شريط الأحداث (السادات ... فرعون)

شريف هادي في الثلاثاء ١٠ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

ادعى فرعون الديمقراطية فقال لقومه (قال فرعون ياقوم ذروني أقتل موسى وليدع ربه ،إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) أعلى مراتب الديمقراطية يدعيها فرعون فهو يستعطف قومه بلفظ (ذروني) أن أن الأمر بيدهم فإن لم يتركوه أو يوافقوه على قتل موسى فلا يستطيع وحده أن يفعل ذلك كما أنه يقدم لهم الجكم وحيثياته (أسبابه) في قوله اني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد وهي فعلا قمة الأداء الديمقراطي ، وهكذا فعل السادات فمن حزب واحد (الاتحاد الاشتراكي) إلي مناب&rave;ر ثم أحزاب ثم تعددت الأحزاب ، كل هذا البناء الديمقراطي يجعل هناك نوع من التماثل العجيب بين الرجلين فرعون والسادات.
انخدع كثيرون في أداء فرعون وظنوه ديمقراطيا تترسخ الديمقراطية في عقله فبدأوا يستخدمون الوسائل الديمقراطية في التعبير فقال رجل مؤمن من آل فرعون "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، ان يكن كاذبا فعليه كذبه وان يكن صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم به" فكان منطقه قوي وحجته دامغة ، كذلك السادات نتيجة حتمية لتظاهره بالديمقراطية انتخاب مجلس شعب به مجموعة حقيقية من المعارضه منهم المرحوم محمود القاضي وغيره من أقطاب المعارضة المصرية حتى ومن جماعة الاخوان المسلمين وحدث ما يسمى بنوع من الحراك السياسي في مصر ، فماذا قال فرعون عندما سقط بيديه من حجة الرجل المؤمن قال (ما اريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) ظهرت الحقيقة الدكتاتورية لفرعون وكيف انه جبار طاغية لا يحترم رأيا غير رأيه ولايرغب في الشورى ، وقد أنبرى السادات وقال ديمقراطيتي ذات مخالب وأنياب – أي ديمقراطية هذه لها مخالب وأنياب – وجمع معارضية وزج بهم في المعتقلات وأرتكب خطيئته الكبرى بتنكب طريق الديمقراطية.
ثم ماذا حدث بعد ذلك ، (قالوا يا موسى أجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى) فكان أختيار المكان بمعرفة فرعون موسى ، وقد أختار السادات أيضا المكان (أرض العرض العسكري) أما الزمان فكان من اختيار موسى (ان موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى) فكان الميعاد يوم الزينة (يوم 6 أكتوبر) وأن يحشر الناس ضحى (الساعة حوالي الثانية عشر ظهرا).
لما أجتمعوا قالوا (ياموسى إما أن تلقي وإما نكون أول من ألقى قال بل ألقوا) فكان البدء بالالقاء من سحرة فرعون وكذا كان العرض العسكري أولا (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل اليه من سحرهم أنها تسعى) طائرات في السماء ودبابات ومنجزرات في الأرض وطابور من الجنود المدججين بأحدث الاسلحة وافتكها ، فأوجس في نفسه خيفة موسى ، وكذا ماحدث من قاتليه أصابهم الخوف للحظات (وهذا ما أعلنوه في التحقيقات وكتبه الصحفي عادل حموده في كتابه اغتيال رئيس بالوثائق والمستندات) ولكن الله قال له (لاتخف والقي ما في يمينك تلقف ما صنعوا ان ماصنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) فألقى موسى ما في يمينه فأكلت سحرهم وألقى قاتل السادات ما في يمينيه فلقفت كبيرهم فرعون هذا الزمان.
من شريط الأحداث التي مرت بي أتذكر هذا الحدث وكأنه حدث البارحة فقط كنت عندما أغتيل السادات في الخدمة العسكرية (نائب أحكام) بالاسكندرية وبعد حادثة الاغتيال بشهور قليلة كنت أخطب في الناس الجمعة بمسجد بمنطقة مصطفى كامل ، ولا أعرف على وجه التحديد لماذا عقدت تلك المقارنة في خطبتي ، ولكن ما أعرفة ماذا حدث لي بعد ذلك فقد قام أحدهم بإبلاغ أمن الدولة والتي حضرت للمسجد وتم اقتيادي بعد الصلاة لمقابلة المسئول الذي أحتفظ باسمه ، ودار حديث طويل بيني وبينه أنتهى إلي اغلاق الموضوع لحساسية المواجهة بين الشرطة والجيش وبعد أن تأكد من حديثي معه عدم وجود خطر على أمن الدولة ، وأن ما حدث مني هو البوح بخواطر عفوية لا أدعي صحتها أو كذبها ، ولكن بعد ذلك تم نقلي من وحدتي بالاسكندرية إلي الصحراء.
ويبقى التعليق التالي
1- إذا قارنا السادات بفرعون فلا يمكن أن نقارن رسول الله موسى عليه السلام بخالد الاسلامبولي وجماعته المارقة.
2- العبرة في هذا التطابق هو النهاية المأساوية الحتمية لكل طاغية.
3- والعبرة التي قصدتها من هذه الفصة أنه رغم حالة التهور التي أصابتني لصغر السن وانعدام الخبرة ، والتي كانت كفيلة تماما بالقضاء على مستقبلي ، ورغم حالة الاستنفار التي أصابت الأجهزة الأمنية ووقوعي فريسة سهلة بين أنياب أسد جائع ، أقول رغم ذلك كله الا أن الله شائت قدرته وتجلت حكمته في عدم اصابتي بسوء مصداقا لقوله تعالى " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " التوبة 51
4- لا أدري لماذا تذكرت هذا الحدث بالذات عندما قرأت مقالة أخي وشيخي الدكتور أحمد ، فوضعته في شريط الأحداث.
5- والآن وعندما نريد تقيم السادات فمن إيجابيات تجربته أنه بدأ فترة رئاسته بانتصار باهر حققه على مجموعة على صبري وسامي شرف وشعراوي جمعة وغيرهم والذين لوقدر لهم حكم مصر لصبغوها باللون الأحمر والذي سيمتزج فيه لون فكرهم بلون دماء المصريين ، كما أنه فتح الباب قليلا للحريات العامة والتي اهدرت في عصر سلفه تحت شعارات الشرعية الثورية ولاصوت يعلوا فوق صوت المعركة ، قاد حربا ضد اسرائيل ومهما كانت النتائج فقد حرك الماء الراكد ، بدأ انفتاح وبدأت الأنشطة الاقتصادية في عصره أكثر رواجا ، ومن سلبياته وخطاياه تفصيل دستور 71 والذي لايعرف إن كان يتبع نظرية سيادة الأمة كدساتير الثورة أو سيادة الشعب وأصبح مسخا لتكريس سلطة وسيطرة الحاكم ، باع انتصار اكتوبر بثمن بخس دراهم معدودات ولو أحسن المفاوضة لكان الثمن أكثر معقولية ، فتح الباب امام جماعة الاخوان المسلمين وكانت هذه أكبر خطاياه فقضى على ما تحقق من مكاسب ضد هذه الجماعة البرجماتية في عصر سلفة ، وكانت ردة شنيعة وعودة لأفكار رشيد رضا والبنا والمودودي ، كان انفتاحة استهلاكي ولم يعمل على قيام قاعدة صناعية حقيقية ، قدم الكثير من التنازل للجانب اليهودي في التفاوض ، وكانت أعظم خطاياه الانقلاب على جميع طوائف المعارضة والردة الواضحة عن التوجه الديمقراطي.
6- يروق للبعض وصم السادات بالخيانة والعمالة ، وفي تصوري أن السادات بالنسبة لشعبه وبلده مصر لم يكن خائنا بالقدر الذي كان به خائبا وهو ما بان في المفاوضات والتي تمخضت عن اتفاقية الاستسلام بكامب ديفيد ، أما بالنسبة للقضية العربية وشعوبها فقد كان حتما خائنا ولو بيعه لهذه القضية ، ما حدث ما يحدث اليوم ، ولكن وفي تصوري أيضا أنه ليس الخائن الوحيد بل هو عرفات وحسين وباقي الخونة المعروفين لكافة الشعوب العربية
7- أما اختيارة لنائبة حسني مبارك فمن وجهة نظرة أراد اختيار رجل بلا كفاءة أو مقومات أو طموح حتى يضمن عدم التأمر عليه ، فلم يجد أفضل من هكذا رجل يختاره
وإلي شريط أحداث جديد ، السلام عليكم ورحمة الله
شريف هادي

اجمالي القراءات 18001