هل مكتوب على عامة الامازيغيين ان يكونوا عبيد لتيارات العروبة و الاسلام السياسي الى يوم القيامة بدون اي مقابل؟

مهدي مالك في الأربعاء ٠٧ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

   هل مكتوب على عامة الامازيغيين ان يكونوا عبيد                 لتيارات العروبة و الاسلام السياسي الى يوم القيامة بدون اي مقابل؟

مقدمة                                                  

منذ طفولتي المبكرة بالدار البيضاء في اوائل تسعينات القرن الماضي و انا اسمع و اشاهد نشرات الاخبار في التلفزة المغربية و القناة الثانية المتوفرتان وقتها  حيث كنت صغير انذاك حيث كان اعلامنا الوطني يركز على ترسيخ الوعي القومي ببعده العربي من طبيعة الحال في الوجدان الشعبي عبر الاهتمام بالقضية الفلسطينية اكثر من قضايانا الجوهرية مثل الثقافة الامازيغية و تنمية المناطق المحافظة على امازيغيتها....

 ان الاعلام في عهد المرحوم الحسن الثاني كان يدور في محور الدار البيضاء الرباط فاس فقط بمعنى ان المغرب العميق كان مقصي اقصاء صريح على كل المستويات و الاصعدة بسبب ان القضية الفلسطينية كانت و مازالت قضية وطنية بامتياز على الصعيد  الرسمي و على صعيد تيارات العروبة و الاسلام السياسي ببلادنا حيث اتذكر جيدا في سنة 1998 جاءت التلفزة المغربية لتصوير مؤسستنا الوردة الرملية لاستقبال الاطفال المعاقين باكادير بمناسبة اليوم الوطني للمعاق حيث كنا فرحين كاطفال معاقين بقدوم التلفزة المغربية  لتصويرنا لكن هذه  القناة لم تبث الا دقائق صغيرة في نشرة اللهجات بحكم ان مدينة اكادير كانت تعتبر من المغرب الغير نافع..

عندما انطلق النضال الثقافي الامازيغي سنة 1967 لم يجد امامه اي تضامن اسلامي سواء داخل المغرب او خارجه على الاعتبار ان الامازيغ هم مسلمون و ثقافتهم هي ثقافة اسلامية مغربية لكن في نطاقها العلماني اي  رافض لاية وصاية سلفية مهما كانت.

 لكن هذا النضال الاولي قد وجد رفض عريض من طرف تيارات العروبة و الاسلام السياسي داخل المغرب او عبر العالم الاسلامي بحكم ان الدولة المغربية  عندما استقلت عن فرنسا سنة 1956 قررت تفعيل مفهوم الدولة الوطنية ذات الاحادية في كل شيء تقريبا ما عدى فرنسة الادارة و التعليم و الاعلام و قررت الفصل التام بين الامازيغية و الاسلام عبر ايديولوجية الظهير البربري اي ان امازيغي المغرب عندما يتحركون لعقد ندوة بسيطة حول الثقافة الامازيغية و للسفر الى فرنسا تحديدا بهدف التعريف بالقضية الامازيغية ثقافيا في عقد التسعينات كانت السلطة و احزابها تقول ان الامازيغيين هم احفاد الاستعمار الفرنسي و يسعون الى الفرنسة و الى التنصير الخ من هذه الاكاذيب علما ان احد ابناء مدينة فاس قد تنصر سنة 1926 حسب كلام الاستاذ امحمد بوستة الذي هو قيادي بارز في حزب الاستقلال.

 و علما ان ابناء  اهل فاس عندما كانت المقاومة الامازيغية في عزها في الجبال و السهول كانوا يدرسون العلوم الحديثة في فرنسا الكافرة حسب وصف السلفية الوطنية تحضيرا لتسيير البلاد بعد سنة 1956 بينما ظل امازيغي المغرب العوام على الهامش بما يحمل هذا المصطلح من الابعاد و ظلوا خدام لشعار الدولة الا هو العروبة اولا ثم الاسلام المخزني ...

و علما ان دولة الاستقلال لم تطبق الشريعة الاسلامية في مختلف مناحي الحياة العامة بل طبقت القانون الفرنسي العلماني لكن عندما نطالب باسترجاع علمانيتنا الاصيلة نتهم باننا كفار و ملحدين و هذه نتيجة طبيعية للتعريب السياسي و الديني عبر استغلال القضية الفلسطينية من اجل جعلنا نحن امازيغي  المغرب خدام لايديولوجية الشرق العربي الى يوم القيامة بدون اي مقابل .          

الى صلب الموضوع                                   

اننا انتقلنا من النضال الثقافي الى النضال السياسي حيث يحق لنا ان نتساءل ماذا قدم المشرق العربي و ايديولوجياته للامازيغية بشموليتها منذ 60 سنة من الاستقلال حيث لم نسمع ابدا ان احدى الدول العربية مثل السعودية او قطر او مصر قد نظمت لقاء واحدا او مناظرة  واحدة حول الثقافة الامازيغية باعتبارها ثقافة  ساهمت في نشر الاسلام في شمال افريقية و في جنوب الصحراء الافريقية و الاندلس بحكم هذه الدول هي متخلفة ديمقراطيا و حقوقيا بمعنى انها لا تعترف الا بعروبتها كحق مشروع لها لكن بالمقابل عليها احترام امازيغية المغرب حيث لو سالت اي مسؤول في هذه الدول ماهية هوية المغرب و سيرد عليك بالقول بدون تردد ان المغرب هو دولة عربية و لو بعد المصادقة على دستور 2011 لان المغرب مازال العضو في جامعة الدول العربية الى حد الان بمعنى ان الامازيغيين يحق لهم السفر الى اي بلد حتى اسرائيل للتعريف بثقافتهم المتسامحة مع الديانات السماوية و الثقافات دون اية وصاية من طرف الاسلاميين او القوميين العرب كانهم يتوفرون على مفاتيح الجنة او انهم دعاة الوطنية الحقة حيث اتساءل اين كانوا عندما مات الاطفال في قرية انفكو سنة 2008 نتيجة البرد  الشديد و اين كانوا عندما اغتيل عمر خالق بدم بارد من طرف عناصر البوليساريو الخ من هذه الاحداث  بمعنى ان هؤلاء القوم يقدسون ارض فلسطين اكثر من تقديسهم لارض المغرب..

ثم انني اتساءل لماذا تقوم الدنيا بمجرد زيارة النشطاء الامازيغ الى اسرائيل علما ان عدد المغاربة الذين يزورون اسرائيل بلغوا 24 الفا في السنة الواحدة بما فيهم اجواق الطرب الاندلسي حيث شاهدت فيديو في يوتيوب لاحد رموز هذا الطرب و هو في لقاء تلفزيوني مع القناة الثانية الاسرائيلية و هو يتحدث بشكل عادي عن العلاقة بين الاندلس و اليهود لكن ادا تحدث اي ناشط امازيغي في نفس المكان عن العلاقة بين الامازيغ و اليهود سيتهم مباشرة بالعمالة للصهيونية العالمية و معاداة الاسلام  كأن الامازيغية مكتوب عليها ان تبقى عنوانا للخيانة و للعمالة للاجانب الى يوم القيامة بدون اي اعتبار لتاريخ مقاومة الامازيغيين الضخم للاستعمار المسيحي و خصوصا في منطقة الريف العزيزة علينا باعتبارها انجبت رجالا من قبيل عبد الكريم الخطابي الذي سيظل مدرسة اصيلة للمقاومة و البناء الديمقراطي انطلاقا من الذات....

انني اتساءل اخيرا هل  مكتوب على عامة الامازيغيين  ان يكونوا عبيد لتيارات العروبة و الاسلام الى يوم القيامة بدون اي مقابل او مجرد اعتراف انهم مسلمين و ثقافتهم هي في نهاية المطاف ثقافة اسلامية مغربية بامتياز لكن اهل المشرق العربي لن يعترفون بهذه الحقيقة لان الامازيغية عندما ستصبح هوية اسلامية رسميا ستكون اكبر سند لتحديث الاسلام على صعيد دول المغرب الكبير و جنوب الصحراء الافريقية  ...............

توقيع المهدي مالك                                   

 

 

 

اجمالي القراءات 5681