لنا فى:

6 / 1 : الصدقة الفردية : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) الاسراء ) (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38) الروم ). ذوو القربى هنا هم أقارب المتصدق.  

6 / 2 : الميراث:( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ) ، ذوو القربى هنا هم أقارب المتوفى الذين لا يرثون .

 6 / 3 ، فيما يفىء الى بيت المال أو خزانة الدولة من أموال  بلا حرب ، طبقا لقوله جل وعلا : ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) الحشر ). التوزيع هنا على خمسة أوجه : الدعوة أى فى سبيل الله جل وعلا ( الله ورسوله )، وذوو القربى للمجاهدين المقاتلين فى سبيل الله جل وعلا ( رعاية لأقاربهم ) ،وعموم اليتامى، والمساكين، وابن السبيل  .

6 / 4 : وهو نفس التوزيع فى الغنائم التى تأتى بعد الانتصار على عدو معتد ، فى قوله جل وعلا :  (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ  ) (41) الانفال )

6 / 5 : ذوو القربى فى كل الأحوال هم أقارب المنصوص عليهم من المؤمنين المجاهدين سلميا أو حربيا فى سبيل الله ورسوله ، أى القرآن الكريم بعد موت خاتم النبيين  عليهم جميعا السلام، ولا علاقة لهم بالنبى محمد عليه السلام  .

أخيرا :

1 ـ هذه الروعة فى رعاية ذوى القربى أضاعتها شرائع المحمديين بدجل يسمى ( أهل البيت ) و ( الأشراف ) .

2 ـ إنّ الاسلام اليوم يحتاج الى من يجاهد سلميا ضد أولئك الذين ينتسبون اليه ويشوّهون إسمه العظيم .!!.  

اجمالي القراءات 13566